مركز أبحاث إسرائيلى: أوباما متمسك بالتصالح مع الإسلاميين.. والإخوان كانوا يخططون للسيطرة على أوروبا والولايات المتحدة.. مستشار الأمن القومى الأمريكى: الجهاد مبدأ مشروع فى الإسلام

فى الوقت الذى يستمر فيه تعاظم المد الإسلامى فى الولايات المتحدة وأوروبا، وبينما تواصل المنظمات الجهادية من دون توقف صراعها العنيف، من أجل فرض سلطة الله على العالم بأكمله، ما زال الرئيس الأمريكى باراك أوباما يتمسك بانتهاج سياسة التصالح تجاه الإسلاميين، على الرغم من الإخفاقات المستمرة التى منيت بها هذه السياسة.
جاء ذلك، فى تقرير مطول نشره مركز القدس للقضايا التى تمس إسرائيل، مشيرًا إلى أن الحديث الذى أدلى به الكاتب الجزائرى "بوعلام صنصال "، الذى أشار إلى شعوره بالدهشة والذهول إزاء تنامى قوة الإسلام الراديكالى الأوروبى فى العقد الأخير.
وأضاف أن ذلك نابع حسب اعتقاده من ضعف أوروبا، التى تسلم بهذه الظاهرة، وفى الوقت ذاته، بسبب الجهود التى تبذلها الدول العربية والإسلامية ومؤسساتها الدينية، من أجل منع ذوبان المسلمين واندماجهم فى المجتمعات الأوروبية والغربية، وذلك اعتقادًا منها بأنه يمكن بهذه الطريقة منع تسرب العنصرية من الشتات العربى- الإسلامى فى دول الغرب إلى العالم الإسلامى، ولذلك تدير المنظمات الإسلامية الراديكالية مواقع على شبكة الإنترنت بهدف استقطاب وتجنيد الشباب، لتبنى عقيدتها وأساليب عملها ومن ضمن ذلك أنشطة الإرهاب. 
وأكد المركز، أن عدد المسلمين فى الولايات المتحدة لا يزال قليلا نسبيًا وانتشار الإسلام الراديكالى أقل بروزًا، وتعمل مئات المنظمات الإسلامية على نشر الإسلام الراديكالى فى صفوف الجاليات المسلمة، ومن ضمن ذلك على الصعيدين الإعلامى والقضائى، وتخوض نضالها ضد وسائل الإعلام والجهات التى تجرؤ على التعبير عن رأى انتقادى ضد تيارات الإسلام الراديكالى، متهمة إياها بأنها تعانى من "فوبيا الإسلام".
وتطرق المركز إلى المحاكمات التى جرت فى الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية ضد مؤسسات عملت كشركات وهمية، لنقل أموال لحساب منظمات إسلامية (مثل "بنك التقوى" الذى عمل فى سويسرا بإدارة أحد رجالات حركة "الإخوان المسلمين"، واتهم بنقل أموال لحساب منظمة "القاعدة"، و"صندوق الأراضى المقدسة" الذى عمل فى الولايات المتحدة فى العام 2008، واتهم بنقل أموال لحساب حركة "حماس").
وأشار المركز إلى ضبط وثائق لحركة "الإخوان المسلمين" تتضمن استراتيجية عمل الحركة فى الغرب، وتبين من خلال هذه الوثائق أن حركة الإخوان تخطط للسيطرة على أوروبا والولايات المتحدة عن طريق تقويض أنظمتها من الداخل، وذكر فى الوثائق أيضًا أنه يتعين على أعضاء الحركة استغلال القيم الديمقراطية فى تلك الدول بغية تجنب كشف أهدافهم فى وسائل الإعلام والمؤسسات الأكاديمية، والعمل من أجل التغلغل تدريجيًا فى سائر أذرع ومؤسسات الحكم.
وذكر المركز، أن وسائل إعلام أمريكية نشرت مؤخرًا أسماء موظفين حكوميين مسلمين مقربين من حركة "الإخوان المسلمين"، يعملون حاليًا فى مؤسسات حكومية مختلفة، ومن ضمن ذلك أجهزة أمنية حساسة، تعمل فى الولايات المتحدة أعداد متزايدة من المدارس (الإسلامية) والتى تقبل فى صفوفها التعليمية تلاميذ من ديانات أخرى، وذكر تقرير نشر مؤخرًا أن إحدى المدارس الإسلامية فى ولاية " منهاتن" قررت ابتداء من العام الدراسى المقبل، جعل تعليم اللغة العربية إلزاميًا لتلاميذها، مثل العلوم والموسيقى.
وأكد المركز وجود حركة صحوة إسلامية متزايدة وملموسة فى سائر أنحاء العالم فى الآونة الأخيرة، يختلط فيها الشعور لدى المسلمين بالإحباط وخيبة الأمل، لأن مبادئ الشريعة التى تربوا عليها منذ نعومة أظفارهم تتصادم مع الواقع الذى يعيشون فيه، واقع التخلف الاجتماعى والاقتصادى والعلمى، الذى ما زال يسود فى الدول العربية والإسلامية، يخلق نوعًا من الجاذبية للحركات الإسلامية الراديكالية كمنظمة "القاعدة" وأمثالها، والتى تجد مرتعًا خصبًا لها فى هذا الواقع، ودعوتها للعودة إلى الحياة المستندة على مبادئ الشريعة الإسلامية الكفيلة، باستعادة مجد الإسلام وماضيه العتيد.
وأوضح المركز، أن الرئيس الأمريكى "باراك أوباما" تغاضى عن تنامى قوة وتأثير هذه الظاهرة العالمية المرتكزة على أسس وعناصر دينية وسياسية واقتصادية وسيكولوجية عميقة، وشرع فور توليه لمهمات منصبه بحملة مصالحة مع العالم الإسلامى، والتى تجلت فى مظهرها الأخير فى سعيه للتوصل إلى تفاهم مع إيران حول برنامجها النووى. 
وأشار المركز إلى الخطاب الرئاسى الأول، الذى ألقاه "أوباما" عند تسلمه لمنصبه فى عام 2009، حيث ذكر أوباما أن الإسلام ساهم فى تطور الولايات المتحدة، وبعد بضعة أشهر زار أوباما كلا من أنقرة والقاهرة لعرض رؤيته أمام الدول الإسلامية.
واقتبس المركز جزءًا من خطاب أوباما الذى ألقاه فى جامعة القاهرة فى يونيو 2009، حيث قال: "لقد أتيت إلى هنا، إلى القاهرة، للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى"، استنادًا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل، واستنادًا إلى حقيقة أن أمريكا والإسلام لا يتناقضان ولا يجب أن يكون هناك تنافس فيما بينهما، بل العكس هناك مبادئ وقواسم مشتركة قوامها العدل والتقديم والتسامح والكرامة لكل إنسان".
وأكد المركز أن الديمقراطية والإسلام متناقضان من حيث الجوهر، فالكلمات الجميلة والرنانة لن تغيرا الوضع، حيث ترتكز الديمقراطية على نظام الانتخابات البرلمانية وعلى سن القوانين والتشريعات التى يقوم بها الإنسان، لكن الشريعة الدينية تقضى بصورة قاطعة مانعة أن الله هو المشرع الوحيد الذى لا شريك له، إضافة إلى أن الشريعة الدينية تحظر إقامة أحزاب سياسية تتنافس فى الانتخابات الديمقراطية. 
وأشار المركز إلى أن جماعة الإخوان المسلمين امتنعت عن إقامة حزب سياسى حتى تم الإطاحة بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، لأنها كانت تسعى للاستيلاء على السلطة "بطريقة ديمقراطية".
وذكر المركز، أنه فى أعقاب "الربيع العربى" أطيح بعدد من الحكام الديكتاتوريين وأجريت انتخابات برلمانية ورئاسية، لكنها أدت فى مصر وتونس إلى فوز وصعود الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، والذين يحرص الغرب على وصفهم بـ"أحزاب إسلامية معتدلة"، وذلك على الرغم من أن حركة الإخوان المسلمين، هى التى أرست أسس انتشار الإسلام الراديكالى فى القرن العشرين، وتفرعت عنها العديد من المنظمات والحركات الجهادية الساعية إلى إقامة نظام خلافة إسلامية جديد.
وأشار المركز إلى حديث أوباما فى خطابه عن مبادئ وقيم سامية تربط الديمقراطية والإسلام، كالعدل والتقدم والاحترام والتسامح، زاعمًا أن الإسلام يضع المرأة فى مكانة متدنية ويفرض عقوبة الإعدام على المرتد عن الدين الإسلامى، ويطبق عقوبات جسدية قاسية، فغالبية المواطنين فى الكثير من الدول العربية ينادون بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية، وإن بدرجات متفاوتة.
وأوضح المركز أن "أوباما" أكد أن الولايات المتحدة لن تستخدم مصطلحات "إسلام متطرف" و"إسلام أصولى"، وأنها ستكف على التعامل مع أعضاء المنظمات الإسلامية (الإرهابية) الراديكالية بمصطلحات دينية، وبعدها أعلن "جون فرنان" نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى والمسئول عن ملف مكافحة الإرهاب فى البيت الأبيض (والذى يشغل حاليًا منصب رئيس وكالة المخابرات الأمريكية CIA) بأنه لا يجوز وصف أعداء الولايات المتحدة بمصطلحات مثل "الجهاديين" أو "الإسلاميين"، ذلك لأن الجهاد يعتبر كفاحًا مقدسًا ومبدأ مشروعًا فى الإسلام، غايته تطهير الإنسان أو الجماعة ، وأشار المركز إلى الفشل الذى منى به الرئيس أوباما فى مصر، حيث بذلت الولايات المتحدة جهودًا مكثفة من أجل دعم ومساندة "الإخوان المسلمين" فى مصر.
وتطرق المركز إلى تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" فى تقرير لها يوم 4 فبراير 2011، مؤكدًا فيه على أن الحكومة المقبلة فى مصر ستشمل فى صفوفها "الإخوان المسلمين"، وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلارى كلينتون "إن الولايات المتحدة قررت توسيع اتصالاتها وعلاقاتها مع حركة الإخوان المسلمين، مؤكدة أنه من مصلحة الولايات المتحدة إجراء حوار مع سائر القوى والأحزاب السياسية المؤيدة للسلام والملتزمة بنبذ العنف، تمهيدًا للانتخابات البرلمانية والرئاسية المزمع إجراؤها فى مصر، ولذلك "نحن نرحب بالحوار مع أعضاء حركة الإخوان المسلمين الراغبين فى الحوار معنا".
وأشار المركز إلى تصريح مديرة " شعبة مصر" فى وزارة الخارجية الأميركية " نيكول شمبين " عام 2009، فى لقاء مع صحيفة "المصرى اليوم"، أكدت أن الولايات المتحدة تجرى حوارًا مع الإخوان المسلمين فى مصر، لكنها رفضت الكشف عن فحوى المحادثات.
وأكد المركز، أن العلاقة بين الولايات المتحدة والإخوان المسلمين، أصبحت علاقة علنية وجزءًا من حوار الولايات المتحدة مع "مصر الجديدة"، فى أعقاب التصريح المذكور لوزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، وقد كثرت، بعد أقوالها، الأخبار والتقارير فى وسائل الإعلام المصرية، والتى تحدثت عن الدعم السياسى وحتى المالى، الذى يقدمه الرئيس أوباما لـ"الإخوان المسلمين" فى مصر.
وأوضح المركز، أنه بعد انتخاب رجل الإخوان "محمد مرسى" رئيسًا لمصر، عززت السفيرة الأمريكية فى القاهرة "آن بترسون" من التصريحات المؤيدة لمرسى، والتى أدت إلى ردة فعل سلبية فى صفوف الجمهور المصرى الذى خرج فى تظاهرات احتجاجية أثناء زيارة هيلارى كلينتون للقاهرة فى عام 2012، كما رفض عدد من نشطاء الحركات الثورية الالتقاء معها، احتجاجًا على دعم وتأييد الولايات المتحدة لـ"الإخوان المسلمين"، فالإدارة الأمريكية عبرت علنًا عن تأييدها للرئيس مرسى متجاهلة خطواته الرامية إلى إقامة ديكتاتورية إسلامية، على الرغم من ازدياد المعارضة ضده فى الشارع المصرى، وبعد التظاهرات الضخمة التى خرجت يوم 30 يونيو تم عزل واعتقال "مرسى" من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم 3 يوليو، أدلى مسئولون أمريكيون بتصريحات، فهم منها أن إدارة أوباما غير راضية عن اعتقال مرسى، غير أن الإدارة الأمريكية امتنعت فى الوقت ذاته عن القول بأن عزله واعتقاله يشكل انقلابًا عسكريًا، الأمر الذى كان من شأنه أن يلزم الإدارة بالتوقف التام عن تقديم المساعدات لمصر.
وقرر الرئيس أوباما بعد تردد استمر بضعة أسابيع، تجميد جزء من المساعدات العسكرية لمصر، التى كانت فى حاجة ماسة إليها من أجل التصدى للتحركات الاحتجاجية الواسعة التى شرع بها "الإخوان المسلمون" وأنصار الرئيس المعزول مرسى، ومن أجل مواجهة العمليات الإرهابية "الإسلامية" المتصاعدة فى شبه جزيرة سيناء، وأشار المركز أن القاهرة رأت فى قرار أوباما إهانة وإساءة لحليف مخلص للولايات المتحدة طوال عشرات السنين، وهو ما أدى إلى تصاعد المشاعر المعادية لأمريكا فى الشارع المصرى، فيما اضطرت الحكومة المصرية إلى الاعتماد على السعودية ودول الخليج فيما يتعلق بالمساعدات الاقتصادية، وألمحت أيضًا إلى أنها ستدرس إمكانية شراء أسلحة من روسيا والصين، وأكد المركز أن السياسة الأمريكية ساهمت فى زيادة انعدام الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، حيث امتنع أوباما عن اتخاذ موقف حازم تجاه النظام السورى، وخطوة أوباما القادمة هى مصالحة العالم الإسلامى متمثلا فى التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووى، ومثل هذا الاتفاق لن يكون قطعًا مرضيًا بالنسبة إلى إسرائيل والسعودية وباقى دول الخليج، أو حتى بالنسبة إلى مصر وتركيا. وعلى الأرجح فإن مثل هذا الاتفاق سيطلق سباقا للتسلح النووى فى الشرق الأوسط، مما سيشكل خطرًا ليس على هذه المنطقة وحسب، وإنما على العالم بأسره.
واختتم المركز تقريره المطول بإثارة عدة تساؤلات منها "ما هى الدوافع الحقيقية لسياسة أوباما؟، وهل يعبر بذلك عن تخوف جمهور ناخبيه من الإقدام على مغامرات عسكرية جديدة بعد التورط والإخفاقات التى منيت بها الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان؟، هل يعتقد (أوباما) حقا أنه يمكن إجراء حوار مع الدول العربية والإسلامية والتوصل إلى تسويات عن طريق سياسة المصالحة والدبلوماسية؟، هل تراجعت الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط، بعدما نجحت الولايات المتحدة فى إيجاد مصادر بديلة لاستخراج النفط والغاز؟، مشيرًا إلى أنها أسئلة مهمة لم تجد بعد إجابة شافية عليها.




المصدر اليوم السابع


تعليقات

المشاركات الشائعة