لماذا غضب وزير التعليم وغير لغة الخطاب الإعلامي من الابتسامة إلى التحدي؟ | تقرير
المصدر بوابة الأهرام. gate. ahram. org. eg . أخبار التعليم
ملحوظة حقوق التقرير محفوظة لموقع بوابة الأهرام و له فائق التحية و الاحترام
منذ إعلان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، عن جملة من الخطط المستقبلية حول تأسيس نظام تعليمي جديد، لم يتوقف الهجوم عليه، والتشكيك في أفكاره، ووصول الأمر حد التجريح والإيحاء بأنه يعيش وهمًا كبيرًا، لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع.
كان شوقي يقابل كل ذلك بابتسامة هادئة، وردة فعل لا يظهر عليها الغضب، واعتاد في كل مرة أن يطالب الناس بالصبر لحين جني ثمار ما يجري الإعداد له على الأرض، وفي المقابل، كانت بعض الأصوات ترد بمزيد من التصعيد والتشكيك واتهامه بالفشل.
بالأمس، ظهر شوقي غاضبًا بشدة، حتى أنه عندما كان يشرح أدق تفاصيل النظام الجديد في الابتدائية والثانوية، بدت عليه علامات الضيق، وتحدث بنبرة حادة في بعض الأوقات، وربما كان ذلك نتاج فترة طويلة من الهجوم اللاذع على شخصه، وكل قيادات وزارة التعليم، وعاتب الجميع بشدة، إعلاما وأولياء أمور، لأن أحدهم لم يقدم كلمة شكر واحدة على المجهود الحاصل.
لم يكن اختيار شوقي عبارة "وعدنا فأوفينا" عنوانا للمؤتمر الصحفي، سوى رسالة مباشرة لهؤلاء الذين اتهمهم بمحاولة إحباطه وإثنائه عن التمسك بمسار التغيير، وربما أراد الرد عليهم بوثائق وأدلة وبراهين تؤكد ضعف حججهم، وأن الاتهامات التي طالته وقيادات وزارة التعليم، محض افتراء، وأنه مستمر في التحدي.
ما يمكن استنباطه من كلام وزير التعليم أمس، أن هناك مشكلة أزلية بينه وبين معارضي نظام التعليم الجديد، ترتبط بمورثات ثقافية واجتماعية، وغياب الثقة بين الناس وصناع القرار، نتيجة تراكمات قديمة يأبى البعض تغييرها أو التخلي عنها بسهولة.
أبرز مشكلات شوقي مع هذه الفئة، أنهم ما زالوا يطلقون على نظام الثانوية الجديد "ثانوية التابلت"، وهو ما يثير حفيظة الرجل بشدة، وكاد أن يقسم بكل الأيمان أنها ليست "ثانوية التابلت"، لأن هذا التابلت مجرد أداة تستخدم في طريقة تقييم الطلاب وتصحيح الامتحانات بشفافية بعيدا عن الأخطاء البشرية والتسريب والغش وخلافه.
ما يثير غضب شوقي، أن الناس ما زالت تتمسك بأن التغيير في الثانوية العامة، ينحصر ويقتصر فقط على وجود التابلت، وهو اعتقاد خاطئ، عجز الرجل عن إزالته من العقول، لأن التغيير الحقيقي بين الثانوية الحالية والثانوية الجديدة، هي طريقة الامتحانات ذاتها، بحيث تعتمد على الفهم والتحليل وليس الحفظ والتلقين.
إجراء هذه الامتحانات إلكترونيا أو ورقيا، ليست هي الأزمة، المهم أن طريقتها سوف تختلف، أي أن الامتحانات لن تقيس مستوى حفظ الطالب، بل مستويات فهمه للمعلومات، ولكن أكثر الناس يركزون على التابلت أكثر من التركيز على هوية التغيير نفسها.. لماذا يريد طارق شوقي ثانوية قائمة على الفهم وليس الحفظ؟.. هذا أساس الموضوع، ولُب التغيير والتطوير.
مشكلة طارق شوقي مع ذات الفئة، أنه يريد من الناس أن تؤمن بحتمية القضاء على الإجابات النموذجية والحفظ والدروس الخصوصية، لكنهم ما زالوا يتحدثون عن التابلت فقط، متى يأتي، ومتى يتم توزيعه، مع العلم أن السنة الأولى لطلاب الثانوية الجديدة، تمهيدية وتعريفية.. هي تمهيدية لطريقة الامتحان الجديدة، أكثر ما هي تمهيدية لطريقة استخدام التابلت.
حتى أن بعض أولياء الأمور، بل أكثرهم، ما زال يرفض أن يخوض أبناؤه الدارسون في الثانوية العامة أكثر من فرصة امتحانية، بمعنى أنهم يرغبون في امتحان واحد بنهاية الصف الثالث الثانوي يتحدد على أساسه مصير الطالب في الجامعة، والمبرر الأكثر تداولا بين هذه الفئة من أولياء الأمور، أن شوقي يريد زيادة الدروس الخصوصية لخدمة أصحاب السناتر.
اللافت أن شوقي بالأمس، حذر أكثر من مرة بالقول "اللي هياخد دروس خصوصية في الصف الأول الثانوي للنظام الجديد أنا مش مسئول عنه، لأن المدرس الخصوصي كل اللي يشغله إنه يخللي الطالب يحفظ علشان يحل.. الكلام ده مش موجود في النظام الجديد، لأن اللي هيفهم هو اللي هيحل، واللي هيحفظ هو اللي هيفشل.. فأسئلة الثانوية الجديدة تعتمد فقط على الفهم".
بالانتقال إلى مبرر الرفض الآخر، بتوزيع الامتحانات إلى 3 سنوات بدلا من عام واحد، يمكن الرد على ذلك بتساؤل: لماذا يكون أمام الطالب فرصة واحدة لتحديد مستقبله بأن تكون الثانوية العامة سنة واحدة مثل النظام الحالي، بدلا أن يكون أمامه أكثر من فرصة للتعويض في حال أخفق بإحدى سنوات الدراسة.. بدلا من الامتحان مرة واحدة يمتحن 12 مرة، ويختار منهم درجات أعلى 8 امتحانات يدخل بهم الجامعة".
لم يستطع شوقي إقناع الناس بكل ذلك، لأن بعضهم مصاب بفوبيا الخوف من سلبيات الإنترنت، ولا يقتنع بشيء اسمه التابلت، وتركزت دوافع الرفض على التابلت فقط دون النظر إلى ما هو أبعد من ذلك، وهي طريقة التقييم الجديدة، والفرص العديدة التي أصبحت متاحة للطلاب قبل دخول الجامعة.. بأي منطق يتحدد مصير الطالب في دخول الجامعة بامتحان مدته لا تزيد عن 3 ساعات؟.
لكل ذلك، تغيرت نبرة الخطاب الموجه للرأي العام، فهناك وزير يقتنع 100 بالمائة أنه يسير في الاتجاه الصحيح، ويعمل لصالح الطلاب وأولياء الأمور، بوضع نظام جديد للثانوية العامة قائم على الفهم وليس الحفظ، في حين أن الطرف المستهدف من هذا التطوير ما زال يتعامل مع الأمر من زاوية التابلت فقط.
لا يقتنع أكثر الرافضين للتطوير في الثانوية العامة، أن وزير التعليم إذا قرر إلغاء التابلت والتراجع عن استخدامه (مع أن ذلك لن يحدث) فإن النظام الجديد للثانوية لن يتأثر.. وسوف يطبق كما هو دون تغيير، لأن الفلسفة والإطار العام موجود، وهو تعديل طريقة تقييم الطلاب، بغض النظر عن كون ذلك إلكترونيا أو ورقيا.
الآن، يفرض الواقع أن تكون أولوية النقاش حول مزايا الامتحانات التي تعمد على الفهم وليس الحفظ، بعيدا عن الاقتناع بأن التغيير في الثانوية لا يرتبط بالتابلت بقدر ما يتعلق بطريقة تقييم الطالب.
ملحوظة حقوق التقرير محفوظة لموقع بوابة الأهرام و له فائق التحية و الاحترام
منذ إعلان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، عن جملة من الخطط المستقبلية حول تأسيس نظام تعليمي جديد، لم يتوقف الهجوم عليه، والتشكيك في أفكاره، ووصول الأمر حد التجريح والإيحاء بأنه يعيش وهمًا كبيرًا، لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع.
كان شوقي يقابل كل ذلك بابتسامة هادئة، وردة فعل لا يظهر عليها الغضب، واعتاد في كل مرة أن يطالب الناس بالصبر لحين جني ثمار ما يجري الإعداد له على الأرض، وفي المقابل، كانت بعض الأصوات ترد بمزيد من التصعيد والتشكيك واتهامه بالفشل.
بالأمس، ظهر شوقي غاضبًا بشدة، حتى أنه عندما كان يشرح أدق تفاصيل النظام الجديد في الابتدائية والثانوية، بدت عليه علامات الضيق، وتحدث بنبرة حادة في بعض الأوقات، وربما كان ذلك نتاج فترة طويلة من الهجوم اللاذع على شخصه، وكل قيادات وزارة التعليم، وعاتب الجميع بشدة، إعلاما وأولياء أمور، لأن أحدهم لم يقدم كلمة شكر واحدة على المجهود الحاصل.
لم يكن اختيار شوقي عبارة "وعدنا فأوفينا" عنوانا للمؤتمر الصحفي، سوى رسالة مباشرة لهؤلاء الذين اتهمهم بمحاولة إحباطه وإثنائه عن التمسك بمسار التغيير، وربما أراد الرد عليهم بوثائق وأدلة وبراهين تؤكد ضعف حججهم، وأن الاتهامات التي طالته وقيادات وزارة التعليم، محض افتراء، وأنه مستمر في التحدي.
ما يمكن استنباطه من كلام وزير التعليم أمس، أن هناك مشكلة أزلية بينه وبين معارضي نظام التعليم الجديد، ترتبط بمورثات ثقافية واجتماعية، وغياب الثقة بين الناس وصناع القرار، نتيجة تراكمات قديمة يأبى البعض تغييرها أو التخلي عنها بسهولة.
أبرز مشكلات شوقي مع هذه الفئة، أنهم ما زالوا يطلقون على نظام الثانوية الجديد "ثانوية التابلت"، وهو ما يثير حفيظة الرجل بشدة، وكاد أن يقسم بكل الأيمان أنها ليست "ثانوية التابلت"، لأن هذا التابلت مجرد أداة تستخدم في طريقة تقييم الطلاب وتصحيح الامتحانات بشفافية بعيدا عن الأخطاء البشرية والتسريب والغش وخلافه.
ما يثير غضب شوقي، أن الناس ما زالت تتمسك بأن التغيير في الثانوية العامة، ينحصر ويقتصر فقط على وجود التابلت، وهو اعتقاد خاطئ، عجز الرجل عن إزالته من العقول، لأن التغيير الحقيقي بين الثانوية الحالية والثانوية الجديدة، هي طريقة الامتحانات ذاتها، بحيث تعتمد على الفهم والتحليل وليس الحفظ والتلقين.
إجراء هذه الامتحانات إلكترونيا أو ورقيا، ليست هي الأزمة، المهم أن طريقتها سوف تختلف، أي أن الامتحانات لن تقيس مستوى حفظ الطالب، بل مستويات فهمه للمعلومات، ولكن أكثر الناس يركزون على التابلت أكثر من التركيز على هوية التغيير نفسها.. لماذا يريد طارق شوقي ثانوية قائمة على الفهم وليس الحفظ؟.. هذا أساس الموضوع، ولُب التغيير والتطوير.
مشكلة طارق شوقي مع ذات الفئة، أنه يريد من الناس أن تؤمن بحتمية القضاء على الإجابات النموذجية والحفظ والدروس الخصوصية، لكنهم ما زالوا يتحدثون عن التابلت فقط، متى يأتي، ومتى يتم توزيعه، مع العلم أن السنة الأولى لطلاب الثانوية الجديدة، تمهيدية وتعريفية.. هي تمهيدية لطريقة الامتحان الجديدة، أكثر ما هي تمهيدية لطريقة استخدام التابلت.
حتى أن بعض أولياء الأمور، بل أكثرهم، ما زال يرفض أن يخوض أبناؤه الدارسون في الثانوية العامة أكثر من فرصة امتحانية، بمعنى أنهم يرغبون في امتحان واحد بنهاية الصف الثالث الثانوي يتحدد على أساسه مصير الطالب في الجامعة، والمبرر الأكثر تداولا بين هذه الفئة من أولياء الأمور، أن شوقي يريد زيادة الدروس الخصوصية لخدمة أصحاب السناتر.
اللافت أن شوقي بالأمس، حذر أكثر من مرة بالقول "اللي هياخد دروس خصوصية في الصف الأول الثانوي للنظام الجديد أنا مش مسئول عنه، لأن المدرس الخصوصي كل اللي يشغله إنه يخللي الطالب يحفظ علشان يحل.. الكلام ده مش موجود في النظام الجديد، لأن اللي هيفهم هو اللي هيحل، واللي هيحفظ هو اللي هيفشل.. فأسئلة الثانوية الجديدة تعتمد فقط على الفهم".
بالانتقال إلى مبرر الرفض الآخر، بتوزيع الامتحانات إلى 3 سنوات بدلا من عام واحد، يمكن الرد على ذلك بتساؤل: لماذا يكون أمام الطالب فرصة واحدة لتحديد مستقبله بأن تكون الثانوية العامة سنة واحدة مثل النظام الحالي، بدلا أن يكون أمامه أكثر من فرصة للتعويض في حال أخفق بإحدى سنوات الدراسة.. بدلا من الامتحان مرة واحدة يمتحن 12 مرة، ويختار منهم درجات أعلى 8 امتحانات يدخل بهم الجامعة".
لم يستطع شوقي إقناع الناس بكل ذلك، لأن بعضهم مصاب بفوبيا الخوف من سلبيات الإنترنت، ولا يقتنع بشيء اسمه التابلت، وتركزت دوافع الرفض على التابلت فقط دون النظر إلى ما هو أبعد من ذلك، وهي طريقة التقييم الجديدة، والفرص العديدة التي أصبحت متاحة للطلاب قبل دخول الجامعة.. بأي منطق يتحدد مصير الطالب في دخول الجامعة بامتحان مدته لا تزيد عن 3 ساعات؟.
لكل ذلك، تغيرت نبرة الخطاب الموجه للرأي العام، فهناك وزير يقتنع 100 بالمائة أنه يسير في الاتجاه الصحيح، ويعمل لصالح الطلاب وأولياء الأمور، بوضع نظام جديد للثانوية العامة قائم على الفهم وليس الحفظ، في حين أن الطرف المستهدف من هذا التطوير ما زال يتعامل مع الأمر من زاوية التابلت فقط.
لا يقتنع أكثر الرافضين للتطوير في الثانوية العامة، أن وزير التعليم إذا قرر إلغاء التابلت والتراجع عن استخدامه (مع أن ذلك لن يحدث) فإن النظام الجديد للثانوية لن يتأثر.. وسوف يطبق كما هو دون تغيير، لأن الفلسفة والإطار العام موجود، وهو تعديل طريقة تقييم الطلاب، بغض النظر عن كون ذلك إلكترونيا أو ورقيا.
الآن، يفرض الواقع أن تكون أولوية النقاش حول مزايا الامتحانات التي تعمد على الفهم وليس الحفظ، بعيدا عن الاقتناع بأن التغيير في الثانوية لا يرتبط بالتابلت بقدر ما يتعلق بطريقة تقييم الطالب.
تعليقات
إرسال تعليق