ذكرى أبو السعود الإبياري «موليير الشرق» سر تلغراف فيلم «صغيرة على الحب»
مرت علينا خلال الأيام الماضية ذكري ميلاد الفنان والسيناريست الكبير الراحل أبو السعود الإبياري ذلك الرجل الذي تميز بالعديد من الألقاب مثل «موليير الشرق» و»أستاذ الكوميديا» و»النهر المتدفق» و»جوكر الأفلام» و»منجم الذهب» و"الجبل الضاحك" .وكان للإبياري دور كبير في نهضة السينما المصرية حتي أنه قام بتأليف أكثر من 500 فيلم بما يعادل 17% من تاريخ السينما المصرية ، كما قام بكتابة سيناريو 140 فيلما بالإضافة لعدد كبير من المسرحيات والأغاني .والمونولوجات حيث شكل ثنائيا فنيا رائعا مع نجم الكوميديا الراحل إسماعيل ياسينولد الكاتب والسيناريست الكبير أبوالسعود الابياري في 9 نوفمبر عام 1911 بالقاهرة وكتب الزجل وهو طفل في مجلة «الأولاد» وأعجب بالكاتب الكبير بديع خيري كزجال ومؤلف مسرحي وتتبع خطاه وشجعه بديع وكان أول مونولوج يكتبه أبو السعود هو «بوريه من الستات» للمونولوجست سيد سليمان وحقق نجاحاً كبيراً كما كتب إسكتشات فكاهية لفرقة «بديعة مصابني» وكانت أول رواية له هي «اوعي تتكلم» عام 1933م
ولأن كبار المبدعين دائما نجد لديهم مخزوناً من القصص المؤثرة والحكايات تنفرد الأهرام بسر التلغراف الذي أرسله الأستاذ الراحل سعد الدين وهبة إلي الكاتب أبو السعود الابياري يطلب خلاله كتابة سيناريو فيلم صغيرة علي الحب في 10 أيام ، وكان هذا عام 1955 حيث كان الابياري يعاني ذبحة صدرية ومحجوزا بمستشفي المواساة بالإسكندرية وعندما وصله خطاب الشركة أصر علي كتابة الفيلم وانتهي منه خلال 8 ايام فقط وهو ما يؤكد مدي عشق ذلك الرجل لفنه وعمله حتي وهو علي فراش المرض ويرقد بالعناية المركزة
الأديب الكبير خيري شلبي أحد الذين تحدثوا عن أبو السعود الابياري حيث قال: لا أظنني مغاليا إذا قلت إن الأبياري صرح من صروح الإبداع العربي ، مصري الهوية ، لايقل أهمية عن طه حسين والعقاد وسلامة موسي وأحمد شوقي وسيد درويش وكل عظماء مصر في تاريخنا المعاصر ولربما كان تأثيره في الوعي العام وتهذيب السلوك وتنوير الوجدان يوازي تأثير جميع من عاصروه من المبدعين في المسرح والسينما والغناء.
ويكتب الناقد الفني الكبير كمال رمزي عن الأبياري قائلا: يحيرني هذا الرجل ، عشرات الأغاني التي أحببتها ، والمشاهد السينمائية التي عاشت في ذاكرتي ، وحوارات أفلام أكاد أحفظ بعضها ، اكتشفت انها من إبداعه ،فهو من ذلك الطراز النادر ، المتنوع المواهب ، الذي أصبح جزءا من تاريخ الفن المصري والذي أسهم بكتاباته في إبراز قدرات طابور طويل من المخرجين والممثلين والمغنين ،،، إلخ
ويؤكد الفنان صلاح عبد الله الذي جسد دور الابياري في مسلسل إسماعيل ياسين أن ذلك الرجل كان طاقة متجددة من الإبداع ، وكان سريع الكتابة بشكل مذهل حتي أنه كان بمجرد أن يطلب منه أي شيء يقوم بعمله .علي الفور بشكل مبهر ومتقن
وأضاف عبد الله أن الابياري هو رفيق رحلة كفاح إسماعيل ياسين وهو الذي قدمه للعمل بمسرح بديعة مصابني وكان يقوم بتأليف المونولوجات له ، كما كون الابياري وياسين ثنائيا فنيا رائعا تفوق علي بديع خيري ونجيب الريحاني بسبب غزارة الإنتاج وحرصهما علي تقديم كل جديد ، مشيرا إلي سعادته بتجسيد شخصية الابياري التي قام بدراستها جيدا وتعلم منها الكثير.
من جانبه يؤكد المخرج محمد عبد العزيز أن الابياري حالة خاصة في السينما المصرية حيث إنه كان يحمل لقب الفنان الشامل لما قدمه من كتابات سينمائية ومسرحية ومونولوجات كان لها تأثير قوي خلال تلك الفترة مشيرا إلي أن أولاده هم الآخرين ساروا علي نفس الدرب ولهم إسهامات كبيرة في السينما والمسرح والتليفزيون.
وأضاف عبد العزيز أن الابياري لم يأخذ حقه بالشكل الكافي حيث إنه من أكثر المؤلفين والكتاب الذين أثروا السينما المصرية ، كما كان للتعاون بينه وبين إسماعيل ياسين دور في خروج عدد كبير من الأفلام الكوميدية .التي تمثل علامة في السينما المصرية
لقد كان أبوالسعود الابياري قوياً متدفقاً غزير الإنتاج يستمد قوة إبداعاته من المفردات اللغوية التي يرددها الناس في الشوارع والحارات والمقاهي وكتب للسينما أشهر وأجمل أفلامها الكوميدية وأتقن تصوير الشخصيات المصرية الأصيلة وكتب الحوار السلس الذي اشتهر به منذ فيلم «لو كنت غني»ت للفنان بشارة واكيم عام 1942م، ومن أشهر أفلامه الكوميدية «الزوجة 13»، «الزوجة السابعة»، «أنت حبيبي»، «تعالي سلم»، «نشالة هانم»، «عفريتة هانم»، «صغيرة علي الحب»، «جناب السفير»، «هارب من الزواج»، «شباب مجنون جداً»، «طاقية الإخفاء»، «سكر هانم»، «المليونير»، «حواء و القرد»، «البحث عن فضيحة»
وكتب ابوالسعود الابياري سلسلة أفلام الفنان إسماعيل يس التي تبدأ باسمه حيث كون ابوالسعود معه ثنائياً فنياً شهيراً، وأسس معه فرقة إسماعيل يس والتي ألف من خلالها أكثر من 65 مسرحية، ورغم أن أبو السعود الابياري مؤلف كوميدي فإنه ألف للفنانة فاتن حمامة فيلمين من أروع أفلام السينما المصرية وهما «اليتيمتان» و«ست البيت» وكان هو من أعطي أول بطولة لعادل إمام وميرفت أمين في حياتهما الفنية من خلال فيلم «البحث عن فضيحة».
وفي مجال الأغاني كتب أبو السعود الأبياري عدداً كبيراً من الأغاني الشهيرة منها: «يانجف بنور يا سيد العرسان» للمطرب عبد العزيز محمود الذي كتب له أيضاً «تاكسي الغرام»، «يا وله يا وله» للمطرب عبد الغني السيد، و«البوسطجية اشتكوا» للمطربة رجاء عبده وأغنية «واحد أتنين» للمطربة الكبيرة شادية، واستعراض «المجانين» لإسماعيل يس وكتب له أيضاً «عاوز أروَّح» الذي غناه مع المطربة سعاد مكاوي، و«يا عوازل فلفلوا» للموسيقار الكبير فريد الأطرش، وأغنية «قلبي دليلي» للمطربة الكبيرة ليلي مراد، و«الحب له أيام» للموسيقار محمد فوزي، وغيرها الكثير من الأغنيات والمونولوجات الشهيرة في تاريخ الفن المصري.
كما كتب الابياري العديد من المسرحيات من أشهرها «حبيبي كوكو»، «عريس تحت التمرين»، «الست عايزة كدة»، «صاحبة الجلالة»، «من كل بيت حكاية»، «خميس الحادي عشر»، «جوزي بيختشي»، «سهرة في الكراكون»، «عفريت خطيبي»، «ركن المرأة»، «الكورة مع بلبل»، «أنا عايزة مليونير»، «مراتي من بورسعيد»، «روحي فيك»، «كل الرجالة كدة»، «فلوس وحب وزواج»، «حرامي لأول مرة»، «جوزي كداب»، «عمارة بندق»، «مراتي قمر صناعي»، «كنتي فين ليلة إمبارح»، «يا الدفع يا الحبس»، «ضميري واخد أجازة»، «ليلة دخلتي»، «عازب إلي الأبد»، «الحب لما يفرقع»، «عقول الستات»، «يا قاتل يا مقتول»، «المجانين في نعيم»، «عمتي فتافيت السكر»، «منافق للإيجار»، «سنة تانية جواز»، «حماتي في التليفزيون»، «الحبيب المضروب»، وغيرها الكثير من المسرحيات المتميزة
وفي 19 مارس من عام 1969م توفي هذا المبدع تاركا مكتبة زاخرة بالأعمال المتميزة لقد رحل ابو السعود الابياري لكن أعماله ستظل وثيقة من الحب والإبداع للأجيال القادمة.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق