إحنا عارفين.. طيب وبعدين

أكرم القصاص

عارفين.. أول إجابة يمكن أن تسمعها من مسؤول أو نصف مسؤول أو مواطن، إذا نبهته إلى مشكلة فى مصر.. تعليم، صحة، حوادث مرور، طرق.. وفى أى حوار مع مواطن أو وزير، سوف نتعرف منه على عدة عناصر، أولا أن المواطنين من الصغير للكبير، ومن الخفير للوزير، يعرفون مشكلاتنا، ويمكن لأى منهم أن يشرح ـ لك ولها ولهم ولهن ـ أننا نعانى من الإهمال، وعدم تطبيق القانون، وسوف يضيف عناصر وعيوبا مختلفة. و لدينا صفات منها أن بعض المتكلمين يفتون فى كل شىء، وميزة هذا الوقت أننا أمام حكومة تعرف وتعترف بالعيوب والمشكلات، وأن وزير التعليم يعرف مشكلات التعليم، ووزير الصحة يعرف مشكلات الصحة، وطبعا نعرف مشكلات المرور والزحام وأسبابها بالتفصيل. إذا تفرجت على برنامج توك شو، سوف تجد توصيفا للمشكلة وحلها على لسان المذيع والضيف والخبير، نحن والحمد لله لدينا مايكفى ويفيض من المتكلمين رسميا وشعبيا، وفى بعض الأحيان تبدو المعرفة أكثر من اللازم. ومع كل هذه المعرفة، وهذه الاختراعات، نعجز عن حل أبسط مشاكلنا الحيوية، لدينا نظريات لحل مشكلات الطاقة والشمس والصرف والصناعة، ونظريات فى السياسة والاجتماع والثورات الأصلية والمضادة، وليس لدينا ولو نظرية بسيطة لتنظيف الشوارع، والتخلص من القمامة ببساطة ومن دون ضجة. هل العيب فى كثرة الكلام مع قلة العمل؟ أم فى كثرة المعلومات وعدم الأخذ بالعلم والقواعد، وربما فى عدم تطبيق القانون؟. أم من نقص المعلومات والتعليم والاكتفاء بالكلام دون الفعل. تبقى المشكلات كما هى بلا حل، ولا نعرف من أين نبدأ، وأين يمكن أن تكون ضربة البداية، لدينا قوانين تكفى وتفيض لكل شىء، لكن القوانين غالبا موضوعة على الرف بلا تطبيق. من السهل أن تحمل المعارضة الحكومة الموضوع كله وترتاح، فالحكومة هى التى عليها اختراع الحلول واختيار المسؤولين عن تنفيذها، وإقالة الفاشلين. ومن السهل أن تلقى الحكومة الموضوع على المجتمع أو تراكمات سابقة، وتنتقل المعارضة مكان الحكومة ولا يختلف الحل. لأن «اللى على البر عوام». ربما على الجميع أن يشعروا بالقلق، وبحث القضية من البداية مع مختصين ومع ناس من تحت، فى الخلف. ربما كان عامل النظافة البسيط يمتلك حلا لمشكلة النظافة أكثر من محافظ، وربما كان المعلمون يدركون مشكلة التعليم أكثر من وزير التعليم، والطبيب يعرف مشكلات الصحة أكثر من الوزير. ربما تكون بداية المعرفة أن نعترف بأننا لانعرف، وسوف نحاول، وأن يعمل كل واحد ماعليه.



المصدر اليوم السابع


تعليقات

المشاركات الشائعة