«قطر» دويلة قلب الأنظمة الصديقة
حمد بن خليفة
«الوطن » تواصل الانفراد بنشر فصول الكتاب الممنوع: «وين ماشى بينا سيدى؟» (2)
يعانى النظام القطرى من عقد مرضية اجتمعت فيه، لعله من المفيد دراسة الحالة القطرية لكى نقف على سر تحويل عقدة النقص إلى قوة خطيرة.
خلال مناقشة الوضع السورى فى مجلس الأمن، السبت 4 فبراير 2102، بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، وجه وزير خارجية قطر، حمد بن جاسم، الكلام لمندوب روسيا قائلاً:
«أحذرك من اتخاذ أى فيتو بخصوص الأزمة فى سوريا، فعلى روسيا أن توافق على القرار وإلا فإنها ستخسر كل الدول العربية».
«حمد» لم ينفذ انقلاباً على والده فقط بل على الأمة العربية بأكملها.. وإن كان الأخير دموياً إلى أقصى حد
لم يغضب «ENIKRUOHCT ILATIV» المندوب الروسى، وكان يمكنه أن يزبد ويعربد ويملأ القاعة صراخاً، تمالك أعصابه ورد عليه بكل هدوء:
«إذا عدت لتتكلم معى بهذه النبرة مرة أخرى، لن يكون هناك شىء اسمه قطر بعد اليوم».
ثم أضاف قائلاً له: «أنت ضيف على مجلس الأمن فاحترم نفسك وعد لحجمك، وأنا أساساً لا أتحدث معك، أنا أتحدث باسم روسيا العظمى مع الكبار فقط».
لم تكن الاستفزازات اللامسئولة والتطاول على أنظمة حكم محددة، المرة الأولى التى يسلك فيها وزير خارجية قطر مسلكاً متهوراً، بل إنه هدد بطريقة فجة وزير خارجية الجزائر «مراد مدلسى» إثر تدخله مطالباً جامعة الدول العربية بـ: «التعامل بحكمة مع الموضوع السورى ودراسة قرار تعليق العضوية الذى سيؤدى إلى ما لا تحمد عقباه».
فما كان من وزير خارجية قطر إلا أن قاطعه قائلاً: «لا تدافع كثيراً عن سوريا لأن الدور آت عليكم وقد تحتاجنا فى المستقبل».
تتصرف قطر كدولة عظمى، وهذا يعزى لنجاح دبلوماسيتها الخارجية طيلة العشرية الأخيرة، حيث استثمرتها بشكل جيد لحل العديد من القضايا، خاصة على المستويين اللبنانى والفلسطينى، وكذلك أزمة دارفور، لقد ساعدت قناة الجزيرة الدعائية قطر فى النجاح فى دبلوماسيتها الخارجية، والتى سلكت فيها سلوكاً يتسم بالبساطة والسلاسة بعيداً عن اللغة الخشبية، فسياسة حمد فى حل النزاعات بين الفرقاء تقوم على دعوة بدوية إلى غداء، وبسط حلول بإغداق المال على كل جهة، وعادة ما يحدث هذا فى جلسات بعيدة عن التكلف والبيروقراطية، وهذا ما لم تعهده السياسة الخارجية العربية من قبل.
لقد حطم حمد كل ما اكتسبته السياسة القطرية الخارجية خلال العشرية الأخيرة من خبرات والتى نجحت فى الكثير من المسائل التى توسطت فى حلها، كالجمع بين التيارات الفلسطينية والتوسط فى أزمة دارفور، وفى الصراع الأهلى اللبنانى، وكثيرا ما كانت تسوق نفسها على أساس أنها راعٍ للسلم وللسلام، ونجحت فى ذلك كثيراً، حتى إن قطر أصبحت فى وقت من الأوقات العنوان الوحيد لنجاح وساطة بين فريقين.
الغريب فى الأمر أن التحول فى توجه قناة الجزيرة تزامن وتحول فى السياسة الخارجية القطرية، مما يؤسس لفرضية أصبحت واقعاً، من أن نجاح الخارجية القطرية مرده نجاح قناة الجزيرة والعكس بالعكس، فالجزيرة ممولة مباشرة من الخارجية القطرية وتخضع لأجندتها، سلكت الخارجية القطرية والجزيرة نفس المسلك مع توزيع متكامل للأدوار.
نجحت الخارجية فى كسب ثقة المتنازعين الباحثين عن حلول سريعة وناجحة، فيما نجحت الجزيرة فى كسب ثقة المواطن العربى من المحيط إلى الخليج، وإن تحولت وساطات حمد إلى موضع ثقة وفاعلية تامة، فإن الجزيرة تحولت إلى مقدس، هذا ما يعبر عنه اصطلاحاً بتخدير القمة والقاعدة.
اليوم، بدأنا نعيش على وقع آخر وعلى ضبط لإيقاع جديد وترنيمة جديدة، ترنيمة لم نعهدها فى السياسة والإعلام القطرى، ترنيمة تقوم على سفك الدماء وزرع الفتن وقلب الأنظمة الصديقة، أن يتحول إنسان من عاقل إلى عدوانى قد تكون له أسبابه الذاتية والموضوعية، وقد يقبله المجتمع، بحكم أنه حالة انفرادية، ولكن أن يتحول نظام كامل من داع وراع للسلم إلى داع وراع للحرب فهذا ما لا يمكن تفسيره إلا بالرجوع إلى تاريخ انقلاب حمد لبحث الأسباب والأهداف الخفية من ورائه، فالظاهر أن حمد لم ينفذ انقلاباً على والده فقط، بل نفذ انقلاباً على الأمة العربية بأكملها، وإن كان الانقلاب الذى نفذه على والده سلمياً فإن الانقلاب الذى نفذه على بعض الأنظمة العربية الصديقة كان دموياً إلى أقصى حد، رأينا فيه الدماء المتقاطرة والأشلاء المتناثرة والجثث الممزقة، انقلابات استعملت فيها جميع الوسائل الوحشية وجربت فيها آخر الأسلحة الفتاكة الذكية منها والغبية.
«الدوحة» تحض الشعوب العربية على الثورة ضد حكامها.. وتغض الطرف عن هاربين ولصوص تحميهم
هل يمثل النظام القطرى خطراً على الوحدة الخليجية؟
لا تخفى كل من الإمارات، الكويت والسعودية تذمرهم من الممارسة المتهورة للنظام القطرى، فالسعودية تعانى من الانفلات والتحرش القطرى بها، بمناسبة وبدونها، حيث يشتد الصراع على أشده بين قناتى الجزيرة القطرية والعربية السعودية.
لقد أحدثت السعودية قناة العربية، كمحاولة للتصدى لمشروع الجزيرة القطرية من جهة، وإحداث توازن فى القوة الإعلامية من جهة أخرى، ولم يتحقق هذا التوازن المنشود، فالكفة فى صالح الجزيرة، كما أنه لم يثن قطر عن مواصلة تحرشها بالمملكة، والعمل على تهييج الشارع السعودى، والبحث فى الملفات التى قد تضرب مباشرة الأمن القومى، لعل الفيديو الأخير الذى سربته المخابرات السورية، نقلاً عن مخابرات النظام الليبى السابق، يبين بكل وضوح نية النظام القطرى المبيتة لضرب السعودية والعمل على تمزيقها، عبر إيقاظ النعرات وتحويل السعودية إلى إمارات مستقلة بذاتها يصيبها الهوان والضعف.
تطبق قطر سياسة خالف تعرف، بكل عنجهية وحماقة وتجمع بين العديد من المتناقضات فى سلة واحدة، فهى مع العرب وضدهم، ومع إسرائيل وضدها، وهى كذلك تستضيف رجال حزب الله وتساومهم، كما تستدعى قوى 41 آذار لنفس الأسباب، تتحسر لسقوط شهداء فلسطينيين وتقيم علاقات أكثر من عادية مع إسرائيل، تدعى الانتماء والتعاون الخليجى، وهى تقيم علاقات فردية مع إيران ومع القاعدة، وهذا ضرب لمصالح مجلس التعاون الخليجى.
تنتسب للعروبة وللعرب، وتعمل على إقامة الفرقة والانقسام بين العرب.. تحض الشعوب العربية على الثورة ضد حكامها والفاسدين فيها، وتغض الطرف عن هاربين ولصوص حمتهم وأسندت لهم إقامات دائمة ووفرت لهم ظروفا ملكية.
حقوق الإنسان فى قطر
لا إصلاح فى قطر
وهب النظام القطرى، ممثلاً فى الشيخ حمد وزوجته الشيخة موزة، المال العام لقضية نشر الديمقراطية فى الدول النامية وترسيخ مبادئ حرية الصحافة والإعلام فى المناطق التى تراها الشيخة بحاجة لتطوير.
تتصرف قطر وكأنها دولة عظمى ترعى الإصلاح السياسى وحرية الرأى فى العالم كله، وتتزعم الانقلابات باسم نشر الديمقراطية.
أوضح الموقع الإلكترونى لصحيفة «فوكس نيشن» الأمريكية أن الرئيس الأمريكى أوباما شدد فى حديثه عن أمير قطر ودور قناة الجزيرة قائلاً:
«حمد بن خليفة آل ثانى هو الداعم الكبير والمروج الكبير للديمقراطية فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهو يردد الإصلاح والإصلاح والإصلاح عبر قناة الجزيرة، لكن لا إصلاح فى قطر».
إن من يعتقد بأن السياسة الأمريكية تقوم على الولاء للآخر فهو جانب الحقيقة، المطلع على السياسة الأمريكية الخارجية وعلى طبيعة قيام التحالفات، سيستنتج أن هذه السياسة لا تقوم على الولاء لشخص أو نظام إنما على الولاء لمصالحهم أكثر من أى شىء، ومن يعتقد أن الأمير القطرى له حماية مطلقة من أمريكا فهو كذلك مخطئ، التاريخ أظهر لنا أنه كلما كانت الروابط جيدة كان انفلات العقد يسيرا، وكلما تضاربت المصالح سقطت التحالفات، ويتحول الأمر من تحالف إلى تشابك، ألم يكن شاه إيران صديقاً مقرباً للأمريكان؟ ألم يكن صدام حسين صديقاً محبذاً للأمريكان؟
تنتهى التحالفات الأمريكية بانتهاء المصلحة والغرض، وهذا ما يقودنا للحديث بأن النظام القطرى غير مؤمَّن ضد الغضبة الأمريكية، فالفلسفة السياسية الأمريكية لا تقوم على عقد تحالفات مقدسة ولا أبدية، فهى فى بحث دائم عن تحالفات جديدة وعمن يقدم أكثر حوافز خدمة لمصالحها، فأغلب الحكام العرب مجرد بيادق يتخلون عنها فى أول منعرج.
نحن العرب لا نعيش بمعزل عن العالم الخارجى، نحن فى عالم يقوم على مبدأ منفلت وعدوانى، وهو مبدأ البقاء للأقوى، كل الحروب تدور حول ضمان البقاء، والصراع شديد من أجل هذا الضمان، قادمون ولا شك على عهود قاتمة، سيشتد فيها الصراع وسيحتد فيها النزاع وستستعمل فيها جميع الوسائل الاستراتيجية، من قمعية وغيرها، الجانب الطيب فى العلاقات الخارجية ما نطلع عليه فى الصحف أو فى نشرات الأخبار، رغم ما يظهر لنا بين الفينة والأخرى أنه محزن، لكن الجانب الحقيقى والقاتم ما يدار فى حلقات مغلقة، وكأننا منقسمون إلى عالمين، عالم ظاهرى أخلاقى وإنسانى محدود المفاهيم والفاعلية، وعالم باطنى يمثل دائرة مغلقة ومظلمة تحاك فيها جميع السيناريوهات الواقعية.
يعانى الشعب القطرى من قيود تضييق للحريات يقع التغطية عليها بالرفاه الاجتماعى، لكن هل الرفاه الاجتماعى يصنع إنساناً حراً؟ أبداً، فكلما ارتفعت درجة الرفاه الاجتماعى ارتفعت درجة التضييقات الفردية والجماعية، مما يمثل تعدياً صارخاً على الحقوق الأساسية.
يفتقد المواطن القطرى مجالات يعبر فيها عن رؤاه وقناعاته السياسية، فى بلد تغيب فيه كل أوجه النشاط السياسى، فالسياسة شأن من شئون البلاط، لا يمكن للعامة ممارستها أو حتى ملامسة أبعادها، هذا يحيلنا إلى انتهاك للحريات الفردية والعامة وعدم المساواة أمام القانون والعدالة.
تفتقد قطر نظاما برلمانيا أو دستورا يضمن الحريات ويضبط حدود السلطة وحقوق والتزامات الأفراد ويفصل بين السلطات الثلاث، هذه السلطات التى تجتمع فى يد سلطة واحدة وهى سلطة المؤسسة الأميرية.
فى نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضى، نشأ تيار إصلاحى مهم فى قطر، كانت له العديد من المطالب الإصلاحية، وقد حقق نجاحاً محدوداً فى تحقيق تلك المطالب، وذلك من خلال الاتصال بصانعى القرار، وكذلك أعضاء مجلس الشورى وبعض وجهاء البلاد والشخصيات العامة، غير أن تلك الحركة الإصلاحية بدأ يخبو نشاطها حتى تلاشت إثر استيلاء الشيخ حمد بن خليفة على الحكم فى البلاد.
يعزو العديد من المراقبين للشأن القطرى هذا التراجع فى حركات الإصلاح للقبضة الحديدة التى يمسكها حمد بين خليفة آل ثانى منذ استيلائه على الحكم، حيث تجلى ذلك فى السياسة القمعية والاستباقية التى يسلكها النظام، من ذلك سجن الإصلاحى والحقوقى الدكتور عبدالرحمن بن عمير النعيمى عدة سنوات دون محاكمة، بسبب تعبيره عن الرأى المخالف، وكذلك ما تعرض له الباحث السياسى والاقتصادى الدكتور على بن خليفة الكوارى من مضايقات، وحجز لجواز سفره ومنع الصحف القطرية من نشر أى مقالات له فى الفترة الأخيرة، أيضاً من الأسباب، ما يقال عن التضييق الذى يتعرض له النشطاء فى مجال أعمالهم ووظائفهم الحكومية، هذا دون تجاهل قسوة الأحكام الصادرة فى حق بعض الناشطين الذين شاركوا فى المحاولات الانقلابية الفاشلة لسنة 6991 و2002 و9002.
المؤسسة العربية للديمقراطية
واجهة خداعة لديمقراطية غير موجودة ولن توجد مطلقاً، واجهة للتلميع وللتضليل، تميل الشيخة موزة كثيراً إلى مؤسسات ومنظمات المجتمع المدنى الدولى البراقة، حيث تعمل على استمالتها واستمالة خبرات عربية وغربية فى حقوق الإنسان، يرأسها حالياً التونسى «محسن مرزوق» الذى بدوره يرأس «مركز الكواكبى للتحولات الديمقراطية» والذى على علاقة بـ«بيت الحرية» الأمريكى، تلعب هذه المؤسسات الثلاث دوراً استخباراتياً، يكفى أن نعرف أن من بين أعضاء المؤسسة العربية للديمقراطية من هم أنفسهم أعضاء مركز الكواكبى للتحولات الديمقراطية، لا بل أكثر من ذلك فالتونسى «محسن مرزوق» المدير التنفيذى للمؤسسة العربية للديمقراطية هو أمين مركز الكواكبى للتحولات الديمقراطية، وهو كذلك المدير الإقليمى لبرامج مؤسسة «فريدوم هاوس» بشمال أفريقيا، وهو كذلك عضو فى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة بتونس، كما يرأس مجلساً تأسيسياً مدنياً موازياً للمجلس الشرعى، فكأن الرجل لم يكفه مجلس السرك الأصلى، حتى يضيف إليه آخر أكثر مسخرة لواقع تونسى مؤلم.
إن المنظمات التى يرأسها هذا الرجل تحمل فى طياتها شكوكاً كبيرة فيما تخطط له، فمن بين أهداف مركز الكواكبى الذى يشرف عليه محسن مرزوق هو:
«تدريب المديرين فى مجال التحرك المدنى واستراتيجيات العمل السلمى وإدارة المعرفة فى المنطقة العربية لتطوير مهارات قادة المجتمع المدنى الشبان والناشطين بالمنطقة العربية فى مجال استعمال تقنيات التحرك المدنى، وذلك لتسهيل عملية التحول نحو مجتمعات أكثر احتراماً لحقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية».
معنى ذلك أن دور المؤسسة العربية للديمقراطية ومركز الكواكبى مثلما هو حال دور «بيت الحرية»، يتمثل فى التحريض على الانقلابات فى البلدان العربية، أما وسائل التحرك المدنى التى يقصدها محسن مرزوق، فهى تدريب الانقلابيين على تقنية استعمال الـ«فيس بوك وتويتر» وغيرهما من الوسائل الإلكترونية الفعالة، لتوظيفها فى القيام بالتحركات ضد أنظمة الحكم التى يراد الإطاحة بها، فنفس البرامج التنفيذية الموجودة بالمؤسسة العربية للديمقراطية ومركز الكواكبى للتحولات الديمقراطية موجودة بقدر أكبر من الوضوح فى برامج ومهمات «بيت الحرية» الأمريكى.
لمن يجهل الدور الذى تلعبه «فريدوم هاوس» عليه فقط أن يعرف أن هذه المؤسسة كانت مسئولة عن تحريك العديد من الثورات بالعالم، كالثورة الوردية الجورجية، سنة 3002، حيث اعتمدت المنظمة على شباب حركة «كمارا» الذين تلقوا تدريبات على «الحشد» ولعبوا بنفس لعبة «بيتر أكرمان»، كما ساهمت فى إسقاط نظام «سلوبودان ميلوسوفيتش» سنة 0002، فى صربيا، عن طريق الاعتماد على حركة «أتبور» التى تلقى أعضاؤها «تدريبات» على «حشد الجماهير» وتعلموا استعمال اللعبة التى اخترعها بيتر أكرمان.
كما أنها ساهمت فى الثورة البرتقالية الأوكرانية، الجدير بالذكر أن «الثوار» فى أوكرانيا وقبل الثورة تلقوا دورات فى «الحشد» أيضاً ممن أطلق عليهم «نشطاء فى تعليم الديمقراطية والحشد عبر وسائل الإعلام الحديثة»، تقوم هذه الخطة على تدريب كل ثورى، الذى عليه أن يحاول ضم خمسمائة عضو فى شكل خلايا عنقودية عبر المنتديات الاجتماعية.
وأما عن «روبير مينار».. فحدث
«قطر أسوأ مكان يُكبت فيه الرأى فى العالم»
«مركز الدوحة لحرية الإعلام»، مهمته مثلما يتراءى للباحثين، مكافحة الرقابة الذاتية وإطلاق العنان للإبداع الإعلامى.
واجهة من الواجهات التى تعتمدها قطر لتغطى بها الخروقات الحاصلة فى الديمقراطية، وفى الحقوق الأساسية، الرئيس السابق لهذا المركز الفرنسى «روبير مينار» اختارته الشيخة موزة ليتولى إدارة مركز الدوحة لحرية الإعلام عند إنشائه، فقد كان فى الواقع من وحى فكرته، حيث التقى بها صيف 9002 بمنتجع الشيخ حمد بـ essarg - fuenuaetahc على الساحل اللازوردى، حيث قدم لها مشروعه فأعجبت به وعملت على دعمه مالياً واحتضانه بالدوحة، رغم معرفتها بأنه وقع طرده سابقاً من منظمة «مراسلون بلا حدود».
احتضنته موزة طالما أنه غطاء جديد تستر به عورة الديكتاتورية فى البلاد، لكن يبدو أنها لم تُفهمه أن هناك خطوطاً حمراء وسوداء قاتمة، شأنها شأن الأنظمة العربية الديكتاتورية، فهناك مناطق لا يمكن الولوج إليها أو البحث فيها، فبإمكان مينار أن ينقد من يشاء إلا أهل الدار، وأن يذبح ويسلخ من يشاء فهو فى كل الحالات لن يتفوق على الجزيرة، إلا أن يمسس الوضع الداخلى، فذاك شأن قطرى خالص لا يمكن التدخل فيه، لأنه لو صح ذلك سيتحول إلى تدخل فى شئون داخلية لدولة ذات سيادة، وقد لا ينجو من تهمة المس بالنظام والأمن العام بالبلاد، وقد يتطور الأمر إلى اتهامه بالعمل على تخريب البلاد وهذا ما حدث بالفعل.
الظاهر أن مينار هذا، تصرف ببلاهة وانطلت عليه حكاية حرية الإعلام وحرية التعبير والنشر، تصور مينار أن المركز الذى استدعوه لإدارته يحتاج توصيات وخطة عمل تبدأ من الشأن المحلى، ليكتسب مصداقية إذا تحدث للخارج، لكنه كان واهماً.
فى خطة ذكية وعلى نفس اتجاه قناة الجزيرة، قام مينار بنقد الوضع الإعلامى الخارجى لبعض الدول العربية، وما تمارسه من قيود ورقابة مجحفة على وسائل الإعلام، والظاهر كذلك أنه انتهى من تقاريره وتوصياته بشأن ما يقع فى الخارج وتحديداً بدول الجوار وبالذات بالمملكة العربية السعودية والإمارات اللتين تسعى قطر للتفوق عليهما، حيث أعجبت موزة بمديرها الجديد وشجعته على المضى فى نفس الاتجاه، لكن بغباء فرنسى خالص ونتيجة لحماسه الشديد اختلطت عليه الإشارات فحاول فكها بنفس الشفرة، وأراد أن يركب الجمل لا على حدبته ولكن على عنقه هذه المرة، فما كان من الجمل إلا أن أسقطه أرضاً ورفسه وركله ولم ينجه من ذلك إلا هربه.
هذا ما حدث بالتحديد للإعلامى مينار، عندما انحرف عن النهج الذى رسمه له النظام، حيث أراد إدارة المفتاح فى قفل أحد الأبواب الداخلية، فانتقد فى رسالة مفتوحة للشيخة موزة الوضع السيئ للمؤسسات الإعلامية بداخل قطر، وكيف أنها لا تمثل نموذجاً يحتذى به، والأحسن لتقويم عمل المؤسسة وإعطائها أكثر موضوعية وقيمة بحثية هو البدء بإصلاح الداخل، وذلك بإعطاء مزيد من الحريات وتكوين نقابة صحفية ورفع الرقابة عن الصحفيين وتحرير أقلامهم.
وعوض أن يجد سنداً من الصحفيين الذين يدافع عن حرية أقلامهم انتشرت الردود المنددة كانتشار النار فى الهشيم، انحلت عقد ألسنة الصحف الحكومية، وجرت أقلامها فسلخت مؤخرة الرجل بالسياط، رحلوه إلى فرنسا محملاً بملف اتهامى:
«سعيه لإثارة الفوضى تحت اسم حرية الإعلام وعدم احترامه للوضع الداخلى فى قطر بانتقاداته المستمرة لغياب حرية الصحافة، وأن هناك قوانين على كل من يعمل فى قطر أن يحترمها».
تجسس على شبكة الإنترنت
رقابة على الإعلام
تسوّق قطر نفسها على أنها دولة القانون والحريات، لكن على مستوى الواقع هناك عدم تطابق بين الأطروحة الإعلامية والممارسات اليومية، وفى حين تصوب قطر ذراعها الإعلامية للاهتمام بأزمة الديمقراطية وغياب دولة القانون والمؤسسات بالخارج فإنها تغض الطرف عما يحصل بالداخل.
يمارس النظام القطرى التجسس والحجب على شبكة الإنترنت وذلك عن طريق شركة «كيوتل» المحتكرة لسوق الاتصالات بقطر.
هذه الشركة تعود للعائلة الحاكمة، يرأس مجلس إدارتها «عبدالله بن محمد بن سعود آل ثانى» بل وتؤكد تقارير «منظمة صحفيون بلا حدود» أن شركة كيوتل تتجسس على رسائل البريد الإلكترونى وكذلك رسائل الهواتف النقالة التى تمر عبر مزوداتها.
من خلال زيارة لموقع أليكسا دوت كوم «MOC.AXELA» الذى يقدم تصنيفات لشعبية المواقع على مستوى العالم، وجد نايجل غورلى، رئيس التحرير السابق لصحيفة قطر جورنال اليومية، أن 74 من بين المواقع الخمسمائة الأكثر شعبية على شبكة الإنترنت، محجوبة فى قطر بواسطة أجهزة الغربلة التى تستخدمها شركة كيوتل.
المصدر الوطن
تعليقات
إرسال تعليق