حائرون بين المحليات والبترول «عمال المحاجر».. إلى أين المصـير؟!
يبدو أنه لا قيمة للوقت لدى الجهاز الإداري للدولة، فبالرغم من صدور قانون الثروة المعدنية الجديد قبل نحو شهرين، فإن اللائحة التنفيذية للقانون لم تصدر بعد، بسبب الخلاف حول أمور بديهية، أبرزها مصير العاملين في مشروعات المحاجر بالمحافظات وما إذا كان سيتم إلحاقهم على قوة العمل بهيئة الثروة المعدنية، أم سيظلون تابعين للمحليات؟..
ثم كيف سيدبر المحافظون العجز في موازناتهم، بعد توريد نسبة كبيرة من إيرادات مشروعات المحاجر، إلى الخزانة العامة للدولة، بعد أن كانوا يعتمدون عليها في تنفيذ العديد من المشروعات الخدمية بمحافظاتهم، وينفقون منها على مرتبات الجهاز الإداري الخاص بالمحاجر؟!
لا شك، أن عدم صدور اللائحة التنفيذية لقانون الثروة المعدنية الجديد حتى الآن، يعني إهدار المزيد من المال العام، كما يصيب آلاف العاملين بمشروعات المحاجر ، بحالة من القلق، حول مصيرهم ، كما أن وزارة المالية لم تعلن موقفها بشكل واضح، تجاه هؤلاء العاملين، خلال الاجتماعات الخاصة بإعداد اللائحة التنفيذية للقانون، والتي لم تخرج للنور حتى الآن!!
هنا يقول الدكتور عبد العال حسن عطية، المدير التنفيذي لمركز تكنولوحيا الصناعات التعدينية ، عضو مجلس إدارة غرفة التعدين والبترول باتحاد الصناعات وممثل الاتحاد في مناقشات اللائحة التنفيذية- نحن ندور في حلقة مفرغة، فالقانون صدر لإلغاء الرسوم الحالية التي يتم تحصيلها، ولا يتم إيداعها بالخزينة العامة للدولة، لكن مسئولي المحليات لا يعجبهم، والمالية كانت تتجاهل، ولكن بعد صدور قانون الثروة المعدنية الجديد، ستئول كل الرسوم والايجارات والاتاوات إلى الخزينة العامة، وسيكون قطاع المحاجر أكثر تنظيما، وستحصل الدولة على ما يتراوح بين 7 و 9 مليارات جنيه سنويا، كعائدات من المحاجر، وستخضع أموالها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، بحيث لا يتم إهدارها كما كان يحدث في السابق، ولكن تبقى مشكلة الجهاز الإداري للمحاجر، وإلى من سيتبع، ولذلك تقدمنا بمقترح بحيث يتم تقنين أوضاع هؤلاء العاملين، وضمهم لقوة العمل الخاصة بالمحافظات، حسب درجاتهم ومدة خدمتهم، على أن تتولى وزارة المالية تمويل تلك الالتزامات، وبالرغم من مرور شهرين على صدور القانون، لم يتم الانتهاء من اللائحة التنفيذية للقانون حتى الآن، بسبب مناقشات حول أمور بديهية، لن يؤدي حسمها إلا إلي ضياع المزيد من حقوق الدولة، والاموال التي يجب أن تحصل عليها كعائدات من المحاجر بموجب قانون الثروة المعدنية الجديد، ونحن الآن أمام حقيقة مجردة، فالمالية تريد الحصول على عائدات المحاجر، دون أن تتحمل اية التزامات تجاه الجهاز الاداري، الذي يقوم بالعمل في مشروعات المحاجر، ويتولى الاشراف عليها وتحصيل رسومها، بدليل أننا لم نحصل على موافقة صريحة من وزارة المالية، حول مصير هؤلاء الموظفون والعمال، ما أدى إلي تعطيل صدور اللائحة التنفيذية بالرغم من مرور شهرين على صدور القانون، ولاشك أن عدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون، لا يعني سوى إضاعة المزيد من الأموال على الخزينة العامة للدولة، وتعطيل استثمارات المحاجر، حيث يطالب المستثمرون بلائحة تنفيذية مكتملة الأركان، توضح التزامات كل طرف، وواجباته، وحقوقه، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، بسبب الجدل حول بعض الأمور المتعلقة باللائحة التنفيذية، والتي لم يتم حسمها حتى الآن، بالرغم من طول فترة المناقشات، وصدور القانون الجديد منذ شهرين أو أكثر.
تفعيل القانون
وإذا كان من حق وزارة المالية، الحصول على تلك الأمول بموجب القانون، فعليها أيضا أن تتخذ موقفا واضحا وعادلا من مصير هؤلاء العمال والموظفين، وأن تحسم مصيرهم، بالتبعية إما لهيئة الثروة المعدنية، أو للمحليات، وننتهي من هذه القضية الشائكة، بحيث تخرج اللائحة التنفيذية للنور، ويتم تفعيل القانون، لاسيما أن تبسيط الرسوم والإجراءات سيدفع الجميع للعمل في النور، ولذلك يجب أن تكون هناك آليات واضحة وصريحة، ورسوم محددة، تحفظ حق الدولة في المال العام، وتصون حقوق العاملين، وتحافظ على مكتسباتهم المالية، فعلى عاتقهم ستقوم آلية العمل وفقا للقانون الجديد، وبدون الحفاظ على حقوقهم، ربما لن تكون العائدات بالمستوى المطلوب.
قلت: لماذا لا يتم إلحاق هذه العمالة على هيئة الثروة المعدنية، ويتم تعيين وكيل وزارة تابع للهيئة بالمحافظات، لمتابعة الجوانب الإدارية والفنية المتعلقة بالمحاجر؟
ويجيب - د. عطية بقوله إن الثروة المعدنية ربما تكون غير قادرة على بسط سيطرتها على المناطق المحجرية، الممتدة في الصحاري، لاتساع مداخلها ومخارجها، ومساحاتها الشاسعة، ما قد يتعذر عليها تولي المسئولية كاملة، والحقيقة أن الهيئة تتعاون مع كافة الجهات من أجل تفعيل القانون الجديد، وصدور لائحته التنفيذية، لكن القضية أن الأطراف الممثلة لوزارة المالية في اجتماعات اللائحة التنفيذية للقانون ليست أصحاب قرار، ومن ثم تبدأ الاجتماعات وتنتهي دون الانتهاء من حسم الكثير من الامور، ما يعني إضاعة الوقت، وعدم تفعيل نصوص القانون الذي مر أكثر من شهرين على صدوره، وقد اصبحنا أمام وضع شائك، فالقانون القديم أصبح لاغيا بصدور القانون الجديد، والأخير لايزال مجمدا بسبب عدم صدور اللائحة التنفيذية، ما يترتب عليه إضاعة حقوق الدولة، واستمرار حالة عدم الاستقرار داخل المحاجر ، وإداراتها الإدارية، لعدم حسم مصيرها ، هل ستتبع المحليات؟.. أم سيتم نقل تبعيتها لهيئة الثروة المعدنية؟.. ولا أحد من هؤلاء العاملين في مشروعات المحاجر- والذين تقدرهم بعض الارقام بنحو 60 ألف موظف وعامل- ولا أحد منهم يعرف إلى ماذا تتجه نية وزارة المالية في هذه القضية؟ .. ولذلك لابد من تدخل وزير المالية، لحسم هذا الملف، حتى يتم إقرار اللائحة التنفيذية، وتفعيل القانون، فليس من المعقول أن، تستورد مصر خامات محجرية بقيمة 17 مليار دولار، بالرغم من أن مصر غنية بالثروات المحجرية، كما أنه ليس من المعقول أن يتم استيراد رمل لفضلات القطط بـ 200 ألف دولار، وفي دولة تعاني عجزا صارخا في موازنتها العامة، وتمتلك من الثروات المحجرية ما يغنيها عن الاستيراد، إذا أحسنت إدارة هذه القطاع بشكل احترافي، وسيدر عائدات بالمليارات على الخزينة العامة للدولة.
فتح اقتصادى
يعود الدكتور تامر أبو بكر رئيس شعبة البترول والتعدين باتحاد الصناعات المصرية بالذاكرة إلى الوراء، حينما صدر قانون الثروة المعدنية عام 1952، وتم تعديله في عام 1962، وكانت المحافظات- ولا تزال- تتولى الإشراف على المحاجر، ولم تكن هناك لائحة مالية موحدة على مستوى الجمهورية، حتى صدر قانون الثروة المعدنية الجديد منذ نحوشهرين، ولم تخرج لائحته التنفيذية للنور حتى الآن، إذ لم يتم حتى الآن، حسم مصير هؤلاء العمال والإداريين بمشروعات المحاجربالمحافظات، والآن، ستحصل الدولة على عائدات وفقا للقانون الجديد- قد تصل إلى 9 مليارات جنيه، ستحصل المحليات على نسبة منها، ويجب أن تحصل هيئة الثروة المعدنية على نسبة منها، ليس فقط من أجل الإنفاق على الجوانب الفنية، من أجل تنمية الثورة المحجرية، وإجراء الابحاث والدراسات المتعلقة بالاستثمار في هذا القطاع الحيوي، الذي يمكن أن يكون فاتحة خير على مصر، لتصنع مستقبلا استثماريا جديدا، عبر ثروات تمتلئ بها الصحاري المصرية، ولذلك نريد أن تخرج اللائحة التنفيذية للنور، وكذلك يجب حسم مصير هؤلاء العاملين بشكل واضح، لكننا فوجئنا باستمرارفلسفة موظفي الحكومة، في العمل كدولة جباية، لاتزال موجودة في الجهاز الإداري، هم يريدون فقط الحصول على الرسوم والاتاوات، وهي تساوي ملاليم، مقارنة بما يمكن أن تحققه مصر من الاستثمار في هذا القطاع الواعد، ولذلك نحن بحاجة إلى الإسراع في تفعيل قانون الثروة المعدينة الجديد، والانتهاء من لائحته التنفيذية، والتفكير بشكل مؤسسي في كيفية الاستفادة من هذه الثروات.
مصير الجهاز الإداري للمحاجر
* سألناه: متى سيتم الانتهاء من اللائحة التنفيذية لقانون الثروة المعدنية الجديد؟
- أجاب: لقد أرسلت وزارة البترول خطابات رسمية إلى وزارات المالية، والصناعة، والتنمية المحلية، لطلب بيانات، وتفاصيل حول مشروعات المحاجر، ولم تتلق ردا حتى الان، كما أن وزارة المالية لم تحسم موقفها من مصير الجهاز الإداري للمحاجر بالمحافظات، لأن ممثلي الوزارة في الاجتماعات المتعلقة باللائحة التنفيذية ليس لديهم سلطة اتخاذ قرار، ولا أحد يدرك، أنه إذا أراد جمع أموال، تحصيل رسوم، فلابد أن ينفق على تلك المشروعات لكي تؤتي ثمارها، وليس من المعقول أن يكون الهدف هو جمع الأموال دون الالتزام بأي مسئوليات، كما انه ليس من المعقول أن ننظر تحت أقدامنا، فنجني الاموال، دون أن نبحث في كيفية تنمية الاستثمارات، وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بهذا القطاع الحيوي، ولم يعد مقبولا التعامل مع هذا الملف بعقلية موظف الحكومة في زمن الخمسينيات والستينيات، ولابد أن يدرك الجهاز الإداري للدولة، أن العالم قد تغير، وأنه بالامكان الاستفادة من هذه الثروات بشكل علمي، يدر آلاف المليارات على الخزينة العامة للدولة، وإذا كانت الدولة تريد تنمية مواردها، فيجب على مسئوليها التفكير، بطريقة مختلفة، تتماشى مع التقدم العلمي، والفكر الاستثماري المعاصر، دون التمسك بأفكار عتيقة، تقوم فقط على جني الرسوم.
لا مساس بحقوق العاملين
* سألنا المهندس عمر طعيمة رئيس هيئة الثروة المعدنية: لماذا لم تخرج اللائحة التنفيذية القانون الجديد إلى النور؟.. وما حقيقة ما يتردد حول مصير الجهاز الاداري من عمال وموظفي مشروعات المحاجر؟
- فقال: هناك حد ما من التوافق، وكافة الامور في طريقها للحسم، وقد أرسلت وزارة البترول خطابات للجهات المعنية للحصول على تفاصيل وبيانات، والاجتماعات مستمرة، ولا يوجد قانون ولا لائحة، تمنع موظف من الحصول على راتبه الشهري، وحقوق هؤلاء العاملين، ومكتسباتهم المالية مصونة ، ولا أحد يستطيع المساس بها، وسيتم خلال الايام القادمة، الوصول لصيغة مع كافة الجهات لحسم هذا الملف، والانتهاء من اللائحة التنفيذية، لتفعيل قانون الثروة المعدنية الجديد، من أجل تنمية موارد مصر، والاستفادة من هذه الثروات المحجرية الهائلة.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق