خدعوك فقالوا «بطعم الزبدة الفلاحي».. السمن فيه سم قاتل


المصدر بوابة أخبار اليوم . akhbarelyom . أخبار الصحة

السمن والزبد.. مكونان لا تخلو منهما المنازل على مستوى العالم، لأن بدونهما لن يكون للطعام مذاق، لكن أثيرت بعض التساؤلات في الآونة الأخيرة عن أيهما أفضل للصحة خصوصًا بعد معرفة أنهما سببان رئيسيان في ارتفاع الكوليسترول.
وتنشر "بوابة أخبار اليوم"، حكاية بدء تصنيع السمن والزبد وكيف تحولت الآن ليصبح بعضها أكثر ضررًا على صحة الإنسان، وذلك بحسب رأي الخبراء على موقع "made how"، وكذلك الأطباء.
الصدفة تصنع الزبدة
الزبدة هي مادة دهنية صالحة للأكل مصنوعة من القشدة، ويرجع تاريخ صنعها إلى القرن التاسع قبل الميلاد في بلاد الهند، ولكن بدايتها الحقيقية تعود إلى القبائل البدوية في آسيا عام 3500 ق. الميلاد تقريبًا.
وعلى الرغم من أن الدفعة الأولى جاءت عن طريق الصدفة، عندما ربط أهل هذه القبائل الأكياس المحتوية على الحليب وأخذها معهم كوجبة خفيفة في الرحلات، فكانت الحركة الناتجة أثناء التنقل مع برودة الجو -آنذاك- سببًا كافيًا لتجمع الدهون فوق سطح اللبن لتنتج عنه الزبدة.
انتشرت الزبدة بعد ذلك في كثير من أنحاء البلاد، وكانت أشهرها بلاد الهند، ولأن البقرة تعتبر حيوان مقدس في الديانة الهندوسية، فكانت الزبدة من الأمور التي تلعب دورًا مهمًا في حياتهم وفي طقوسهم المعتادة، فكانت تعطى العرائس الهندوسية الحليب والعسل والزبدة في يوم زفافهم، بالإضافة لتشحيم عجل عربة الزفاف بالزبد لضمان زواج خالي من المتاعب، كما أنها كانت تدهن بها التماثيل الدينية في بعض الأحيان.
وسرعان ما أصبحت الزبدة شائعة في الثقافات التي تعتمد على البقرة المستأنسة، ولكن يمكن أيضًا صنعها من حليب الأغنام والماعز.
وعلى الرغم من أن اليونانيين والرومان لم يكونوا مولعين بالأطعمة التي تعتمد على منتجات الألبان، إلا أن كلمة "زبدة" مشتقة من المصطلح اليوناني "بوتورون"، أي "جبن البقر".
ومع حلول أواخر العصور الوسطى، كانت الزبدة العنصر الأساسي في الأنظمة الغذائية للعديد من الأوروبيين بالإضافة إلى أنها سلعة تجارية قيمة.
ويعود تصنيع الزبدة في الولايات المتحدة إلى تاريخ المستعمرين الأوائل الذين جلبوا معهم الأبقار إلى أمريكا الشمالية، وكان عادة ما تصنع العائلات التي تمتلك الأبقار الخاصة بها الزبدة لنفسها، بحيث كانوا يقومون بترك اللبن حتى ترتفع الكريمة إلى الأعلى، ثم تؤخذ وتترك لتبرد ثم تسخن مرة أخرى على درجة الحرارة حوالي 70 درجة فهرنهايت، ثم توضع في جهاز خشبي، أحيانًا على شكل برميل أو أسطواني، وتمزج بمساعدة مجداف.

هذه العملية تستغرق عادة ما لا يقل عن 30 دقيقة، وذلك حتى يصفى اللبن الزائد من الزبدة، وإذا كانت الأبقار تأكل العشب، فإن لون الزبدة يكون مصفرًا، ولكن خلال فصل الشتاء عندما يحصل البقر على أنواع أخرى من الأعلاف يكون لون الزبدة أبيض.
مكافأة تحويل الزبد للسمن
ومع حلول القرن التاسع عشر، أصبح الزبد عنصرًا أساسيًا شائعًا في النظام الغذائي، ولكنه كان باهظ الثمن، لذلك أجرى الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث مسابقة لمن يستطيع تصنيع بديل للزبدة الطبيعية، لإطعام الجيش الفرنسي والعائلات الفقيرة بثمن معقول.
وفاز "Hippolyte Mege-Mouriez" بالمنافسة عام 1869 على المادة التي أطلق عليها اسم السمن النباتي أو الصناعي، حيث كان تم اكتشاف حمض الماراجيك في عام 1813 من قبل مايكل يوجين، والذي اشتق اسمه من المصطلح اليوناني للؤلؤ، والمارغريت، وذلك بسبب القطرات المعدنية التي لاحظتها شركة "Chevreul" في اختراعه، أما في العصر الحديث فيتم تصنيعه من زيت أو توليفة من الزيوت خلال عملية التوليد الهيدروجيني، وهي طريقة تم التوصل إليها في عام 1910.
هذه العملية تساعد الزيوت النباتية أو الحيوانية على الاستحلاب، أو تحويلها من مادة سائلة إلى مادة دهنية من نصف الحالة الصلبة.
وفي الولايات المتحدة، كان السمن الصناعي هو المذاق المفضل لسنوات عديدة وحتى الأوقات الأخيرة، حيث عانى السمن النباتي من سوء تصنيع، وعادة ما تصنع الزبدة من الحليب والملح، أما السمن النباتي يصنع من مجموعة متنوعة من المواد التي لا تخرج عن نطاق زيت حيواني أو نباتي مثل زيت الذرة أو زيت عباد الشمس، أو في بعض الأحيان خليط بروتين سائل مشتق من فول الصويا.
طريقة صنع الزبدة
تبدأ عملية صنع الزبد الحديثة عندما يتم جلب حليب البقر الطازج من مزارع الألبان إلى المصنع، ويتم فحص المنتج وتصنيفه إلى مجموعات مختلفة وفقًا لجودته المحكوم بها، ثم تصفيته لإزالة الشوائب، حيث يتم فصل الحليب عن طريق قوة الطرد المركزي، ثم يتم ضخه في جهاز دوار كبير اسطواني عمودي.
عند تشغيل الجهاز، يدور هذا السائل حتى يرفع القشطة إلى الأعلى، ثم يتم إدخالها في أوعية كبيرة من الصلب غير القابل للصدأ ويتم تسخينها إلى 180 درجة فهرنهايت لمدة 30 دقيقة، ثم إجراء عملية البسترة لإزالة أي بكتيريا باقية، ثم يترك ليبرد.

طريقة صنع السمن النباتي
يصنع السمن النباتي من مجموعة متنوعة من الدهون الحيوانية، وكان يصنع في الغالب من دهن اللحم البقري، بحيث يحتوي على الأقل 80٪ من الدهون المستمدة من زيوت حيوانية أو نباتية، أو مزيج من الاثنين في بعض الأحيان، ويعتبر حوالي 17- 18.5٪ من السمن النباتي عبارة عن سائل مشتق من الحليب الخالي من الدسم المبستر والماء، أو سائل بروتين فول الصويا، بالإضافة إلى نسبة ضئيلة من 1-3 ٪ من الملح المضاف للنكهة.
ويبدأ تحضير السمن بمعالجة الزيت أو فول الصويا بمحلول الصودا الكاوية لإزالة المكونات غير الضرورية المعروفة باسم الأحماض الدهنية الحرة - حسب ما جاء في الموقع - ثم يمزج الزيت بالماء الساخن، وتكتمل باقي مراحل التصنيع حتى تنتج مادة ليست سائلة بالكامل ولا صلبة كليًا، بل هي مزيج من الاثنين يسمى شبه صلبة.
كما أن الليسيثين عبارة عن دهون طبيعية مشتقة من صفار البيض أو فول الصويا أو الذرة، وهو أحد عوامل الاستحلاب النموذجية المستخدمة في تصنيع السمن النباتي.
تحذير شديد اللهجة
دكتور أسامة حمدي مدير برنامج السمنة والسكر بمركز جوزلين للسكر، والأستاذ المشارك بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، حذر عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" من استخدام السمن النباتي أو الصناعي في الطهي.
وأكد "حمدي"، أن السمن الصناعي يعد من الأطعمة القاتلة التي يتناولها الإنسان يوميًا، حيث أنه يتم تحويل الزيوت السائلة إلى مادة متماسكة القوام يمكن تخزينها لفترات طويلة، وذلك عن طريق تمرير غاز الهيدروجين على الزيت لتحويلة إلى دهون مشبعة وهو ما يسمى بهدرجة الزيوت.
وأشار الأستاذ بجامعة هارفارد، إلى أنه إذا تم هدرجة الزيوت النباتية بصورة كاملة تتماسك كالحجارة، لذا يتم هدرجتها جزئيًا "partially hydrogenated" مما ينتج عنها السمن الصناعي أو ما يسمى بالسمن النباتي.
سم قاتل
وأثبتت الأبحاث الأخيرة أن السمن الصناعي المُخلَّق من الزيوت النباتية يحتوي على أخطر أنواع الدهون والمسماة بالدهون المتحولة "Trans Fat"، وهو أخطر ما يمكن أن تضعه في فمك فهو من أهم أسباب جلطات القلب والمخ، فهذا الدهن هو الوحيد الذي حين تتناوله يزيد من نسبة الكولسترول الضار "LDL" في الدم، في حين يَخفِض الكوليسترول المفيد "HDL".
وابتداء من يونيو الماضي أعلنت الولايات المتحدة، أنها ستكون خالية تمامًا من هذا النوع من الدهون القاتلة في غضون 3 سنوات، وحاليًا في مدينتي بوسطن ونيويورك، يتم إغلاق أي مطعم وتسحب رخصته نهائيًا إذا ثبت طهيه بالسمن الصناعي.
وتتصدر مصر وباكستان قائمة أعلى دول العالم استهلاكًا للسمن الصناعي القاتل، كما توضح الخريطة المرفقة، فاللون الأحمر القاتم يوضح أن هذه الدول تستهلك ما يزيد عن ٤.٥٪؜ من سعراتها الحرارية أي ما يعادل حوالي ١٠ جرام يوميا، ومن المعروف علميًا أن ١-٢ جرام يوميًا يضاعف فرصة الإصابة بجلطات القلب بنسبة تتعدى ٩٠٪؜.
وأضاف د. أسامة حمدي، أن منتجات السمن الصناعي تشمل "التورَت، والكيك، والكعك، والحلويات الشامية، والبطاطس الشيبسي، ومعجنات الأطفال"، ناهيك عن الطهي مباشرة به.

وتابع "حمدي": "لا يمر يوم في مصر دون الإعلان عن هذا السمن القاتل وسط الضحكات والسعادة والتلذذ بطعم الأكل المطبوخ به مع المقولة الخالدة (بطعم السمن البلدي) أو (بطعم ونكهة الزبدة الفلاحي)، والطريف أن تكتب هذه الشركات على علب الصفيح أن سمنها خالي من الكوليسترول، فلا يوجد سمن يحتوي في الأصل على الكوليسترول ولكنه بالتأكيد يرفع الكوليسترول".
وطرح د. أسامة حمدي سؤالا، هل يمكن إنتاج سمن صناعي خالي من الدهون المتحولة؟ وأجاب: "نعم ولكن بتكلفة كبيرة تقلل من هامش ربح هذه الشركات وهذا ما فعلته معظم الدول الأوربية، حيث ألزمت منظمات الصحة بها جميع الشركات بالهدرجة الكاملة وليست الجزئية للزيوت، حتى تتحجر ثم إعادة تسييلها بإضافة مواد دهنية خاصة وماء، وهو ما لم تقم به شركة واحدة في مصر ليبقي السم القاتل في علب الصفيح كما هو.


تعليقات

المشاركات الشائعة