إصلاح التعليم فى مصر: بعد تجربة تطبيقها فى 3 مدارس البكالوريا. تحت التقييم
بدأت وزارة التربية والتعليم تطبيق "البكالوريا" فى 3 مدارس حكومية متميزة بمعاونة من القطاع الخاص من أجل رفع مستوى التعليم فى مصر وأكد الوزير الدكتور محمود أبوالنصر فى افتتاح كل منها أنها خطوة لمواكبة التطورات العالمية وأنها أحد المشروعات القومية الواعدة، والتى تتميز باحتفاظها بمناهج اللغة العربية والتربية الدينية والدراسات الاجتماعية، إضافة للمناهج الأجنبية الانجليزية والفرنسية، مشيرا إلى أنه تعليم دولى يطبق لأول مرة فى بيئة محلية وبجودة عالية، تحد من السلبيات وتعليم القيم والأخلاق والتعليم المستمر، وأنه سيتم افتتاح مدارس مماثلة فى كل المحافظات بالتعاون مع المؤسسة الدولية بعد اختيار الطلاب المستوفين للاشتراطات لهذه الدراسة. لإتاحة الفرصة فى التعليم المتميز على كل المستويات.الوزارة وقعت الاتفاقية مع مؤسسة (البكالوريا العالمية) وبمعاونة مؤسستين فى مجال التعليم الخاص بمصر تتكفلان بكل المصاريف التعليمية لتطبيق البرنامج بجميع المراحل التعليمية، حيث أشار المهندس عمرو مختار ممثلا عن إحدى المؤسستين بأن البرنامج يبدأ فى جميع السنوات الدراسية، ايمانا من مؤسسته لإحساسها بالمسئولية الوطنية والمجتمعية، ورغبة منا فى تطوير العملية التعليمية بمدارس مصر خاصة الحكومية والتى تتميز بتطبيق البكالوريا الدولية باللغة العربية لأول مرة بمدرستى المتفوقين بالشيخ زايد وهى على مساحة 11.5 ألف متر مربع وبها 42 فصلا. إضافة لمدرسة النور للمكفوفين، أما الأخرى فتتولاها مؤسسة بالمعادى مشرفة على مدرسة المعراج بالمعادى والتى تكلفت نحو 3.8 مليون جنيه دون التجهيزات ضمن مشروع المائة مدرسة من المنحة الاماراتية، وبها 13 فصلا، وتكون الدراسة بهما حتى الصف الخامس الابتدائى بنظام مدرس الفصل الواحد، وأن تتحمل مؤسسة بكالوريا بشركاتها الأربع جميع برنامج المشروع للمدارس الثلاث، والتى تبدأ منذ تسلم المدرسة هذا العام وحتى نهاية الصف الثالث الثانوى.وأضاف أن المؤسسة التعليمية تتحمل جميع المصروفات فى اللائحة المالية للمشروع، وأن يكون دور الوزارة توفير الامكانات المساعدة على استمرارية العملية التعليمية، فضلا عن تعاون الطرفين فى اختيار نظام تلك المدارس، وتوفير منسق للبرنامج بكل مدرسة مع تدريبه على ادارة العملية التعليمية، وتحديد معايير اختيار المدرسين والإداريين، ووضع قواعد لقبول الطلاب وكذلك النظم واللوائح فى العملية التعليمية، وتوفير سبورات ذكية، وأجهزة عرض ومعامل، وحجرات الوسائل متعددة الأغراض، ومكتبة، مزودة بالحاسب الآلى ومصادر باللغتين العربية والإنجليزية والفرنسية، لدعم أبحاث الطالب ومشروعاته، لتبدأ من رياض الأطفال حتى الخامسة الابتدائى، مع التدريج حتى درجة الدبلوم أو شهادة البكالوريا، والالتزام بالكثافة المحددة وهى 25 طالبا بالفصل، واعتمادا على طرق تربوية مبتكرة تأخذ فى الاعتبار الفروق الفردية بين الطلاب لتتناسب مع المنهج المطبق دوليا لتطور السمات الشخصية، بما يتيح تكوين شخصية مهتمة بالآخرين، ومتفتحا على العالم وهويته ولغته، وتقديم جيل جديد متميز يغزو العالم ويواجه تحديات الوطن، وحسب قول الوزير بأن هذا البرنامج سيقضى على (بعبع) الثانوية العامة خلال ثلاث سنوات!، وأنه على ضوء نجاح البرامج بالابتدائى والإعدادى بالمرحلة الأولى ستقوم المؤسسة بتطبيق برنامج البكالوريا الدولية بالثانوى العام حسب رغبة الطلبة المستوفين لشروط القبول بالتنسيق مع الوزارة."الخبراء يعترضون"وبرغم الأهداف التى أعلن عنها الوزير والمؤسسات التعليمية الخاصة فى مصر وخارجها بأن البرنامج يعد نقلة نوعية للتعليم المصرى إلى العالم فالخبراء والمتخصصون ينتقدونه شكلا وموضوعا، وهو ما أكده الخبير التعليمى الدكتور حسنى السيد أستاذ البحوث التربوية بأن ادخال هذا النوع من التعليم الدولى تم فرضه دون طرحه للمناقشة حتى بين الخبراء لفحص مستواه وأهدافه لأن الذين أجازوه محليا ووافقوا عليه ليسوا متخصصين بل إن بعضهم من خارج الميدان ولأن التعليم هو الأمن القومى فإن الحرص على إقامة هذا النوع من التعليم يعنى استخفافا بمقدرات البلد ومستقبل ابنائه لأنه وحسب تصريح الوزير مقدمة لنشر برنامج البكالوريا على مستوى مصر وفرض اللغة الأجنبية دون القومية فى معظم المواد حيث لم تتحدد نوعية المناهج الدولية المفروضة على أولادنا ومدى ملاءمتها لطبيعتها فليس كل أجنبى يصلح مع طبيعتنا وشرقيتنا أو ديانتنا، بما يعنى مسبقا أن هذا النظام سيغير المفاهيم لدى الأجيال بعيدا عن القومية والوطنية شاملا نشاطات لا تتناسب وطبيعتنا بما يحدث انقساما فى التفكير بين ابناء الوطن، فلس معقولا أن نسلم مدرسة حكومية لجهة غير رسمية لإدارة الأداء والبرنامج التعليمى بها دون الهوية الوطنية لتركز على تنمية قدرات ومفاهيم الطالب تماما على مدي 14 عاما متصلة ليتخرج لنا انسان آخر ليس له ولاء لبلده وأهله ويفتح الباب وليس مستبعدا أمام هيمنة الخارج على فكره وثقافته بعيدا عن الولاء لبلده ووطنه وأن هذا القرار خارج الاستراتيجية الوطنية أو خطة، وهو مثار للتخبط الذى أصاب الوزارة المصرية، ولنا عبرة بدول اليابان والصين وألمانيا حتى تركيا وإيران والتى تركز فى برامجها التعليمية على اللغة القومية لإخراج جيل ينتمى ويعتز ببلده، وهى خدمة مجانية لزيادة النفوذ الأجنبى والتبعية لبلد اللغة ثقافة وفكرا، وهى فى نفس الوقت تخل بمبدأ تكافؤ الفرص وإيجاد خلل تربوى واضح فى الأهداف التربوية من التعليم.وقال الخبير التربوى د. حسنى السيد إن ما يحدث الآن من إدخال تعليم دولى دون اعداد أو مناقشة من جهات الاختصاص فى التربية والمناهج والهوية الوطنية يعد خللا فى الرؤية واختلاطا فى المفاهيم من عقليات غير تربوية تبتغى الشهرة والإثارة تحت عناوين براقة لمن لا يدرك خطورتها كما يكون السم فى العسل تماما، بل وخروجا على القانون فلا يعقل أن يكون الوزير هو الذى يفكر ويدبر وينفذ بلا حدود بدليل أنه لم يعلن عن هذا البرنامج إلا رعد افتتاحه، فالأهداف البراقة لمؤسسة البكالوريا هى (اعداد فرد يفكر بعقلية دولية، ويسهم فى خلق عالم أفضل وأكثر سلامة بالاشتراك فى الفكر الانسانى، واكتساب المهارات، والاعتماد على النفس فى التعلم، وإجادة مهارات التفكير الناقد والمبدع، والتعامل مع المواقف غير المعتادة بشجاعة وتدبر وبشخصية مستقلة، وإدراك التوازن الفكرى والجسدى لتحقيق الخير والسعادة) وهى أفكار عامة وأهداف موجودة فى الأسس التربوية، ومطبقة بالفعل أما أن تسلم المدرسة لمدة 14 سنة لإشراف غير وطنى فهذا قرار لابد أن يكون خاطئا ومجحفا فى حق التلاميذ الملتحقين بتلك المدارس حتى بعد دراسة اللغة العربية والدين والدراسات فى تلك المراحل فهى لا تغنى عن تأثر الطالب فى تركيبته الشخصية والنفسية بمضمون المناهج الأخرى وحواراتها والنشاطات المرتبطة بأهداف وأشار إلى أن هذه التجربة تعنى عدم الاعتراف بالأداء التعليمى فى مدارسنا الآن شكلا وموضوعا، فى الوقت الذى نسلم فيه تماما بإدخال مناهج دولية دون احتياطات أو تجريب ووضع معايير مسبقة ودور أساسى للمراكز البحثية الجامعية أو التابعة للوزارة إلا أن تكون شكلية لا تعترف بها وزارتنا للتقييم، فكل منهج مهما كانت قيمته فهو ابن بيئته وشعبه وثقافته التى لابد وأن تختلف معنا شكلا وموضوعا، مثلما حدث مع مدارس التجريبيات فى الثمانينيات وهى نابعة من مناهجنا بالكامل ومع ذلك كان هناك تقييم وبحث للتجربة، وأن الانبهار بمناهج الغرب يكشف عدم الثقة بالنفس والمجهود، لأن مشكلتنا هى المعلم بالأساس فالإعداد الجيد يجعله يصنع المعجزات حتى لو كان المنهج رديئا، فالعمل على تطوير المفاهيم لديه يغير الكثير.أما الدكتور محمد عبدالظاهر الطيب فيرى أن تطبيق هذا النظام الذى تعتبره الوزارة مميزا يعمق فكرة الطبقية التى مازال التعليم يؤكدها بين أفراد المجتمع المصرى دون بلاد العالم حتى أن التعليم بهذا المنطق أصبح مدمرا للجبهة الوطنية، فهناك من هو بأمواله يدخل مدرسة (عشرة نجوم) بمصروفات تتعدى أربعين ألف جنيه، وآخرون لا يجدون ثمن رغيف الخبز أو حتى رفاهية الجلوس فى فصل بأقل مدرسة حكومية ولا تسأل الوزارة عن سبب غيابه أو ترفع عنه النكبات فتولد بذور الكراهية فى هذا التمييز بين الطبقة العريضة من أبناء الفقراء، وبين أبناء الأغنياء، ليأتى هذا النظام وهو خاص بمصروفات أيضا لتعميق هذه الهوة التى تعانيها مصر الآن من ضعف الولاء والحقد الطبقى على الأغنياء من جانب طبقة الإنتاج الحقيقى وهم الفقراء، وتظهر بعد ذلك فى صورة صراع طبقى، وكان الأفضل من كل ذلك توحيد المناهج بدلا من هذا التشتت، فليست هناك دولة فى العالم حريصة على وحدة وقوة شعبها تسمح بعشرة أنواع من التعليم دون وعى إلا مصر، فهناك التعليم العام الحكومى والتجريبى والمعاهد القومية، والخاص والفنى والأزهرى والدولى الفرنسى والألمانى والإنجليزى ثم جاء إلينا التعليم المتميز الدولى الحكومى، ومع ذلك تزداد بلادنا تخلفا، وتظهر سلوكيات ومظاهر بالشارع تكشف سوء التربية وانعدام الذوق بل والصراع غير المباشر بين الناس فالإدارة التعليمية الواحدة فيها مدارس أولاد السوبر وأخرى لأولاد الغلابة الناقمين على أصحاب السيارات والأتوبيسات الخاصة ذهابا وإيابا، وخدمات الدراسة التعليمية بالفصول والشرح وغيره ثم نقول إن هناك عدالة اجتماعية وواجبات وطنية وتضحيات من أجل الوطن وغيرها. ولا يجب أن ننسى أنه ثبت علميا أن الطفل الذى يبدأ دراسته صغيرا بتعلم لغة أجنبية حتى مع لغته القومية يضعف عنده الولاء والانتماء لبلده، فلا يجب أن ننخدع بإعلان أن المدارس التابعة لمؤسسة البكالوريا العالمية بلغت نحو ثلاثة آلاف و500 مدرسة دولية فى العالم، وتطبق نظامها فى مصر من خلال مؤسستين فى اللغتين الفرنسية والانجليزية.تحت شعار الأنشطة والتدريب وتكوين الشخصية مع انخفاض الكثافة ما بين 15 - 25 طالبا بالفصل. فهى منظمة غير رسمية، ولا نعرف أهدافها كما أن بعض الدول ترفض التعامل معها. ولم نسمع عن أحد خصوصا من الغرب يعطى شيئا دون مصالح خاصة ضارة بنا بالتأكيد.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق