أخبار مصر و العالم - اخبار الفن - اخبار الرياضة - الاقتصاد - المرأة و الطفل-اخبار الثقافه
الحصول على الرابط
Facebook
X
Pinterest
بريد إلكتروني
التطبيقات الأخرى
لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا فى غزة
محمد الدسوقى رشدى - المصدر اليوم السابع
كثير من الكلمات القديمة لا تموت، تظل هكذا صالحة للاستهلاك العقلى، والترديد اللفظى، وجاهزة للاستدعاء من بين غبار الأرشيف.. وتلك معضلة كارثية؟ الكلمات الصالحة للاستخدام بعد تاريخ إنتاجها بسنوات، التى يمكنك أن تستخدمها للرد أو التعليق على نفس الحدث فى زمن لاحق للأيام التى خلقت فيها دليل على أنك تقف محلك سر، لم تحل أزمة، ولم تتطور طريقة تفكيرك، ولم تتعلم درس الماضى، ولم تدرك بعد أن مفهوم التغيير أعمق بكثير من مجرد إعادة صياغة الأسماء أو استبدال الملامح. فى 3 يناير 2010 كتبت فى نفس هذا المكان مقالا بعنوان: «اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا فى غزة»، جاءت فيه كلمات تقول : هل صعب على نظام مبارك إلى هذه الدرجة، أن يفرق بين خصومته مع حماس وبين طريقة تعامله مع أطفال ونساء قطاع غزة؟ هل ما فعله هذا النظام وهؤلاء الوزراء فى الشعب المصرى منح قلوبهم قسوة لا تلين أمام صور الحصار والأطلال وفكرة الأطفال التى تعانى من سوء التغذية وقذائف إسرائيل داخل أرض فلسطين؟» س: هل يجوز أن تستخدم نفس العبارات السابقة لوصف مشهد القصف الإسرائيلى لغزة فى 10 يوليو 2014؟ ج: يجوز مع تعديل أحد الأسماء الواردة ضمن الكلمات فى يوم السبت 17 فبراير، كتبت فى نفس المكان مقالا بعنوان : لماذا تكرهون حماس؟، جاءت فيه كلمات تقول: لم أعد أحب الطريقة التى تتعامل بها الحكومة وإعلامها الرسمى والتابع، دون أن يكون رسمياً مع حركة حماس، لم تعد تعجبنى تلك الصورة الشيطانية التى نقدمها للحركة خاصة فى لحظات المواجهة مع إسرائيل، كما لا أفهم أيضاً كيف يسير الليبراليون والمثقفون فى هذا البلد على نفس طريق الحكومة فى التعامل مع حماس، والضرب الإسرائيلى لغزة.. هل أصبحت فوبيا كل ما هو إسلامى قوية لهذه الدرجة التى تدفع البعض لاستحسان القصف الصهيونى لأرض عربية، أو الصمت على دماء الأطفال بسبب خصومة سياسية؟ س: هل يجوز أن تستخدم نفس العبارات السابقة، لوصف مشهد القصف الإسرائيلى لغزة فى 10 يوليو 2014؟ ج: يجوز دون تعديل أى حرف. لا تبك على غزة ياصديقى، ولا تستدعى من قلبك بعضا من الشفقة على أطفالها، غزة لا تحتاج دعاء، ولا دعما ولا مساندة من قلوب تحتلها الضغائن، الله نفسه لا يفتح باب سماواته لدعاء القلوب المغلفة بالانتقام والمنزوعة إنسانيتها بسبب الخلافات السياسية. لا تبك على غزة، وفر دموعك لكى تصرفها لنفسك على حالك، وعلى حال وطنك الذى اشتعلت فى أرضه ثورتان وعشرات الانتفاضات الأخلاقية والسياسية والاجتماعية على مدار 4 سنوات مضت، ومع ذلك ظل على حاله بكل عيوبه لم يتغير، صرف من دماء شبابه الكثير، وأهدر من أمواله واستقراره الكثير، دون أن ينجح فى تغيير شىء سوى بعض الملامح والأسماء. قبل سنوات من الآن كنا هنا فى القاهرة نبكى ونتألم حينما نسمع صوت فرقعات «بمب» العيد فى يد أطفال غزة، كنا نظن صوت الألعاب النارية صوتا لقذائف إسرائيل الغادرة، نضحك لضحك أطفالها حينما نكتشف أنهم آمنون مطمئنون يلعبون، ونبكى ونصرخ إن اكتشفنا أنهم فزعون بسبب قنابل إسرائيل، كانت عناوين الغدر الإسرائيلى تتصدر الفضائيات والصحف، والمظاهرات تملأ الشوارع، وصور غزة تملأ مواقع التواصل الاجتماعى، وفقراء مصر يخرجون للشوارع بحثا عن قوافل التبرع لفلسطين.. الآن لا شىء مما كان يحدث.. يحدث الآن نسمع صوت قذائف جيش الاحتلال الصهيونى، ونرى صور أشلاء الأطفال وقد أصابتها النيران بالتفحم، ولا أحد يتحرك، لا دول تتخذ فعلا أشد من أفعال أسلافها شجبا واستنكارا، ولا بشر فى الشارع غاضبون من موقف الدولة المتخاذل. صور جثث أطفال غزة تعرضها الفضائيات الإخبارية بتكرار يصل إلى حد الاستغاثة، ولا نرى دموعا مثل تلك التى نراها فى عيون الناس وهم يتابعون قصة غالية فى مسلسل سجن النسا، نشاهد الكثير من فيديوهات قصف منازل الفقراء ولا نشاهد بسبب ذلك غضبا مثل الذى نشاهده فى عيون الناصريين بسبب أخطاء مسلسل صديق العمر. يباغتك البعض بنظرية تقول حماس هى السبب فى حالة السلبية المصرية تجاه مايحدث فى غزة، أفعال حماس وتدخلها فى الشأن المصرى ودعم قيادات الحركة للإخوان، صنع شرخا بين الشارع المصرى والحركة وغزة. صاحب النظرية السابقة يحدثك عن ضرورة الاهتمام بمصر ووضعها الداخلى، عن الأوان الذى حان لكى نغلق أبواب مصر على أبنائها لكى نعيد بناء الدولة، يردد كلام «شلة» المنافقين الطبالين للسلطة دون أن يسألهم أو يسأل نفسه هل يجوز لشخص ما أن يتنازل عن عروبته وإنسانيته بسبب خصومة سياسية مع فصيل ما؟، هل يجوز لمصر التى تعيش الآن وتطلب تبرعات تحت مظلة كونها الشقيقة الكبرى أن تهرب من قدرها ومسؤوليتها؟ هل يجوز لدولة يبكى القائمون على شؤون حكمها على مجدها الذى ضاع وريادتها التى سلبت فى عصر الإخوان أن يدعو لعدم الاهتمام بغزة والقضية الفلسطينية ركن الزاوية فى أى دور إقليمى تسعى خلفه دول المنطقة؟، هل يجوز للسلطة أو الإعلاميين والكتاب المنافقين الذين يتحدثون عن حدود مصر المخترقة وغير الآمنة، أن يطلبوا من مصر الصمت وحدها الشرقى غارق فى لهيب من القصف والفوضى؟ لا تسعى خلف إجابات، كل سؤال يتضمن من السابق ذكره يحمل إجابته بين طياته، ومرفق معها صرخة تقول: «ارحموا مصر من غباء تفكيركم وقصر نظركم».
تعليقات
إرسال تعليق