فيلم "secret in their eyes" التمثيل حسنة الفيلم الوحيدة‏

اخبار الفن - المصدر الاهرام - بهاء الدين يوسف




"سر في عيونهم" ‏..‏ نجوم مبهجون في فيلم رديء الصنع



حينما تشاهد إعلانا عن فيلم تشارك في بطولته كلا من جوليا روبرتس ونيكول كيدمان اللتين تعتبرا من أشهر وأجمل ممثلات هوليوود‏,‏ وأكثرهن إثارة للبهجة‏,‏ لن تستطيع أي هواجس أن تثنيك عن مشاهدته‏,‏ انطلاقا من ثقتك في حسن اختيار النجمتين للأعمال التي تشاركان فيها‏.‏
.........................................................................


لكن بمجرد أن تمر أمام عينيك المشاهد الأولي من الفيلم ستتمني لو انك استسلمت لهواجسك بسبب فرط الملل في الأحداث, وعجز السيناريو الذي كتبه بيلي راي وهو المخرج أيضا عن الاستفادة من وجود النجمتين اللتين سبق لكليهما الفوز بجائزة الأوسكار, في فيلمه المأخوذ عن قصة بعنوان سؤال في عيونهم للكاتب الأرجنتيني إدواردو ساشيري.
حاول راي البعيد عن الاخراج منذ قدم فيلمه غير الناجح خرق عام2007, أن يضمن لنفسه عودة قوية بتقديم نسخة أمريكية من فيلم أرجنتيني مميز تناول نفس القصة, وفاز بالأوسكار عام2009 كأحسن فيلم أجنبي, لكن المحاولة انقلبت علي المخرج الأمريكي حينما جاءت المقارنة لتذبح فيلمه مقابل الاشادة الهائلة التي نالها الفيلم الارجنتيني سواء وقت ظهوره أو بعد عرض نسخته الأمريكية.
قصة الفيلم تدور حول محقق سابق في قضايا الارهاب هو راي( يجسد دوره شيوتل ايجيوفور) يتابع مجرم يعتقد بتورطه في قتل ابنة زميلته السابقة في الشرطة جيس( جوليا روبرتس) قبل13 عاما, في الشهور الهيسترية التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وعندما يكتشف ما يعتقد انه معلومات جديدة عنه يذهب لمقابلة النائب العام كلير( نيكول كيدمان) التي كان يحبها منذ التحاقها بالعمل معهم كممثلة للادعاء قبل13 عاما أيضا, ومعها زميلته جيس التي فقد وجهها بريقه منذ مقتل أبنتها الوحيدة قبل أسابيع من ارتباطها بحبيبها.
يحاول راي إقناعهما بعثوره علي المجرم مارزين( جو كول) الذي تمت تبرئته في السابق, وإعادة فتح القضية لكن كلير تتحفظ لعدم وجود أدلة كافية, في حين لا تبدو جيس متجاوبة مع جهود زميلها, لكن أمام إلحاحه يحصل علي مساعدة غير رسمية.
يطارد راي الرجل الذي يعتقد أنه المجرم بالتعاون مع زملائه القدامي ويصل إليه بعد محاولات مضنية, لكن يظهر أنه ليس هو الرجل المقصود, وعندما يذهب مع كلير إلي منزل جيس ليعتذر لها تصارحهما بأنها عثرت علي قاتل أبنتها وقتلته بالفعل, ثم دفنته في حديقة منزلها ليغادر الأثنان المنزل مصدومين.
لكن في منتصف الطريق يعود راي إلي منزل جيس متخفيا ليكتشف أنها تحبس مارزين في حظيرة داخل حديقة منزلها, طوال الثلاثة عشر عاما الماضية لترضي شهوة الانتقام لديها برؤيته يتعذب وحيدا لا يجد من يتحدث إليه, وعندها يضع مسدسه بجوارها ثم يخرج ليحفر قبرا في الحديقة, وبعد لحظات يسمع صوت إطلاق نار ثم تخرج جيس عائدة إلي المنزل حيث تمنحه من وراء النافذة نظرة ارتياح تكشف تجاوزها الماضي الذي بقيت أسيرة له طوال سنوات.
كما ذكرت من قبل فأن القصة لا تبدو واقعية في مجتمع مثل المجتمع الأمريكي, بينما كانت مقبولة في رواية ساشيري الذي رصد من خلالها أزمة المجتمع الأرجنتيني في سنوات غياب القانون التي يطلق عليها الحرب القذرة خلال فترة حكم الديكتاتور خورخي فيديلا بين عامي1976 و1981, حيث كان يتعين علي المواطنين أخذ حقوقهم بمعرفتهم في ظل فساد الدولة وأجهزتها.
حاول المخرج البحث عن بوابة مناسبة لتمرير قصته, فلجأ إلي ربط أحداثها بأحداث الحادي عشر من سبتمبر2001, وربط بين المجرم وهوس الحكومة الأمريكية بمحاربة الإرهاب, ما دفع مدير الشرطة نفسه للتغطية علي المجرم وحمايته بل وحرق سيارته الفان التي كانت الدليل الوحيد علي إدانته لمجرد أنه كان يعمل مرشدا لهم داخل مجموعة إرهابية مسلمة تخطط لأعمالها داخل مسجد قريب من الموقع الذي وجدت فيه الأبنة المراهقة مقتولة.
الجانب الإيجابي في الفيلم تجسيده للفساد داخل الإدارة الأمريكية, وتغييب القانون حينما يريد المسؤولون ذلك بحجة محاربة الإرهاب, وهو أمر تستنكر كثير من النخب المصرية حديث البعض عنه بدعوي أنه عرض لمرض نفسي عند العرب يسمي نظرية المؤامرة, لكن الجانب السلبي أن الفيلم يكرس للعنصرية ضد مسلمي أمريكا بشكل عام, لأن المجرم الهارب من الإدانة مسلم اغتصب فتاة بريئة وقتلها لمجرد إرضاء شهوته المريضة, وقد نجا من المصير الذي يستحقه سواء الإعدام أو السجن بدعوي مساعدته في اكتشاف خلية إرهابية مسلمة أيضا آلت علي نفسها تكدير سلم المجتمع الأمريكي.
فنيا تؤخذ علي الفيلم العديد من النقائص أولها الملل الواضح في السيناريو والحوار, والفقر الإخراجي الواضح الذي استهلك الأحداث في انتقال نمطي وعقيم بين الحاضر والماضي, لدرجة تدفعك لانتظار استراحة منتصف الفيلم بشغف يفوق رغبتك في متابعة الفيلم نفسه.
كذلك افتقد السيناريو الحبكة الدرامية اللازمة لإقناع المشاهد بالأحداث, فمثلا لم يظهر حتي نهاية الفيلم دليل واحد مؤكد علي تورط مارزين في قتل الفتاة سوي موقف يعكس سذاجة السيناريست أكثر مما يعكس حماقة المجرم, كما أخفق بيلي راي في إقناع المشاهدين بجدية وعمق مشاعر الحب التي ربطت بين راي وكلير دون أن تكتمل, لكنها أفسدت علي الأثنين حياتيهما الزوجية كل مع شريك مختلف, فلم نر سوي تلميحات ونظرات ورغبات تشبه تلك التي يتبادلها طلاب المرحلة الإعدادية طوال العام الدراسي ثم يتناسونها بمجرد نهاية امتحانات نهاية العام.
أيضا لم أجد في السيناريو ما يبرر التحول الغريب للمحقق ريج سيفرت( مايكل كيلي) من شخص غير متعاون وعدائي مع زميله راي طوال أحداث الفيلم سواء في لقطات الفلاش باك أو في الوقت الحالي, إلي شرطي نبيل يشارك مع راي نفسه وزميلهما العجوز بومبي ويليس في مداهمة المقر الإجرامي لمارزين فيصاب برصاصة ترديه علي الفور.
أبدع ما في الفيلم مثلما ذكرت في العنوان هو التمثيل وتحديدا النجمتين نيكول كيدمان وجوليا روبرتس اللتين تثيران البهجة في النفس لمجرد رؤيتهما, رغم تقدمهما الواضح في السن, وظهور روبرتس في أغلب الأحداث شاحبة باهتة بسبب حزنها علي أبنتها, لكنها قدمت أداء يستحق أن يدرس لطلاب لتمثيل خصوصا في مشهد اكتشافها بعد وصولها مع زملائها المحققين أن الفتاة القتيلة هي أبنتها.
ربما تلخص نظرة الأمريكيين السلبية للفيلم أنها لم يحصد في أسبوع عرضه الأول في أمريكا والعالم( بدأ عرضه في20 نوفمبر) سوي6.7 مليون دولار مقارنة بـ102 مليون دولار حققها فيلم ألعاب الجوع أوthehungergames الذي طرح في دور العرض في اليوم التالي لـ سر في عيونهم.
كذلك لم يحظ الفيلم بترحيب نقدي بل علي العكس هوجم المخرج خصوصا علي رداءة صناعته, فكتب الناقد الشهير ريكس ريد تعليقا علي الفيلم ما معناه أن المخرج نجح باقتدار في جر اثنتين من النجمات المحترمات الفائزات بالأوسكار لتفجير قنبلة في تاريخهما الفني عبر تقديم أسوأ أداء لهما علي الإطلاق في فيلم غير ضروري, غير مطلوب, وغير حكيم وفاشل إخراجيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة