حنان عشراوى لـ « الأهرام» : لا بديل عن المبادرة المصرية لوقف شلال الدم فى غزة
رغم إن المبادرة المصرية طالبت فقط بوقف إطلاق النار بين الجانبين دون شروط مسبقة، ودعت كل من الفصائل الفلسطينية فى غزة وإسرائيل للحضور إلى القاهرة والتفاوض حسب تفاهمات 2012 التى وقع عليها الطرفان
فقد رفضتها حماس جملة وتفصيلا وقبلت بها إسرائيل، واستخدمت إسرائيل هذه المعطيات للترويج عالميا بأنها تدافع عن أمن مواطنيها وانها تواجه منظمة إرهابية وجماعات تطلق الصواريخ على مدنها، بما أثر بالسلب على عدالة القضية الفلسطينية ومعاناة شعب يرضخ تحت ذل الاحتلال والتهجير والمصادرة والتضييق والسجن والقتل، دون غطاء قانونى أو أخلاقى أو حتى إنسانى فى غياب لكافة المنظمات الدولية من الأرض المحتلة فى الضفة والمحاصرة فى غزة .
وبسبب هذا التعنت لاتزال رحى الحرب تدور ولا تحمل غير المزيد من الموت لأهل غزه، فكان لنا هذا الحوار الهاتفى مع الدكتورة حنان عشراوى عضواللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
بعد رفض حماس للمبادرة المصرية ما هى البدائل التى يمكن أن تقدمها السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لوقف شلال الدم فى غزة ؟
لا بدائل ولكن العمل على تفعيل المبادرة المصرية التى تفتح الباب لوقف العدوان ومعالجة الظروف التى ادت الى التمادى الإسرائيلى الذى لا يمكن احتسابه انتهاكات بقدر ما هى جرائم حرب تقوم بها قوة احتلال غاشمة فى حق السكان الأبرياء.. ونعمل مع مصر لتفعيل هذه المبادرة وتوفير متطلبات الأمن لأهل غزة الذين اعتادت اسرائيل انتهاكهم برا وبحرا وجوا كل عامين على الأكثر، ومازالت تحكم قبضتها على القطاع فى ظل صمت دولى خانق يضع الضحية والجلاد فى خندق واحد. ومن أجل هذا التقى الرئيس عباس بالرئيس السيسى ثم توجه الى تركيا ومنها الى قطر وهناك سيلتقى خالد مشعل، ولا هدف لكافة الأطراف سوى وقف شلال الدم فى غزه ولجم قوات الاحتلال عن ممارسة البغى والعربدة.
وادخال تركيا وقطر على خط مفاوضات التهدئة ماذا يمكن أن يقدم لأهل غزة، وما جدواه فى وقف الحرب الدائرة ؟
ليست تركيا وقطر فقط ، وإنما الولايات المتحدة والإتحاد الأوربى وقبلهم جميعا الأمم المتحدة، والسلطة الفلسطينية تجرى اتصالات متوازية مع كافة الأطراف، ولكن العنصر الأهم للوصول الى وقف شلال الدم فى غزه هو مصر بحكم خبرتها فى الملف وموقعها الجغرافى فى قلب الاحداث، ودورها الإقليمى فى المنطقة، وضمانات تحتاجها إسرائيل وصولا الى حلول نهائية لا يملك اى طرف تقديمها سوى مصر، ومعاهدات سابقة موقعة من إسرائيل وحماس موجودة فى مصر، وحتى الولايات المتحدة والمنظمة الدولية من خلال مصر فقط يستطيعوا لجم العدوان الإسرائيلى ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى فى قطاع غزه.
كيف تقرأين دلالات الموقف الدولى فى ظل قبول إسرائيل بالمبادرة المصرية ورفض حماس لها ؟
للأسف الرواية الإسرائيلية الأن هى الأكثر تصديقا وخصوصا أمام الغرب فهى التى قبلت وقف إطلاق النار وحماس رفضت، فأصبحت الصورة منظمة إرهابية امام دولة تحاول الدفاع عن مواطنيها، وتم القفز بعد هذا الموقف على الاحتلال العنصرى الذى يسفك الدماء ويصادر الأرضى ويهدم البيوت، حتى صور الأطفال والنساء لم تعد تؤثر فى الوجدان الدولى، واستطاع الإعلام الأمريكى، الذى ينحاز بشدة لإسرائيل، تبنى الرواية الإسرائيلية والترويج لها، واستخدمت بشدة فى الفترة الماضية فى الدوائر السياسية جملة "حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها" وافرطت الصحافة الغربية فى الحديث عن الصواريخ التى تطلق على المدنيين فى مختلف المدن الإسرائيلية وتناقلت وكالات الأنباء صور المواطنين الإسرائيليين وهم يهربون الى المخابىء عقب دوى صفارات الإنذار، غاضين الطرف عن القصف الوحشى المتواصل على اهل غزه المحاصرين منذ 9 سنوات بمقاتلات الجيش الإسرائيلى، غاضين الطرف ايضا عن جثث الأطفال والنساء والمدنيين العزل، واستخدام قبول إسرائيل بالمبادرة المصرية للتأثير على الاشخاص العاديين فى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى ومن ثم التأثير على متخذى القرار والإدارات السياسية العليا.
وما تفسيرك للموقف السياسى الأمريكى من هذه الأزمة الذى لم يشهد حراكا فاعلا أو حتى نداءات إنسانية لوقف شلال الدم الذى تفجر ولا أحد يعلم متى يتوقف ؟
واشنطن صمتت وغابت عقب تعثر مهمة وزير خارجيتها جون كيرى فى المفاوضات التى تحطمت على صخرة تعنت اليمين الإسرائيلى ارتفاع لهجة المتشددين فى مجتمع تل أبيب، بما سمح لإسرائيل بإطلاق يد العنف والتنكيل بحق الفلسطينيين، الذين ادركوا ان المسموح به دويلة صغيرة فى غزه تحاصرها العسكرية الإسرائيلية من كل صوب واراض مستباحة فى الضفة امام قطعان المستوطنين الذين لا يقلوا عداء ولا عنصرية عن حكومتهم اليمينية المتطرفة، وبات حل الدولتين أمام رجل الشارع الفلسطينى دربا من دروب الخيال، والمفاوضات التى تجرى مجرد غطاء لحكومة إسرائيل لتلتهم المزيد من الأرض وتصادر المزيد من البيوت غير البطش بالسجناء وارتفاع اعدادهم دون بصيص من أمل، فتحول الأمر على الأرض الى يأس، والولايات المتحدة غائبة او غاضبة او تناور إسرائيل أو الفلسطينيين، فهى فى كل الأحوال شجعت إسرائيل على التنكيل بمقدرات الشعب الفلسطينى. والأهم رؤية الإدارة الأمريكية الحالية فى نظم الإسلام السياسى حيث تراها أكثر اعتدالا وتعاونا وصولا الى السلام والاستقرار، وسقوط نظام الإخوان فى مصر مثل خيبة أمل للأمريكان جعلتهم يتراجعون خطوات انتهزتها إسرائيل لقليص فرص حل الدولتين وتمزيق ارجاء الضفة بغرس مستوطنين جدد بين المدن والقرى الفلسطينية.
فى ظل أجواء الحرب والدم ما هو مستقبل حكومة الوفاق الوطنى الفلسطينى ..وهل من الممكن أن يكون هناك مكان للمصالحة الفلسطينية ؟
العملية الأخيرة استهدفت بالدرجة الأولى ضرب المصالحة وإفشال حكومة الوفاق الوطنى التى جاءت على اثرها، واسست لاحداث تباعد بين الأطراف الفلسطينية لتعميق الهوة فى الصف الفلسطينى، ولكن بعد الحرب ستكون المسئولية على الفلسطينيين أنفسهم فى مجابهة ما أرادته إسرائيل بهم، لأن الوحدة بين الضفة وغزة هى اساس التمكين الذاتى والربط الجغرافى والتوحد الهيكلى والبنيوى والسياسى، والمصالحة هى نقطة البداية لتوحيد المؤسسات وإقامة نظام ديمقراطى يحترم التعددية، وقد تم وضع الأساس لهذا التصور فى حكومة الوفاق الوطنى وقطعنا شوطا فى هذا المسار فأى نكوص به هو مسئولية فلسطينية، ونزول الى رغبات المحتل الصهيونى ومغامرة بعدالة اخر قضية احتلال على سطح الأرض.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق