خبـراء العــدل يطلبــون الاســتقلال
المصدر الاهرام . ahram.org.eg . تحقيقات و ملفات
يتبعون السلطة التنفيذية بينما عملهم مع القضائية
الوزارة تعترض على نص مادتين من مشروع القانون حول عدم مساءلة أعضاء الهيئة جنائيا وعدم قابليتهم للعزل
د. شوقى السيد : لابد من استقلالهم لتوفير الأمان.. والمساءلة واجبة لأن السلطة يقابلها مسئولية
كان خبراء وزارة العدل ولا يزالون دوما كافلين لحقوق المتقاضين المعروضة عليهم ، وملجأ للمظلومين و المستضعفين ، ومع دخول مشروع قانون لتحويلهم إلي هيئة مستقلة ذات اختصاص قضائي إلي أجندة مجلس النواب بعد سنوات من المطالبة بها اعترضت وزارة العدل علي بعض مواد المشروع الذي عاد إلي الأدراج دون إبداء الأسباب.
المشروع تبناه حزب الوفد وتقدم أعضاؤه البرلمانيون به إلي اللجنة التشريعية، وتمت مناقشته بالفعل في أكثر من جلسة استماع بحضور الخبراء وممثل عن وزارة العدل، خلال دور الانعقاد الأول لمجلس النواب
وكما يقول محمد ضاهر حسين رئيس نادي خبراء وزارة العدل: المشرع الدستوري أدرك أهمية عمل الخبراء القضائيين وأفرد لهم الفصل السابع «الخبراء»من باب نظام الحكم بالدستور.. ولا يخفي علي أحد أنهم في الوضع الراهن يتبعون السلطة التنفيذية تبعية مطلقة، بينما يعملون ضمن منظومة السلطة القضائية بصفة مطلقة وهم أحد أعمدتها مما يعد تداخلا بين السلطات وينتقص من مبدأ الفصل بينها ، ولذا كانت ولاتزال المطالبات مستمرة باستقلال الخبراء وتوفير حماية قانونية لهم تضمن تحقيق العدالة حتي يقضي الخبراء في الدعاوي بإيداع تقاريرهم الفنية بحيادية تامة غير منقوصة دون خوف من تأثير ذوي نفوذ وسلطان، ولن يتحقق ذلك إلا إذا نظر المشرع بعين الاعتبار وأصدر قانون هيئة الخبرة القضائية بما يضمن ذلك.
مصطفى ضاهر و د . شوقي السيد
ويضيف أن المادة «199» من الدستور تناولت لفظ الاستقلال علي إطلاقه دون تخصيص أو تحديد أي أن المقصود «استقلال كامل» عن وزارة العدل، وهو ما أكدته مضبطة اللجنة التأسيسية للدستور وسبق تقديم صورة من هذه المضبطة للجنة التشريعية بمجلس النواب عند مناقشة مشروع القانون، ويوضح أن الخبير شريك في تحقيق العدالة يحمل مع القضاء ميزان العدل، أما عن اعتراض وزارة العدل علي مشروع القانون فقد أوردت أن رأي الخبير استشاري ولا يلزم المحكمة لأنها هي «الخبير الأعلي». وأنه من ضمن الاعتراضات أن الخبراء لا يحق لهم أن يكونوا هيئة قضائية لأن الدستور حدد الهيئات القضائية علي سبيل الحصر، وقد تقدمنا بمذكرة للجنة التشريعية بعد اعتراضات الوزارة وقمنا بتعديل المادة الأولي من مشروع القانون لتكون هيئة مستقلة ذات اختصاص قضائي ونؤكد أنه لا يوجد مانع دستوري يعوق مطالب الخبراء قبل التعديل المقدم أو بعده.
مستقلون فنيا
وحول تأكيد وزارة العدل أن الخبراء رغم تبعيتهم لها فهم مستقلون فنيا ولا يتدخل أحد في عملهم نبه إلي أن الاستقلال الفني للخبراء في عملهم لا يكون استقلالا حقيقيا إلا إذا تبعه استقلال مالي وإداري ويتساءل هل من الممكن أن يكون منصب رئيس قطاع الخبراء ورئيس مصلحة الخبراء ندبا وبلا أي صلاحيات سواء فنية أو مالية أو إدارية ؟ وهل من الاستقلال الفني أن يتم تعديل قرارات الحوافز بإلغاء اللجان في القضايا المختلفة؟ بالرغم من أهمية وخطورة تلك القضايا وكونها أصلا طعونا علي تقارير لجان.
ويشير إلي أن الوزارة اعترضت علي نص المادتين «18» و»20» من مشروع القانون المقدم بشأن عدم مساءلة أعضاء الهيئة جنائيا أو عسكريا وعدم قابليتهم للعزل، المعني من ذلك أن عدم المساءلة ما هو إلا عقبة إجرائية هدفها عدم التسرع في اتخاذ أي من الإجراءات الجنائية ضد أعضاء الهيئة، إلا بعد الحصول علي إذن من جهة لا تسمح به إلا بعد التحقق من جديته مما يوفر عنصر الأمان وحمايتهم من كيد الخصوم.
اعتمادات مالية
ويوضح أن المشروع المقدم لا يتضمن أي اعتمادات مالية زائدة من شأنها أن تؤثر على الموازنة العامة للدولة، فالمشروع ملحق به جدول أجور الخبراء عن الاعتماد المالي المقرر سنويا من وزارة المالية في ميزانية وزارة العدل، فضلا عن أن هناك أمانات الخبراء وهي مبالغ طائلة تدخل الخزانة العامة للدولة، وما يدخل من أمانات للخبير أقل بكثير مما يستحق، فالمشروع المقدم حاليا له أهداف تصب مباشرة في اتجاه تحقيق العدالة الناجزة مثل منح أعضاء الهيئة بعض الصلاحيات التي تمكنهم من استجلاء أوجه الحقيقة في الدعاوي المنظورة مما يؤدي الي إعادة الحقوق لأصحابها وكذلك وجود مؤسسة مستقلة ينظم العمل فيها أعضاؤها بما يؤدي حتما إلي سرعة انجاز القضايا وبالتالي تحقيق العدالة الناجزة.
كما كفل مشروع القانون استقلال الخبراء فيما يقدمونه من تقاريرهم بما يرسخ لدي المتقاضين مبدأ الحيادية والاستقلالية والنزاهة مما يمثل ضمانا لهم في التأكد من وصول الحق لأهله.
من ناحية أخري، جاء هذا المشروع تطبيقا للنص الدستوري فيما يؤثر في علاج عيوب المنظومة القضائية في الماضي، بل وتطويرها بما يتفق مع الظروف الراهنة، والتي أحوج ما يكون المواطن فيها إلي الإحساس بالعدالة لذا تقدمنا بمذكرة وتعديل لبعض مواد مشروع القانون في مايو الماضي بعد رد الوزارة على مشروع القانون إلي المستشار رئيس اللجنة التشريعية وحتي تاريخه لم تنظر اللجنة فيه ولا نعرف أسباب التأخير.
نص صحيح
بينما يري الدكتور شوقي السيد ـ الخبير القانوني وأستاذ الفقه الدستوري ـ أن المادة 199 من الدستور والتي تنص علي «الخبراء القضائيون مستقلون في أداء عملهم ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم» هو نص صحيح وصدر في وقته ومناسبته بعد أن تعرض بعض الخبراء لتعليمات لكتابة تقاريرهم بشكل معين خاصة في القضايا التي صاحبت ثورة «25 يناير» وكان معظمها يتسم بطابع الانتقام، وبالتالي تعرض الخبراء في هذه الفترة إبان حكم الإخوان لضغوط غير مسبوقة، وبالرغم من أن المحكمة هي الخبير الأعلي ولها أن تأخذ برأي الخبير أو لا، فإنه في أغلب الأحوال يؤخذ بما ينتهي منه تقرير الخبير ولهذا أتي هذا النص بعد هذه الظروف ليؤكد استقلالية الخبراء ومواصلة عملهم خاصة وأنهم معاونون أو مكملون للعمل القضائي في مجال الخبرة والتخصص..و كل ما جاء في هذا النص الدستوري يتعين أن يكون له أثره علي التشريعات المنظمة لعمل الخبراء بحيث توفر لهم الاستقلال والأمان والضمان الكافي، وفي ذات الوقت الرقابة والتفتيش حتي نضمن استقلال ما ينتهون إليه بحيادية وموضوعية وبعد ذلك يأتي رأي القاضي بالحكم في الدعوي.
ويشير إلي أنه يتفق مع كل ما يحقق الاستقلال لهيئة الخبراء التي لها نظام في الرقابة والتفتيش ، وفيما يخص تبعيتهم للسلطة التنفيذية وعملهم ضمن منظومة السلطة القضائية، فهذا تناقض صريح وتداخل بين السلطات.
أما عن اعتراض وزارة العدل علي المادتين»18» و»20» بشأن عدم مساءلة أعضاء الهيئة جنائيا أو عسكريا فيري د. شوقي السيد أنه اعتراض مقبول وصحيح لأن المساءلة واجبة ومطلوبة في جميع الأحوال، ولكن مع اتباع الإجراءات بما يحقق لهم الضمانة والاستقلالية والحيادية لأن السلطة يقابلها مسئولية وكلما تزداد السلطة تزداد معها المسئولية، فلا يمكن أن تكون الحصانة ضد المسئولية والرقابة، لكن بوجود إجراءات تضمن سلامة الرقابة بغير تهديد أو وعيد .وفي النهاية يحذر من الآثار السلبية التي ستترتب علي تأخير إصدار هذا القانون، منها منح الخبراء التوجيهات والتعليمات ثم تركهم دون ضمانات أو استقلالية في ممارسة عملهم، بل وربما التهديد بالنقل والجزاءات، مما قد يؤثر في التقرير النهائي لعملهم.
تكدس القضايا
محمد زكي ـ المحامي بالنقض ـ يقول انه لابد من استقلال الخبراء القضائيين فالدور المنوط به خبراء وزارة العدل في ظل تكدس القضايا بالشكل الحالي هو دور جوهري في الفصل في العديد من القضايا خاصة ان عددا غير قليل منها يستلزم تشكيل لجان ثلاثية من تخصصات مختلفة لبحث تلك القضايا وهو الأمر الذي يحتاج إلي جهد ضخم لإظهار حقيقة الدعاوي و إعداد تقارير فنية حولها للفصل فيها ..إلا أنه يتم استنزاف كثير من الوقت منذ إحالة الدعوي إلي خبراء وزارة العدل وبدء مباشرة المأمورية وإعداد التقرير الفني الذي يتجاوز في العديد من الحالات سنوات وهو ما يؤثر سلبيا في سرعة الفصل في القضايا .
تعليقات
إرسال تعليق