نيويورك تايمز: خيارات أوباما المحدودة فى التعامل مع الموقف بمصر

فى محاولة لاستنباط اتجاهات سياسات الادارة الامريكية ازاء الموقف و الوضع السياسى القائم الآن فى مصر ، نشرت صحيفة النيويورك تايمز مقالا تحت عنوان " خيارات اوباما المحدودة للتعامل مع الموقف فى مصر" .. و فيه ترى الصحيفة الامريكية ان تسلسل ما سبق واتخذته الادارة الامريكية من قرارات بشان التعامل مع مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير جعل خياراتها الان محدودة بشدة و هو ما ينذر بازمة فى العلاقات المصرية الامريكية .
و تستهل الصحيفة مقالها بالتأكيد على ان قرار الرئيس الامريكى باراك أوباما بالغاء المناورات العسكرية المشتركة التى تعقد منذ فترة طويلة مع الجيش المصري و المقرر لها الشهر المقبل، يعد واحدا من القرارات و الخيارات القليلة المتاحة أمام الادارة الامريكية للضغط على الحكومة المصرية وتوبيخ مستتر لحملة القمع على أنصار الرئيس المخلوع محمد مرسي.
و ترى النيويورك تايمز ان القرار وعلى الرغم من أنه قد يشكل إحراجا للجنرالات فى مصر، الا انه يشير بشكل متزايد ايضا على احباط الادارة الامريكية و تقلص خياراتها فى الضغط على الجانب المصرى ، خاصة و قد ذهبت المناشدات المتكررة من مسؤولي الإدارة للجنرالات فى مصر بضرورة تغيير المسار أدراج الرياح.. وكان أول إجراء للولايات المتحدة ضد مصر ، هو تأخيرالبنتاجون تسليم أربع طائرات مقاتلة من طراز F-16 للقوات الجوية المصرية، وأيضا لم يكن لهذا القرار أى تأثير.
الرئيس أوباما، والذى قطع عطلته في مارثا فينيارد لمعالجة مسالة العنف فى مصر ، أعرب فى كلمته عن غضبه من مشاهد العنف المروعة هذا الاسبوع في القاهرة وغيرها من المدن، مشيرا الى ان هذا يؤثر فى الحفاظ على العلاقة الأميركية مع القوات المسلحة المصرية، والتي تتضمن التعهد بتقديم نحو 1.5 مليار دولار سنويا من المساعدات العسكرية والاقتصادية.
و مع ان عدد القتلى بمصر فى ارتفاع وهو ما يعد علامة على أن الجنرالات في مصر لا يستجيبون للنداءات الامريكية لوقف العنف، الا ان مسئولين في الادارة الامريكية قالوا إنهم الآن يواجهون خيارا موجعا : بان يستمروا فى دعم الجيش بمصر مهما كان الثمن، أو أن يعترفوا بأن العلاقة الحالية لم يعد يمكن الدفاع عنها..وهو ما عبر عنه صراحة الرئيس اوباما فى كلمته بشأن مايحدث فى مصر حينما قال " بينما نحن نريد الحفاظ على علاقتنا مع مصر، واستمرار التعاون التقليدي بيننا ، إلا ان هذا لا يمكن ان يستمر كالمعتاد عندما نرى المدنيين يقتلون في الشوارع ، فيما يتم انتهاك الحقوق ".وقال أوباما "إن المتظاهرين يتهمون واشنطن بالتناوب فى دعم الرئيس مرسي أو بالتواطؤ مع أولئك الذين اطاحوا به".
وحتى هذه اللحظة لا يعرف مسؤولو البيت الأبيض اذا كان من الممكن ان يستجيب الجيش فى مصر و ان يعطى الديمقراطية فرصة جديدة، أو إن ما يحدث فى البلاد الآن هو استعادة لنوع الاستبداد الذي هيمن على مصر في الماضي.. و يبدو الاحباط واضحا على مسئولى البيت الابيض و يقولون إن هناك أصوات تنادى بوقف العمل مع مصر وبقطع مساعداتها، وانهم يتوقعون ان النقاش قد يستغرق بعض الوقت لتحديد الموقف النهائى .
وهناك مسؤولون في البيت الأبيض قالوا إن الرئيس أوباما أصدر قراره بسحب الولايات المتحدة من المناورات العسكرية، والمعروفة باسم النجم الساطع، في مكالمة هاتفية مع مستشاره الأمن القومي، سوزان رايس، مساء الاربعاء و قد تم اخطار المصريين بذلك قبل إعلان الرئيس له فى بيانه ، كما تحدث وزير الدفاع تشاك هيجل في وقت لاحق عبر الهاتف مع وزير الدفاع المصري.
وقال مسؤولون في الادارة الامريكية إنه على الرغم من ان المناورات واسعة النطاق تجرى منذ الثمانينيات و لها أهمية كبرى الا انهم يرون ان قرار الغائها لن يكون له صدى واسع فى الجيش المصرى و لن يغير سياساتهم ، فالقادة العسكريون في مصر، يعتبرون الاحتجاجات الاسلامية " تهديدا لوجود الدولة" ، ويجب أن يتم القضاء عليها مهما كانت التكاليف.
وذكرت "النيويورك تايمز" أن الرئيس اوباما أصدر تعليمات لموظفي الأمن الوطني بايجاد تدابير إضافية ذات وزن مؤثر الا انه لم يحدد ما هي تلك التدابير على الرغم من تلميحه بشأن وقف المساعدات العسكرية.. وقد شكك مسؤول كبير بالادارة الامريكية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، بأن قطع المساعدات قد يجبر الجنرالات لإعادة البلاد إلى مسار التحول الديمقراطي. و اشار الى ان وقف المساعدات يمكن أن يزعزع الاستقرار في المنطقة، وخاصة أمن إسرائيل، ومعاهدة السلام التى أبرمت عام 1979 مع مصر.
و تقول الصحيفة الامريكية انه لأسابيع عدة ، ضغط مسؤولين من إسرائيل وعدة دول عربية على الإدارة الامريكية للحفاظ على تدفق المساعدات الى مصر ، و قالت كل من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة التحرك بان المساعدات اذا قطعت فانهم سيقومون بسرعة بتعويض النقص ، و بالفعل تعهدت المملكة العربية السعودية والإمارات بتقديم 8 مليارات دولار في شكل منح وقروض إلى الحكومة المصرية بعد عزل مرسي الشهر الماضي حيث قدمت المملكة العربية السعودية منح وقروض بنحو5 مليارات دولار ؛ بينما قدمت الإمارات 3 مليارات دولار.. و هى اموال يرى المحللون انها أكثر من كافية لتعويض أي قطع للمساعدات من جانب الولايات المتحدة ،لذا اغلاق حنفية المساعدات الآن قد لا يكون له تأثير فوري على الجيش المصري، كما ان مسؤولى وزارة الدفاع الامريكية يقولون إنه قد تم بالفعل تسليم المساعدات العسكرية لهذا العام.
كما ان المسؤولين العرب يشعرون بالقلق من أن قطيعة بين واشنطن والجيش المصري أمر من شأنه أن يزيد من تآكل النفوذ الأميركي في البلاد والتي كانت على مر التاريخ لها محل الريادة في العالم العربي، وسيفتح الباب أمام منافسين مثل روسيا أو الصين .
وقال مسؤول عربي كبير "إذا حدث قطع للمساعدات، يمكنك أن تكون على يقين من أن بوتين سيصل للقاهرة في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر، وانه سيعطي المساعدات من دون اى شروط."
ويخشى مسؤولو وزارة الدفاع أنه مهما يحدث و فيما لازالت المعونة تتدفق على مصر ، فان النفوذ الامريكى ينحسر بسرعة مع القيادة العسكرية في مصر .. فمنذ الاطاحة بالرئيس مرسي في 3 يوليو، اجرى تشاك هيجل أكثر من 15 مكالمات هاتفية مع الجنرال سيسي، يتوسل عبثا لكى يغير الجيش مساره ، وفي بيان يوم الخميس، قال وزير الدفاع الامريكى أنه في أحدث اتصال مع نظيره المصرى، قال له " انه من الواضح أن العنف وعدم كفاية الخطوات نحو المصالحة ، يعرض عناصر هامة من التعاون في مجال الدفاع لدينا للخطر" .
وفي حين يقر مسؤولون في الادارة الامريكية ان مصر يمكن أن تجد بديلا محل المساعدات العسكرية الأميركية ، الا ان البلاد ستدفع ثمنا على المدى الطويل لفقدان الاستثمار الأجنبي وتدمير صناعة السياحة - وهي النقطة التي ألمح أوباما لها في بيانه يوم الخميس.
وقال بعض المحللين ان الادارة الامريكية ستضر نفسها اذا لم تقم على الفور بإجراء مراجعة شاملة لسياستها تجاه مصر بعد الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في عام 2011. و يرون ان الولايات المتحدة، على حد قولهم، متشبثة جدا بالامتيازات المكتسبة من تلك العلاقة، مثل حقوق العبور السريع عبر قناة السويس.
وكان السيناتور الجمهوري جون ماكين والذي عاد لتوه من رحلة إلى القاهرة بناء على طلب الرئيس أوباما، قد وجه انتقادات حادة للرئيس لعدم العمل بقوة أكبر ضد استيلاء الجيش على السلطة، و طالب بتطبيق القانون الخاص بقطع المساعدات الأمريكية للدول التى تشهد انقلابا عسكريا يزيح حكومة منتخبة حسب رؤيته .وقال ماكين إن على جماعة الإخوان المسلمين ان يتقبلوا عدم عودة مرسي إلى السلطة، لكنه حث أيضا الجيش على إقامة العملية الديمقراطية.




المصدر ايجى نيوز



تعليقات

المشاركات الشائعة