مشروع نهر الكونغو يثير الجدل
وسط المخاوف المصرية من مشروع سد النهضة الإثيوبي, يخرج علينا الدكتور عبد العال حسن عطية الخبير الجيولوجي بمشروع لربط نهر الكونغو, بنهر النيل لتوفير احتياجات مصر من المياه قد تبدو الفكرة نبيلة المقصد, وصادقة الغاية في جوهرها, ولكن لا يزال المشروع مثيرا للجدل..
ولذلك قررنا مواجهة كل الأطراف بالتساؤلات التالية: لماذا الكونغو.. ولماذا الاعتراض علي المشروع؟.. وماهي العقبات التي تحول دون تنفيذه؟
الإجابة تأتي علي لسان الدكتور عبد العال حسن عطيه ـ الخبير الجيولوجي وصاحب المشروع ـ حيث يقول: إن مشروع ربط نهر الكونغو بمياه النيل عبارة عن شق قناة تصل نهر الكونغو بأحد روافد نهر النيل في السودان, من أجل نقل المياه إلي مصر عبر جنوب السودان.
المشروع ـ كما يقول د.عبدالعال حسن عطيه ـ يوفر لمصر95 مليار متر مكعب من المياه سنويا, ويؤدي إلي زراعة80 مليون فدان تزداد بالتدرج بعد10 سنوات إلي112 مليار متر مكعب, مما يصل بمصر لزراعة نصف مساحة الصحراء الغربية, كما أنه سيوفر لمصر والسودان والكونغو طاقة كهربائية تكفي ثلثي قارة إفريقيا بمقدار18000 ميجاوات, أي عشرة أضعاف ما يولده السد العالي عن طريق مجموعة من السدود الصغيرة علي المسار الجديد, كما أنه سيوفر للدول الثلاث( مصر ـ السودان ـ الكونغو)320 مليون فدان صالحة للزراعة.
وفيما يتعلق بالاعتراضات التي يثيرها البعض حول المشروع, وجدواه, وآليات تنفيذه, وما يثار عن أن نهر الكونغو نهر دولي, فنحن نؤكد أنه قد تم الاطلاع علي اتفاقيات الأنهار الـ300 ولا يوجد ما يمنع من نقل المياه من حوض نهر الكونغو إلي نهر النيل التي يتحجج بها البعض.
وبالنسبة للعقبات الفنية ـ المثارة حول المشروع ـ والتي تتعلق بفارق الارتفاعات ـ وهو ما أكده القائمونـ أن قوام المشروع يقوم علي فكرة التغلب عليها من خلال تحديد مسار صناعي يحاكي المسارات الصناعية بأقل مجهود ممكن للوصول إلي نهر النيل, وتخفيض فارق الارتفاعات بطرق فنية مدروسة واعتمادا علي البيانات العلمية الدقيقة.
وإذا كنا نعترف بضرورة وجود محطات رفع في بعض النقاط, وفي أضيق الحدود أو اللجوء لحفر بعض الأنفاق وهي عمليا مكلفة وصعبة, ولكن هل نلجأ اليه اذا اضطررنا أم نضع الأيادي علي الخدود وننتظر مصيرنا من العطش والفقر وعدم التنمية.
السؤال: كيف يري الخبراء والمتخصصون مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل؟ وهل هو قابل للتنفيذ علي أرض الواقع؟
فكرة عجيبة!!
بدأنا بالدكتور مغاوري شحاتة دياب خبير المياه العالمي, الذي قال لنا إن المطروح الآن, هو ضخ جزء من مياه نهر الكونغو عبر خطوط أنابيب أو قنوات مفتوحة, عبر أراضي الكونغو وجنوب السودان, وهذه المنطقة مكونة من صخور جرانيتية يقول البعض إنها مفتتة, مقترحين إمكانية التعامل معها بخراطيم المياه علي نحو ما تم خلال نصر أكتوبر العظيم, حين تم تدمير خط بارليف بخراطيم المياه. العجيب أن المقارنة هنا ليست واردة, فخط بارليف كان ساترا ترابيا تمكنت خراطيم المياه من هدمه, بينما يستحيل ذلك في حالة التربة الجرانيتية بالكونغو والممتدة إلي نحو600 كيلو متر, يقع جزء منها في جنوب السودان.
المقترح إذن هو سحب كميات من المياه بطلمبات عملاقة ـ لا نعرف مقدارها في الحقيقة ـ لضخ120 مليار متر مكعب من المياه سنويا, أي ضعف كمية المياه التي ترد إلينا من اثيوبيا ـ عبر خط الأنابيب أو القنوات أو كليهما لتصب في مياه نهر النيل الأبيض ذي الطاقة الاستيعابية المحدودة جدا, والتي لا تستوعب أكثر من12 مليار متر مكعب من المياه تأتينا من الهضبة الاستوائية, بما يعني زيادة طاقة التدفق عن طاقة نهر النيل بأكثر من90 مليار متر مكعب من المياه سنويا لا يستطيع هذا النيل المتواضع استيعابها.. بعد ذلك يقترح المنادون بهذا المشروع الغريب ـ والكلام مازال علي لسان الدكتور مغاوري شحاتة ـ حماية السد العالي, عن طريق ضخ هذه الكمية من المياه أو سحبها إلي مسارات جديدة أو نيل جديد ربما يكون عبر الصحراء الشرقية, وعند ذلك لابد من رفعها بطاقة كبيرة لتصعد إلي الصحراء الشرقية الوعرة بطلمبات لا أعرف كيف سيتم تجهيزها.
باختصار.. الفكرة عجيبة, ومستحيلة التطبيق, وستسبب في إهدار مليارات الجنيهات.. هكذا وصفها الدكتور مغاوري شحاتة, ويضيف: لا أعرف سببا لطرح هذه الفكرة الآن, ويقيني أنه لا يمكن أن يكون هناك تواطؤ من اي جهة في الدولة, للضغط بهذا المشروع في هذه الفترة للتغطية علي أزمة سد النهضة.. والغريب, أنه رغم حسن النوايا التي نتوقعها من أي مواطن مصري, إلا أن الشرط الأساسي لأي مشروع أو فكرة بناءة يجب أن تنطلق من متخصصين, ولا أري من بين من يقدمون هذا الطرح متخصصا في علوم المياه أو جيولوجيا المياه!!
وتتوالي التساؤلات: هل هناك أي تصريح أو تلميح من الجانب الكونغولي بالموافقة علي هذا المشروع؟.. وهل تم طرحه عليهم بصفة رسمية؟.. وهل ستوافق عليه جنوب السودان؟.. وهل يستوعب نهر النيل هذه الكميات من المياه؟.. هل سيتحملها السد العالي؟
علامات استفهام
ومع التسليم تماما بأن من طرحوا المشروع هم مجموعة مخلصة تريد أن تقدم شيئا من أجل مصر, إلا أن ذلك لا ينفي أن هناك عقبات كثيرة.. هكذا بدأ الدكتور علاء الظواهري أستاذ الهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة القاهرة, وخبير السدود, وعضو اللجنة الثلاثية المشكلة في مايو2013 لتقييم آثار سد النهضة الإثيوبي- منها أن نهر الكونغو نهر دولي وليس محليا, ومن ثم فإن أي مشروع يقام فيه, لابد أن يتم بالاتفاق مع جميع الاطراف المشتركة فيه.. أما فكرة تحويل92 مليار متر مكعب من المياه سنويا, فهو مشروع عملاق وضخم بلا شك, ولكن هناك علامات استفهام كثيرة من بينها أن تحريك92 مليارا في نهر النيل هو أكبر من تصرف النهر الذي يستوعب نحو84 مليار متر مكعب حاليا, والمؤكد أن هناك مناطق في قطاعات النيل لن تتحمل مثل هذه الكمية من المياه.
تساؤلات عديدة
الفكرة نبيلة من حيث الهدف.. فالجميع يتمنون أن يكون لدينا بدائل من مصادر المياه التي تأتينا من إثيوبيا.. هكذا وصفها الدكتور يحيي القزاز أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان ـ لكن في الوقت نفسه إذا كنا نبحث عن بديل فلابد أن يكون هذا البديل آمنا ودائما.
هذا من حيث المبدأ, ولكن هناك الكثير من التساؤلات التي نحتاج إلي إجابة عليها ممن طرحوا الفكرة, فإذا كنا نبحث عن بديل لمصادر المياه, فمن يضمن لنا موافقة الجانب الكونغولي, وهل ستكون هناك اتفاقية لضمان استمرار المشروع الذي سيتكلف مليارات الجنيهات؟.. وهل سيترتب علي هذه الاتفاقيات حقوق واوضاع دائمة يقرها المجتمع الدولي؟
من الناحية الفنية فإنه لو تجاوز سعر المتر المكعب من المياه نحو15 سنتا فلن تكون هناك جدوي اقتصادية منها, ولا يمكن ـ حينئذ ـ استخدامها في الزراعة.
الهيئة تنفي
سألنا الدكتور مسعد هاشم رئيس هيئة المساحة الجيولوجية: هل أسهمت الهيئة في إعداد المشروع؟.. وهل قامت بدراسته بشكل مستفيض؟
يجيب: الهيئة لم تدرس المشروع, ولا تعلم شيئا عنه, ولم تجر أي دراسات بشأنه أصلا.
الإجابة تأتي علي لسان الدكتور عبد العال حسن عطيه ـ الخبير الجيولوجي وصاحب المشروع ـ حيث يقول: إن مشروع ربط نهر الكونغو بمياه النيل عبارة عن شق قناة تصل نهر الكونغو بأحد روافد نهر النيل في السودان, من أجل نقل المياه إلي مصر عبر جنوب السودان.
المشروع ـ كما يقول د.عبدالعال حسن عطيه ـ يوفر لمصر95 مليار متر مكعب من المياه سنويا, ويؤدي إلي زراعة80 مليون فدان تزداد بالتدرج بعد10 سنوات إلي112 مليار متر مكعب, مما يصل بمصر لزراعة نصف مساحة الصحراء الغربية, كما أنه سيوفر لمصر والسودان والكونغو طاقة كهربائية تكفي ثلثي قارة إفريقيا بمقدار18000 ميجاوات, أي عشرة أضعاف ما يولده السد العالي عن طريق مجموعة من السدود الصغيرة علي المسار الجديد, كما أنه سيوفر للدول الثلاث( مصر ـ السودان ـ الكونغو)320 مليون فدان صالحة للزراعة.
وفيما يتعلق بالاعتراضات التي يثيرها البعض حول المشروع, وجدواه, وآليات تنفيذه, وما يثار عن أن نهر الكونغو نهر دولي, فنحن نؤكد أنه قد تم الاطلاع علي اتفاقيات الأنهار الـ300 ولا يوجد ما يمنع من نقل المياه من حوض نهر الكونغو إلي نهر النيل التي يتحجج بها البعض.
وبالنسبة للعقبات الفنية ـ المثارة حول المشروع ـ والتي تتعلق بفارق الارتفاعات ـ وهو ما أكده القائمونـ أن قوام المشروع يقوم علي فكرة التغلب عليها من خلال تحديد مسار صناعي يحاكي المسارات الصناعية بأقل مجهود ممكن للوصول إلي نهر النيل, وتخفيض فارق الارتفاعات بطرق فنية مدروسة واعتمادا علي البيانات العلمية الدقيقة.
وإذا كنا نعترف بضرورة وجود محطات رفع في بعض النقاط, وفي أضيق الحدود أو اللجوء لحفر بعض الأنفاق وهي عمليا مكلفة وصعبة, ولكن هل نلجأ اليه اذا اضطررنا أم نضع الأيادي علي الخدود وننتظر مصيرنا من العطش والفقر وعدم التنمية.
السؤال: كيف يري الخبراء والمتخصصون مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل؟ وهل هو قابل للتنفيذ علي أرض الواقع؟
فكرة عجيبة!!
بدأنا بالدكتور مغاوري شحاتة دياب خبير المياه العالمي, الذي قال لنا إن المطروح الآن, هو ضخ جزء من مياه نهر الكونغو عبر خطوط أنابيب أو قنوات مفتوحة, عبر أراضي الكونغو وجنوب السودان, وهذه المنطقة مكونة من صخور جرانيتية يقول البعض إنها مفتتة, مقترحين إمكانية التعامل معها بخراطيم المياه علي نحو ما تم خلال نصر أكتوبر العظيم, حين تم تدمير خط بارليف بخراطيم المياه. العجيب أن المقارنة هنا ليست واردة, فخط بارليف كان ساترا ترابيا تمكنت خراطيم المياه من هدمه, بينما يستحيل ذلك في حالة التربة الجرانيتية بالكونغو والممتدة إلي نحو600 كيلو متر, يقع جزء منها في جنوب السودان.
المقترح إذن هو سحب كميات من المياه بطلمبات عملاقة ـ لا نعرف مقدارها في الحقيقة ـ لضخ120 مليار متر مكعب من المياه سنويا, أي ضعف كمية المياه التي ترد إلينا من اثيوبيا ـ عبر خط الأنابيب أو القنوات أو كليهما لتصب في مياه نهر النيل الأبيض ذي الطاقة الاستيعابية المحدودة جدا, والتي لا تستوعب أكثر من12 مليار متر مكعب من المياه تأتينا من الهضبة الاستوائية, بما يعني زيادة طاقة التدفق عن طاقة نهر النيل بأكثر من90 مليار متر مكعب من المياه سنويا لا يستطيع هذا النيل المتواضع استيعابها.. بعد ذلك يقترح المنادون بهذا المشروع الغريب ـ والكلام مازال علي لسان الدكتور مغاوري شحاتة ـ حماية السد العالي, عن طريق ضخ هذه الكمية من المياه أو سحبها إلي مسارات جديدة أو نيل جديد ربما يكون عبر الصحراء الشرقية, وعند ذلك لابد من رفعها بطاقة كبيرة لتصعد إلي الصحراء الشرقية الوعرة بطلمبات لا أعرف كيف سيتم تجهيزها.
باختصار.. الفكرة عجيبة, ومستحيلة التطبيق, وستسبب في إهدار مليارات الجنيهات.. هكذا وصفها الدكتور مغاوري شحاتة, ويضيف: لا أعرف سببا لطرح هذه الفكرة الآن, ويقيني أنه لا يمكن أن يكون هناك تواطؤ من اي جهة في الدولة, للضغط بهذا المشروع في هذه الفترة للتغطية علي أزمة سد النهضة.. والغريب, أنه رغم حسن النوايا التي نتوقعها من أي مواطن مصري, إلا أن الشرط الأساسي لأي مشروع أو فكرة بناءة يجب أن تنطلق من متخصصين, ولا أري من بين من يقدمون هذا الطرح متخصصا في علوم المياه أو جيولوجيا المياه!!
وتتوالي التساؤلات: هل هناك أي تصريح أو تلميح من الجانب الكونغولي بالموافقة علي هذا المشروع؟.. وهل تم طرحه عليهم بصفة رسمية؟.. وهل ستوافق عليه جنوب السودان؟.. وهل يستوعب نهر النيل هذه الكميات من المياه؟.. هل سيتحملها السد العالي؟
علامات استفهام
ومع التسليم تماما بأن من طرحوا المشروع هم مجموعة مخلصة تريد أن تقدم شيئا من أجل مصر, إلا أن ذلك لا ينفي أن هناك عقبات كثيرة.. هكذا بدأ الدكتور علاء الظواهري أستاذ الهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة القاهرة, وخبير السدود, وعضو اللجنة الثلاثية المشكلة في مايو2013 لتقييم آثار سد النهضة الإثيوبي- منها أن نهر الكونغو نهر دولي وليس محليا, ومن ثم فإن أي مشروع يقام فيه, لابد أن يتم بالاتفاق مع جميع الاطراف المشتركة فيه.. أما فكرة تحويل92 مليار متر مكعب من المياه سنويا, فهو مشروع عملاق وضخم بلا شك, ولكن هناك علامات استفهام كثيرة من بينها أن تحريك92 مليارا في نهر النيل هو أكبر من تصرف النهر الذي يستوعب نحو84 مليار متر مكعب حاليا, والمؤكد أن هناك مناطق في قطاعات النيل لن تتحمل مثل هذه الكمية من المياه.
تساؤلات عديدة
الفكرة نبيلة من حيث الهدف.. فالجميع يتمنون أن يكون لدينا بدائل من مصادر المياه التي تأتينا من إثيوبيا.. هكذا وصفها الدكتور يحيي القزاز أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان ـ لكن في الوقت نفسه إذا كنا نبحث عن بديل فلابد أن يكون هذا البديل آمنا ودائما.
هذا من حيث المبدأ, ولكن هناك الكثير من التساؤلات التي نحتاج إلي إجابة عليها ممن طرحوا الفكرة, فإذا كنا نبحث عن بديل لمصادر المياه, فمن يضمن لنا موافقة الجانب الكونغولي, وهل ستكون هناك اتفاقية لضمان استمرار المشروع الذي سيتكلف مليارات الجنيهات؟.. وهل سيترتب علي هذه الاتفاقيات حقوق واوضاع دائمة يقرها المجتمع الدولي؟
من الناحية الفنية فإنه لو تجاوز سعر المتر المكعب من المياه نحو15 سنتا فلن تكون هناك جدوي اقتصادية منها, ولا يمكن ـ حينئذ ـ استخدامها في الزراعة.
الهيئة تنفي
سألنا الدكتور مسعد هاشم رئيس هيئة المساحة الجيولوجية: هل أسهمت الهيئة في إعداد المشروع؟.. وهل قامت بدراسته بشكل مستفيض؟
يجيب: الهيئة لم تدرس المشروع, ولا تعلم شيئا عنه, ولم تجر أي دراسات بشأنه أصلا.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق