سر «فتنة العريش» موجود فى جبل الحلال
المصدر الاهرام - أنور عبد اللطيف - قضايا و آراء
هل صارت الشكوى وجبتك المفضلة ـ مثلى تأكلها مقلية أومشوية بالزيت أوالسكر أومطبوعة على علب الفول وقراطيس الطعمية ؟ هل تشاهدها مع برامج التسلية الفضائية؟ هل أصابتك سوق العملات بالأرق ليل نهار، هل أصابتك الزيادة فى أسعار الأدوية بالدوار؟ ولا يغمض لك جفن حتى تطمئن على تراجع الدولار؟ أرجوك «اسمع» هذه الحكاية قبل أن ألقى عليك سؤال فى النهاية!
فقد كنت واحدا من ممثلى أسرة تحرير الأهرام الذين شدوا الرحال بناء على اقتراح من رئيس التحرير لزيارة الجرحى من الجنود والضباط فى العمليات العسكرية الأخيرة بسيناء، ولا أخفى عليكم أننى حين ذهبت كنت من «المشمأنطين» على مستقبل هذا الوطن لكننى عدت صرت من الحامدين المتفائلين بسبب ما لمسته من إصرار هؤلاء الأبطال كما علمونى أهمية التضحية ومعناها الحقيقى.
ولفت نظرى أثناء لقاءاتى مع أبطالنا المصابين فى العمليات الإرهابية بسيناء ما قاله الجندى مقاتل أحمد عيد عبد العال المصاب بثلاث طلقات وواحدة دخلت الكتف من الأمام وخرجت من الخلف ويعانى من شلل تام بالذراع اليسرى أنه قال لى (إننا كنا داخلين فى ممر بجبل الحلال بقوات عالية التجهيز واشتبكنا مع تكفيريين بدفع رباعى فانطلق علينا صاروخ وأقسم بالله لو حتى طار دراعى سأرجع مرة أخرى من أجل أخذ تار زمايلى الشهداء مقدم رامى ومحمد طه ومحمد أيمن ووائل جمعة).
انتبهت إلى ماقاله البطل عن جبل الحلال وطبيعة العمليات هذه الأيام فى حضن الجبل ومواجهة الجيش المصرى لعصابات على درجة عالية التسليح سيارات دفع رباعى مجهزة بصواريخ وقنابل وراؤهم بترول ومصانع وورش ؟
وقد كشف لى الدكتور فاروق الباز منذ ثلاث سنوات أهمية تعمير هذه المنطقة واستغلالها وتحويل حياة أهلها من التنقل والرعى إلى الاستقرار كما كشف الدكتور مصطفى أبوبكر الذى أعد دراسة الدكتوراه عنها أن وادى السر والقوارير يسبح فوق دلتا تجرى عكس دلتا النيل, تقع بين جبل المغارة وجبل الحلال التى يواصل الجيش عمليات تحريره، وتقدر مساحة الوادى الجديد بنحو330 كيلومترا مربعا. واقترح شق قناة بطول2 كيلومتر وعمق 6 أمتار عند وادى أبو سوير, جنوب غرب طلعة البدن، لكى توصل المجرى الحالى لوادى العريش بمجراه القديم. هذه القناة سوف تحول مسار مياه السيول الموسمية الى منطقة منبسطة غرب جبل الحلال بها حولى 350 ألف فدان صالحة للزراعة.
وقد استبشرت خيرا باهتمام حكومتنا منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أكثر من مرة الى أهمية توفير الحياة الآمنة المستقرة لأهلنا بالمنطقة لقطع الطريق على التجارة المحرمة التى تتخفى وراءها مافيا التهريب وتجارة السلاح والمخدرات، وجماعات التطرف التى تجعل المنطقة وأهلها فى أيدى العصابات الوافدة؟..
ولكن الرياح دائما لم تأت كما تشتهى السفن!
فقد لا حظت فى كل مرة تبدى فيها مصر اهتماما بتعمير سيناء وهذه المنطقة بالذات يحدث محاولة لتغيير وجهتها، ولا أستبعد أن يكون من بين عمليات الإلهاء وتحويل الأولويات، طرح قضية تيران وصنافير بالشكل الذى تم إثارته، منذ أن وقعت الوزيرة سحر نصر اتفاقية مشروع الملك سلمان لتعمير سيناء فى مارس 2016 ، وبعد أن أصدر الرئيس السيسى قرارا ببدء العمل فى تنفيذ هذا المشروع الضخم فى يناير الماضى بعدها تم تصعيد الهجوم ليس فقط بتسليح متقدم للعصابات الإرهابية، ولكن بإشعال نار الفتنة الطائفية (وكلنا نتابع عمليات تهجير واستهداف الأسر المسيحية من رفح والعريش والشيخ زويد إلى الإسماعيلية ومدن القناة) .. هل تذكرون مشروع الجنرال الإسرائيلى «إلاند» لتبادل الأراضى عام 2009وكان يتضمن إضافة أراضى لغزة من شمال سيناء على أن تأخذ مصر أرضا بصحراء النقب، وهو المقترح الذى طرح على الرئيس الأسبق مبارك، وانفردنا بنشرخرائط (المؤامرة) فى الأهرام وهاجمها أسامة سرايا رئيس التحرير الأسبق، ورغم نفى الرئيس السيسى طرح مثل هذا العرض عليه إلا أن شبح العرض لا يزال يلوح فى الأفق، فيهودية الدولة لن تكتمل فى نظرهم إلا بإقامة إمارة دينية فى سيناء!
وقد ألمح اللواء ناجى شهود المحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية فى حديثه إلى أمانى الخياط أمس أن إسرائيل مازالت تضغط لتغيير هوية سيناء لتصبح حدود مصر قناة السويس وليس عند رفح وبرر سبب إنسحابها من ممر فلادلفيا بين مصر وغزة من الجنود الإسرائيليين حتى يخلو الجو لاندفاع أكثر من مليونى غزاوى إلى سيناء فى الظرف المناسب !
..وبعد .. وقبل كل ذلك؛ هل فاجأك تطور الهجوم الإرهابى ودخوله مرحلة طرد أسر مسيحية من بيوتهم فى العريش دون أن يعرف أحد من الذى وجههم إلى الإسماعيلية؟ وهل تريد أن تتوازن وتعرف حجم العطاء الحقيقى للوطن، وأهميته فى هذه الأيام وما يترتب عليه من تضحيات بالجسد والدم والحياة وأن كل ما أعطيته وتعطيه و ما تعانيه فى الوادى مجرد لعب عيال ؟ إذا أردت أن تتوازن فأنصحك بزيارة للدور السادس بمستشفى المعادى العسكرى لتشاهد الصمود والتضحية الحقيقية.
اقرأ أيضاً :
============
تعليقات
إرسال تعليق