أخبار مصر و العالم - اخبار الفن - اخبار الرياضة - الاقتصاد - المرأة و الطفل-اخبار الثقافه
الحصول على الرابط
Facebook
X
Pinterest
بريد إلكتروني
التطبيقات الأخرى
مؤرخ عسكرى: شهادات اسرائيلية عن نصر أكتوبر وبطولات جديدة للشاذلى
ماذا قال الخبراء والمحللون الاسرائيليون عن بطولات نصر أكتوبر ومالا يعرفه الكثيرون عن الفريق سعد الدين الشاذلى مهندس الحرب وكيف نتواصل مع شبابنا حول دروس هذه المعركة الخالدة كى يستلهموا منها حماس معارك العبور الحالية..أسئلة يجيب عنها الكاتب والمؤرخ العسكرى أحمد عطية الله عضو إتحاد كتاب مصر ورئيس جمعية أصدقاء المحارب فى حديثه لموقع أخبار مصر بمناسبة الذكرى ال41 لنصر أكتوبر المجيد التى تتزامن هذا العام مع نفحات عيد الأضحى المبارك . س (موقع أخبار مصر): ما شعورك عند حلول هذه الذكرى الوطنية بعد أكثر من سنة على ثورة 30 يونيو ؟ ج (المؤرخ أحمد عطية) : -شعور ثابت لايتغير بالفخر والعزة والكرامة والثقة فى قدرات شعبنا وجيشنا خاصة أن الأحداث تثبت إستطاعتنا أن نفعل المستحيل ونتغلب على أصعب العقبات. -وتعيدنى هذه الأيام لمشاركتى فى الحرب من خارج الجيش حيث كنت طالبا فى نهاية المرحلة الثانوية بمدرسة الخديوى إسماعيل الثانوية وكنا نتدرب تدريبات عسكرية على أيدى ضباط وصف ضباط من الجيش المصرى لنكون مؤهلين إذا لزم الأمر للدفع بنا إلى جبهة القتال. وأتذكر إسراعى للتبرع بالدم من أجل مصابى العمليات العسكرية من اخوانى على جبهة القتال ،وأتذكر كروت المعايدة التى كنا نرسلها من المدرسة لجنودنا على الجبهة دون أن نعرف أسماءهم لدعمهم وإدخال السرور على قلوبهم. ويتردد بذهنى البيان العسكرى الصادر من قيادة القوات المسلحة يومياً قبل آذان المغرب ونحن جلوس حول مائدة أفطار رمضان يرفع هاماتنا إلى السماء ونبتهل بالدعاء لاخواننا وأبنائنا وجيراننا على جبهة القتال. العبور بمصر لآفاق أرحب * ما العبور الجديد بعد ثورتى يناير ويونيو فى رأيك ؟ -العبور الحقيقى فى نظرى الآن هو العبور بمصر من الظروف الصعبة من فقر ومرض وإنخفاض المستوى الاقتصادى والتعليمى إلى ما تستحقه مصر من مكان ومكانة وقد بدأت بوادر هذا العبور فى التحقق على أيدى قيادة مخلصة أمينة أقتنع بها شعب مصر ووثق فى قدراتها ويقف خلفها بكل قوة للعبور إلى آفاق أرحب بإذن الله . *كيف تتواصل مع الأجيال القادمة من الشباب لبث روح أكتوبر فى نفوسهم وحمايتهم من أبواق الدعاية الصهيونية التى عكفت على الإستهانة بانتصاراتنا فى حرب أكتوبر المجيدة؟ -أتواصل مع الشباب من خلال لقاءات متواصلة عبر الانترنت وفى ذكرى الأعياد الوطنية مثل أعياد انتصاراتنا بأكتوبر وفى أبريل بعيد تحرير سيناء نقوم بزيارات ميدانية لقناة السويس والمواقع التذكارية لخط بارليف مثل “تبة الشجرة” وعيون موسى وبحيرة التمساح وذكريات المجموعة 39 فى تدمير موقع لسان التمساح فى ذكرى الثأر لليطل الشهيد عبد المنعم رياض بالموقع الذى خرجت منه القذيفة التى أدت إلى إستشهاده. -وكذلك التقى بالشباب من خلال ندوات تعقد عن كتبى الجديدة فور صدورها مثل الندوة التى أقيمت بالمركز القومى للبحوث عن كتاب الأشباح والندوة التى عقدت من فترة وجيزة عن كتابى عن القوات الجوية باسم قلعة النسور والتى عقدت بمركز طلعت حرب الثقافى وعادة يحضرها أبطال عسكريون يتحدث عنهم الكتاب و شباب وأبطال آخرون ممن لم يتناولهم الكتاب . اعترافات .. اسرائيلية * ما أهم شهادات القادة والخبراء الاسرائيليين أنفسهم عن حرب أكتوبر ؟ -الدعاية الاسرائيلية تحاول بطرق خبيثة التقليل من شأن إنتصار قواتنا المسلحة فى حرب أكتوبر المجيدة .. وتحاول أن تغرس فى نفوس شبابنا صورة مغلوطة للأمر الواقع والانجاز الذى تحقق بسواعد أبطال مصر . –ومن جانبى خصصت جزء ًمن كتبى عن الحرب لشهادات القادة الاسرائيليين أنفسهم قبل وعقب حرب أكتوبر وثقل الهزيمة عليهم التى تتضح فى تصريحاتهم التى تفيض بالألم والحسرة ، ومنها على سبيل المثال : * جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل حينئذ، قالت قبل حرب أكتوبر مستهينة بقدرات مصرالقتالية : إذا كان أنور السادات عاجزاً عن الحرب ، وإذا كان يعلم تماماً أن الهزيمة الساحقة المنكرة هى النتيجة المحتومة ! فلماذا لايقبل المفاوضات مع إسرائيل !؟ أما بعد هزيمتها فى حرب أكتوبر فتقول ( فى مذكراتها): ” لا شئ أقسى على نفسى من كتابة ما حدث فى أكتوبر.. فلم يكن ذلك حدثاً عسكرياً رهيباً فقط .. وإنما كان مأساة عاشت وسوف تعيش معى حتى الموت .. فقد وجدت نفسى فجأة أمام أعظم تهديد تعرضت له إسرائيل منذ نشأتها ..ولم تكن الصدمة فى الطريقة التى يحاربوننا بها .. ولكن أيضاً لأن عدداً من المعتقدات الأساسية التى آمنا بها قد إنهارت أمامنا … فقد آمنا باستحالة وقوع حرب فى شهر أكتوبر ، وآمنا بإننا سوف نتلقى إنذاراً مبكراً لكل تحركات المصريين والسوريين قبل نشوب الحرب .. ثم إيماننا المطلق بقدرتنا التامة على منع المصريين من عبور قناة السويس . . إننى أستعيد الآن هذه الأيام .. إنه شئ لا يمكن وصفه.. يكفى أن أقول .. إننى لم أستطع البكاء . * وكانت لموشى ديان وزير الدفاع الاسرائيلى فى تلك الفترة العديد من التصريحات التى تفيض بالغرور قبل حرب أكتوبر منها على سبيل المثال ما قاله بمؤتمر صحفى فى22 نوفمبر 1969: إن خط بارليف منيع مستحيل إختراقه .. إننا أقوياء لدرجة تكفى لكى نحتفظ به إلى الأبد وأى عملية عبورمصرية إذا حدثت ستلقى الرد الحاسم ولن تؤثر على قبضة إسرائيل الحازمة على خط بارليف. وصرح ديان أيضاً فى 15 نوفمبر 1970 أمام الكنيست الاسرائيلى : أنه إذا فضل المصريون إستخدام القوة وعبور قناة السويس فإنى أعلن أن قواتهم ستتحول إلى رماد. وفى 19 سبتمبر 1971 أذاعت الوكالة الفرنسية برقية لوزير الدفاع الاسرائيلى :إذا حاولت مصر عبور قناة السويس فسوف يتم إبادة قواتهاوسيواجه الجيش المصرى كارثة مؤكدة . وقال ديان أيضاً: إن الجبهة المصرية لاتستحق من جهد الجيش الاسرائيلى أكثر من 60 دقيقة. *أما عقب النصر ، فماذا قال ديان فى حديثه أثناء المؤتمر الصحفى الذى عقده للمراسلين الاسرائيليين أثناء الأيام الأولى من الحرب والتى منعت الرقابة نشره حتى مارس 1974بعد أن حذفت منه أجزاء تكشف إنهيار وخسائر جيش الدفاع الاسرائيلى : ” أقول بوضوح إننا لا نملك الآن إمكانية رد المصريين إلى ما وراء القناة ، لقد أضعف الهجوم المصرى قواتنا بصورة متزايدة .. إن ذلك يكلفنا ثمنا باهظاً..وينبغى علينا أن نخوض الحرب ضد الجندى المصرى والسلاح الذى يملكه .. فتدمير دبابة ليس كسحق زهرة .. لقد أدرك العالم بأننا لسنا بأكثرقوة من العرب .. وسوف يتحتم علينا أن نقول الحقيقة للشعب لا بد أن نعترف بالحقيقة.. إننا محتاجون للجميع ليس فقط الاحتياط .. لكن ربما إلى المتقدمين فى السن ..إننا غير قادرين على دفع المصريين والسوريين إلى الوراء “. بسالة الجندى المصرى *وذكر آريل شارون أحد كبار قادة إسرائيل فى حرب أكتوبر خلال مناظرة أجرتها شبكة التليفزيون البريطانى بى بى سى فى مايو 1975أهم مفاجآت حرب أكتوبر.. وكان السؤال محدداً: إن خبراء العالم أجمعوا على أن مصر حققت مفاجأة كبيرة أذهلت وشلت الجانب الاسرائيلى تماماً فماذا كانت مفاجأة حرب أكتوبر ؟ هل كانت فى إختيار يوم الهجوم ليكون يوم عيد الغفران ؟أم كانت فى إختيار التوقيت ليكون الساعة الثانية ظهراً؟هل كانت لتنفيذ الهجوم فى شهر رمضان ؟ هل بتطبيق المصريين لنظرية جديدة فى فن الحرب لأول مرة وهى إمكان تحييد القوات الجوية المعادية فى ميدان القتال باستخدام حوائط الصواريخ المضادة للطائرات ؟هل .. وهل .. وهل ..؟ وردا على هذا التساؤل مجددا : سيدى الجنرال نريد أن نعرف منك وأنت أحد أبطال تلك الحرب ما هى المفاجأة التى حققها المصريون فى تلك الحرب من وجهة نظرك ووجهة نظر الجانب الاسرائيلى؟ تنهد الجنرال شارون طويلاً وقال:إن جميع الباحثين والدراسات والكتابات تناولت كل ماذكرته فى سؤالك وأن جميع ما ذكرته فى هذه العناصر السابقة نجح فيها المصريون فى هذه الحرب بسبب ضيق أفق موشى ديان وزير الدفاع وسارت خلفه جولدا مائير .. أما فى رأيى الشخصى فإن مفاجأة حرب يوم الغفران كانت فى شئ جديد تماماً علينا.. وهوالجندى المصرى الجديد .. إننى لن أنسى قتال الجنود المصريين فى الفرقة 16 مشاة فى منطقة المزرعة الصينية شرق القناة(قاد الكتيبة المشاة التى خاضت هذه المعركة المشيرطنطاوى) .. لقد إستخدمت القوات الاسرائيلية جميع وسائل النيران المتاحة لها .. لقدحولنا المنطقة إلى جحيم .. ربما لم يكن هناك متر من الأرض فى تلك المنطقة لم تسقط فيها قذيفة .. ورغم ذلك لم يرتد جندى منهم إلى الخلف كما كان يحدث من قبل ..لقد تصورت فى وقت من الاوقات ان المصريين قد ربطوا الجنود بسلاسل إلى الأرض ولكن كانت المفاجأة عندما نجحت دبابة أو دبابتان فى إختراق ذلك الخط .. كنت تجد ذلك الجندى يستدير لها كى يدمرها بإحدى القذائف المضادة للدبابات . شهادات بريطانية وأمريكية *هل اقتصرت الشهادات عن النصر على القادة والمحللين الاسرائيليين ؟ -لا .. فقد اشتملت الشهادات الموثقة عن نصر أكتوبر على شهادات اخرى منها أمريكية حيث ذكر تقرير المحرر العسكرى لصحيفة الصنداى تايمز : “بعد يومين من القتال كانت إسرائيل على حافة هزيمة مروعة لاتقل عن أى هزيمة ألحقتها بالعرب من قبل .. فلم يكن قد تبقى لديها سوى 90 دبابة منهكة وأطقم خائرة تقف بين جيش مصرى منتصر وبين تل أبيب لقد كان معدل الخسائر الإسرائيليةعالياً جداً إذ كانت إسرائيل تخسر دبابة كل ربع ساعة وطائرة كل ساعة على مدى اليوم”. * وماذا عن شهادات الغرب عن أداء القوات الجوية المصرية فى حرب أكتوبر؟ -قال الجنرال أنطوني فارار هوكلي (أستاذ التكتيك بالجيش البريطاني)” لقد هدم الطيارون المصريون في حرب أكتوبر 73 أسطورة السلاح الجوي الإسرائيلي و من ثم فقد قلصوا دورالدبابات الإسرائيلية إلى الحد الأدنى خلال هذه الحرب… ” وقال الكولونيل تي .ان .ديبوي( المعلق العسكريالفرنسي )”إن كفاءة التخطيط و الأداء للقوات الجوية المصرية في حرب أكتوبر وصلت إلى مرحلة لا يمكن أن يحققها أي جيش آخرفي العالم بشكل افضل ” -ونشرت (صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية )”خسرت إسرائيل 20% من سلاحها الجوي في بداية الحرب و كانت معظم خسائرها من طائرات الفانتوم و القاذفات الثقيلة .” *وشهد ميدل تون ( خبير عسكرى أمريكى ) “لقد أظهرت القوات الجوية المصرية مستو غير متوقع من كفاءة الأداء .. كان الطيارون واثقين من أنفسهم وبرهنوا على شجاعتهم .. بينما أكدت الأطقم الأرضية قدرتها على التعامل مع أحدث وأعقد الطائرات” . -بل قال الكابتن بادور اينبرج ( قائد طائرة إسرائيلية من طراز سكاي هوك سقط في الأسر ) “لقد خاض الطيارون المصريون أشرس المعارك الجوية ضد الإسرائيليين .. و حققوا السيادة في الجو في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل لا تتصورإمكانية أن تفقد سيطرتها علي سماء المعركة .” وقال (الجنرال الإسرائيلي بارليف ):”كان مستوي القاذفات المصريةالثقيلةرائعا و كانت هجماتهم دقيقة و مدمرة .” ملامح صورة السقوط * ما حكاية الصورة الشهيرة المعبرة عن استسلام حصون اسرائيل ؟ – هى صورة سقوط حصن لسان بور توفيق أخر الحصون الاسرائيلية التى سقطت فى أيدى قوات مصر المسلحة . – وقد سقط هذا الحصن يوم 13 أكتوبر بعد حصار ومناوشة بالنيران لمدة أسبوع كامل .. ويظهر فى الصورة الضابط الاسرائيلى شلومو أردنست قائد ثان الموقع لأن قائدالموقع دفيد ترجمان خر صريعاً يوم 6أكتوبر أثناء محاولة لاقتحام الموقع فى أول أيام القتال ، وتظهر الصورة شلومو وهو يسلم العلم الإسرائيلى للقائد المصرى الرائد زغلول فتحى قائد كتيبة الصاعقة التى حاصرت الموقع مؤدياً له التحية العسكرية، وكان ضمن كتيبة الصاعقة الضابط معتز الشرقاوى . وقد نقل الأسرى والجرحى الاسرائيليين عقب ذلك إلى الضفة الغربيية للقناة. -وكان هذا الموقع من بعيد يشبه جبل صغير ، كان يضم 6 دشم أقامها الاسرائيليون على طول لسان بور توفيق الممتد مايزيد عن 5 كيلو مترات وعرضه يتراوح مابين 75-200 متر. وقد حصن هذا الموقع جيداً حيث كانت جدران الدشم تتكون من عربات السكك الحديدية المليئة بالأسمنت المسلح وفلنكات السكك الحديدية ، ويعلوها ردم رملى يرتفع لمايزيد عن ثلاثة أمتار بحيث لا تؤثر فيها أشد أنواع القذائف0وكانت هذه الدشم الستة متصلة فيمابينها بأنفاق سفلية بحيث إذا سقطت إحداها يفر أفرادها إلى باقى الدشم بعد أن يغلقوا خلفهم أبواباً فولاذية صلبة ، وكان الموقع يضم مواد غذائية وذخائر مكدسة بما يسمح للقوة الاسرائيلية المحصنة به والمكونة من 42 فرداً أن تستطيع المقاومة شهوراً عديدة . *وتعتبر رواية قائد الموقع الإسرائيلى عن سقوط موقعه بأيدى القوات المصرية شهادة فخر وإعزاز لقواتنا المسلحة الباسلة حيث كتب فى مذكراته السبت 6 أكتوبر 1973: “على الرغم من أننا تلقينا رسالة من قيادة الأركان عن إحتمال قيام المصريين بهجوم على مواقعنا إلا إننا استبعدنا ذلك تماما، فنحن بقوتنا الهائلة قد أدخلنا اليأس إلى قلوبهم ،وهم كما أكدت لنا قيادتنا أضعف من أن يفكروا فى دخول حرب جديدة ضدنا ، ومع ذلك فقدقمنا برفع درجة الاستعداد ، وكان لدينا فى موقع “ميزح” (لسان بور توفيق)كل ما يطمئننا ،فحتى لو فكر المصريون فى الهجوم فإن موقعنا من أقوى مواقع خط بارليف خاصة بعد الاضافات الهائلة التى دعم بها الموقع أثر الهجوم الذى شنته عليه قوات مصرية أثناء ما يسمى بحرب الاستنزاف . ونتيجة لهذا الاطمئنان حاول قائد الموقع الذى توليت القيادة عقب مصرعه (بعد عصر اليوم) وهو الملازم أول دافيد ترجمان الاتصال الساعة الواحدة والربع بخطيبته فى شرم الشيخ .. وعلى فكرة كانت هى أيضاًزميلة لنا فى جيش الدفاع برتبة ملازم ، وفبل أن يتفق دافيد مع خطيبته على اللقاءفى اللد بمجرد حصوله على اجازة هو الآخر قطعت المكالمة وإستشاط دافيد غضباً وأخذن انمزح معه دون أن يبتسم .. وفى الساعة الواحدة والنصف سمع دافيد صوتاً قادماً من بعيد ولم يكن هذا هو الصوت المألوف لعامل التليفون فى مركز أم خشيب .. ومرة أخرى إستشاط دافيد غضباً وطلب من المتحدث أن يدع الخط إلى أن يكمل مكالمته مع خطيبته .. ولكن المتحدث أجاب ببرود أنه يتكلم من القيادة العامة ليدلى بإشارة عاجلة إلى قائد الموقع .. = ورد دافيد بحنق : أى موقع ؟ = موقع ميزح . = حسناً إننى القائد . = نعم يا سيدى إشارة من قائد الأركان : يحتمل أن يقوم المصريون بـ …. وهنا قطع الاتصال قبل أن تنتهى الاشارة ، وعاد دافيد إلى الدق على جهاز التليفون ،ولكن الجهاز اللعين بدا ميتاً ، ولم يتحقق للاتصال أن يتم قبل ثلث الساعة ..إلى أن كانت الساعة الثانية وخمس دقائق إذ سمعنا أزيزاً مكتوماً وأصوات إنفجارات قريبة .. إن طائرات السوخوى المصرية تقذف سيلاً من القنابل ، وفى نفس الوقت تقريباً تساقطت قذائف المدفعية الحادة .. لا أفهم شيئاً حتى الآن .. دمرت قذائف المدفعية المصرية وسائل الاتصال ومواقع المراقبة .. ترى هل يكون ما حدث مجرد حادث فردى أكبر بعض الشئ من الحوادث السابقة ؟ أتمنى ذلك .. إستمر القذف المصرى ساعتين .. رأيت 4 دبابات من دباباتنا تدخل موقعنا .. ياللكارثة.. لقد أصيبت ثلاث ديايات منها وسقط أطقمها ما بين قتلى وجرحى .. قرب الغروب رأينا عشرة قوارب مليئة بالجنود المصريين تعبر بهم القناة .. أصدرت أوامرى بضربهم بالمدفع الرشاش الثقيل .. لا فائدة فقد أصيب هو الآخر .. فتح رجال الموقع نيران مدافع عوزى .. تمكنا من إصابة بعض المشاة .. لكن موجة الهجوم وصلت إلى الساتر وسمعناهم يتصايحون فى ثورة.. (الله أكبر .. الله أكبر) .. ولماذا لم تعمل مواسير النابالم ؟ لغز آخر . -نسف المشاة المصريون من حملة قاذفات اللهب خزان الوقود فى الموقع .. بدأ القتال يتبادل بالقنابل اليدوية .. سقط أول قتيل منا .. لاحظت أن القوات المصرية تندفع نحو الشرق .. لكنهم تركوا بعض المشاة الذين حاصروا الموقع .. هبط الليل .. أسوأ ليل فى حياتى .. القذائف تدك الموقع .. الجنود المصريون يستخدمون قذائف الصواريخ .. سقط القتيل الثانى والثالث .. لقد حوصر الموقع تماما وتم عزله من جميع الإتجاهات .. توالى سقوط القتلى والجرحى وكان من بينهم القائددافيد .. أصبحت مسئولاً عن القيادة فى الموقع .. مازلت متأكداً أن قوات جيش الدفاع سوف تأتى لفك الحصار المصرى وتنقذنا .. إنى متأكد من ذلك تماماً . أسرار جديدة عن بطولات الشاذلى *ما أبرز البطولات التى كشف عنها كتابك المنتظر إصداره عن وزارة الثقافة عن “الفريق سعد الدين الشاذلى .. مهندس حرب أكتوبر” ؟ -يتناول هذا الكتاب سيرة حياة الفريق سعد الدين الشاذلى الذى شغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر المجيدة منذ ميلاده وحتى وفاته مع إلقاء الضوء على محطات هامة فى حياته . والكتاب هو محاولة من المؤلف لتقديم وجبة مبسطة مختصرة عن حياة هذا البطل دون اللجوء لقراءة مذكراته الشهيرة بعنوان حرب أكتوبر والتى تقع فىما يربو عن 500 صفحة أو الرجوع إلى شهادته على العصر فى حلقات تلفزيونية تزيد عن عشرحلقات وسيصدر الكتاب إن شاء الله خلال أحتفالات حرب أكتوبر هذا العام من هيئة قصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة فيما لايزيد عن 150 صفحة والكتاب مؤلف من ستة فصول ومزود ببعض الصورالنادرة وينتهى بالملاحق التى تضم بعض المستندات . ويستعرض الكتاب المناصب القيادية التى شغلها الفريق الشاذلى قبل حرب أكتوبر ويشتمل على فصل عن نصر أكتوبر العظيم من خلال تصريحات صحفية للاسرائيليين، وبيانات عسكرية صادرة من القوات المسلحة المصرية وبه الفصل الخامس عن الشاذلى والحياة المدنية(سفيراً لمصر بلندن، سفيراً لمصر بالبرتغال ). *ما الجديد الذى يمكن التنويه عنه من بطولات فى هذا الكتاب ؟ -الفريق الشاذلى لم تقتصر بطولاته على دوره فى نصر أكتوبر بل كان قائداً لوحدة تابعة للأمم المتحدة فى الكونغو.. ففى عام 1960 تم تشكيل أول وحدة عسكرية مصرية للمشاركة فى مهام تابعة للأمم المتحدة بالكونغو ، وقاد تلك الكتيبة للمظلات وقتها العقيد سعد الدين الشاذلى وعن تلك المهمة يذكر الشاذلى أنه فى هذا التوقيت لم يكن جمال عبد الناصر زعيما مصريا فقط بل زعيما عربيا وأفريقياً لمساعداته لحركات التحرر وقياداتها التحررية فى مختلف البلدان ومنها الكونغو وقائد حركتها “لومومبا “وعندما غادرها الاستعمار البلجيكى وصل لومومبا إلى الحكم وأراد عبد الناصر أن يقدم له الدعم بارسال تلك الكتيبة من خلال الأمم المتحدة حتى أن هذه الكتيبة سافرت إلى الكونغو فى طائرات تابعة للولايات المتحدة سى-130 بالرغم من توتر العلاقة وقتها مع الولايات المتحدة ، ولكن هذه هى السياسة دائما لاتتعامل بالعواطف بل بالمصالح .. وعندما تأكدت الولايات المتحدة من قوة تأثير عبد الناصر فى المنطقة سمحت بتواجد هذه القوة المصرية لدعم حكم لومومبا وسد الفراغ الذى أوجده خروج البلجيك ومن هنا جاء وصول الشاذلى إلى الكونغو ليمر بتجربة ثرية، فكانت المرة الأولى التى يتولى فيها القيادة المطلقة دون الرجوع لقيادة أعلى ، وكانت هناك لمسة إنسانية من عبد الناصر أن أمر بتحويل خمسين ألف جنيه باسم الشاذلى على بنك بالكونغو للانفاق منها بدون أى قيود للتغلب على أى مشكلات تواجههم وهم على بعد حوالى 5 آلاف كيلو متر من أرض الوطن .. وعلى الرغم من وصولهم الكونغو تحت راية الأمم المتحدة إلا أن المواطنين الكونغوليين قابلوا الكتيبة بالأعلام المصرية .. دليل على أن سمعة مصر وسمعة جمال عبد الناصر كانت قد سبقتهم إلى هناك . -وكان يطلق على هذه الكتيبة إسم الكتيبة العربية لأنها تمت فى فترة الوحدة بين مصر وسوريا حتى أن ثلثى أفراد الكتيبة كان من المصريين والثلث من السوريين حيث كانت سوريا فى ذلك الوقت هى الأقليم الشمالى من الجمهورية العربية المتحدة التى كانت تضم مصر وسوريا .. وكانت فرصة للكتيبة للاحتكاك بقوات عسكرية أخرى من دول مختلفة .. منها دول عربية و إسلامية ودول أفريقية فكانت توجد قوات لكل من تونس ، والمغرب ، وأندونسيا ، وأثيوبيا . كما كانت هناك بعض المشاركات الرمزية المحدودة لدول أخرى مثل السودان .. وكانت فرصة للشاذلى للوقوف على مدى تقدم تسليح وتنظيم كتيبته عن جميع القوات الموجودة والتى كان تنظيمها وتسليحها يشبه تنظيم وتسليح القوات المصرية قبل الثورة .. فكانت قدرة النيران لكتيبة الشاذلى والمكونة من 500 فرد تعادل قوة نيران أكثر من لواء كامل من تلك القوات . -وعلى الرغم من أن قيادة الأمم المتحدة كانت قد أختارت للكتيبة المصرية مكانا بأقصى البلاد وعلى الحدود مع قوات فرنسية كانت معادية لمصر فى هذا التوقيت لإبعادهم عن العاصمة ومركز الحكم وتقديم الدعم الفعلى لمومومبا ،فلم يلق الشاذلى للأمر بالا طالما كانت الأمور مستقرة وفى صالح مومومبا .. ولكن عندما حدث إنقلاب ضد مومومبا وجاء موبوتو للحكم وأتخذ خطاً عدائياً ضد جمال عبد الناصرً واعتبر القوة المصرية بالكونغو قوة احتلال وطالب الأمم المتحدة ألا تترك القوات المصرية ضمن صفوفها هنا بدأ الشاذلى يتدخل ليكون لوجوده قوة تأثير فقام من خلال عدة رحلات جوية بالطائرة الأليوشن المصرية وكانت لا تحمل أكثر من 20 جنديا بارسال عدد 200 جندى بأسلحتهم وعتادهم إلى العاصمة كينشاسا حيث أقاموا خيامهم بالقرب من المطار.. ولما وجدوا أصراراً من الشاذلى وتمسكاً بموقفه طلبوا منه أن يحضر مع السفير المصرى لمقابلة ممثل أمين عام الأمم المتحدة همرشولد بالكونغو فى مساء نفس هذا اليوم بعد أن خرج الموضوع من الاطار العسكرى لإطار سياسى … فقابل الشاذلى سفيرنا بالكونغو مراد غالب وشرح له الموقف برمته . – وفى المساء جلس الشاذلى ومراد غالب مع ممثل الأمم المتحدة وانضم لهم نائب قائد قوات الأمم المتحدة واستمرت جلسة الأربعة أكثر من ساعة كانت كلها أحاديث ودية بين مراد غالب وممثل أمين عام الأمم المتحدة بالكونغو وذكرياتهم ولم تتطرق مطلقا للموضوع الذى أتوا من أجله .. وعندما غادروا المكان وفى السيارة أثناء العودة سأل الشاذلى مراد غالب عن السبب فى عدم الكلام فى الموضوع الذى جاءوا من أجله، فأفهمه السفير أن الموضوع أكبر من هذه الجلسة وقد أصبح بيد رجلين هما عبد الناصر وأمين عام الأمم المتحدة همرشولد .. وبالفعل بعد ثلاثة أيام صدر قرار مصرى بسحب قواتها بالكونغو التى اتبعت سياسة موالية للاستعمار . وعاد الشاذلى لمصر عام 1961 بعد قضاء عام بالكونغو كانت تجربة ثرية مثلت له فترة صقل لخبراته العسكرية والسياسية فى الوقت نفسه بالاضافة إلى ما أضافته من ثقل لوزن مصر الدولى والأفريقى . رؤية الشاذلى فى يونيو 1967 -وبعد عودة الشاذلى عام 1966 من اليمن عمل بهيئة التدريب .. كان كل اهتمام الناس فى ذلك الوقت منصب على حرب اليمن حيث يوجد هناك جانب كبير من قواتنا المسلحة ، ولم يكن يلوح فى الأفق أى شئ ينذر بحرب مع إسرائيل .. استمر هذا الحال حتى شهرى مارس وإبريل من عام 1967 نفسه . -وتواردت بعض الأخبار من تلك الفترة قبيل حرب يونيو 1967 أن المشير عبد الحكيم عامر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والقائد العام للقوات المسلحة وقتها ، كان فى زيارة للهند وباكستان وأصدر من هناك إشارات مفتوحة بتهديد إسرائيل وتوعدها .. كان الشاذلى فى ذلك الوقت برتبة اللواء ولكنه كان بعيداً عن المطبخ العسكرى لصناعة الأحداث ووضع الخطط ،فيتذكر أنه وردت أخبار عن حشود إسرائيلية ضد سوريا وأرسل عبد الناصر الفريق محمد فوزى الذى كان يشغل وقتها رئيس الأركان إلى هناك للتأكد من صحة هذه الأنباء .. وكانت حرب يونيو مفاجأة للغالبية العظمى من ضباط وجنود القوات المسلحة لأن الوقت لم يكن مناسبا لخوضها .. فلم يكن من المنطقى خوض حرب ضد إسرائيل وهى ليست بالعدو الهين وجانب كبير من قواتنا المسلحة باليمن .. لم يكن من المنطقى خوض حرب على جبهتين إلا إذا أضطررنا لذلك ..فدعى الشاذلى إلى القيادة فى النصف الأخير من مايو 1967 وكلف بقيادة وحدة عسكرية جديدة من القوات الخاصة قوامها كتيبة مشاة ، وكتيبة صاعقة ، وكتيبة دبابات عرفت بإسم مجموعة الشاذلى .. تتبع قائد منطقة سيناء مباشرة الفريق صلاح محسن فى ذلك الوقت .. وشعر بالتخبط الذى تعانيه القيادة من واقع تكليفاته بالتحرك فى سيناء فكان يؤمر بالتحرك إلى موقع فى الشمال وبعدها يؤمر بالتحرك إلى موقع آخر بعيدا عنه. – وكانت المهمة الأخيرة له التى أفتتحت الحرب بعدها هى حماية وحراسة المنطقة الشرقية من سيناء الواقعة بين المحورين الأوسط والجنوبى من محاور سيناء الثلاثة الرئيسية ، وعلى بعد 20 كيلو من الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة . وأصبح العدو الرئيسى للشاذلى هو طيران العدو فى تلك المنطقة المكشوفة المتمركزة بها قواته وبدراسة خريطة المنطقة وجد منطقة جبلية فى مواجهته داخل الأراضى الفلسطينية فأخذ قراره بالتحرك بقواته شرقا نحو الحدود الدولية فقطع نحو عشرين كيلو مترا داخل الأراضى المصرية حتى خط الحدود ثم تعداها لخمسة كيلو مترات داخل فلسطين حتى وصل لهذه المنطقة الجبلية وأحتمى بقواته بها قبيل الغروب .. ولم تتعد خسائر ذلك اليوم استشهاد جنديين جراء غارتى العدو قبل تحركه إلى الموقع الجديد داخل فلسطين محتميا بباطن الجبل بحيث يصعب على طائرات العدو إكتشافه .. ومرت ليلة 5 يونيو على الشاذلى ورجاله وأقبل يوم السادس من يونيو وفشل الشاذلى من الاتصال بأى قيادة مصرية وفى نفس الوقت يواصل راديو العدو نقل الأخبار السيئة عن وضع الجيش بسيناء .. فاضطر الشاذلى إلى تكليف أحد ضباطه بالتوجه للأراضى المصرية لتحقيق الاتصال بالقيادة ومعرفة طبيعة الموقف وماهو مطلوب منهم .. ومضى اليوم بأكمله دون أى رد أو عودة هذا الضابط . حنكة وخبرة القائد – وجاء يوم السابع من يونيو (وهو اليوم الثالث للشاذلى وقواته داخل الأراضى الفلسطينية) .. وحدثت بعض المناوشات بين قوات الشاذلى وبين بعض وحدات العدو البرية حيث تبادلوا القصف لبعض الوقت دون حدوث خسائر فى قواته .. وعند العصر تقريبا حدث إتصال بينه وبين القيادة العامة التى اعتقدت أنه لا يزال فى موقعه بسيناء فطالبوه بسرعة العودة بقواته لأن الأوامر صدرت لجميع القوات المصرية بسيناء بالانسحاب ويجب عليه تنفيذ هذا الأمر فوراً لأن العدو خلفه.. وأجابهم الشاذلى بأنه سينفذ الأمر ولكن الشاذلى بحنكة وخبرة القائد قرر ألا يعود بقواته فى وضح النهار لما فى ذلك من خطورة على قواته من طائرات العدو التى تملك السيادة الكاملة على سماء سيناء .. وعندما دخل ليل ذلك اليوم بدأ الشاذلى بالتحرك بقواته غرباً صوب قناة السويس . -وعن تقييم الفريق الشاذلى لحرب 1967 يرى فى شهادته على العصر أن الأخطاء السياسية ومنها فتح جبهة مع إسرائيل فى وقت كان جانباً كبيرا من قواتنا المسلحة لازال باليمن هى ما أدي بدون شك إلى الهزيمة .. وبحساب المكسب والخسارة لحرب 1967 نجد أنه بالرغم من أن إسرائيل حققت نصرا عسكريا ساحقا مكنها بعد الاستيلاء على سيناء من وضع قواتها على الضفة الشرقية للقناة إلا أن هذا النصر لم يصحبه أى مكسب سياسى .. فهو لم يضعف أو يحطم الارادة المصرية سواء للشعب أو القيادة المصرية .. ولم يستطع العدو فرض إرادته السياسية وهى الهدف من أى حرب عسكرية . * هل تم إشهار جمعية أصدقاء المحارب للتواصل بين قدامى المحاربين والشباب ؟ - لازلت فى إنتظار الموافقة على إشهار جمعية أصدقاء المحارب التى تنتظر موافقة القوات المسلحة ،وألتمس لها العذر فى البت فى إشهار الجمعية للظروف التى تمر بها مصر . **ما أمنياتك الوطنية خلال المرحلة القادمة ؟ – أتمنى أن ننجح فى إنجاز الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق بعد الدستور وانتخاب الرئيس وهو إجراء الانتخابات البرلمانية مع نشر الثقافة التاريخية الصحيحة وبث روح الانتماء لمواصلة معارك التنمية والبناء بروح التحدى لإحراز أهداف وانتصارات جديدة فى مرمى الطموحات الوطنية .
تعليقات
إرسال تعليق