أخبار مصر و العالم - اخبار الفن - اخبار الرياضة - الاقتصاد - المرأة و الطفل-اخبار الثقافه
الحصول على الرابط
Facebook
X
Pinterest
بريد إلكتروني
التطبيقات الأخرى
«طوق الحمامة».. كتاب الحب الأشهر فى التراث العربى
المصدر : الوفد - أخبار الثقافة
ربما لا يعرف بعض المصريين الذين يحتفلون بعيد الحب يومى 14 فبراير و4 نوفمبر بشراء الهدايا والورود باللون الأحمر لمن يحبون، اننا لا نحتاج إلى عيد الحب الغربى لكى نحتفل باسمى عاطفة استودعها الله فى قلوبنا لنشعر بالوفاء والاخلاص لمن حولنا فقد سبقنا نحن العرب بسنوات طويلة العالم الغربى فى تقديس عاطفة الحب والاحتفاء بها، ولعل من أجمل الكتب التى تناولت عاطفة الحب فى أرقى صورها، مادونه الفقيه الاندلسى والعالم الجليل «أبو محمد ابن حزم» فى رائعته المعنونة «طوق الحمامة فى الألفة والآلاف» والمشهور بعنوان مختصر هو «طوق الحمامة».
يسبق «ابن حزم» بعدة قرون تلك الاحتفالات الحديثة المعروفة بعيد الحب أو بعيد «فالانتين»، فيرصد بقلب رقيق أحوال العشاق وتقلباتهم، محاولًا الكشف عن ذلك الشعور الغامض والجامح تجاه شخص آخر والقابع داخل ثنايا القلب ويعرف باسم الحب، فيُخرِج لنا أصوله، ويُعرفنا على أعراضه ونواحيه، وصفاته المحمودة والمذمومة، وكذلك الآفات التى تدخل على الحب وتلازمه، مُورِدًا بين ثنايا كتابه بعض القصص التى عاينها بنفسه عن الحب وأبطاله، ثم يختم رسالته الغنية هذه بأفضل ختام؛ وهو: قبح المعصية، وفضل التعفف؛ ليكون قد أحاط بالحب من كل جوانبه..وليس غريب أن عالم فقيه بحجم وقامة «ابن حزم» لم يجد غضاضة فى ان يفتش فى القلوب المتعبة والعيون الساهرة ليرصد احوال الحب ويتأملها وهو الشاعر اللبيب، صاحب المذهب الظاهري، موسوعى العلوم، أكثر علماء الإسلام تأليفًا بعد «الطبرى»، ومن أكبر علماء الأندلس. وله ردود كثيرة على الشيعة واليهود وعلى الصوفية والخوارج.ولد فى قرطبة عام ٣٨٤ﻫ، وظل فيها حتى مات عام ٤٥٦ﻫ، ونشأ بصحبة أخيه الذى يكبره بخمس سنوات، فى قصر أبيه الذى كان أحد وزراء «المنصور»، وكان أبوه يحظى بمكانة كبيرة لدى الخليفة، حتى إنه أسكنه بجواره، وكان جده «خلف بن معدان» هو أول من دخل الأندلس فى صحبة ملكها «عبدالرحمن الداخل» الملقب بصقر قريش.كتاب «طوق الحمامة» الذى ترجم إلى العديد من اللغات العالمية، يعتمد فيه «ابن حزم» على علم النفس التحليلى لعشرات القصص المتعلقة بالمحبين واحوالهم، واسباب شعورهم الطاغى بالفرح لمجرد لقاء الحبيب أو ما يتعرض له المحبين من شحوب الروح والجسد بسبب الهجر والفراق عمن يحبون.يقدم «ابن حزم» فى كتابه «طوق الحمامة» الذى يعد فريد فى بابه العديد من النصائح لهؤلاء المحبين التعساء، فعلى سبيل المثال، يحذر «ابن حزم» الشخص الذى يقع فى الحب من أول نظرة، مفسرًا الامر على هذا النحو: كثيرًا ما يكون لصوق الحب بالقلب من نظرة واحدة. وهو ينقسم قسمين، فالقسم الواحد مخالف للذى قبل هذا، وهو أن يعشق المرء صورة لا يعلم من هى ولا يدرى لها اسما ولا مستقرًا، ثم يذكر «ابن حزم» قصة الشاعر المعروف بالرمادى «يوسف بن هارون» وحكاية عشقه لجارية تدعى «خلوة» وقع فى حبها من النظرة الاولى ولم يراها فى حياته غير مرة واحدة وعلى الرغم من ذلك هى خلوة التى يتغزل بها فى أشعاره، وقال فيها: إن فى قلبى منها لأحر من الجمر.أيضًا من الاعراض الطريفة التى ذكرها «ابن حزم» وتقع للمحبين هى كثرة رؤية المحبوب فى المنام، أو ان يقع الشخص فى الحب عن طريق السمع عن أوصاف تلك المرأة حتى لو لما يرى المحبوبين بعضهما فقد تقع المحبة لمجرد سماع صوت المحبوب من وراء جدار، أو أن يحب شخص صفة معينة فى محبوبته فيرفض اى امرأة اخرى لاتتسم بتلك الصفة ويورد مثال طريف فيقول: فمن أحب شقراء الشعر مثلا لا يرضى بالسوداء الشعر، كذلك حركات العين واشاراتها، فالإشارة بمؤخرة العين الواحدة تعنى النهى عن الأمر وإدامة النظر دليل على التوجع والأسف وكسر نظرها دليل على الفرح والإشارة الخفية بمؤخرة العين تعنى سؤال وترعيد الحدقتين من وسط العينين تعنى النهى العام، واعتبر «ابن حزم» أن العين أبلغ الحواس وأصحها دلالة وأوعاها عملا عن بقية الحواس فى التعبير عن عاطفة الحب.ولقد قسم " ابن حزم " كتابه " طوق الحمامة " إلى ثلاثين بابا بدء بباب علامات الحب وقد ذكر منها إدمان النظر والإقبال بالحديث عن المحبوب والإسراع بالسير إلى المكان الذى يكون فيه المحبوب والاضطراب عند رؤية من يحب فجأة وحب الحديث عن المحبوب بالإضافة إلى الوحدة والأنس بالانفراد والسهر.ويعد " ابن حزم " فى كتابه «طوق الحمامة» كاتب حداثى ينتمى للقرن الواحد والعشرين، ففى هذا الكتاب باب كامل عن المراسلة بين المحبين والتى غالبًا تبدأ بالرسائل المليئة بالعواطف الجياشة بين المحبين، وشعور المحب بالسرور عند تلقيه رسالة من محبوبهورغبة المحب فى إذاعة هذا الحب لكى يعرف الجميع انه من المحبين وفيه يذكر «ابن حزم» وصل المحبوب والمواعيد بين المحبوبين وانتظار الوعد من المحب.كل هذه العواطف الرقيقة والجميلة بين المحبين والتى ذكرها « ابن حزم» فى تحفته «طوق الحمامة»، هى ما تحدث الآن بعيد الفالنتين او عيد الحب ولكن «ابن حزم» كان الأسبق والأجمل.
تعليقات
إرسال تعليق