عمرو موسى "المشتاق إلى رئاسة البرلمان".. عمل مع 3 أنظمة.. يخوض مفاوضات "إرضاء الجميع

أسقط مشاهد علاقته بالإخوان بعد سقوط "مرسى".. ارتبط بـ"السيسى" أملا فى إنهاء مشواره السياسى بـ"منصب شرفىلم يختف عمرو موسى من المشهد السياسى المصرى منذ نحو 25 عاما اختفت خلالها دول وممالك وتمزقت دول أخرى بين شمال وجنوب وتبدل رؤساء فى كل أنحاء العالم، فيكفى مثلا أن موسى جلس مع حافظ الأسد عندما كان رئيسا لسوريا، ثم بعدها بسنوات جلس مع نجله بشار ويكفى أيضا أنه خلال هذه السنوات تبدل فى الولايات المتحدة الأمريكية نحو 6 رؤساء وأكثر من 10 رؤساء وزارات فى مصر بل وقامت ثورة خلعت رئيسا كان يعمل معه بصفته وزيرا للخارجية، ثم ثورات فى العالم العربى خلعت رؤساء آخرين كان يعمل معهم بصفته أمينا عاما لجامعة الدول العربية ثم احتشد الشعب المصرى مرة أخرى فى الميادين وعزل رئيسا كان يعمل موسى مع نظامه بصفته عضوا فى الجمعية التأسيسية للدستور. تغير وجه الحياة فى مصر والعالم، لكن موسى بقى فى كل العصور، وكان يظهر بمشهد مختلف فى كل عصر بحسب مقتضى الحال والحاجة، حتى إن تناقضت الأحوال والحاجات، فلم يكن لديه مانع أن يمثل نظام مبارك دبلوماسيا لمدة سنوات طوال، ثم يهاجمه بعد خلعه، ويبرر العمل فى حكومته بأنه كان وزيرا لخارجية مصر وليس خارجية مبارك، وكذلك لم يجد أدنى حرج فى أن يجلس مع خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان وقت أن كانت الجماعة تبحث عن طوق نجاة، ثم يخرج ليطالب بعزل الإخوان سياسيا بعد عزل محمد مرسى عن السلطة. تحمل المشاهد المختلفة التى ظهر بها عمرو موسى دلالات مهمة حول التطور الذى لحق بشخصية الرجل منذ أن كان وزيرا للخارجية يحظى بقدر هائل من الشعبية على غير عادة وزراء مبارك ثم أمينا عاما لجامعة الدول العربية علاقته شبه منقطعة بالشأن الداخلى المصرى، ثم مرشحا رئاسيا «خاسرا» وقياديا بجبهة الإنقاذ فى مواجهة نظام الرئيس المعزول محمد مرسى وبعدها رئيسا للجمعية التأسيسية، إلى أن أصبح داعما رئيسيا لترشيح عبدالفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية يراوده الأمل فى الحصول على منصب شرفى يصلح أن يكون المشهد الختامى لحياته السياسية، وبحسب مصادر مقربة منه فإن مساعيه للوصول إلى تحالف انتخابى بين قوى التيار المدنى كانت تأتى فى إطار طموحه للحصول على رئاسة البرلمان فى أول انتخابات تجرى بعد 30 يونيو. فارس فقد جواده عبر موقع «اليوتيوب» هناك مقطع شهير مدته 5 دقائق تم تحميله أكثر من مرة، وفى أقل معدلات مشاهدته سجل نحو أكثر من 5 آلاف مشاهدة، وفى هذا المقطع يظهر عمرو موسى اثناء مواجهة حادة مع شلومو بن عامى، وزير خارجية إسرائيل عبر فضائية الـ«سى إن إن».. كان ذلك فى نهاية عام 2000 عقب فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 وقبيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وخلال اللقاء تحدث وزير خارجية إسرائيل عن القدس باعتبارها عاصمة تاريخية لإسرائيل، لكن موسى رد عليه بعنف وقال له نصا: «متى أنشأتم دولتكم هذه؟ وأين كنتم قبل 1948؟»، وقال له أيضا: «هناك أراضٍ احتلتها إسرائيل فى 1967 وضمنها القدس والأماكن المقدسة وأنتم لم تكونوا هناك قبل 1967».. كان حديث موسى فى غاية القوة أمام العالم أجمع، وكان دليلا على أن حديث نظيره هو مجموعة من أكاذيب تبثها إسرائيل. ربما يفسر هذا الموقف فى هذا الشأن الشعبية الهائلة التى حظى بها عمرو موسى بين الشعب المصرى حتى وصل الأمر إلى أن شعبان عبدالرحيم المطرب الشعبى خصص له أغنية وفى هذا التوقيت سرت شائعات مختلفة، تؤكد أن هذه الشعبية كانت السبب فى الإطاحة به من وزارة الخارجية إلى جامعة الدول العربية. لكن مقطعا آخر على نفس الموقع يكشف تحولا كبيرا فى مواقف موسى، حدث ذلك عام 2009 أى بعد نحو 9 سنوات من الموقف الأول، وكان وقتها أمينا عاما لجامعة الدول العربية، وكان يجلس فى منتدى دافوس وإلى جواره رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركى آنذاك وشيمون بيريز الرئيس الإسرائيلى وبان كى مون وبشكل مفاجئ قرر أردوغان مقاطعة بيريز وتحدث بلهجة لا تخلو من الاستعراض عن آلة القتل التى تمارسها إسرائيل يوميا ضد الأطفال والنساء والأبرياء والجرائم التى تنفذها يوميا ضد الإنسانية، ثم قرر بعد 3 دقائق أن يكمل المشهد الاستعراضى بالرحيل فى حين أن عمرو موسى اكتفى بالمشاهدة ولم ينبس ببنت شفه واكتفى فقط بمصافحة رئيس وزراء تركيا- ليست عضوا بجامعة الدولة العربية بالمناسبة- وعندما فكر أن ينسحب أشار له ممثل النظام العالمى بان كى مون أن يجلس فجلس. كان المغزى البعيد لإشارة أمين عام الأمم المتحدة أن موسى تعلم الدرس، وأصبح ينصت لكلام الكبار وينفذه حرفيا، ولا عجب هنا أن يسجل ذلك المقطع أكثر من 500 ألف مشاهدة لأن الانطباعات الأخيرة هى التى تدوم.. والحكمة تقول: «كفى بالمرء هوانا أن يضيع كل ماضيه». أسرار تكشفها «ذاكرة الإنترنت» داخل الذاكرة الإلكترونية لشبكة الإنترنت يوجد مقطع آخر يخص عمرو موسى يعود تاريخه إلى ما بعد ثورة يناير بأشهر قليلة حيث يتحدث خلاله الكاتب الصحفى عبدالبارى عطوان رئيس تحرير جريدة القدس العربى آنذاك ويذكر واقعة متعلقة بموسى حينما كان أمينا عاما لجامعة الدولة العربية حيث يقول إن أمير الكويت قال لموسى ذات يوم: «السيجار اللى بتشربه من فلوسنا».. حين تم عرض هذا المقطع أمام عمرو موسى فى أحد البرامج التليفزيونية خلال فترة الدعاية لترشحه لرئاسة الجمهورية انفعل بشدة واعتبرها إهانة مقصودة لكن دلالة هذا الموقف ترتبط أكثر بما لحق به فى الانتخابات الرئاسية فهو نفسه لم يكن يتصور أنه سيحل خامسا فى السباق الرئاسى على الرغم من أنه يدرك جيدا أن مواقفه أثناء ثورة يناير اتسمت بالتذبذب الشديد فلم يدع صراحة إلى إسقاط مبارك واكتفى فقط بالدعوة لتأسيس مجالس للحكماء لحل الأزمة وكانت المرة الوحيدة التى نزل فيها إلى ميدان التحرير طوال الـ18 يوما هى يوم الجمعة 11 فبراير أى فى نفس اليوم الذى رحل فيه مبارك. أحد الدبلوماسيين السابقين عندما أراد أن يصف علاقة عمرو موسى بالثورة قال: «تصرف مثل الضباع فى الغابة.. ظل يراقب ميدان التحرير من شرفة مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية فى ميدان التحرير وعندما أدرك أن سقوط النظام أصبح مسألة ساعات قرر أن ينزل إلى الميدان ليروج لنفسه كرئيس للجمهورية». المقربون من موسى يقولون إنه تجاوز صدمة الانتخابات الرئاسية بعد أن اختلى بنفسه عدة أيام ربما يكون قد فكر خلالها أن الحملة التى وصفته بأنه أحد فلول نظام مبارك وبعض الوثائق التى تسربت مثل تلك التى كشفت دوره فى مفاوضات تصدير الغاز إلى إسرائيل كانت سببا فيما لحق به ومن ثم قرر أن يكون جزءا من المعارضة فى المستقبل ليمحو هذا الجزء من الماضى. معارض أم مفاوض فى أحد الحوارات التليفزيونية ظهر عمرو موسى فى حوار تليفزيونى مع الإعلامى عمرو أديب بعد أن تولى مرسى السلطة وأصبح هو قياديا بارزا فى جبهة الإنقاذ المعارضة حينها قال موسى بكل ثقة: «لا أحد فى جبهة الإنقاذ يريد أن يتنحى مرسى عن السلطة إلا حمدين صباحى» وهنا يبرز دور الدبلوماسى الذى ظل موسى حريصا عليه حتى فى ذروة الأزمة مع الإخوان ولهذا أيضا قبل الوساطة التى قام بها أيمن نور زعيم حزب غد الثورة وتمخض عنها ذلك اللقاء الشهير الذى جمع بين موسى وبين خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة قبل شهر واحد من مظاهرات 30 يونيو. اللافت أن علاقة عمرو موسى بنظام الإخوان لم تكن سيئة على الإطلاق وكان الرجل حريصا على «شعرة معاوية» بينه وبين الجماعة فذهب إليهم مهنئا فى افتتاح المقر الجديد للجماعة بالمقطم وشارك معهم فى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ولم ينسحب إلا فى اللحظات الأخيرة. هذه العلاقة بين موسى ونظام الإخوان تتلخص فى ذلك الحديث الودى الجانبى الذى التقطته عدسة «اليوم السابع» بينه وبين عصام العريان فى إحدى المناسبات الاجتماعية حين حدثه العريان بود وتقدير عن استحالة عودة مبارك واكتفى موسى بهز رأسه موافقا. عبده مشتاق كعادة عمرو موسى أسقط مشاهد علاقته بالإخوان من حياته عندما سقط نظام محمد مرسى وظن أنه إذا ارتبط بالسيسى سيحصل على مشهد ختامى جيد لحياته السياسية - يقترب عمره من الـ80 عاما - لذا فإنه أجرى مجموعة من التربيطات تضمن له الفوز برئاسة الجمعية التأسيسية فى مواجهة نقيب المحامين سامح عاشور وظل حريصا على بقاء مجلس الشورى لإدراكه أنه كيان شرفى لن يمانع أحد أن يرأسه وعندما تم حذف ذلك المجلس بدأ الآن يجرى التربيطات من أجل رئاسة مجلس النواب. فى قراءته لشخصية موسى يقول الفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى القيادى بالتيار الشعبى لـ«اليوم السابع» إن عمرو موسى كان له باع طويل فى السياسة الخارجية فى ظل الرئيس المخلوع حسنى مبارك بعد أن تولى حقيبة الخارجية لمدة 10 أعوام ثم انتقل أمينا عاما لجامعة الدول العربية، لافتا إلى أنه نفذ سياسات النظام الأسبق فى مجال التعاون مع الكيان الصهيونى، ومضيفا أن موسى عندما ترك الخارجية وانتقل إلى جامعة الدول العربية حاول أن يعيد دورها مرة أخرى إلا أنه انتهى إلى لا شىء، قائلا «ورغم كل هذا عندما انتهى دوره كأمين عام واتجه للسياسة الداخلية لعب دورا مهما فى رئاسة لجنة الخمسين وكان له دور مهم فى نجاحها وكان يجب أن يكتفى بهذا الدور». الإسلامبولى يرى أن دفاع عمرو موسى عن بقاء مجلس الشورى كان تعبيرا عن أمل لديه فى أن يبقى فى الصورة والمشهد السياسى أيا كان دوره والمآخذ التى من الممكن أن تؤخذ عليه، مشيرا إلى أنه كان يجب عليه أن يكتفى بهذا هو وكل الأجيال السابقة التى تصدرت المشهد السياسى لأكثر من 30 عاما وإعطاء الفرصة لتقدم الشباب.





المصدر اليوم السابع

تعليقات

المشاركات الشائعة