الوفد في منزل الطبيبة المنتحرة بالمقطم
المصدر بوابة الوفد - اخبار الحوادث
تعددت حالات الانتحار ويبقي في النهاية الموت واحداً، فقد انتشرت تلك الظاهرة في مجتمعاتنا بشكل كبير، وخاصة بين صفوف شباب في مقتبل أعمارهم، لأسباب مختلفة ما بين سوء الأحوال المادية ،والتعثر في مواكبة الحياة ،والعنوسة، والفشل العاطفي لمن يعيشون قصصًا غرامية، والتي تؤدي الي سوء الحالة النفسية، وغيرها من الأسباب التي تقود صاحبها للهروب منها بالإقدام علي الانتحار، وتظل علامات التعجب والإستفهام تحيط بالمقدمين على الانتحار والتخلص من حياتهم؟، لكون الحياة أثمن شيء وهبه الله للانسان في الوجود.
فلقد شهدت منطقة المقطم بالقاهرة الأيام القليلة الماضية، وقوع حالة انتحار زلزلت القلوب، وأبكت عيون كل من علم بها، بعدما أقدمت "سلمي "طبيبة بشرية بوحدة أبو النمرس الصحية 24 سنة علي الانتحار بعد زواجها بنحو 3 أشهر، عن طريق قطع شرايين يدها بسكين حادة ،وتخلصت من حياتها إلى الأبد، بسب خلافات أسرية مع زوجها "أحمد" والذي يعمل طبيبًا بشريًا أيضاً.
تكشفت تفاصيل هذه الواقعة بعدما تلقي قسم مباحث المقطم بلاغاً من زوج المجني عليها والمقيم بشارع ١٧ خلف نادي الشرق للتأمين بذات المنطقة، مفاده قيام زوجته بالانتحار أثناء تواجده خارج الشقة، وبانتقال الأجهزة الأمنية وبإجراء التحريات كشفت أنها انتحرت بعد مشادة كلامية مع زوجها الطبيب.
وأرسلت له رسالة على هاتفه المحمول متضمنة " لو مجتش أنا هنتحر" ،وعند عودته إلى المنزل فوجئ بأنها نفذت تهديدها،وقطعت شراينها ، بعدما فشلت في شنق نفسها بحبل ربطته في سقف صالة الشقة.
كما أثبتت التقارير الطبية بعد فحص الجثة عدم وجود شبهة جنائية وراء ارتكاب الحادث، وأنها تمت بدافع الانتحار،كما أن زوجها لم يتهم أحداً في وفاة المذكورة ،كما انتقل فريق من النيابة العامة وإستمعت الي أقوال حارس العقار وزوجته ، وعدد من السكان ، وصرحت بدفن الجثة ،وتم تحرير محضر بالواقعة برقم 801 ،وأمرت بإخلاء سبيل الزوج بعد ثبات عدم تورطه في الواقعة.
انتقلت الوفد إلي مكان الحادث، وعايشت عن قرب حالة الحزن والمأساة التي سيطرت علي جيران وأصدقاء الطبيبة المتوفاه، ورصدت حالة الهدوء المصحوب بالفزع والرعب المهيمنين على إمتداد شارع 17 الذي شهد الواقعة، وبالدخول إلي مقر عقار الواقعة التقينا "أم محمد "زوجة حارس العقار ، والتي أنتابتها في البداية حالة من القلق في التحدث إلينا في سياق ذات الحادث، وبعدها سردت كواليس الكارثة قائلة " أنا حزينة جداً علي وفاة الدكتورة سلمي ..دي كانت إنسانة محترمة وطيبة. هفضل أدعي لها بالرحمة لحد ما أموت ..مش مصدقة لحد الأن أنها ماتت..دية لسه متجوزة بقالها 3شهور..ملحقتش تتهني وتفرح"، مشيرة أنها أكثر واحدة تعلقت وتعاملت مع الطبيبة المنتحرة.
وأردفت :قبل الواقعة بأسبوع لاحظت وجود خلافات بينها وبين زوجها أحمد، وتلاحظ لي علي مدار هذا الأسبوع سوء الأحوال النفسية للدكتورة سلمي علي غير عادتها اليومية..وهكذا أيضا زوجها أحمد،"، وأشارت أنه قبل الواقعة بيومين، سمعت مشادة كلامية وأصوات عالية، عرفت أنها جاية من شقة الدكتور أحمد ومراته"،وصباح يوم الواقعة شفت الدكتورة سلمى وهي خارجة من شقتها وبتبكي، غابت نص ساعة فقط، ثم عادت مرة ثانية والحزن يملؤها".
وأكدت "أم محمد" أنه تم اكتشاف الواقعة حال عودة أحمد زوج الضحية من عمله ،وظل يصرخ بجنون"قومي يا سلمي..متسبنيش "،هرولت وقتها مسرعة إلي شقتهما، شاهدت الدم يسيل علي الأرض، وسلمي جثة ملقاه علي السرير وملفوفة بغطاء، وتجمع أهلهما، وسادت حالة من الاندهاش والصراخ والعويل، وحضرت قوات الشرطة، والإسعاف وتم نقلها إلي المستشفي ،ولكنها كانت قد فارقت الحياة ..
وأوضحت زوجة الحارس أنه في البداية الجميع شك واتهم زوجها أحمد أنه هو من قتلها، وتم القاء القبض عليه وتم إخلاء سبيله بعد ثبوت عدم تورطه في قتلها، وألمحت أنها علي يقين تام بأن سلمي لم تكن تتعمد الانتحار، ولكنها كانت تختبر مدي حب زوجها لها وأرسلت له رسالة من تليفونها أثناء تواجده في عمله "لو مجتش الشقة دلوقتي أنا هنتحر" ، ولكنها نفذت تهديدها "ساعة شيطان ".
وتوضح الشاهدة أن والد زوج الضحية كان دايماً بيوصيني علي سلمي، وبيقولي "خلي بالك منها ".واختتمت حديثها قائلة "حزينة قوي لأني أول من أتهمت وظننت في الدكتور أحمد بقتلها..ولكنه بريء وصعبان عليا من نظرات الناس له علي أنه مجرم..ولكنه غير ذلك فهو بيعرف ربنا وطيب..وهو أكتر واحد متأثر وحزين علي فراق حبيبته "سلمي ".
وبطرق باب شقتهما القابعة بالدور الأول من العمارة التي شهدت الواقعة لم نجد الرد أوالإجابة من أحد بداخلها، كما سيطرت حالة من الخوف والفزع علي سكان العقار بالطابق الرابع، وأشاد جميع السكان بحسن خلق الطبيبة المنتحرة ،ومصابين بالإندهاش مما حدث ، وعبرت أحد ساكني العقار عن حزنها علي فراق سلمي معقبة "ملحقناش نعرف إسمها.. غير يوم وفاتها"،حيث أنهم سمعوا أصوات عالية، وصراخا وبعدها علموا بإنتحار الطبيبة العروسة التي لم يكتمل علي زواجها 4 أشهر.
ماتت سلمي التي تخرجت من كلية الطب منذ سنتين وتسلمت عملها بوحدة أبو النمرس الصحية، وتزوجت من أحمد، وتركت وراءها جدلا حائرا حول سبب دفعها للإنتحار، كما أن البشرية جميعاً تؤمن بأن هذا هو قضاء الله وقدره، ولكن ما يشغل الرأي العام أن تلك الكارثة جسدت بطولتها إنسانة في عمر الزهور مثقفة وطبيبة ، كيف قررت وضع نهاية لحياتها بهذا الأسلوب؟؟ ...ومع تزايد وتفشي تلك الظاهرة، استطلعت "الوفد" آراء عدد من علماء النفس والطب النفسي،ورجال الدين حول الأسباب التي تؤدي وتقود صاحبها للإنتحار هلاكاً بأبشع الطرق،وكيفية تجنبها والقضاء عليها.
وقالت هناء أبو شهد دكتورة علم النفس بجامعة الأزهر : أن من يلجأ إلى الأنتحار من الحالات الفردية سواء رجال أو سيدات ، هو من يكون قد وصل لدرجة الإكتئاب العقلي "الذهني" وليس النفسي لأن الأخير يقود صاحبة للتفكير في الإنتحار وليس التنفيذ، موضحًة أن النشأة الأجتماعية والأسرية شىء ضروري في نشأة الفرد،فيجب على أولياء الأمور إحتواء أبنائهم ، والمحافظة عليهم ومراعاة مراحل حياتهم ،عدم الإفراط معهم بالقسوة والتسبب في الإنفعالات الزائدة .
تلك الكلمات التي جاءت مطابقة لأقوال الدكتور أحمد زايد خبير علم النفس،والذي شدد علي دور الأسرة في تقوية البنية النفسية والدينية السليمة للأبناء ،ومتابعة أسلوب حياتهم ،وعند ملاحظة تغيير في شخصية الفرد يجب إحتواؤه ،وعرضه علي طبيب نفسي إذا لزم الأمر.
اقرأ أيضاً :
=======
تعليقات
إرسال تعليق