الأهرام فى « تورا بورا » الصحراء يكشف «أين ذهب الدواعش» ؟
المصدر الأهرام . تحقيقات . ahram.org.eg
كل الطرق تؤدى إلى ليبيا..وأعاصير الإرهاب «تتحرك باتجاه مصر»
السيسى يحذر.. وترامب يتوعد.. وفرنسا ترسل «فرق موت» لاصطيادهم
31 ألف داعشى فى العراق وسوريا تبخروا فجأة
المنطقة تدخل «زمن الحازمية» الأشد عنفا ودموية وتكفيرا للجميع
نواكشوط وباماكو والخرطوم.. بوابات عبور الإرهابيين إلى مصر
«تورا بورا» إمارة«داعش الجديدة فى الصحراء الكبرى
سيارات يومية تحمل سوريين وأفارقة إلى الخليل
هل بينهم إسرائيليون بجوازات سفر سورية؟!
الرحلة كانت إلى الموت الذى يطل برأسه فى كل لحظة والأسئلة المحيرية تطل برأسها عند كل نقطة فى هذه الصحراء. لم يكن موعدنا مع تجار الموت فقط بل مع كل الذين يعبثون بمصائر الناس والأوطان من تجار المخدرات والأعضاء البشرية، ومهربى البشر وصولا إلى «تهريب الإرهابيين». لقد كان شاغلى مصر والسؤال المراوغ: ترى من يتآمر على بلادي؟ وأين هى «بوابات الموت»؟ وأين ذهب الدواعش؟ وماذا ينتظر المحروسة؟ وماذا تحمل ليبيا من مفاجآت؟ وهنا نعرض رحلة «الأهرام» فى أرض الموت والنفاق والخداع.. فى تورا بورا العرب.. فى ساحلستان.. فى محطات الموت حاضر فيها فى كل لحظة!
على صوت »المعلومة بنت الميداح« ام كلثوم موريتانيا المنبعث من سيارة صديقى السائق العجوزولد عماتو تحت ضوء القمر فى الصحراء شرق موريتانيا سهرنا نعب من «الاتاي» شاى الصحراء الاخضر.
نطق السائق بـ«نهرب سوريين« للجزائر وليبيا، أهملت شرب «الأتاي» وسألته من هنا؟ فقال: »إحنا وزملاء لنا من الطوارق نهرب سوريين من موريتانيا ومالى إلى الخليل اقصى شمال دولة مالى قبل حدود الجزائر ب17 كيلو مترا ليهربوا منها عبر جنوب شرق الجزائر الى ليبيا، ومنها إلى أوروبا .. شعرت بالخطر وسألته هل لديك زبائن منهم الان ؟ قال نعم. و متى اول رحلة ؟ قال غدا: حزمت امرى واجلت عودتى الى نواكشوط العاصمة الموريتانية...لأبدأ مغامرة جديدة عبر »ساحلستان الصحراء« أو »تورا بورا العرب« كما أصبح يسمى مثلث الصحراء بين الجزائر وموريتانيا ومالي، هدفى تأكيد ما استشعرته من خطر توافد أعداد هائلة من سوريين وغيرهم ربما يكون بينهم عملاء وجواسيس لأجهزة استخبارات الدول الداعمة للإرهاب وتقسيم المنطقة، ومن الجائز أنهم يحملون جوازات سفر سورية استولت عليها »داعش« و«النصرة« من مكتبى جوازات حلفاية بريف حماه2011 والرقة،عام2014 تذكرت أيضا ما سمعته من مفتى تنظيم القاعدة السابق فى افغانستان محفوظ ولد الوالد أبو حفص الموريتانى ان أسامة بن لادن كان يرى فى ليبيا موطناً جديدا ومهما للقاعدة على يد رجاله فى الصحراء الكبرى وليبيا.
خوف وتوجس
فى الطريق إلي«الخليل«أمضيت عدة ليال معبأة بالخوف والتوجس من احتمالات القتل أو الخطف على وقع مناوشات سائقينا لعصابات التهريب وقطاع الطرق ومافيا تجارة الأعضاء بالرصاص وبشاعة مناظر الجثث المتناثرة فى الصحراء لأطفال ونساء، جنَّبنا هاتف الثريا الذى يحمله سائقنا »ولد عماتو« أن نكون مثلهم جثثاً منزوعة الأحشاء والأعضاء. فسلكنا طريقاً أخر لتفاجئنا عصابة جديدة فنهرب إلى طريق غيره.
مهاجرون اخرون قادمون من تركيا ولبنان والأردن عبر مطار »باماكو« عاصمة مالى لينطلق بهم أيضا بعض سائقى الطوارئ عبر »تمبكتو« أو »جاو« ثم يتدفقون بصحبة مندوبى »داعش« و«أنصار الشريعة« و«كتائب شهداء بوسليم« إلى مدينتى »درنة و »الكفرة«« القريبتين من الحدود المصرية بعد فرارهم من سوريا والعراق وتبخرهم من صحرائهما، بعد الغارات الأمريكية على مواقع إرهابية ببصبراتة القريبة من الحدود التونسية وسرت لزحزحتهم إلى شرق ليبيا.
جواسيس بين اللاجئين
رغم أن الدولة الموريتانية اشتدت حربها على الإرهاب وتصديها الفعلى منذ بداية حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز لتنظيمات وكتائب التكفيريين فى »الساحل والصحراء«.
قبل أن نستقل السيارة من »فصالة« القرية الحدودية الموريتانية إلى حدود الجزائر قام السائق العجوز، ثم مط شفتيه وأحكم اللثام حول وجهه ومساعده الزنجى مع مساعد السائق الثانى »حَدود ولد عريبى يجهزان سيارتيهما بالمراتب الاسفنجية والبطاطين وتعبئة صندوقى السيارتين بركابهما باسرتين مع أطفالهما وعشرة شباب زائغى العيون، حادو النظرات لم يتحدثوا إلا بكلمات قليلة مقتضبة عندما توقفنا فى »تلميس البرابيش« داخل حدود
قاسمنى ولد مدو مقعد وتحدث عن سيل البشر المتدفق بدأ قبل عامين تحملهم السيارات يوميا إلى »عين خليل«. راودنى شك أن بينهم جاسوساً جديداً تحت مسمى لاجئ حاملا جواز سفرً سورياً،
على طول الطريق إلى »الخليل« غلبنى الشك فى أمر الفارين فيهم خصوصا أن الدول صانعة الإرهاب سمحت لمقاتلى داعش بالخروج الآمن بعد هزيمتهم، وقبلها زحزحت قوات »برخان« الفرنسية، و«إيكواس« التنظيمات المتطرفة فى مالى الى ليبيا بعد أن منعتهم صلابة الجيش الجزائرى من تخطى حدودها.
الصحفيون ممنوعون
انطلقت بنا السيارتان فى غبش الفجر بعد اتفاق سائقينا مع زملائهم فى »باسكنو« التى تبعد 40كم على ساعة التحرك،
وفى »تلميس البرابيش« بعد دخول الأراضى المالية بـ120كم توقفنا لتلحق بنا قافلة من اربع سيارات أخري، جاءت كل واحدة من جهة مختلفة حاملة »المهاجرين«. وبعض كراتين وأجولة وصناديق أغذية، تفحصنا »ولد سيدي« سائق احداها ومهرب قديم، قال وهو ينظر إلى وإلى رفيقى الشاب ولد مدو: الصحفيون ورجال الأمن.. لا يجب أن يلجوا هذه الصحراء.
فتشبثت بالرحلة على الخطر، صرخ فيه ولد عماتو: هما صاحباي، كادت مشاحناتهما تتحول إلى معركة بالرصاص حتى ارتضى بقبول رفقتى على حذر ووعد بعدم التصريح بأسماء، وبدورة أكواب »الأتاي« دارت بعدها عجلات سياراتنا لساعتين حتى توقفت فى »قرية الأرنب« داخل حدود مالى لشراء الخبز وعنزتين للذبح وإطعام المهاجرين، ثم انطلقت القافلة مارة بـ«الخوبة« وحاسى صالح« قبل أن تنكشف الصحراء عن العشب والنبات.
لم تمنع الشمس الحارقة الأطفال معنا عند استراحة الظهر من اللهو ببراءة فوق الرمال الساخنة. بائسين مثل بلادهم، لا يعرفون ماذا ستحمل لهم الأيام القادمة، يُحملون مع البضائع كأنهم دٌمي، لا يعرفون سوى أنهم سوريون من حمص وحلب والرقة، الأكراد منهم داعبوا السائقين العرب بالكردية، سألت بعضهم عما رأوا من داعش فى الرقة، فمنعهم ذووهم من الحديث.
على طول الطريق وما بين «الأرنب» وحتى «بير« كان تواصل السائقين بآخرين فى محطات الوصول المتتالية بهاتف الثريا Garmin 72H لمعرفة أخبارها، وما قد يظهر منها، من قوافل تهريب المخدرات، أو العابرين من كتائب تنظيم القاعدة التى تتحرك بحرية فى مثلث الحدود.
عصابات الطرق
قبل مغيب شمس اليوم الأول للرحلة إنهالت على رؤوسنا أخبار القتل، فعدد من عصابات الطرق نشطت لمرور أعداد غفيرة من المهاجرين تقطع الطريق عليهم وتسلبهم ما يحملون. وغالبا يقتلون السائقين وينهشون أعضاء الأطفال والشباب .. »ولد الميلس« وخطرى ولد الأعمش وولد لحبوس، يكمنون للقوافل القادمة من باسكنو وفصاله جنوب شرق موريتانيا - أو »ليرا (شمال غرب مالي) عند »وادى تيمتغين«، أقصى الشمال المالى قبل قرية الخليل بـ240كم، وعند »أنيفيف«، 120 كم جنوب كيدال للقادمين من »تمبكتو« و«جاو«.
وهو ما أجبر السائقين فى هذه الصحراء على التسلح ببنادق أخفوها وراء مقاعدهم، همساتهم بعد نوم مرافقينا الهاربين حول الاستعداد وتناوبهم على حراسة القافلة.. أثناء سيرنا فى الصباح، لاحظت السائق يشرأب بعنقه ناظرا إلى المدى ثم لوح بيده للسيارات الأخرى ودار دورات، السيارات الأخرى دارت مثله وتوقفوا فى دائرة بالسيارات ونزلوا منها رافعين بنادقهم، سألته فأشار إلى غبار يقترب ونطق: قُطَّاع طُرق، صرخ »ولد سيدي« فى الركاب أن يلزموا أماكنهم، خلال دقائق ظهرت سيارتان تحملان مسلحين تقتربان وهم يطلقون الرصاص فى الهواء، فبادلهم سائقينا الرصاص، واشترك معهم الشاب ولد مدو، وأحمد جماح السوري، لم ألحظ فزعا على النساء عندما علا بكاء الأطفال وصراخهم ممتزجا بصوت عشرات الطلقات التى انطلقت دون أن تصيب أحداً، بعدها فر المهاجمون لينحرف بنا السائقون عن هذه الطريق إلى غيرها أقل خطورة ولكن أكثر وعورة ما زاد يوما فى رحلتنا.
الدواعش .. خوارج
فى الليل، بعد أن نام أغلب رفاق الرحلة جلس معنا السورى أحمد جماح، تحدثنا عن تشتت السوريين فى أصقاع الأرض وما فعله تنظيم »داعش« بهم، فنعت عناصره وخليفتهم »البغدادي« بالخوارج، لم تفاجئنى الكلمات لأن أفعالهم تؤكد أنهم خوارج، ولكن فاجأنى ثناءه على أحمد بن عمر الحازمى تكفيرى سعودى فهمت أنه »حازمي« الفكر والانتماء سألته: لماذا أحل البغدادى دم الحازميين من الدواعش؟ فلم يزد »جماح« عن كلمة »خوارج« ثم انصرف عنى إلى نومه، وتحاشانى طول الطريق، الحازميون هم النسخة الأكثر إجراماً وتكفيراً، يُكفرون من لا يُكفر العوام على قاعدة »عدم العذر بالجهل« بل أنهم يُكفرون ابن تيمية نفسه ومحمد بن عبد الوهاب، وهم الخطر الأكثر تدميراً من داعش ويعيدون هيكلة البنية الأساسية للفكر التكفيري، وسيزداد تأثيرهم بعودة متطرفى بلدان جنوب الصحراء وشمال أفريقيا مهزومين من العراق وسوريا مع آخرين انهزموا فى شمال مالي، مثل »ماسينا« بزعامة أمادو كوفا حليف أياد أج غالي، وكان ضمن رجاله فى أنصار الدين وعناصر بوكوحرام الذين اتبعوا »الحازمية«.
أين ذهبوا ؟
دافعى للشك والمغامرة كان تقارير مراكز بحوث التطرف والدراسات الأمنية منها »صوفان«، مؤسسة الاستشارات الأمنية الأمريكية، التى قدرت عدد مقاتلى داعش فى العراق وسوريا عامى 2014 و2015 ما بين 27 إلى 31 ألفا من الأجانب منهم ما بين 8 إلى 16 ألفا من المغرب العربى والشرق الأوسط، وأن عدد قتلاه فى المعارك لا يزيد على 3 آلاف ، ومنها المعارك الأخيرة فى الرقة ودير الزور والقائم.
فأين ذهب هؤلاء؟! والإجابة باطمئنان شديد .. إلى ليبيا
وقد حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حواره مع صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية من أن المتطرفين الذين سيفرون من سوريا والعراق سيحاولون دخول ليبيا لاتخاذها وكرا لهم ومن هناك سوف يخططون لهجمات مفاجئة ضد مصر وكل الدول الإفريقية والأوروبية».
وفى الوقت نفسه ذكرت دراسة أعدها المركز الدولى لمكافحة الإرهاب فى «لاهاي» بهولندا أن دول الاتحاد الأوروبى يجب ألا تتساهل مع مواطنيها الذين ذهبوا للقتال فى الشرق الأوسط، وأظهرت الدراسة أن الفرنسيين يشكلون أعلى عدد من «المقاتلين الأجانب» فى صفوف المتشددين فى سوريا من المقاتلين الأجانب. وكشفت تقارير استخباراتية عن أن فرنسا أرسلت «فرق موت» لاصطياد الدواعش قبل أن يعودوا إلى أوروبا.
ويأتى ذلك فى ظل سيناريوهات وعملية التحولات التكتيكية لخطط الإنهاك والإرباك كمقدمة للانقضاض والتقويض كخطة بديلة لما تم إفشالها فى 30 يونيو، فى مصر ومرجعية هذه الإجابة هى تساؤل الذئب الأمريكى العجوز كيسنجر: وزير خارجية امريكا فى السبعينيات ومستشار الامن القومى الامريكى بعدها ماذا بعد داعش، وكذلك تصريح ترامب قبل أيام بعدم السماح لداعش »بالعودة إلى بلادنا بعد هزيمتهم فى الشرق الأوسط«.
ويأتى ذلك متزامنا مع ما نشرته «واشنطن بوست» الأمريكية أن 10 حروب سوف تندلع فى المنطقة بعد هزيمة داعش.
ملاذ آمن
الإجابة عرفتها فى »الخليل« آلاف المهاجرين مروا عبرها الى ليبيا خلال العامين الاخيرين بعد أن التى أضحت ملاذا امنا للإرهابيين وقاعدة الخلافة البديلة عن الموصل، استوطنها أغلب عمداء الإرهاب مثل عبد الحكيم بلحاج وسفيان القومة ومحمد المدهونى ومختار بلمختار أمير كتيبة «المرابطون» وإياد أج غالى وهشام بلال وآلاف من عناصر وكتائب المتطرفين فى الصحراء الكبري، وفيها سيتحور فيروس داعش على يد »هشام بلال« التوحيد والجهاد سابقا وفتحى المجبرى ليبى داعشى سابق وأحمد جماح داعشى سورى من أم سعودية وهو من المنتمين إلى جماعة »الحازمية«.
قبيل بزوغ شمس يوم جديد انطلقنا مجدداً بعد معاناة جسدية ونفسية وتزايدت توقعاتنا بالتعرض لمعركة جديدة بالرصاص بت أشك فى نجاتنا منها؟ فهنا فى »ساحلستان الصحراء« دائماً تشتعل المعارك على ملكية شحنة مخدرات بين المهربين مثل ما بلغنا عن »صلوح ولد السالم« من قبيلة »الرقيبات« فى »ترسال الخضراء. وجماعة سلطان ولد بادي، الهمسات بين السائق والشاب ولد مدو عززت احتمالية الفشل فى إكمال الرحلة مع شماتة »ولد سيدي« فينا وتبرمه من فزعنا عند رؤيتنا لبعض الجثث منزوعة الأحشاء أثناء السير، قرر سائقنا ولد عماتو الانحراف بالقافلة لخبر حمله هاتف الثريا .. بأن المهربين الآن يُفرغون شحنة أسلحة ومخدرات فى محطتنا المقبلة.
سوق السلاح
أطبق الليل علينا ولم يرضخ السائق العجوز لنصائح البعض بالمبيت، حيث كنا (ما بين اينابك والخليل)، قرر المجازفة بالسير ليلاً، لن نحتاج إضاءة مصابيح السيارة،فضوء القمر يكفينا لكشف الطريق، المهم نصل قبل أن يهل الفجر الجديد. عندما وافقه ولد مدو دون تردد أيقنت أنه الصواب. زادت السيارات من سرعتها وزادت ضربات قلوبنا حتى وصلنا »الخليل« بعد أن بلغ منا الجهد مبلغاً وأُرهقت النساء وأعيت شمس الصحراء الأطفال، دبر لنا السائق والشاب الأسمر ولدمدو مكاناً يؤينا فى الليل ويقينا من تسكع الريح وتحركات السيارات الكثيرة فى الشوارع الضيقة، قرية فقيرة بيوتها طينية، دكاكين متواضعة وقليلة لكنها أكثر ثراء من مدينة كبري، هى سوق تجارية للمخدرات والسلاح والمقاتلين وبعض منازلها بها عدد من صناديق خشبية مليئة برزم البنكنوت من عملة اليورو وهو ما هالنى عندما رأيت أحدها، قد لا يقل الرقم عن نصف مليون يورو، سألت عنه السائق مندهشا فقال: هذا رقم بسيط، وتعج شوارعها بمندوبين لتنظيمات تكفيرية فى ليبيا وتونس الجزائر كل تنظيم يعرف من قدم إليه.. عن طريق الإشارات أو الكلمات الإرشادية أو باتفاق مسبق من خلال »هواتف الثريا« التى يؤجرها بعض أصحاب »الدكاكين« الصغيرة، الدقيقة بـ5 يورو.
تجارة الأعضاء التى راجت الآن فى الصحراء، اخبرنى ولدمرو أن إحدى دوريات الحدود الجزائرية فتربصت بعصابتها وقبضت على حاوية مبردة تحمل أعضاء بشرية مجمدة كانت فى طريقها إلى ليبيا. وأن هذه العصابات تعمل تحت أعين ورعاية أمراء الإرهاب فى ليبيا والصحراء الكبري، مثل المدهونى ومندوبين فى الخليل، منهم أبو معاذ سورى يستقبل السوريين وإلحاقهم مع بعض الطوارق والنيجيريين وينقلهم الى مقر للمدهونى قريب من مطار »إمعيتيقة« فى طرابلس. ويعمل المدهونى منذ عامين على استقبال المقاتلين المنهزمين فى سوريا الذين كون بهم أواخر 2012 لواء المهاجرين وسكنوا قرية سلمى بريف اللاذقية وتمددوا حتى جسر الشعور فى أدلب. كما سمعت من عمر عزوز وبدر الزنّى فى درنة بعد عودتهما عام 2014، ولا أدرى أن صدق حدسى أن معرفة أحد رفقاء الرحلة من الشباب السورى باللغة الإيطالية له علاقة بما سمعته« عن خطة «مختار بلمختار» بلعور لمهاجمة القاعدة الإيطالية فى الجفرة أم لا.
ولكن هل من رابط بين إيران التى مكث فيها المدهونى لما يقرب من عام بعد فراره من أفغانستان إثر إنهيار حكم طالبان، وحصل فيها على جواز سفر عراقى عاد به إلى ليبيا عام 2014، وبين مخطط إنشاء خلافة بديلة فى ليبيا، ومد التعاون مع جماعات القاعدة وداعش فى ليبيا، ويشتد التنافس بينهم وبين داعش والمرابطون اللتان تتنافسان على استقطاب القادمين إلى الخليل لنقلهم الى طرابلس وأوبارى وسرت والى »درنة« موطن ومقر عدد من التنظيمات القاعدية ومنها كتيبة المرابطون التكفيرية قرب الحدود المصرية، والتى سبقهم إليها بعض عناصر »إمارة الصحراء« القاعدية وعلى رأسهم بلمختار الذى تحالف مع آياد أج غالي« ضمن تحالف »نصرة الإسلام والمسلمين«.
سألت السائق ولد عماتو عن تقديره للأعداد التى حملها هو وزملاؤه الخمسة على سياراتهم منذ أن بدأت الرحلات قبل عامين، فقال: يصل العدد الذى نقلوه عبر هذا الخط إلى 10 آلاف، ضحك ولد مدو وهو يقول له: صرتم من الأغنياء، فسعر الراكب 22 ألف أوقية (75 دولارا) من فصالة. أما من باماكو فيدفع الراكب 150 ألف فرنك سيفا (عملة مالي) تساوى 300 دولار سألت عن أعمارهم فقال: 80% منهم من الشباب من سن 20 حتى 40 سنة، والباقى من النساء والأطفال. نصار زيغو - سورى - قال إنه قرر المجيء إلى ليبيا للهجرة إلى جزيرة »لامبادوزا« الايطالية ، ومعه أكثر من 12 شابا ولأنهم قدموا من مطارات عمان وبيروت واسطنبول وهى الأقرب إلى »جنة أوروبا« ضحك السائق »المزعج« وقال: هؤلاء يكذبون فقد جاءوا للانضمام إلى داعش فى ليبيا. ، ثم ضحك وهو يرفع يده ببراد »الأتاي» ليصبه فى الكوب الصغير، حتى تكونت الرغوة فرشفها ثم غرز الكوب فى الرمال وقال: قل للمصريين انتبهوا، فكل ما يحدث الآن مقصود به مصر.
تعليقات
إرسال تعليق