المملكة المتحدة.. لم تعد متحدة


الاهرام - نافذة على العالم

حتى أمير الشعراء أحمد شوقى بك تغزل فى عظمتها ، ولحنها وغناها لـ بى بى سى «الموسيقار محمد عبدالوهاب» فى «احتفالية شاعرهم العظيم « وليم شكسبير» عام 1939:
«أعلى الممالك ما كرسيه الماء 


وما دعامته بالحق شماء
يا جيرة المانش حلاكم أبوتكم
بما لم يطوق به الأبناء آباء»

وكانت «أعلى الممالك» هى «بريطانيا العظمى» الإمبراطورية التى لاتغيب عنها الشمس!.. كانت هى الإمبراطورية الوحيدة فى التاريخ التى حجمها بسعة الأرض:

حتى «أمريكا» كانت إحدى مستعمراتها، وكان الاقتصاد الروسي - وقتذاك - مدينآ لها ، ويجعل روسيا القيصرية تدور فى فلك الإمبراطورية . أما جارتها «فرنسا» فبعد أن حطم «نلسن» أسطولها ودمر «ولينجتون» جيشها، وأسر إمبراطورها «نابليون بونابرت»ونفاه إلى «سانت هيلانة»: لم تملك إلا أن تستغيث بها  بعد أن إجتاحتها الجيوش الألمانية فى حربين عالميتين طاحنتين!

أما «ألمانيا»، وهى الدولة الأولى فى التقدم الصناعي فى العالم فقد جعلتها حبيسة فى القارة الأوروبية ، كما المارد فى القمقم، وتكاد تنتحر من فرط تقدمها! 

كان العالم  ينتظر الإشارة من المملكة المتحدة الجالسة فوق جزيرة صغيرة بجوار بحر المانش.  ولكن «كان» لم يعد «الآن»... فماذَا حدث؟ .. وكيف؟.. وأين؟.. ومتى؟!

كانت «مصر» أول من تجاسر على فتح الثغرة فى جدار هذه الإمبراطورية الشامخة، وقتذاك، وبثورتها العظيمة عام 1919 أحدثت أول شرخ فى جدار الإمبراطورية ... وبعد «مصر».. جاءت الهند: وإذا بالمهاتما «غاندى» يعلن صيحته الشهيرة «لقد تعلمت من الثورة المصرية كيف أهزم الأمبراطورية».

وتآكلت الإمبراطورية حتى جاء جمال عبد الناصر فقطع ذيل الأسد البريطانى فى العدوان الثلاثى على مصر عام 1956!

ولكن على الأقل ظلت «أعلى الممالك» تصون إسمها الشهير «المملكة المتحدة».

واليوم يرتكب ساستها خطيئة لن يغفرها لهم التاريخ: ذلك أن موقف حزب «المحافظين»المعادى لاستقلال إسكتلندا، وموقف إد ميليباند زعيم حزب «العمال» فى الانتخابات الأخيرة، بإستنكاره أن يقيم تحالفا مع الحزب القومى الاسكتلندي، أثار غضب الشعب الاسكتلندي، فصوت لأول مرة ضد حزب العمال وأسقط جميع نوابه وإصطف جميعه خلف الحزب القومى الإسكتلندى: فبعد أن كان لهذا الحزب ستة مقاعد فقط فى الانتخابات قبل الأخيرة، فإذا به اليوم يحصد 56 مقعدآ ! .. وإذا كانت اسكتلندا قد صوتت فى الاستفتاء الأخير ضد الانفصال عن بريطانيا، فهى اليوم وغدآ إذا ماجاء استفتاء جديد سوف تنفصل! 

كتب أشهر محلل سياسى فى بريطانيا «جوناثان فريدلاند» عقب حماقة الحزبين الرئيسيين فى بريطانيا ناصحا، تحت عنوان «لكى تحافظ على اسكتلندا، على بريطانيا أن تحتضن وتحترم الانفصاليين» وقد جاء فيه «أن هجوم المحافظين قد أيقظ الضغائن القديمة بين الإنجليزى والاسكتلندى» و«أن استنكار العمال للتحالف مع القوميين سوف يؤدى إلى أن يستبعد الشعب الاسكتلندي حزب العمال فى الإنتخابات القادمة» ...وكان هذا قبيل الإنتخابات الأخيرة فى بريطانيا!

وبعد الانتخابات، وبعد أن شرب «كاميرون» كأس نجاحه ، عليه أن يستعد لمواجهة الأزمات القادمة ، وأهمها: انفصال «إسكتلندا» وتفكك المملكة المتحدة!

ويتقدم «مالكوهم ريفكند» أحد أعضاء الحرس القديم لحزب المحافظين، باقتراح أن تتحول بريطانيا العظمى من «مملكة متحدة» إلى «اتحاد فيدرالى» لدولها الأربع وهى:إسكتلندا وويلز وشمال أيرلندا وإنجلترا .

ولكن هل هذا الاقتراح يلقى قبولا من الانفصاليين الاسكتلنديين ؟!




المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة