أفلام لا غني عنها رغم سذاجة مضمونها
المصدر الاهرام - اخبار الفن
بيت بابا كوميديا اجتماعية نبيلة علي طريقة أفلام إسماعيل يس
كثير من النقد والملاحظات يمكن أن تقال عن أحدث أفلام النجم ويل فاريل بيت بابا, لكن تبقي بعد كل الملاحظات حقيقة واحدة أن مثل هذه الأفلام مهمة ومطلوبة بفضل ما تمنحه للمشاهدين من جرعات كوميدية تساعدهم علي الصمود أمام سيل الأخبار المأساوية وأفلام العنف والرعب المجاني التي تقدمها هوليوود.
فيلم بيت بابا يتناول قضية اجتماعية قديمة محورها سؤال عمن هو الأب الحقيقي؟! هل الذي ينجب الاطفال أم أنه الذي يقوم بتربيتهم ويتحمل ما فيها من مشاق ومسئوليات؟, بالطبع يمكن توقع الإجابة سلفا وهي أن الأب الحقيقي هو الذي يربي ويضحي بمتعته الشخصية من أجل مصلحة أولاده, وهو ما أثبته الفيلم في النهاية.
ت.....................................................................
قصة الفيلم ترصد حالة براد ويتاكر(ويل فاريل) المتزوج من سارا( ليندا كارديليني) ويربي ابنتها وابنها, ورغم أنه شخصية مثالية مع الجميع إلا أن الولدين لا يطيقانه ويتفننان في إزعاجه, دون أن يظهر أي تبرم من ذلك.
فجأة يظهر الأب الحقيقي داستي مايرون( مارك والبرج) الذي يتمتع بصفات لا يملكها ويتاكر, مثل لياقة بدنية مذهلة وبنية رياضية ملفتة للنساء, مع بعض العلاقات مع المشاهير لم يوضح الفيلم كيف اكتسبها.
وعلي العكس منه تماما يأتي ويتاكر الموظف في الإذاعة المحلية للبلدة, الذي لا يملك تاريخا يتفاخر به ولا علاقات تعزز مكانته الاجتماعية, كما أنه تعرض لحادث في عيادة طبيب أسنان قبل سنوات جعله عقيما عن الإنجاب.
مع ظهور الأب الحقيقي واحتفاء ولديه البالغ به يبدأ ويتاكر في الشعور بالغيرة, ويحاول محاكاة داستي في تفاخره فتقع له سلسلة من الحوادث التي تثير الضحك لدي المشاهدين رغم مأساويتها.
تصل الأحداث إلي ذروتها حين يفقد ويتاكر صوابه في ملعب لكرة السلة بعد أن دفع18 ألف دولار ليحصل علي تذاكر مميزة له ولعائلته قريبة من الملعب, لكنه يفاجأ بأن مدرب فريق لوس أنجلوس ليكرز صديق قديم لداستي, فيعرض عليه النزول مع سارا والولدين للتصوير مع نجم الفريق كوبي براينت والجلوس علي مقاعد البدلاء معهم.
يثير الأمر جنون ويتاكر ويفاقهم شعوره باليأس من منافسة داستي الذي كان عايره قبل ذلك بأن سارا تخفي عليه رغبتها العارمة في إنجاب طفل ثالث, ويحتسي كميات كبيرة من الكحوليات, ثم ينزل الملعب ليفضح علاقته الزوجية بسارا عبر ميكروفون الاذاعة الداخلية.
يتعقد الموقف ويجد ويتاكر أن عليه مغادرة المنزل, لكن داستي يخفق في القيام بمسئوليات الأب التي كان يؤديها ويتاكر بأريحية مما يدفعه للهرب من المنزل في يوم الحفل الذي يفترض أن ترقص فيه الطفلة مع والدها.
يعلم ويتاكر بالأمر فيهرع لجلب داستي من الحانة ويسرع به إلي الحفلة, حيث يدخلان معا وينجحان في تسوية مشاكلهما معا وعلاقتهما بالطفلين, ويعود ويتاكر لسارا.
ينجب ويتاكر من سارا بينما يتزوج داستي مجددا من سيدة مطلقة ولديها طفلة ويسكن في بيت فخم مقابل لمنزل آل ويتاكر, ويصور المشهد الأخير في الفيلم أن داستي يعاني مع طفلة زوجته نفس المعاناة التي كان يتحملها ويتاكر.
الفيلم كما يظهر مما سبق يحمل مجموعة من الرسائل الاجتماعية الايجابية, فإلي جانب فكرته الرئيسية في أنه لا يصح إلا الصحيح, يبرز أيضا عفة سارا ومقاومتها لإغراء داستي الطاغي, رغم توالي احباطاتها الزوجية, كما يعلي الفيلم من قيمة رجل البيت أو الأب الذي يتحمل المسئولية, وليس الزوج أو الأب المتفاخر لان الأخير قد يصلح حبيبا أو صديقا لكن لا يمكن للفتاة أن تستند عليه في تحمل مسئوليات الحياة كما قالت سارا في واحدة من الجمل الحوارية في الفيلم.
مشهد ثان حافل بالدلالات جمع بين ويتاكر وداستي حينما يعترف له الأخير بأنه شعر بالغيرة والخوف منه, وعندما استفسر ويتاكر عن السبب الذي يجعل رجلا يحمل كل صفات البلاي بوي يغير منه وهو الرجل العادي, فيرد عليه داستي بأنه رأي فيه رجلا ناجحا في عمله وفي بيته ويتحمل المسئولية التي عجز هو عن تحملها.
الإخراج لشين أنديرس في أول تعاون له مع فاريل لم تكن له بصمات ملفتة علي الشاشة, غالبا بسبب طبيعة الفيلم الاجتماعية البسيطة التي لا تساعد المخرج علي إظهار قدراته, لكنه متخصص في هذا النوع من الأفلام حيث قدم من قبل رؤساء مزعجون لجنيفر أنيستون وجيمي فوكس, والغبي والأغبي لجيم كاري, وهذا هو أبني لآدم ساندلر.
أما السيناريو الذي شارك المخرج في كتابته مع المؤلف بريان بورنز وجون موريس فكان أبرز عيب فيه خلوه من المفاجآت التي يمكن أن تزيد من إثارة الفيلم, كما أسهب في تفاصيل مواقف كثيرة لم يكن لها داع درامي واضح, فخرج الفيلم أقرب إلي الحلقات التليفزيونية أو برامج تليفزيون الواقع اكثر منه إلي فيلم سينمائي.
أطرف ما في فيلم بيت بابا أنه واصل السير علي النهج المعاكس الذي اتخذته أفلام ويل فاريل الأخيرة التي قوبلت في مجملها بتحفظ واضح من النقاد وترحيب كبير من الجمهور.
هذا التباين يكشف من زاوية ما نجاح رهان فاريل علي الجمهور في اختيار موضوعات أفلامه, لكنه في الزاوية الأخري يعكس انحيازه للخلطة التجارية علي حساب القيمة الفنية بحسب ما لخصته الناقدة ليندا كووك بقولها أن الفيلم يقدم حصة من الضحك لكنه ليس من الأفلام التي تستحق أن تتذكرها.
أبرز الملاحظات التي تؤخذ علي الفيلم الذي شارك في بطولته مارك والبرج وليندا كارديليني أن نهايته يمكن توقعها منذ المشهد الأول فيه, والتي تستند للحكمة الشهيرة بأنه لا يصح إلا الصحيح وهي إيجابية وجيدة في الحياة لكنها لا يجب أن تكون ملزمة لكتاب السيناريو الذين يحتاجون لمفاجأة الجمهور من وقت لآخر بنهايات غير متوقعة حتي وإن بدت غير منطقية.
كما أن معالجة الفيلم لقضية زوج الأم كانت بالغة السطحية مقارنة مع فيلم زوجة الأب الذي ناقش قضية مشابهة ولعب بطولته عام1998 كل من إد هاريس وسوزان ساراندون وجوليا روبرتس, حيث يتفوق في التناول العميق والتحليلي للعلاقة بين الأم الحقيقية وزوجة الأب, لكنه لا يقدم نفس الخلطة الكوميدية التي يقدمها بيت بابا.
أما أفضل ما قيل عن الفيلم ما كتبه الناقد الاسباني خوردي كوستا في صحيفة إل بايس من أن بيت بابا لن يجلب لفاريل المزيد من المعجبين, لكنه يبقي رهانا مضمونا لمن يحبون طريقته في الكوميديا.
تميز فاريل في تقديم أفلام الكوميديا الاجتماعية التي تمس حياة الناس خاصة في الفترة الأخيرة, وعادة ما يلتقط في أفلامه قضية شائعة ويقدمها مزخرفة بالكثير من التفاصيل والمفارقات التي تثير الضحك, وصولا إلي النهاية الإيجابية التي تجعل المشاهدين يخرجون من السينما وهم مفعمون بالرضا عما آل إليه الفيلم علي طريقة الراحل الكبير اسماعيل يس في منتصف القرن الماضي.
والفيلم هو التعاون الثاني بين فاريل ووالبرج بعد فيلمهما الناجح رجال آخرون الذي جسدا فيه شرطيين يحققان شهرة واسعة حتي يظهر شرطيان آخران يسعيان لإزاحتهما من مكانتهما, قبل اكتشاف أنهما فاسدان.
كذلك فيلم فاريل الأخير كن صلبا الذي قدم في مارس من العام الماضي بالاشتراك مع كيفن هارت ويحكي قصة شاب ثري يتعرض لخداع يجعله يواجه احتمال السجن فيلجأ لصاحب جراج أسود يعلمه كيفية تفادي محاولات الاغتصاب والمضايقة المتوقع أن يتعرض لها في السجن.
المشترك في الأفلام الثلاثة هو النهاية السعيدة, ففي رجال أخرون ينتهي الفيلم بالقبض علي اللصوص والشرطيين الفاسدين المتواطئين معهما, أما في كن صلبا فيكتشف البطل حقيقة الخداع الذي تعرض له, ويتمكن من إثبات الفساد علي حميه وخطيبته ليدخلا السجن بدلا منه.
اقرأ أيضاً :
========
قبلات منة ومايوه هنا وجسد ناهد السباعى فى صراع على إيرادات سينما الربيع
تعليقات
إرسال تعليق