المصدر الاهرام المسائي - وفاء صندى
قامت الدنيا ولم تقعد بعد لمجرد إعلان خطبة الوزيرين المنتميين للحزب الإسلامي في الحكومة المغربية( الوزير المتزوج والوزيرة
المنتدبة المطلقة منذ سنة), وأصبح الخبر حديث الصباح والمساء لدي الرأي العام المغربي بعدما تم النفخ فيه وتضخيمه وإعطائه أبعادا سياسية واجتماعية وحقوقية.ولم لا وقد وجد فيه من يديرون شئون البلاد منفذا للهروب, ولو مؤقتا, من مشاكلنا واخفاقات حكوماتنا المتعددة التي لن تكون آخرها الحوادث المتكررة علي طرقاتنا الهشة, التي تحصد آلاف الأرواح سنويا. بينما وجدت فيه الصحافة سابقة في تاريخ الحكومات المغربية وسبقا مغريا بالمتابعة وجذب القراء فيما ذهبت المنظمات الحقوقية النسائية, التي سبق وان دخلت في مواجهة مباشرة واتهام صريح لرئيس الحكومة بالإجهاز علي حقوق المرأة وهو الذي أبدي في أكثر من مناسبة استخفافه بالنساء, إلي استغلال الحدث كفرصة سانحة للانقضاض علي الحزب الحاكم وتصفية كل حساباتها العالقة معه. أما السادة الساسة فوجدوا فيه مادة دسمة بل هدية من السماء فتحت معها أبواب المزايدات السياسية وخصوصا اننا علي أبواب الانتخابات.وبين من يعتبر زواج الوزير بالوزيرة بموافقة/ مرافقة زوجته الأولي قضية دولة ومجتمع من شأنها أن تعرقل العمل السياسي وتهدد السلم الاجتماعي لما يشكله التعدد من قضية حساسة في الداخل ويمكن أن يهز صورة المغرب في الخارج. وبين من يعتبرها اختيارا شخصيا وحالة خاصة امتزجت تفاصيلها بـ نظرية المؤامرة, دخلنا في فاصل جديد من الضجيج والتهكم وحرب التصريحات وصدرنا للعالم, مرة اخري, مشهدا من مشاهد الرداءة التي نتفنن في صناعتها.لم يعد ما يشغل الرأي العام سوي تتبع أخبار الخطيبين اللذين كل يوم تنجب قضيتهما تفاصيل جديدة. تركنا كل المشاكل العالقة وبات همنا الوحيد ملاحقة الوزيرين وتخصيص صفحات الجرائد لحياتهما الخاصة وترقب إذا ما كانا سيستمران في الحكومة أم سيقوم رئيسها باعفائهما لاقترافهما جريمة الحب والزواج المتعدد. ولن أدخل هنا في جدلية التعدد بين الدين وحقوق المرأة, بل سأقتصر علي الفصل40 من قانون الأسرة المغربي لسنة2003, الذي اكتفي بتقييد تعدد الزوجات بوضع شروط صارمة للتضييق علي طالبي التعدد, كقدرة الزوج علي توفير العدل علي قدم المساواة مع الزوجة الأولي وأبنائها في جميع جوانب الحياة.. وامكانية المرأة ان تشترط كتابيا عدم التزوج عليها, و إذا لم يكن هناك شرط, وجب استدعاء المرأة الأولي لأخذ موافقتها.والقانون هنا واضح, ولم يستثن الوزراء عن العامة, بل هو يطبق علي الجميع بمن فيهم الوزير الذي أبدت زوجته الأولي موافقتها علي زواجه. إذن لماذا كل هذه الضجة وأحد شروط التعدد مستوفي؟ إلا إذا كانت النخبة والمنظمات الحقوقية تبحث عن المزايدات والإثارة فقط, أو تريد شن حرب علي التعدد وهنا يجب أن توجه هذه الحرب علي القانون وليس إلي من يطبقه أو يستفيد من ثغراته, والحالات المسجلة في هذا الصدد متعددة.كان من الأجدر بدل افتعال أزمات مجانية, فتح نقاش عام وناضج عن مشكلة المغرب( الذي بات يتأرجح بين ظواهر الانحلال والتطرف). هل هي في تقييد التعدد أو في العزوف أساسا عن الزواج؟ وهل استطاعت المدونة الانتصار لاستقرار الأسرة أم أخفقت في التشجيع علي تأسيسها وضمان استمراريتها؟.وبما اننا, للأسف, نعيش انفصاما مع ذواتنا وازدواجية داخل مجتمعاتنا, ونفضل النفاق لرسم صورة وردية عن حياتنا الأسرية السعيدة ونمثل المساواة ارضاء للغرب وشروطه المفروضة علينا, فسنظل نغرس رؤوسنا في الرمل ونكذب علي حالنا ونجرم التعدد ونطالب بحقوق المرأة.. بينما الواقع يقول إن شبابنا أدمن المتاح الوفير من العلاقات خارج اطار الزواج والتزاماته, وبأن الفساد والانحلال باتا سمة مجتمع لدي رجاله القدرة علي أن يحملن مرة واحدة لقب الزوجة الأولي..
المصدر الاهرام المسائي
تعليقات
إرسال تعليق