كشف الحقائق في قضية استشهاد اللواء فراج.. الإعلاميون ساعدوا القوات فى تحديد اماكن اختباء المسلحين

لم يكن يوم اقتحام قرية كرداسة يوما عاديا مثل باقي الأيام‏..‏ بل كان موعدا مع دفاتر التاريخ لتسجيل فصل جديد يضاف الي انتصارات مصر في حربها لاسترداد هيبتها وكرامتها‏,‏ ولم تكن عملية تطهير قرية كرداسة من الإرهاب الأولي‏,‏ ولن تكون الأخيرة‏.


 وجاء الرد قاطعا فاصلا قاضيا علي أي تشكيك في قدرة مصر علي حماية أبنائها, بعد أن تصور أنصار الإخوان والجماعة الإسلامية أنهم سيفلتون من ارتكاب مذبحة مركز شرطة كرداسة التي استشهد خلالها13 من ضباط وأفراد الشرطة, وفرض سطوتهم علي الأهالي بالتعاون مع عناصر إرهابية وإجرامية.
خبراء الأمن أكدوا أن عملية الاقتحام لم تكن بالأمر السهل وأن توقيت تنفيذها لم يكن مصادفة, ولم يكن أيضا قرارا فرديا وانما اختيار هذا التوقيت بالذات أعتمد علي قواعد وأسس ومعلومات غاية في الدقة, وبعد تحليل وتنسيق وتخطيط وإعداد ممتاز بين جميع أجهزة الدولة, وأن الأجهزة الأمنية استخدمت لأول مرة أسلحة معنوية ونفسية لتحطيم معنويات الارهابيين قبل عملية الاقتحام
الأهرام لم يكن في قلب الحدث بهدف التغطية الصحفية فقط.. بل كان شاهدا أيضا علي إجرام تلك الجماعات التي مارست جميع أنواع الإرهاب ضد الشعب المصري باسم الدين, وشاهدا أيضا علي إخلاص قواتها المسلحة ورجال شرطتها لتراب هذا الوطن, وحتي يكون القارئ العزيز في أقرب نقطة من الحدث وأن يقرأ وكأنه يري, ففي السطور الآتية ننشر تفاصيل جديدة لم تنشر من قبل وكواليس حول ساعة الصفر وحقيقة مقتل اللواء نبيل فراج نائب مدير أمن الجيزة شهيد الواجب الوطني.
الطريق الي كرداسة
بدأت وبصحبتي4 مصورين صحفيين التحرك نحو قرية كرداسة قبل نحو4 ساعات كاملة من عملية الاقتحام, وذلك بعد أن علمت من مصدر أمني أن العملية ستبدأ في السادسة من صباح اليوم التالي, ولم يكن الوصول اليها سهلا أبدا.. فكرداسة هي أكبر قري محافظة الجيزة ولها خمسة مداخل متباعدة وظهير صحراوي, وعندما وصلنا من ناحية الطريق الدائري بعد نحو ساعتين من التحرك فوجئنا بأننا داخل القرية أمام كومة كبيرة من الركام قطع بها الإرهابيون الطريق وفي خلفية هذا الركام نيرانا أشعلوها استعدادا للمواجهة مع الأمن, وفي لمح البصر عدنا ادراجنا لنكتشف بعد ذلك أننا قد نجونا من الاختطاف وأن زملاء آخرين وصلوا قبلنا الي هذه النقطة وتعرضوا للاختطاف من قبل مسلحين واقتيادهم الي داخل القرية وتم الافراج عنهم قبل عملية الاقتحام بدقائق بعد اقناعهم بأن الأخبار المتداولة عن اقتراب عملية الاقتحام غير حقيقية.
فرحة التحرر
لحظة وصول القوات المشتركة لمدخل القرية من ناحية طريق المريوطية, كانت جديرة بالتسجيل والتأمل.. الفرحة في عيون المواطنين الذين خرجوا باكرا للتوجه الي أعمالهم كانت تحمل الكثير من الرسائل وكأن لسان حالهم يقول: أخيرا نتحرر من قبضة الإرهاب حتي أن احدي السيدات استقبلت المدرعات بالزغاريد, وقام عدد من شباب القرية بمساعدة القوات في التمركز علي الجسر الواقع بين قريتي ناهيا وكرداسة, وطالبت من المواطنين بالابتعاد عن موقع الأحداث حرصا علي أرواحهم واستجابوا علي الفور حتي بدت القرية وكأنها مدينة يسكنها الأشباح.
حقيقة مقتل اللواء فراج
لم أعرف وقتها سبب تعلق نظري بالرجل بمجرد وصولنا الي أرض المعركة.. كان يتعامل مع الجميع بدماثة خلق غير طبيعية, لا يفرق بين ضابط الشرطة وضابط الجيش أو حتي الصحفي الواقف بجواره, طالبني اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة الراحل أن أحترس لنفسي وأن أتخذ من المدرعة ساترا ثم استدار الي القوات وسألهم.. مستعدين للشهادة يا رجالة؟.. في هذه اللحظة كنت أقف بجواره ضمن مجموعة من المصورين الصحفيين فوق جسر لا يزيد طوله عن خمسة عشر مترا, وكان الفقيد واقفا ووجهه في اتجاه القرية, وفوجئنا في هذه اللحظة بوابل من النيران فاستدار اللواء فراج وعكس اتجاهه وهو يترنح ليسقط علي الأرض, الا أننا لم نتخيل وقتها أنه قد أصيب وظننا أنه ينبطح علي الأرض لتفادي الرصاص.
هرع نحوه بعد ذلك جندي المراسلة الخاص به- وهو الشخص الذي ظهر في وسائل الإعلام مرتديا شبشب في قدميه نظرا لأنه لم يكن مشاركا في العملية كمقاتل- فتسلم منه سلاحه وجهاز اللاسلكي الخاص به وقام ضابط آخر بنزع واقي الرصاص الذي لم يمنع القدر عنه فظهرت بقعة دماء كبيرة في جانبه الأيمن وصرخ مراسل إحدي الفضائيات قائلا: الحقونا.. ضابط مصاب فقامت مدرعة الجيش المرابطة فوق الجسر بعمل غطاء ناري لتأمين عملية نقل اللواء فراج الي داخل مدرعة أخري ثم نقله الي سيارة إسعاف, ومنها الي المستشفي التي فاضت به روحه الطاهرة الي بارئها.
رحل اللواء نبيل فراج بطلا شهيدا للواجب للوطن, لينكشف الوجه القبيح لجماعة الإخوان الذين استخدموا كل أبواق الكذب وراحوا يروجوا أكاذيبهم بأن الشهيد سقط بنيران صديقة, ولتبقي صورته لحظة استشهاده عالقة في الأذهان وبرهانا علي كذب تنظيم الاخوان الراعي الرسمي للجماعات الارهابية, ودليلا لا يقبل الشك بأن جنود مصر ورجال داخليتها يقدمون أرواحهم في سبيل حياة كريمة ومستقبل آمن لمصر.
عيون الحقيقة
الاعلاميون والمصورون الصحفيون كانوا جزءا لا يتجزأ من تلك الملحمة التي أدخلت عنصرا جديد في المعادلة وكرست مفاهيم جديدة لدور العمل الصحفي والاعلامي في حماية المجتمع والحفاظ عليه, ليس بالكلمة أو بالصورة فقط.. ولكن بالروح وبالدم أيضا, فمنذ اللحظات الأولي لعملية الاقتحام مع بزوغ أول خيوط الصباح كانت المعركة.. معركة رد الكرامة للجميع.. للوطن والمواطن.. ورسالة الي العالم أجمع بأن مصر غير قابلة للتقسيم, ولا أنسي أبدا هذا الضابط الواقف كالأسد علي الجسر الواصل للقرية وهو ينادي علي مصور إحدي القنوات التليفزيونية ويطلب منه أن يرصد بعدسة الكاميرا عن طريق تكبير الصورة- العناصر الارهابية التي تعتلي أسطح المنازل المقابلة والتي تطلق النيران علي قوات الأمن, لتنتشر بعد ذلك هذه المهمة كالعدوي بين المصورين والصحفيين, وأصبحت مهمتهم الأهم هي لفت انتباه القوات الي تلك العناصر وقد ساهموا بشكل كبير في تحديد أماكن هؤلاء الارهابيين.
التوقيت المناسب
اختيار ساعة الصفر لتنفيذ اقتحام كرداسة وتطهيرها وإحكام السيطرة عليها بالصورة التي شاهدناها لم يكن قطعا بالأمر السهل أو بمحض الصدفة, ولم يكن أيضا قرارا فرديا وانما اختيار هذا التوقيت بالذات كان مبنيا علي قواعد وأسس ومعلومات غاية في الدقة, وبعد تحليل وتنسيق وتخطيط وإعداد ممتاز.. هكذا يري اللواء خالد مطاوع الخبير الأمني والاستراتيجي
وقال ان خطة الاقتحام حققت المعادلة الصعبة وهي الأمن والكفاءة وأن هذا يتضح من أسلوب التنفيذ وعدم وقوع ضحايا بين صفوف المواطنين, خاصة أن العناصر المطلوبة كانت تختبئ داخل منطقة سكنية تعج بالأهالي, وأشاد بنجاح القوات في القبض علي85 من المطلوبين وهو عدد كبير بالاضافة إلي ضبط أعداد ضخمة من الأسلحة والذخائر والقنابل المعدة للتفجير
وأضاف: اعتمدت ساعة الصفر في عملية الاقتحام علي عوامل عديدة وأنه كان لا يمكن المخاطرة وأن نسبة الفشل كانت صفر خاصة, في ظل وجود مدنيين من المواطنين الأبرياء ممن استخدمتهم العناصر الاجرامية كدروع بشرية لحمايتهم, وأن كل تلك التحديات كانت تمثل عائقا كبيرا دون نجاح العملية, مشيرا الي أن الارهابيين الذين تمركزا داخل القرية كانوا يسعون الي وقوع عدد كبير من الضحايا والمصابين من المواطنين لاستخدامهم في وسائل الاعلام التي يمتلكها تنظيم الاخوان وعدد من وسائل الاعلام المضللة الموالية واستغلال دمائهم في حملة تشويه الجيش والشرطة التي دشنوها منذ نجاح ثورة يونيو.
وأكد الصعوبة البالغة التي واجهت الأجهزة الأمنية في مرحلة جمع المعلومات في ظل حالة التوتر والصراعات الفكرية التي أفرزها النظام السابق, فضلا عن المتابعات الحثيثة والمستمرة بالمتغيرات التي تحدث علي أرض الواقع لقياس قدرات العناصر الارهابية وأنواع الأسلحة ومن يتوافر عنهم معلومات بعد تحديد شخصياتهم وقدراتهم التدريبية وقدراتهم علي التعامل مع القوات المقتحمة وأخيرا يعتمد تحديد ساعة الصفر علي إعداد الخطة المحكمة للتعامل وأساليب المواجهة والبدائل المتاحة والمتغيرات التي يمكن أن تواجهها قوات الاقتحام وخطط التطهير والسيطرة والتأمين بصورة متكاملة واستيعاب جميع القوات المشاركة, خاصة أن مثل تلك العمليات يتم تقسيم الأدوار فيها بين قوات الشرطة والجيش وجاهزية تلك القوات بعد خضوعها لعمليات تلقين وتدريب علي بعض الأعمال التي تتطلبها الظروف العملياتية والمكانية في مثل هذه المواقف.



المصدر الاهرام




تعليقات

المشاركات الشائعة