الإرهاب فى الفيوم.. نار تحت الرماد

لم يكن القائمون على وزارة الاوقاف يعلمون ان باختيارهم الأزهرى عمر عبدالرحمن خطيبا للمسجد الكبير بقرية فيديمين بالفيوم، قد زرعوا بذرة الارهاب والتطرف فى تلك الواحة الجميلة، لتطرح "ثمر السوء" من تنظيمات اتخذت من العنف والتكفير والارهاب سبيلا، باسم تطبيق شرع الله..
وكانت النتيجة ان حظيت الفيوم بسمعة سيئة لازمتها حتى وقتنا الحالي، رغم مرور عقود طويلة على نشأة تلك التنظيمات فى سبعينيات القرن الماضى ، وحتى مقتل شوقى الشيخ -زعيم جماعة الشوقيين المعروفة- منذ ٢٥ عاما.
الا أنه وبعد ثورة يناير، تجدد رى البذرة، على يد جماعة الاخوان المسلمين ، لتنال المحافظة نصيبا وافرا من اعمال العنف كلما اشتعلت الاحداث السياسية فى البلاد على مدى السنوات الاربع الماضية.
من يتجول سريعا وسط قرى ومراكز الفيوم سيدرك للوهلة الاولى أن البيئة مؤهلة تماما لانتشار أية افكار متطرفة، فما هو المطلوب آكثر من فقر مدقع ،وخدمات غائبة ،وعشوائية مسيطرة، وقبح بصرى وسمعي، وانحسار تام لاى مظهر من مظاهر الثقافة والفنون؟! والغريب انه رغم غياب الكثير من الخدمات، الا انه لا توجد على الطرقات دعوات للتبرع سوى لبناء المساجد؟!
والان فى ظل موجة عالمية مستفحلة من ارهاب التنظيمات والاشكال غير المسبوقة من العنف، هل نستبعد ان "تشتاق" الجماعات المحلية للايام الخوالى ويراودها حلم استعادة مجدها القديم، خاصة مع انشغال الدولة فى مواجهة الارهاب الذى تتزعمه عناصر أجنبية داخليا وخارجيا ، ونفاجأ فى يوم ما ان الارهاب ينفذ بعقول مصرية خالصة تعيش فى قلب الوطن؟!
الاهرام حملت اوراقها وتوجهت لترصد عن قرب الى اى اتجاه يسير منحنى التطرف فى تلك القرى التى شهدت اعنف مواجهات بين الجماعات الارهابية و قوات الامن، واذا ما كانت هناك اى احتمالات لاشتعال الرماد من جديد..
لكن فى البداية كشفت لنا عبير حمدى -صحفية شابة من مدينة الفيوم- ، عن معلومات لها دلالاتها الواضحة، فهى تنشر مقالات تفضح من خلالها كذب الاخوان وتيارات الاسلام السياسى بكل تنويعاتها ،وخوفا من اذاهم وحرصا على حياتها، رفض رئيس تحرير الصحيفة التى تعمل بها نشر مقالاتها الا على الموقع الالكتروني. عبير كشفت لنا أيضا عن غياب كامل لكل مظاهر النشاط الثقافى فى الفيوم،فلا توجد مكتبات عامة، كما ان السينمات الثلاث التى كانت موجودة تم غلقها لاسباب مختلفة، كان اولها سينما عبد الحميد ثم سينما الفيوم واخيرا بعد ثورة يناير اغلقت سينما كيلوباترا للعائلات، واعتمد الناس على الانترنت او النسخ المقلدة من الافلام ، حتى النوادى وفروع النقابات المهنية لا يوجد بها شاشات عرض للافلام .
المفارقة المثيرة للسخرية كما تقول عبير هو اختيار وزير الثقافة محافظة الفيوم عاصمة للثقافة المصرية على مدى شهر يناير الماضي، رغم افتقارها لكل عناصر الثقافة، واقتصرت الفعاليات من ندوات وفنون شعبية محلية وعالمية، على قصر ثقافة الفيوم او بعيدا عند بحيرة قارون ،مشيرة الى ان القصر تم اغلاقه لمدة ثلاثة أشهر واعيد افتتاحه بعد اعتراضات العاملين من موسيقيين وفنانين. تتابع عبير:" كانت الحفلات مسائية، وتزامنت مع امتحانات منتصف العام الدراسي، وكنا نتمنى ان تقام الفعاليات فى الشوارع والميادين كميدان السواقى الواسع، ليشعر بها الاهالى خاصة ان هذا الحدث أقيم من أجلهم الا انهم لم يسمعوا به من الاساس". عبير من واقع احتكاكها بمختلف افراد الجماعات الدينية فى الفيوم أكدت لنا أن افكار التطرف والارهاب لازالت موجودة ، لكنها فى حالة كمون وقد تنشط من جديد، فى ظل التهميش المستمر للشباب وغياب فرص العمل، والتنمية الحقيقية.
اللبنة الاولي
على بعد أمتار من جامعة الفيوم حيث كانت تجرى مواجهات بين قوات الامن وطلاب محتجين على مقتل شباب التراس نادى الزمالك، جلسنا مع شريف عبد الرحمن-العضو السابق فى جماعة الاخوان المسلمين والباحث فى تاريخها - ليشرح لنا موجات العنف الدينى التى مرت بها الفيوم منذ سبيعينات القرن الماضي، واولها كان على يد جماعة "المسلمون" والتى عرفت اعلاميا باسم "التكفير والهجرة"، صاحبها ظهور جماعات اخرى خرجت من رحم التنظيم الام وتبنت نفس فكر التكفير، مثل "التوقف والتبين" و"الناجون من النار "و"انصار محمد" وغيرها، وكانت متركزة فى قرى كحك وابو شنب والمشرًك، وأبرز ما فرضوه على المجتمع من أفكار كان تحريم التعليم والاختلاط فى المناسبات الاجتماعية، وتحريم التقاضى فى محاكم الدولة، بالاضافة الى رفض كل اشكال سلطة الدولة، ولعل ابسطها بطاقات تحقيق الشخصية حيث قاموا بحرقها، اذ لم يعترفوا اصلا بالدولة القائمة ويكفرونها بل وصل الحال الى ان احدهم قام بتزويج والدته الى رجل اخر غير ابيه، لانه اعتبرها لا تحل له لانه لا يؤمن بأفكارهم ، وكانت تلك الموجة هى السبب فى تشويه سمعة الفيوم أمنيا ووضعتها اجهزة الامن فى القائمة السوداء.
الموجة الثانية كما يشرح لنا شريف، تداخلت مع الموجة الاولى، وبدأت مع تعيين الشيخ عمر عبدالرحمن من قبل وزارة الاوقاف خطيبا فى احد مساجد الفيوم بسنورس، ومن المعروف ان الرسالة التى نال عنها درجة الدكتوراه كانت فى تفسير سورة التوبة، -وساعده فيها احد اعضاء جماعة الاخوان المسلمين نظرا لكونه ضريرا- وقد خلط عبد الرحمن بين الخطاب الموجه الى الفرد وبين ذلك الموجه الى الامة ، فنشأ فكر الجهاد الذى يفرض على المسلم الفرد مواجهة الدولة وفرض التغيير بالقوة، فى هذه الاثناء كانت قد تكونت الجماعة الدينية فى الجامعات المصرية ومن بينهم أبو العلا ماضى وكرم زهدى وعبد المنعم أبو الفتوح وعاصم عبد الماجد وعصام دربالة وغيرهم، وبعد تخرجهم ارادوا اكمال طريقهم خارج الجامعة، فكانوا يبحثون عن الزعامة، وفى المقابل كان يبحث عمر عبد الرحمن عن " تنظيم" فتلاقا كلاهما فيما يشبه "الزواج الفكري"وكونوا الجماعة الاسلامية ، وكانت اول تجربة ناجحة بالنسبة لهم هى اغتيال الرئيس السادات، فضلا عن زرع القنابل والاشتباكات المستمرة مع الامن، وتوسعت الشبكة واصبح لها أذرع خارجية، الى ان انتهت تلك الموجة بالسجن والاعتقال لافرادها. وفى تلك الاثناء أيضا انفصل المهندس شوقى الشيخ عن تنظيم عمر عبد الرحمن فى مطلع الثمانينيات وكون تنظيمه الخاص الذى عرف بالشوقيين، لكن الفرق هنا ان المواجهة كانت شعبية تتضمن الرجال والنساء والاطفال ضد الدولة، وليس كما فى السابق مواجهة مع "افراد تنظيم" فقط لا غير، وانتهت بمقتل الشيخ بعد مطاردات فى شوارع قرية كحك، لتندلع بعدها موجة عنف استمرت لسنوات انتهت بحبس جميع افراد التنظيم.
خداع الاخوان
الموجة الثالثة تمثلت فى عنف الاخوان المسلمين ويعتقد شريف عبد الرحمن ان تلك الموجة لم يكن مخططا لها فجماعة الاخوان فى نظره مثل"دجال ساذج" يحضر العفريت ويجهل كيف يصرفه، فهو يستغل كل مصطلحات الفكر الاسلامى من أجل مصالح شخصية، ويحكى شريف حقائق تاريخية كان شاهدا عليها، حيث حضر محمود عزت-نائب مرشد الاخوان المسلمين حينها- الى فندق الاوبرج يوم الاثنين 24 يناير 2011 وسأله عما تنوى الجماعة فعله ، فقال "لاشيء" وانهم ربما "يجاملون" شباب 6 ابريل ببضعة شباب من الجماعة للتظاهر معهم ،وفى الوقت ذاته يقيسون الراى العام نحو تلك التظاهرات، ويتابع شريف:" من الثابت ايضا فى محاضر زيارة مقرات أمن الدولة حضور عدد من قيادات جماعة الاخوان لتقديم التهانى وباقات الورد الى الضباط بمناسبة عيد الشرطة، وبعد ان تتالت الاحداث، بدأت الجماعة فى ارتكاب اعمال العنف فى الفيوم".
غياب الدولة
سألناه عما وقع خلال الفترة مابين انتهاء الموجة الثانية واجراء المراجعات الفكرية فى السجون ، حتى الموجة الثالثة التى بدأت بعد 25 يناير، فقال شريف :" المجتمع اتجه الى طريق الاخوان المسلمين الذين استطاعوا استقطابه جيدا من خلال عدة اساليب، على رأسها الخدمات من بناء المدارس والمستشفيات، فأول مدرسة خاصة بنيت عام 1996 وهى مدرسة الاندلس كانت من انجح المدارس بل حتى ان الضباط كانوا يسعون من خلال الوساطة الى الحاق ابنائهم بها !! ،فالدولة غابت ولم تقدم الخدمات الاساسية للمواطن، فحلوا مكانها، ومن الطبيعى بعد ذلك ان يتجه المزاج العام نحوهم".
مع ذلك يفند شريف المقولة الرائجة بان الفيوم محافظة اخوانية فيقول:" من الناحية التنظيمية يوجد 32 شعبة بالفيوم ، واذا افترضنا ان كل شعبة بها 50 فردا، يكون الاجمالى حوالى 1600 شخص فقط لا غير من اصل أكثر من 2 مليون نسمة، و اكبر مظاهرة معارضة خرجت فى الفيوم لم تتجاوز 6 الاف شخص، اى ان كل واحد استطاع اقناع اربعة اخرين بالنزول معه، أما بالنسبة لما نسمعه من أخبار عن "كتائب الفيوم المسلحة" و"احرار قارون "فهى مجرد صفحات على الفيس بوك ،ينشئها بعض المنتمين لجماعة الاخوان، وتم القبض عليهم".
ويتذكر شريف انه اثناء حكم المعزول محمد مرسى كانت هناك حالة سخط عامة، يقول" الفيوم لا يمكن تصنيفها بانها محافظة صعيدية تماما او بحرية تماما، وانعكست تلك الحالة "المائعة" على طبيعة الشعب، فمثلا اذا شاهد احدهم شخصا يحاول تخريب برج كهرباء يؤثر السلامة، ولا يحاول ردعه او يقنعه بالضرر الذى سيقع على كلاهما".
سألناه هو الاخر: هل تكمن نار العنف تحت الرماد؟ فاجاب:" بالطبع، فمعظم افراد المكتب الادارى للاخوان خارج السجن وبالتالى فالوضع مستقر، والامر كله متوقف على الوضع السياسي، فاذا اشتعل، ربما ينشط التنظيم،والعكس صحيح ، أما بالنسبة للفكر التكفيري، فصحيح أن الفيوم كانت رائدة فى هذا المجال، لكن هؤلاء يعملون الان بالاية الكريمة " يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم".
ماذا يا ترى عن الخطاب الدينى بالمساجد ومدى الرقابة عليه ؟!
هنا حذر شريف من أن 90% من مساجد الفيوم كما هى ، فمن يعتلى منابرها ليسوا متخصصين، وتتنوع انتماءاتهم ما بين سلفيين او جماعة اسلامية او حزب وطني، وقال:" هناك مشكلة حقيقية فى الخطاب الدينى يجب الالتفات اليها ، خاصة فى ظل عدم كفاءة رجال الاوقاف من ناحية ،وتطرف خطاب الحركات الاسلامية باختلافها من ناحية أخري"، كما حذر شريف  وهو مدرس تاريخ باحدى مدارس قرية فيديمين- من مناهج التعليم التى يراها لن تؤدى فقط الى اخراج اجيال بلا معرفة دينية حقيقية، بل يرى انها لا يمكن ان تبنى مواطنا صالحا،يعى مفهوم المواطنة والتعامل مع الاخر.
خطاب دينى فقير
فى المساء، والكهرباء مقطوعة عن قرى مركز بنى صالح، استقبلنا محمد رجب- مدرس لغة انجليزية أزهرى وصديقه أحمد فوزى -صاحب مصنع طوب. تحدثا عن رؤيتهما لوضع الاخوان فى المنطقة ،فأكدا لنا بحزم:" لن تقوم لهم قائمة"، فزملاء أحمد فى المدرسة المعروفين بميولهم الاخوانية لا يبيتون فى منازلهم خوفا من القبض عليهم فى اى لحظة، لكنه اعترض على استمرار ذات الطريقة فى تعامل الدولة مع المواطنين من حيث غياب الشفافية ونقص المعلومات فى ظل شائعات كثيرة يتم تداولها ،مشيرا الى ان ذلك من شأنه خلق بيئة خصبة لمزيد من الشائعات وهى اخر ما تحتاجه البلاد فى الفترة الحالية. من ناحيته اعترض محمد على قصر الخطابة فى المساجد على الازهريين حيث يرى ان كثيرا منهم ضحل المعرفة، وممل فى ادائه ويجعل الناس تنجذب لغيرهم ، واحيانا تكون الخطبة غير مفيدة على الاطلاق، كأن تدور حول شخص فى الشارع لم يعجب الخطيب بشكله مثلا!! وكل تلك الامور تنفر الناس وتجعلها تنجذب لغير هؤلاء الخطباء، ويضرب مثلا بخطيب كان من جماعات التكفير ويجعل الناس تبكى من الخشوع خلف دعائه لكنهم يعلمون جيدا سوء معاملاته الدنيوية! فالناس هنا عاطفيون للغاية، لكن فى الوقت ذاته لا يمكن ان يكون كل هدف الدولة ان تاتى بخطيب لا يتحدث فى الشأن السياسي، وحتى الان توجد 6 مساجد مغلقة بسبب هذا القرار ولم يأتوا بخطباء لها،والنتيجة تكدس كبير فى مسجدين فقط.
التكفير للجميع!
فى الصباح الباكر، توجهنا الى القرية الاشهر.. قرية كحك بمركز يوسف الصديق، ووسط عواصف ترابية، استقبلنا الحاج مصطفي-71 عاما - من صيادى بحيرة قارون وعاصر الاحداث الخاصة بمقتل شوقى الشيخ سنة 1990 فى مواجهات مع الشرطة،وعلى ضوء الكشاف الكهربائى لانقطاع الكهرباء من جديد- كشف لنا عن ان كل من قبض عليهم فى تلك الفترة قد قضوا عقوبتهم فى السجن وخرج من تبقى منهم منذ اربع سنوات، صحيح انهم لايزالون على افكارهم ، حتى انهم يكفرون الاخوان ولم ينضموا لهم او يتعاونوا معهم ، الا أنهم يتجنبون المجتمع وذلك ايضا بحكم نظرتهم اليه بأنه ليس على صحيح الدين. عددهم لا يتجاوز 30 فردا ولديهم مسجد خاص يصلون فيه، منهم من يحاول الاندماج فى المجتمع ويرفض العزلة، فلا نرفضه، مادام قد اقبل علينا.
الاجيال الجديدة كما يقول الحاج محمد سلطان- من اهالى القرية- لا تعرف شيئا عن تلك الاحداث ولا تهتم كثيرا بالسياسة لكن هناك من يمكن استغلال فقرهم او حبهم للدين كما حدث اثناء حكم الاخوان المسلمين، فكان المؤيدون للجماعة يقنعون الناس حينها بانهم على صواب فى كل أمر من أمور الدين والحياة، ولا ننكر اننا صدقنا كلامهم لكن عندما اكتشفنا حقيقتهم رفضناهم، وعندما علمنا بتآمرهم مع الغرب على مصر اسقطناهم، وكنا نقف لمسيراتهم بعد ثورة 30 يونيو، والميزة هنا ان كل العائلات معروف رجالها، ومن يخرج منهم عن نسقنا العام فى القرية نقف له ونرده، ومن يتحدث عن"الاكاذيب" التى تبثها قناة الجزيرة ويروج لها، نتشاجر معه، خاصة اننا غاضبون بشدة مما تبثه تلك القنوات عن مصر، لكن بشكل عام فأن اعمال العنف تتركز فى المحافظة والمراكز لا فى القرى الصغيرة، والمسيرات التى تخرج فى المدينة قوامها اهل القرى لانهم غير معروفين فى المدينة.
انتقلنا الى قرية قوتة المعروفة بتواجد نسبة كبيرة من المؤيدين لجماعة الاخوان، وهى ايضا من افقر القرى على مستوى الجمهورية، والتى تقع بالمناسبة على بعد بضعة كيلومترات من قصر قارون الذى شهد احتفالية دولية فى ديسمبر الماضى بمناسبة تعامد الشمس على قدس الاقداس.
استقبلنا بالترحاب كالعادة الحاج عبدالتواب ويعمل فى مجال المعمار- وأكد لنا بشكل قاطع انه لا عودة لتجار الدين فى السياسة، بعد ان عرفت الناس حقيقتهم، فيقول:" كل مسيراتهم عبارة عن سباب وكلمات قبيحة، موجهة للمصريين المؤيدين لجيشهم ، ولم نسمع منهم كلمة واحدة ضد امريكا او اسرائيل، فكرهناهم، حتى اقاربى من الاخوان قطعوا صلتهم بنا، وفى يوم 28 نوفمبر الماضى الذى اعلنوا فيه عن ثورة اسلامية، ارادوا اشعال النيران فى مركز يوسف الضديق، فوقفنا أمامهم بالسلاح واللوادر واجولة الرمال، ومنعنعاهم، خاصة ان ذلك المركز كان قد احرق يوم 28 يناير 2011، و قمنا كاهالى بتجديده واصلاحه بالجهود الذاتية، لكن المشكلة انه لم يفتتح حتى الان، ولا توجد سوى نقطة شرطة قارون، وبالتالى فالوجود الشرطى غير كاف بمركز يوسف الصديق ، وللامانة فالاهالى هنا يقفون الى جانب عناصر الشرطة وهم مطمئنون بوجودنا الى جانبهم ، خاصة مع ما يعلنه الاخوان من حظر تجول للشرطة حتى يزول ما يصفونه بالانقلاب.
"الاخوان أصابهم التجبر رغم قلة عددهم لانهم لا يجدون قوة كافية امامهم".. هكذا يعتقد عبد التواب ويرى ان الحل الامنى ليس كافيا، فالشباب وهم اول من يتم استقطابهم، يعانون التهميش والبطالة، حتى ان هناك خريجين جامعيين من الثمانينات بلا عمل ، والواسطة كما هى متغلغلة ، وسمعنا كثيرا عن مشروعات لكن لا أثر لها، فبعد احتفالات قصر قارون تخيلنا انها ستكون فاتحة خير على السياحة ، لكن بعد ان فض المولد عاد كل شيء الى وضعه، فلا فنادق او محلات ،والقرى السياحية على البحيرة اصبحت مهجورة، وقيل أنه سيتم افتتاح مصنع على البحيرة لاستخراج الاملاح ولم يتم انجاز شيء، والارض الزراعية ينقصها الماء، وحتى خمسة اشهر مضت كنا نشترى مياه الشرب  الان تأتى يومين وتنقطع يوم-، ويتابع بأسي:" نعم نحن نقف مع جيشنا ووطننا لكن الى متى سيتحمل الفقير، ولنعلم جيدا ان الاخوان وغيرهم من اعداء مصر يراهنون فقط على عنصر الوقت، ومدى صبرنا".
حظر تجول
على جانب اخر طلبنا من النقيب احمد على موسى بمركز يوسف الصديق، التعليق على ما قاله الاهالى بشأن ما قيل عن فرض حظر تجول للشرطة فى قرى المركز ، او كما قيل اننا لن نتمكن من دخول قرية "أباظة" -على سبيل المثال -بسبب سيطرة الاخوان المسلمين، فنفى لنا ذلك تماما وقال:" لن نسمح الا على جثثنا ان يقوم أحد بمنع الشرطة من حفظ امن الاهالي، او من فرض سيطرته على أى منطقة، بل على العكس تماما هم من يهربون منهم ويختبئون فى الزراعات وبين أشجار الزيتون، ولا يقدرون على مواجهتنا". ويتابع:" صحيح ان مركز شرطة يوسف الصديق مغلق حتى الان، الا ان الوجود الشرطى كاف ، حيث يوجد نحو 30 فردا فى نقطة شرطة قارون، اما افتتاح المركز الذى اصلحه الاهالى على نفقتهم الخاصة، فيتوقف على قرار الوزير بشأن اقامة مركزى شرطة بدلا من اعادة افتتاح القديم فقط، وحتى الان لم يتم البت فى الامر".
النقيب أحمد اوضح انهم طالبوا مدير الأمن الجديد بان يتم اعادة النظر فى حجم تسليح الضباط، وقال:" عندما يخرج عليً اربعة افراد مسلحين بسلاح آلي، فينبغى على الاقل أن يكون معى سلاح مماثل وليس مجرد "طبنجة".
سألناه أخيرا: هل من المحتمل ان تنشط قوى الارهاب والتكفير من جديد فى ظل هذا النشاط الدولى المحموم: فقال بصراحة: نعم قد تنشط فى اى لحظة، لكننا نقف بالمرصاد وجاهزون للتصدى لهم بكل قوة وحزم، لكن فى الوقت ذاته نطالب بالعدالة الناجزة بخصوص من تم القبض عليهم لارتكابهم اعمال ارهابية، حتى لا ندع لهم فرصة التخطيط لارتكاب المزيد من الجرائم، واطمئن المصريين بأن الفيوم لم تعد محافظة إخوانية ، حيث اندثرت الجماعة هنا ولم تعد لها ارضية فى الشارع ، والدليل هو التعاون الكبير الذى نلمسه من الاهالى مع الشرطة ".
بعد هذه الجولة ..عدنا الى القاهرة تراودنا مشاعر القلق والاسى على حال محافظة جميلة لديها كل المقومات لتكون أفضل حالا.. على رأسها الكنوز الاثرية والطبيعية، لكن لهذا حديث آخر..



المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة