الملاك الحزين!
بريد الجمعة يكتبه : احمد البرى
لم أتصور يوما أن أبحث عن مخرج من النفق الطويل الذى أدخلت نفسى فيه بإرادتى، متوهمة انه الواجب والأصول، لكن مرارة الأيام جعلتنى أتوقف فى هذه المرحلة من العمر لكى أعيد حساباتى، وأتطلع إلى حل يريحنى من العذاب، ويفتح لى أفقا جديدا من الأمل،
وها أنا أسرد لك حكايتى راجية أن ترشدنى إليه، فلقد ولدت فى أسرة متوسطة لأب موظف، وأم لم تنل قسطا كبيرا من التعليم لكنها تتمتع بطيبة وحنان يحسدها عليهما الجميع، ولى شقيقان يكبرانى ببضع سنوات، وأنا البنت الوحيدة، وأصغر أفراد الأسرة، ولم يكن كل ما نطلبه يجاب لنا، فوالدى يتقاضى راتبا بسيطا يكفى بالكاد المتطلبات الضرورية للبيت والأولاد، وليس هناك مجال لأى أعباء اضافية.
واستمرت حياتنا على هذا النحو إلى أن وفق الله أبى فى الحصول على عقد عمل بدولة عربية، فتحسنت ظروفنا، وصرنا فى وضع مادى أفضل بكثير مما كنا عليه، وتفوقنا فى دراستنا، وحصل شقيقى الأكبر على بكالوريوس الهندسة، ثم شقيقى الذى يليه على ليسانس الحقوق، وحصلت أنا أيضا على مؤهل عال من كلية عملية، وفور تخرجى تم تكليفى فى إحدى الجهات، ثم تعيينى بها، وكان عمرى وقتها اثنين وعشرين عاما، وأقبلت على عملى بكل جد ونشاط، واكتسبت سمعة حسنة، واتسمت بين زملائى وزميلاتى بخفة الظل، وروح الدعابة، مما جعلنى محبوبة من الجميع، وتدرجت فى العمل سريعا، واحتللت موقعا لم يصل إليه أى من زملائى من نفس دفعتى.
وربانى أبى تربية الأولاد، متناسيا أننى بنت، وسعدت بذلك، وساندت والدى فى كل شىء، وتحملت عنه أعباء كثيرة مما كان يجب أن يقوم به شقيقاى، وربما ما دفع والدى إلى الاعتماد علىّ هو أن شقيقى الأكبر كان يدرس فى إحدى الجامعات بمحافظة غير التى نقطن بها، وكانت إجازته التى يقضيها معنا هى أيام الأربعاء والخميس والجمعة من أول كل شهر، وفى الوقت نفسه لم يطلب من شقيقى الأصغر القيام بأى عمل يقتضى مجهودا أو يتطلب الحركة لمسافات طويلة، إذ انه ولد بعيب جسمانى فى الجانب الأيسر، ولم يكن قادرا على القيام بأى عمل، وهكذا أوكل أبى إلىّ مهمات عديدة ليست من مسئولياتى كبنت، وأديتها بنجاح وارتياح، وتخرج شقيقى الأكبر، وهو يكبرنى بثمانى سنوات، وفور حصوله على شهادته قرر أبواى تزويجه لكى يفرحا به، وبأولاده الذين تمنيا أن يرياهم فى حياتهما وقبل رحيلهما عن الحياة على حد تعبيرهما الذى كرراه على مسامعنا كثيرا، وهو مدلل منذ الصغر، واحتل مكانة خاصة لدى والدى، لدرجة أننى وشقيقى الآخر كنا نغار منه، ولم يجرؤ أحدنا على أن يفاتحهما فى هذا الأمر برغم آثاره النفسية السيئة علينا، والتى لم تلفت نظرهما أو يعيراها أى اهتمام.
وتزوج بالفعل فى حفل كبير من فتاة رشحاها له، ووافق على ارتباطه بها. وأقام فى منزل قريب منا، وهو ملك لأبى، ومرت عدة سنوات. وكنت وقتها قد بلغت سن الثامنة والعشرين، وتعب والدى صحيا لفترة قصيرة ثم رحل عن الحياة، وسقطت والدتى على الأرض مغشيا عليها فور أن أبلغنا الطبيب بوفاته وتبين إصابتها بجلطة فى المخ، أثرت كثيرا على حالتها الصحية، فلم تعد تستطيع الوقوف على قدميها بمفردها، وتحتاج إلى من يتحرك معها فى كل خطوة تخطوها، علاوة على زيارات الأطباء، ومراكز الأشعة والتحاليل، فصرت لها كل شئ، يديها ورجليها، وعقلها وقلبها، وتحملت أقدارى بصبر وجلد، ولم يمر عام واحد حتى لحق بها شقيقى الثانى، وهو يكبرنى بست سنوات، إذ ظهرت عليه أعراض غريبة، وشكا من أنه لايقوى على المشى، وكان يسقط على الأرض فجأة بلا سبب واضح، وذقت الأمرين فى تشخيص حالته، حيث أصبحت زبونة دائمة على العيادات والمستشفيات، وفحصه أطباء فى مختلف التخصصات من باطنة ومخ وأعصاب، وكانت لكل طبيب رؤيته وتحاليله وأدويته، وقد تدهورت حالة شقيقى تماما، وأخيرا شخص أستاذ معروف فى المخ والأعصاب حالته بأنه مصاب بالتصلب المتناثر أو ما يسمى مرض MS..و هذا المرض ليس له علاج حتى الآن وكل ما يتعاطاه المصاب به مجرد أدوية للحد من الانتكاسات التى تلحق به واحدة بعد الأخرى، والمضاعفات الخطيرة نتيجة تغلغل المرض فى جسده، وبعد عامين فقد أخى القدرة على المشى، وصار ملازما للسرير، والعلاج الطبيعى.
وهكذا أصبح علىّ أن أوفق بين عملى، ورعايتى أمي وشقيقى الثانى، أما شقيقى الأكبر، برغم أن منزله لا يبعد عنا سوى خطوات معدودة فلم يبال بنا أو يشفق علىّ من الحمل الثقيل الذى أتحمله دون ضجر أو تخاذل، ولم أتقاعس لحظة واحدة عن مهمتى تجاههما، ورفضت الحديث فى الزواج أو مجرد التفكير فيه، إلى أن أكمل هذه المهمة الانسانية التى لا ترقى إليها أى مهمة أخرى.
ويبدو أن قدرى هو أن تمتد مسئوليتى إلى جميع أفراد الأسرة بمن فيهم شقيقى الأكبر، الذى لم يكن له وجود فى حياتنا، إذ أصيب بجلطة فى القلب، وارتفاع فى ضغط الدم، وكانت التعليمات الطبية له بأن يتناول نوعيات محددة من الأطعمة لكى لا يتعرض لانتكاسة صحية، لكنه لم يهتم بأى ملاحظات للأطباء، وتعرض لمضاعفات خطيرة، ولم يجد بدا من تغيير خمسة صمامات بالقلب، وهى جراحة دقيقة طرقت من أجلها باب مستشفى إستثمارى كبير، وبتوفيق من الله نجحت العملية على يد خبير أجنبى، ومكث شقيقى فى المستشفى ثلاثين يوما، ولم أخبر والدتى وشقيقى الثانى بطبيعة الجراحة التى أجريت له، خوفا من انتكاسة حالة والدتى أكثر مما هى فيه، وقلت آنذاك إنه دخل إلى المستشفى لاجراء قسطرة تشخيصية، وافتعلت أسبابا كثيرة لعدم عودته إلى المنزل بسرعة، ومنها ان الأطباء يريدون الاطمئنان عليه وعلى نسبة السكر فى الدم وضبطه، وكذلك السيطرة على ارتفاع ضغط الدم، أما عن زوجته فقد أبلغتها بالحقيقة فور خروجه من حجرة العمليات، وطلبت منها ألا تتحدث مع والدتى وشقيقى الثانى فى حالة زوجها. وظللت على اتصال دائم بالأطباء المعالجين له إلى أن أوصلته إلى بر الأمان، وعاد إلى منزله، وزار والدتى لكى يطمئنها على نفسه، وما أن رأت الجرح الكبير فى صدره نتيجة عملية القلب المفتوح التى أجريت له حتى أغمى عليها، ودخلنا فى دوامة جديدة من الجولات على الأطباء إلى أن استقرت حالتها.
وطوال هذه الرحلة الحزينة من حياتى، لم ألتفت إلى حياتى الخاصة، مثل كل فتاة تتمنى الزواج والاستقرار، فبعد عدة عروض تلقيتها فى السنوات الأولى التى تلت رحيل أبى ومرض والدتى وأخى الثانى، قررت عدم الزواج لأننى لن أستطيع التوفيق بين متطلبات الأسرة وعملى، وتأكدت وقتها اننى لو تزوجت، فسوف أحمل بعد عام على أقصى تقدير لقب مطلقة، ولم يكن دافعى إلى هذا القرار نابعا من فراغ، وإنما جاء بعد أن طرق بابى شباب كثيرون يطلبون الارتباط بى، وما أن أقص على الواحد منهم حكايتى حتى يأتينى رده المحبط أحيانا والغريب أحيانا أخرى، فلقد قال لى أحدهم «أنا سأتزوجك أنت وحدك، ولن أتزوج عائلتك كلها»، وقال آخر: «إننى سوف ارتبط بك لكى تساعدى أمى»، وقال ثالث: «والدتى تعبانة، وتحتاج إلى من يراعيها».. من هذا المنطلق اتخذت قرارى بعدم الزواج، وفضلت أن أرعى أسرتى على أن أتزوج بأى من هؤلاء الشباب، وكنت إذا تقدم لى شاب أو حاول أن يتقرب إلىّ، أرفضه دون إبداء الأسباب، واعتبرت ما أنا فيه من متاعب، إنما هو اختبار من عند ربنا، فمن الصعب جدا أن أتخلى عن والدتى وأخى، لأننى إذا فعلت ذلك فسوف أكون بنتا لا تعرف الأصول، ولم يربها أهلها!
ومنذ عام ونصف العام رحلت والدتى عن الحياة، وتركتنى مع شقيقى المريض، وقد بلغت سن السادسة والأربعين، وكلما خلوت إلى نفسى أستعيد شريط حياتى فأجدنى قد قدمت كل ما فى استطاعتى وكنت «رجل البيت» طوال عمرى بسبب مرض أخى الثانى، وعدم وجود شقيقنا الأكبر فى حياتنا، وكنت أظنه سوف يتغير بعد الجراحة الخطيرة التى نجاه الله منها، والتى لم أتركه لحظة واحدة خلالها إلى أن استعاد صحته، لكنه إنصرف إلى أسرته، ولم يهتم بأمرى أو يقدر تضحياتى، فها هو منغمس فى حياته وأولاده، وقد قام بتزويج ابنته الكبرى لشاب يعرفه واسكنهما فى المنزل الذى يعيش فيه، ويبحث عن زوج لابنته الثانية ويعمل بالمثل الذى يقول: «أخطب لبنتك وما تخطبش لإبنك». والمثل الآخر الذى يحكى لسان حاله: «لو ما جوزتهمش فى حياة عينى هيلوصوا بعد وفاتى»!
ولم يفكر حتى اليوم فى أمرى، مع اننى والحمد لله، أتمتع بخفة الدم ومحبوبة فى العمل، ولا يظهر علىّ عمرى الحقيقى، ومن يرانى لا يعطينى سنى، ،وهى نعمة من الله، ومازال يأتينى العرسان ولكن، وما أدراك ما كلمة لكن، نعم هو عريس ولكن خرج إلى المعاش ومعه حقيبة أدويته، ويريد من تمرضه وتتولى أعمال المنزل، وهناك من يكبرنى بقليل ولكنه يريد مربية لأولاده، وهناك المتزوج غير المرتاح مع زوجته ويسعى للارتباط بشرط أن يتم الزواج عرفيا أو سريا، وبالطبع لم أوافق، ولن أوافق على الارتباط بشخص من هؤلاء.
وانى أسألك، لو أن والدى حي، هل كان سيتركنى أمضى إلى ما أنا فيه الآن، أو صارت حالى كالتى أحياها من حزن وهم وتعب، وهل كان سيعمل بمبدأ شقيقى الأكبر بضرورة تزويجى فى حياته، قبل أن «ألوص» بعد وفاته؟،،، أليس ذلك بالفعل هو ما وصلت إليه بعد هذه السن الكبيرة دون زواج.. ثم هل تجدنى قد أخطأت بـ«الاسترجال» وتحمل مسئوليات ليست لى؟.
إننى لا أنام الليل.. وأفكر دائما فى قرارى الذى اتخذته منذ ثمانية عشر عاما بالعزوف عن الزواج من أجل والدتى وأخى الثانى، ثم أنظر إليه وهو نائم لا حول له ولا قوة فاستغفر الله وأستعيذ به من الشيطان الرجيم، ويبقى سؤالى الأخير: هل فى العمر بقية لاستعادة الأمل فى الحياة أم أنه قد فات الأوان؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
استوقفتنى فى تجربتك المليئة بالعبر والعظات، الطريقة التى تربيت بها أنت وشقيقاك، والتى أستطيع أن ألخص أهم بنودها فى تسلط أبويك عليك، وتدليلهما الزائد عن الحد لشقيقك الأكبر، واهمالهما شقيقك الثانى الذى لم يهتما بأمره أو يلقيا بالا لما يعانيه من متاعب وآلام، وتركا لك مسئولية إدارة شئون الأسرة التى زادت أعباؤها بعد رحيل أبيك، لتجدى نفسك تسبحين بمفردك فى بحر الحياة الهائج، والمطلوب منك أن تمتصى كل الأمواج، وتواجهى العواصف، ليس فيما يخصك فقط. وانما أيضا فى جميع شئون الأسرة، حتى شقيقك الأكبر المدلل الذى تحملت عبء رعايته فى فترة مرضه إلى أن أجريت له الجراحة الدقيقة وتعافى تماما، بينما اكتفت زوجته بزيارته مثل أى شخص آخر وهى التى كانت من المفروض عليها أن تقوم بهذا الدور، ومع ذلك لم يقدر لك شقيقك ذلك، وانصرف إلى حاله التى تعود عليها، ولم استغرب لموقفه، إذ ماذا تنتظرين ممن لم يتحمل أية مسئولية فى حياته، وكان دائما هو الآمر الناهى الذى يأمر الآخرين فيطيعونه بلا نقاش أو مراجعة، وهذا كله مرده إلى تدليله فى الصغر، فصار هذا ديدنه ولن يستطيع أحد تغيير سلوكه إلا إذا راجع نفسه، وأدرك خطأ الدرب الذى يسير فيه، كما أنه بكل أسف لم يتعلم من درس مرضه، وظل على تخليه عنكم، ولم يفكر فى مساندتك أو حتى مجرد الحديث معك فيما يخصك بعد رحلة كفاحك الطويلة من حيث الزواج والاستقرار، وركز اهتمامه على تزويج بناته، وأعتقد أن زوجته لها اليد الطولى فى ذلك، وانه لم ينح هذا المنحى من تلقاء نفسه، فقام بتزويج واحدة منحها شقة بمنزله، ويكرر الأمر نفسه مع ابنته الثانية حاليا، وهو يفعل ما يفعله دون أن يتوقف عند صنيعك له.
وفى إطار حديثنا عن التربية أقول: إن الانسان لا يوفق فى شىء كما يوفق إلى مرب ينمى ملكاته الطبيعية، ويعادل بينها، ويوسع أفقه، ويعوده السماحة وسعة الصدر، ويعلمه أن يكون مصدر خير للناس بقدر ما يستطيع، وأن تكون نفسه محبة للخير، وقلبه مملوءا عطفا وبرا بالآخرين، وهذه هى المبادئ التى التزمت بها، فى الوقت الذى لم يتعلم شقيقك الأكبر منها شيئا، وهى خصال حميدة، جعلت منكِ إنسانة قوية أدت ومازالت تؤدى مهمتها تجاه أسرتها بنجاح، وليس هذا «استرجالا» بالمعنى الذى ذهبت إليه، وإنما هو شهامة وإيمان بالله وثقة بالنفس.. وبرغم كل الهموم الملقاة على عاتقك، فإنك لم تتخلى عن خفة الظل، فالنفس الباسمة ترى الصعاب فيلذها التغلب عليها، تنظرها فتبتسم وتعالجها فتبتسم، وهذه الصعاب أمور نسبية، فكل شئ صعب عند النفس الصغيرة، ولا شئ مستحيل عند النفس العظيمة.
ويحضرنى قول الشاعر:
إذا تضايق أمر فانتظر فرجا
فأصعب الأمر أدناه إلى الفرج
وحينما يثق الانسان بربه، ويفوض الأمر إليه ويتوكل عليه، فإنه ينقذه من الكربات ويخرج به من الأحزان، «وكفى بربك هاديا ونصيرا». فعليك نبذ الحزن وجلب السرور، واستدعاء الانشراح، والتوكل على الله، وسؤاله الحياة الطيبة، وصفاء الخاطر، وراحة البال، فكل ما مررت به من تجارب، وما أتيتيه من أفعال أراها تصرفات عظيمة لا يأتيها إلا ملاك قدم عطاء وافرا للآخرين عن طيب نفس، ومن يتمتع بهذه الصفات لايمكن أبدا أن يحزن أو يعرف إليه الندم سبيلا، فالحقيقة انك قدمت نموذجا عظيما للفتاة التى آثرت أسرتها على نفسها، وهذا فضل لك يجعلك راضية عن نفسك، ويؤكد نقاء معدنك، وليس وهما كما تتصورين، ولا تنسى قوله تعالى: «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة».. نعم أنت واحدة من هؤلاء الذين يجدون راحتهم فى خدمة الآخرين، فما بالنا لو أن هؤلاء هم الأب والأم والإخوة، فطوعى نفسك لمعايشة أوضاعك واعفى واصفحى عن شقيقك الذى تجاهلك، وغضى الطرف عما واجهته من متاعب جسام، وسوف يأتيك من هو جدير بك، فالعمر متسع أمامك، والانسان ينشد الزواج والاستقرار والسعادة فى أى مرحلة من العمر، ومن يدرى، فلعل الله يدخر لك من يعوضك عن كل ما لاقيته من صعاب، وربما لو تزوجت فى مرحلة مبكرة من العمر ما عرفت طعم الاستقرار، وما أكثر الرسائل التى يحملها إلىّ البريد عن حكايات البنت التى وصلت إلى سن كبيرة، ولم تتزوج، أذكر منها فتاة تعدت سن الأربعين، وهى تعيش فى قرية لم تبلغ فيها فتاة ستة عشر عاما دون زواج، بل وكثيرات منهن يتزوجن بعقود عرفية لأنهن لم يصلن إلى سن الزواج بعد وفقا لقانون الأحوال الشخصية، وعانت هذه الفتاة نظرات الآخرين، والأسئلة المتلاحقة خصوصا من السيدات عن سبب عدم زواجها، ولما شاء الله أن تتزوج رزقها بإنسان فاضل شاركها كل شىء حتى شئون المنزل، وكان كريما، دمث الخلق، ثم توج الله سعادتهما بإنجاب ولد وبنت، واستنتجت من هذه التجربة التى مازال بطلاها ينعمان بالحب والاستقرار أن العبرة ليست بالسن التى تتزوج فيها الفتاة، وإنما بالحياة السعيدة المطمئنة التى سوف تحياها، وقد تنجب المرأة فى سن كبيرة، ولا تنجب فى عمر صغير، أما الجمال فهو مسألة نسبية، إذ أن للرجل عينا ليست للمرأة، وعندما يستقر الحب فى القلب، فلا شئ يعادله، وها هو الشاعر يقول:
عين الرضا عن كل عيب كليلة
وعين السخط تبدى المساويا
ويبقى أن أقول إن كل شىء بقدر، وأن الانسان يستوفى رزقه وحياته فى الدنيا حين يأذن الله، فانتظرى طائر السعادة الذى سيحلق ببابك ويكلل مشوارك الرائع بالهدوء والاستقرار.
المصدر الاهرام
تعليقات
إرسال تعليق