الأبنودى ووالدته فاطمة قنديل
«أنا ابن فاطمة قنديل».. عبارة كثيراً ما رددها عبدالرحمن الأبنودى، فهى كلمة السر فى حياة الشاعر الراحل، استقى من خلالها الشعر والغناء، الحكمة وطقوس الحياة، من خلال علاقة حب فطرى متبادل، بدأ بصوتها يتسلل إلى وجدانه وهو ما زال بذرة بداخلها، فكانت له الأرض بقوتها وحنانها، فخصوصيتها الشديدة سبب تكوينه، ليقول: «أمى هى الشجرة المظللة التى أدين لها بالأبنودى كله».
«حمارة ولدت جحشاً رفيعاً عليلاً»، منام رأته فاطمة قنديل خلال فترة حملها لتجده أمامها بعد الولادة، طفلاً صغيراً لا يقوى على مواجهة الحياة، فى الوقت الذى ردد مَن حولها: «دعيه يموت فى هدوء، لا تتعلقى به.. اعتبرى أنك لم تنجبيه.. شدّى حيلك وهاتى غيره.. ليس له عمر»، وبالرغم من كونه طفلها الرابع تمسكت به بقوة، تضرعت إلى الله، مارست الطقوس وأشعلت البخور، قادت حرباً لتُبقى وليدها على قيد الحياة، لترى معجزتها تتحقق، ويتذكر الأبنودى: «كنت نحيفاً عليلاً وكانت أمى تربط ركبتى بأشرطة من القماش خشية أن تتفكك».
مجموعة كبيرة من المواقف كوّنت العلاقة الفريدة بين «الأبنودى» و«فاطمة»، فكانت هى السجل والمكون الرئيسى لمخيلته الخصبة، فاستمد منها بداية الشعر، وهى الحافظة لأشعار القرية والتراث والفلكلور الشعبى بكل طقوسه، يقول: «ما سمعته من أمى شحننى بتجربة خرافية كانت دائماً لصيقة بالغناء، لأنه فى أبنود يشكل علاقة فريدة مع الحياة، كالحر والبرد والظل والشمس والليل والنهار والجوع والشبع، لا يوجد فعل لا يصاحبه غناء فى تلك القرية وفى بيتنا الفقير بالذات»، ويضيف «الأبنودى» أنها عندما كانت تسمع أغنياته تُبث فى الإذاعة كانت تمازحه قائلة: «إدوك كام؟ خلى بالك أنا أستحق نصف الأجر»، حيث اعتمد الشاعر على مجموعة من أغنيات التراث الشعبى فى شعره، وكانت «فاطمة» بداية طريقه إليها.
المصدر الوطن
تعليقات
إرسال تعليق