الحيوانات الأليفة هوس أم ثقافة؟!
المصدر : الاهرام - أخبار ثقافة
تشير أحدث الأبحاث للصحة النفسية إلى وجود علاقة تحسن الحالة المزاجية والصحية خاصة من يفتقدون الحنان لتربية الحيوانات الأليفة والحقيقة أن رعاية وتربية الحيوانات الأليفة تحمل وراءها حكايات قد يراها البعض نوعا من الهوس أو مزاجا وغية؟
عندما نجد مثلا سيدة تقوم يوميا بإعداد طعام القطط وتخرج إلى الشارع لإطعامهم، وأخرى فى أحد النوادى الكبرى بمجرد دخولها باب النادى تجد أسراب القطط تستقبلها وهى تحمل طعامهم، وفى قصة مثيرة للدهشة فقد كان ارتباط مهندسة بقطة سببا فى طلاقها لشدة ارتباطها بها لدرجة أنها أرسلتها للعلاج بالخارج لتجرى لها جراحة فى إحدى المصحات بعد تواصلها معها عبر النت. ومن يرى أنه أفضل أن يجوع من أجل أن يطعم كلبه؟ أو من تشترى للقطط الفيتامين والشامبو، ومن يرى أن تربيتهم تساعد الإنسان خصوصا كبار السن على الشعور بالأمل فى الحياة وعدم الملل.
وتشكو سيدة من طفلها الوحيد الذى يلح عليها بشراء كلب، وهناك من احترقت شقتها وكانت شديدة الحزن وتبكى ليس على شقتها الفاخرة ولكن لموت قططها، وهناك من المواقف شديدة الغرابة أيضا.. سيدة مهددة بالحجز على ممتلكاتها لأنها لا تستطيع تسديد قروض البنك لأنها تصرف كل ما تملكه على الحيوانات الأليفة.. هذا ما جعلنى أسأل عددا من المتخصصين كيف ينظرون لحقيقة الصور والتحليل النفسى لهذه الظاهرة؟ يقول د.محمود شكرى عبدالرحمن طبيب بيطرى إن الرغبة فى اقتناء وتربية الحيوانات الأليفة يختلف من شخص لآخر خاصة القطط والكلاب التى تمنح الشعور بالحنان والوفاء والالتزام، يضيف قائلا: بعد ثورة 25 يناير وجدنا الكثير يربى الكلاب لحراسة المنازل، وكما يربى البعض الخيل بهدف الوجاهة والتباهى رغم تكلفتها العالية.
وحول الارتباط بهذه الحيوانات الأليفة يقول إن أكثرهم ارتباطا بالإنسان هى القطط، فهى رمز الحنان فنجدها تتمسح فى صاحبها، وأكثر من يرتبطون بها هم الأطفال، وكبار السن لتعويض الإحساس بالأمومة وعدم الشعور بالوحدة، والبعض يصاب بصدمة عنيفة لفقدان حيوانهم، كما يوجد من يترك الحيوان عند سفره فى الفنادق الخاصة بهم، وأيضا مقابر خاصة للحيوانات يكتب أصحابها عبارات تحمل مشاعر الحزن والتأثر على فراقهم.
ويشير د.شكرى إلى أن تربية الحيوانات الأليفة تحتاج الى اهتمام ورعاية خاصة التغذية السليمة لكل نوع من هذه الحيوانات وأفضلها الأغذية الجافة لأنها تحتوى على جميع العناصر الغذائية المتكاملة التى يحتاجها الحيوان بالإضافة إلى الاهتمام بمواعيد التطعيمات حتى لا تنتقل العدوى للإنسان خاصة القطط التى يشاع عنها أنها تنقل مرض تكسوبلازما للبنات الذى يسبب الاجهاض، ولكن الحقيقة أن هناك أسبابا أخرى لانتقال هذا المرض مثل تناول اللحوم المصنعة، وحاليا لا يعد هذا المرض مشكلة بعد توافر العلاج الآمن.
د. هبة نصار إخصائية التحاليل الطبية تقول: تربية الحيوانات الأليفة لها شقان الأول: نفسي، والثانى أنها تحتاج لعناية ورعاية ومتابعة طبية باستمرار لأنها قد تكون سببا فى أمراض الحساسية الجلدية أو الصدرية والربو، كما أنها تنقل العديد من العدوى بالبكتريا والفيروسات الخطيرة من خلال اللعاب وشعر الحيوان، لذلك فمن المهم غسيل الأيدى بعد ملامسة الحيوان. ويعترض د.فكرى محمد العتر أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة على كلمة هوس مفضلا تسميتها مشاعر إنسانية طبيعية تجاه كائنات حية نلمس فيها مشاعر العطف والحنان والوفاء والانتماء والالتزام، وكثيرا ما نرى مشهد حيوان قابل صاحبه بترحاب بعد غياب، فالعلاقة بينهما تصبح علاقة تواصل دائم ومستمر.
وتحثنا القيم الدينية على الرحمة بكل الكائنات إلا أن التنشئة الاجتماعية تحمل تباينا كبيرا ينقصها العطف على الحيوان، ويضيف أن بعض الأوساط الاجتماعية تعتبره شكلا من أشكال الترف غير المبرر، وأن هناك أولويات بالتعاطف أكثر مع غير الحيوان.
ويرى أن كل إنسان يقدم العطاء بطريقته وهى صفة إنسانية إيجابية إذ يمكن أن يكرس اهتمامه وتعاطفه مع حيوان أو رعاية كبار السن أو الأيتام أو أطفال الشوارع أو الأعمال الإنسانية، فهناك من لديهم فائض اقتصادى أو فرصة للعطاء الحقيقى فاختلاف البشر فى مشاعرهم الإنسانية هى رحمة بكل الكائنات والسؤال هنا هل الحيوانات الأليفة لديها الحب والانفعالات والعواطف ، والتعلق بالإنسان؟ هذا السؤال أجاب عليه العالم «داروين» الذى اكتشف أن الفارق بين الإنسان والحيوان كمى وليس كيفيا وتنوع القدرة فى التعبير عن الانفعالات.
تعليقات
إرسال تعليق