منى عوض تكتب : أزمة عقل

سمع الذئب ان الاسد ملك الغابه مريضا فمر على الثعلب ليزورا الاسد و كان يعلم انه لايحبه و تحقق ظنه ورفض الثعلب ان يات معه ففرح الذئب المرائى و اخبر الملك المريض عن جحود الثعلب الذى سبه و قال له فلتموتا انتما الاثنين فاغتاظ الاسد و استشاط الاسود رفقائه و قرروا الانتقام من الثعلب اللعين الذى سمع ما حدث فجاء مهرولا الى الملك و قدم له فروض الولاء و اعتذر عن تاخره الذى كان بسبب البحث له عن الدواء فنسى الاسد غضبه و ساله وهل وجدته؟
فاجاب طبعا يا مولاى فقال وماهو ؟فاجاب الثعلب ...قد افاد كل الاطباء بان دؤائك الوحيد كى تتماثل للشفاء هو ان تتلحف بفروة ذئب حىء و قبل ان ينتهى من كلماته الحانيه كان الاسود قد التفوا حول الذئب كى يسلخوا فراءه ليتلحف بها الملك العليل ...و هكذا تظل حكايا عالم الحيوان فيها الملك هو الاسد و الثعلب المكار و ميمون القرد الذكى فلم يطرا عليها جديدا برغم كل التطورات الحضاريه و العلميه و لكن للحيوان عذره المقبول فلم يحظى بنعمة العقل التى وهبت للبشر فى عالم الانسان و التى تنازل عنها طوعا الكثيرين فى تلك الايام ففى الوقت الذى يتسابق فيه العلماء و الاطباء مع الزمن لانقاذ الارواح يسعى الاخرون لاذهاق نفس تلك الارواح برصاصات مموله من جهات شيطانيه تود ان تغرس بذور الشر فى ذرات الهواء لتحولها الى بارود و حرائق لا تنطفىء بالقتننه مره و بالشكوك مره اخرى وبالخوف مرات ...ففى عالم الحيوان لا يهاجم الاسد فريسته الا اذا كان جائعا و امام الاطفال و الحب تتبدل طبائع كثير من الحيوانات و ليس ادل على ذلك اكثر من قصة الطفل الذى فقد ابويه فى الغابه فربته غوريلا و ارضعته فكان طرزان الشهير الذى تربى وسط عالم اخر مخالف لطبيعته و تكوينه فلم يمض الى مصير الموت المتوقع له برغم انعدام اسباب الحياه الطبيعيه اما فى تلك الاجواء التى نحياها الان فلم يعد هناك حسابا للانسان فالموت للجميع حتى صارت اخبار الاغتيالات اليوميه كطقس انقطاع الكهرباء متوقع فى اى لحظه و اى مكان دون مقدمات او تقدير للنتائج و كلما كشف الاعلام ستارا فتح الخوف ابوابه فى قلوب ملايين من البشر الذين حلموا يوما بوطن و امان و حريه فوجدوا انفسهم بين سطور صفحة الحوادث التى احاطتهم باخبارها ساعات اليوم التى تبدا من اول صباح الخير يا مصر و استرها يا رب الى ان تنتهى بحسبى الله و نعم الوكيل امام الشاشه السحريه التى غلبت فى محتواها تلك الايام حصيلة الافلام التسجيليه التى وثقت الحربين العالميتين الاولى و الثانيه و كل حروب مصر فى اكثر من خمسين عام و التى تركت اثارها على المدن والاقتصاد و الاجيال التى ساقها الجهل للتنازل عن اعظم نعمه الهيه و يبق السؤال ...هل ما نحياه اليوم من سيل الازمات الى لاتنقطع مسئولية هؤلاء الجهلاء ...اما مسئولية من القى بهم الى جحيم الجهل و افقدهم الوعى و العقل ؟...عفوا فقد تدفعنا الاجابه الى شرف الانتماء لعالم الحيوان...

منى عوض كاتبة روائية وباحثة فى التاريخ



المصدر الشباب



تعليقات

المشاركات الشائعة