عمرو جاد يكتب عن إستراتيجية "المفاجأة والصراحة" فى أداء إبراهيم محلب..رئيس الوزراء يتمسك بـ"حذر المهندس" فى متابعة التنفيذ بنفسه..ونشاطه يوقظ النائمين فى خبايا الدولاب الحكومى خوفا من الغارات الصباحية

يعرف إبراهيم محلب أن المسئولية الجنائية للعقار المنهار تلاحق مهندس التنفيذ لسنوات لاحقة على انتهاء المشروع، لذا لن تجد مهندسا يقظا يعطى الأمان لمقاول أو عامل أو حتى مواد البناء، ورئيس الوزراء المصرى الحالى -إن جاز التعبير- "ثعلب ميدانى عجوز" لديه خبرات كبيرة فى العمل على الأرض -راجع سيرته المهنية بنفس إذا أردت أن تكتشف ذلك– دعك من تفاهة اتهامه بأنه ينتمى لنظام مبارك، فهو يثبت فى كل جولة قوم بها فى الشارع أنه فهم جيدا الصورة التى يريدها الناس للمسئول التنفيذى، فالمصريون أصابتهم التخمة عبر العقود الماضية من تصريحات رسمية ووعود من مسئولين لا يرى أحدهم فرقا كبيرا بين أن تكون فاشلا أو لصا.
محلب حاليا فى أسيوط، قال كلاما جميلا عن نيته قضاء اليوم كاملا مع أهلها، ومن قبلها فوجئ به العاملون فى مستشفى التأمين الصحى بالجيزة ثم وجده الموظفون بمجمع الأديان بينهم دون سابق إنذار، هذه دلائل جيدة على اجتهاد الرجل للبحث عن مفتاح باب الرضا فى نفس المواطن المصرى، عنصر المفاجأة الذى يتبناه رئيس الوزراء فى جولاته جزء مهم من هذا المفتاح، يتبقى فقط ألا تخذله شبكة الموظفين الكسالى فى الجهاز الإدارى للدولة وتتعامل مع المشاكل بسرعة لا تقارن مع طموحه فى سرعة الإنجاز، تصريحاته أيضا تحمل قدرا من الواقعية، أرى أنها مفيدة فى الأيام القادمة، فمشاكل هذا البلد لن تحل إلا بأن يضعها الناس فى حجمها الطبيعى، لن نحل مشكلة واحدة قبل أن يعترف المسئولون بها أمام الناس. 
لا يجوز الآن أن نكيل المديح لرئيس الحكومة الثانية بعد 30 يونيو، فقط بعضنا يثق فى قدراته وبتحركاته قد منح هذا البعض أملا فأنه سيحدث التغيير المنشود، وقد سمع بنفسه فى مركز المعلومات أن أغلب شكاوى المواطنين فى مصر تنصب على المحليات ربما يدرك الآن كم هى فاسدة ومترهلة ومثيرة للإحباط، لكن لديه الدعم الذى يحتاجه ويمتلك القدرات التى تؤهله لإصلاح هذه المنظومة، تحركاته الميدانية المفاجئة والنابضة بالحياة "ليست للاستهلاك الإعلامى" دفعت كثيرا من الموظفين والعمال الحكوميين المختبئين خلف حالة الفوضى الماضية، يبدأون الخروج من مخابئهم ليعملوا فى الميدان، ستلاحظ أن ثمة شوارع كثيرة يتم تنظيفها صباحا كل يوم على غير العادة، كثير من هؤلاء يخشى "غارة صباحية" من رئيس الوزراء على محل عمله، بقى فقط أن يجرى جولات مسائية، على كل حال فهذه التحركات مؤشر على بعض الحيوية التى بدأت تدب فى الكيان الحكومى الكسول، لكنها ليست نهاية المطاف.
مرة أخرى، لا يحتاج محلب الآن منا المديح بقدر ما ستساعده ثقتنا فى قدرته على إحداث بعض التغيير، واجتهادنا لنؤدى ما نسينا أنه دورنا فى الحياة بأن نعمل وننتظر النتائج وليس العكس، نعلم أن الأخطاء ستحدث والإحباط سيطارد بعضنا، والتحديات ستزداد لكن فلنتحلى بقليل من الأمل وكثير من الإنصاف..أحيانا.




المصدر اليوم السابع

تعليقات

المشاركات الشائعة