شهدت كبرى المدن الأمريكية، مساء أمس الاثنين، احتجاجات واسعة، بعد قرار هيئة المحلفين، بعدم توجيه أى اتهامات إلى ضابط الشرطة الأبيض، دارين ويلسون، الذى قام بقتل الشاب الأسود غير المسلح، مايكل براون، فى مدينة فيرجسون، بولاية ميزورى، خلال الصيف الماضى. واتسمت جميع الاحتجاجات بالسلمية، باستثناء مدينة فيرجسون، والتى شهدت واقعة مقتل مايكل براون، حيث قام المتظاهرون، بمهاجمة مركز شرطة المدينة، وحطموا واجهته بقذف الحجارة، وتحولت المظاهرات فى المدينة إلى أعمال شغب، حيث قام المئات باقتحام المحال التجارية وسرقة محتوياتها، كما أشعلوا النيران بمبانٍ خاصة، وحطموا نوافذ منازل ومحال ومبانى حكومية، وقطعوا الطرق، وحرقوا العديد من سيارات الشرطة. وانتشرت فى شوارع فيرجيسون، قوات الأمن مدعومة بوحدات من الحرس الوطنى، وهى قوات ذات طابع عسكرى، تتبع الجيش الأمريكى، يمكن لحكام الولايات طلب المساعدة منها خلال حالات الطوارئ والكوارث الكبرى، وقامت القوى الأمنية باعتقال العشرات، كما استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. واشتعلت الشوارع الأمريكية بالاحتجاجات فى عدد من المدن كبرى، سواء فى وسط عواصم عدد من الولايات، أو فى الأحياء ذات الغالبية السوداء، خاصة فى مدن نيويورك، وشيكاجو، والعاصمة واشنطن، التى شهدت تواجدا أمنيا كثيفا، أمام المحال التجارية الكبرى، وفى محيط مقار الحكومة الفيدرالية، خاصة أمام البيت الأبيض، الذى احتشد أمامه عشرات المتظاهرين فى ساعة متأخرة، ورددوا هتافات مناهضة للشرطة، وللعنصرية، مطالبين الرئيس باراك أوباما بـ"العدالة". وفى تمام الساعة التاسعة، مساء الاثنين، أعلن المدعى العام فى مدينة فيرجسون، روبرت ماكولوخ، قرار هيئة المحلفين، التى عملت خلال الأشهر الثلاثة الماضية على التحقيق فى الواقعة، واستمعوا إلى شهادات ٦٠ من شهود العيان، وفحصوا مئات الصور ومقاطع الفيديو، بالإضافة إلى ٣ تقارير قدمها مجموعة من الأطباء الشرعيين، عمل كل منهم منفردا، ومن بينهم طبيب شرعى تم تعيينه من قبل أسرة الشاب القتيل، وبعد استعراض مجموعة من التفاصيل، أعلن ماكولوخ، أن هيئة المحلفين، لم تجد سببا يدعوها إلى إحالة الشرطى دارين ويلسون للمحاكمة بتهمة القتل. وعقب إعلان القرار، خرج المئات من أهالى المدينة إلى الشوارع فى مظاهرات غاضبة، وكان من الواضح أن الرئيس باراك أوباما، تم إبلاغه بالقرار قبل إعلانه رسميا، حيث بعد دقائق من انتهاء المؤتمر الصحفى، للمدعى العام، أعلن البيت الأبيض عن إلقاء الرئيس خطابا لأهالى مدينة فيرجيسون، وللشعب الأمريكى، حول قرار هيئة المحلفين بتبرئة الشرطى الأبيض من تهمة القتل. وطالب أوباما فى كلمته الجميع بالتزام الهدوء، وعدم اللجوء إلى العنف، داعيا المتظاهرين إلى التعبير عن رأيهم بشكل سلمى، مشددا على ضرورة التزام الشرطة "بضبط النفس" فى تعاملها مع الاحتجاجات، وقال الرئيس الأمريكى، إن الولايات المتحدة بلد قائم على احترام القانون، لكنه أشار أيضا إلى أن بلاده مازالت تعانى من التبعات السيئة لإرث التمييز العنصرى ضد السود، وأضاف: "ما حدث ليس مشكلة لمدينة فيرجيسون ولكن مشكلة لأمريكا كلها"، معتبرا أن المشكلة الأكبر هى عدم الثقة بين الشرطة وأصحاب البشرة الملونة، مؤكدا أن الحل لن يكون "برمى الزجاجات وتحطيم السيارات". وما زالت أعمال الشغب مستمرة فى شوارع مدينة فيرجيسون، حتى الآن، وتعمل قوات الإطفاء على إخماد الحرائق التى انتشرت فى العديد من المبانى حول المدينة، وتناقلت وسائل إعلام أمريكية، خبر قيام مجهولين بإطلاق النار على ضباط الشرطة، مما أدى إلى إصابة بعضهم.
تعليقات
إرسال تعليق