حملة"امنع معونة"وخبراء يقترحون بدائل للمعونة الأمريكية

بعد نجاح ثورة 30 يونيو فى الاطاحة بنظام الرئيس السابق محمد مرسى وفض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة تواصلت التهديدات الامريكية بالتلويح بقطع المعونة الامريكية عن مصر فتعالت الأصوات المطالبة بالاستغناء عن المعونة الأجنبية استنادا إلي أن من لا يملك قوته لا يملك حريته فضلا عن تأكيد بعض المحللين أن تلك المعونات ليست حبا لشعب مصر ولكنها مشروطة ويجب التخلص منها حيث إنها تضر بالجوانب المعنوية والسيادية للشعب المصرى.
وظهرت حملة شبابية جديدة تطالب بمنع المعونة الامريكية والاستغناء عنها والبحث عن بدائل جديدة لها وأكدت حملة"امنع معونة"أنها استطاعت خلال الفترة الماضية، أن تجمع ما يقرب من نصف مليون توقيع، من مختلف المحافظات فى مصر، وتسعى فى الفترة القادمة، إلى تكثيف من تواجدها فى الشارع، حتى تستطيع أن تصل لكل عائلة مصرية داعيا جميع قوى الشعب للانضمام للحملة.
وقالت الحملة إن رفض المعونة الأمريكية، خطوة أولى على طريق الاستقلال الوطنى، وليس مجرد رد على تصاعد محاولات التدخل الخارجى فى الفترة الأخيرة، أو ردا على التصريحات العدائية التى تتناقض مع سيادة مصر واستقلالها، ولكنها ضرورة لبناء مصر القوية القادرة التى تعتمد على نفسها، وتمتلك قرارها، ومصر المؤثرة دوليا وإقليميا.
وعن رأى الخبراء بداية قال الدكتور أحمد النجار، الخبير الاقتصادى، إن مصر بدأت في الحصول علي المعونات الأمريكية بعد معاهدة السلام، التي تم توقيعها بين مصر وإسرائيل برعاية أمريكية، وكان ذلك في عام 1979 ومنذ ذلك التاريخ اقترح الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمي كارتر أن تقوم أمريكا بدفع معونة لكل من دول الصراع في منطقة الشرق الأوسط مصر وإسرائيل، ومنذ وقتها تمت الموافقة علي ترتيب معونة لإسرائيل تبلغ 3,2 مليار دولار سنويا ومعونة لمصر تبلغ 1,2 مليار دولار معونة سنوية عبارة عن 1,1 مليار دولار معونة عسكرية و1 مليار دولار معونة اقتصادية.ومنذ ذلك التاريخ تقوم أمريكا بسداد هذه المعونة في شكل سلع وخدمات وليست معونة نقدية، كما تحصل عليها إسرائيل فنجد أنه منذ بداية الألفية الثالثة قامت أمريكا بتخفيض المعونة الاقتصادية من 1 مليار دولار إلي 240 مليون دولار فقط، أما المعونة العسكرية فمازالت كما هي.
وبالنسبة للمعونة العسكرية فإن أمريكا تعطي هذه المعونة في صورة أسلحة ومعدات ونقل للأسلحة علي متن شركات أمريكية وخبراء وتدريب أمريكي ومكافآت للمستشارين العسكريين الأمريكان، بالإضافة إلي قطع الغيار وكل هذا يستهلك المعونة لصالح أمريكا حتي أن 66٪ من قيمة المعونة يعود مرة أخري لجيوب أمريكا.
وأوضح النجار أن مصر تستورد من أمريكا سنويا ما قيمته 30 مليار دولار، أي أن المعونة عبارة عن نسبة خصم علي مشتريات مصر تبلغ 5,3٪.كما أن حجم الناتج القومي لمصر 1300 مليار جنيه سنويا بما قيمته 216 مليار دولار، فإن المعونة الأمريكية.
ابتزاز مصر
و يقول د.صلاح جودة-مدير مركز الدراسات الاقتصادية-أن المعونة الأمريكية والمساعدات العسكرية لمصر تستخدم لابتزاز واذلال مصر وتركعيها، مؤكدا ضرورة الاستغناء عنها ورفضها، كخطوة على طريق الاستقلال الوطنى، وبناء الاقتصاد المصرى، لاعتماد مصر على ذاتها.
وقال أنه لا يجوز أن تتبع مصر دولة لم تصوت لمرة واحدة لحقوق العرب ومصر، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، لم تصوت من قبل لحقوق الدولة المصرية أو الدول العربية ولو لمرة واحدة، مشيرا إلى أنها ليست دولة صديقة ويجب إقامة اتفاقيات على أساس المصالح المشتركة فقط، ومطالبا بإعادة هيكلة الموازنة مرة أخرى.
وأشار إلى أن شركات أجنبية تحصل على حصة من دعم الطاقة تزيد سنويا على ما يقدمونه من معونات ومساعدات لمصر، مشيرا إلى أن مصر تستطيع القضاء على البطالة والفقر لو استعادت دورها الاقتصادية وألغت المعونة.
وأكد جودة إلى أن المساعدات الأمريكية ذاتها كانت مرتبطه باستيراد سلع "درجة ثانية" مثل القمح، قائلا: "ولذلك تلك المساعدات مسمومة بشروطها السياسية والإقتصادية".
حملة امنع معونة
من جانبه، قال"تامر هنداوى"المتحدث باسم حملة"امنع معونة"إنه لا يمكن الحديث عن وطن يبحث عن حريته دون أن يتحرر من قيود المساعدات والاتفاقيات المكبلة، مشيرا إلى أن مصر تخوض معركة للتحرر والاستقلال كما تخوض معركة ضد الإرهاب، وأضاف أنه سيتم ارسال التوقيعات التى تجمعها حملة "امنع معونة"من الشعب المصرى للسلطة الحاكمة لمطالبتها برفض المعونة الامريكية باعتباره مطلب جماهيرى.
بينما أكد د.رشاد عبده أستاذ الاقتصاد جامعة القاهرة، أن المعونة الأمريكية والمعونات الدولية عموما لا تمنح مجانا بل لخدمة أغراض الدولة المانحة وقد تكون الأغراض سياسية أو اقتصادية والمعونة ليست نقدا بالضرورة بل قد لا يمثل الجانب النقدي فيها إلا جزءا يسيرا والدول المانحة تضع شروطا للصرف وقد تحدد مجالات للصرف فيها وتختلف قوة الشروط وضعفها تبعا لقوة وضعف الدولة الممنوحة لها وقد تتوافق المصالح وتتطابق فلا مشكلة ولكن تنبع المشكلة إذا تعارضت المصالح أو اختلفت وجهات النظر حول الشروط الموضوعة ومدي تحقيقها للمصلحة المنشودة.
وأكد د.رشاد أنه في مجال العلاقات الدولية ليس هناك أبيض وأسود بمعني إما تقبل أو ترفض بل يوجد جميع الأطياف والألوان وهذه طبيعة العلاقات الدولية وبذلك إذا تعارضت المصالح فلابد من السعي لإيجاد الحلول المناسبة للتوفيق أو تعديل الشروط لتكون مناسبة ولتحقيق المصلحة، وفي حالة المعونة الأمريكية لمصر لا شك أن المعونة تخدم أغراضا أمريكية صرفة ولكن ليس من العقل أن نرفض يدا امتدت إلينا للمساعدة سواء من أمريكا أو من غيرها ولكن علينا أن نتفاوض مع الدولة المانحة ونوضح ونناقش ونبدي الآراء وذلك لتحقيق أكبر فائدة ممكنة وأضاف أنه ليس من مصلحة أمريكا قطع المعونة عن مصر لأن مصر لها دور رائد في المنطقة العربية فهي دولة محورية، وتستطيع تحقيق الكثير من الأهداف، بالإضافة إلي أن هذا التهديد سيؤثر علي العلاقات المصرية الإسرائيلية.
قطع المعونة ليس خطرا
ولفت إلي أن قطع المعونة لا يمثل أي خطورة علي مصر، لأن المعونة الاقتصادية الأمريكية تتمثل في 2 مليار دولار ودخل مصر من السياحة في عام 2010 بلغ 8,12 مليار دولار، أما المعونة العسكرية فطبقا لتصريحات الرئيس أوباما أنه لن يسمح بتفوق العرب عسكريا علي إسرائيل وما تقدمه أمريكا عبارة عن 1,1 مليار دولار أسلحة مختلفة تستخدم للدفاع فقط.
وأكد د.رشاد أن هناك بدائل مطروحة للمعونة الأمريكية متمثلة في السياحة والعمل وفتح مجالات للاستثمار العربي والأجنبي بعد استقرار الأوضاع في مصر معتبرا أن ما كان يحدث من تدخلات أجنبية في الشئون الداخلية باسم المعونة والحفاظ علي العلاقات يعد من مساوئ النظام السابق الذي سقط وبدأ عصر جديد لمصر جديدة ترفض التدخل في شئونها.
وفي حالة عمل حد أدني للمرتبات في مصر لا تقل فقط عن ألف ومائة جنيه شهريا، وكذلك عمل حد أقصي بما لا يزيد علي 30000 جنيه شهريا ،سيعمل ذلك علي أن تكون تكلفة بند الأجور والمرتبات في الموازنة العامة للدولة 56 مليار جنيه فقط أي أنه سيكون هناك وفر بما يعادل حوالي 30 مليار جنيه مصري، وفي ذات الوقت تكون هناك عدالة لتوزيع الأجور.
وقال د.حمدي عبدالعظيم عميد أكاديمية السادات سابقا: إن ما تقوم به أمريكا مجرد تهديد مكرر واستخدم كثيرا، ولكنه لن يحدث حيث إنه كانت هناك تهديدات صريحة في العصر السابق للرئيس بوش الابن وصرح قائلا إنه لابد من إعادة النظر في المعونات الاقتصادية والعسكرية لمصر، ولم يحدث شيء، وهذا الأمر المتكرر لن يتعدي التهديد فقط، لأن المشاكل السياسية لا تعتمد علي الأحداث الفردية مشيرا إلي أن التفاوض الدبلوماسي سيحل المشكلة.
ولفت إلي أن أمريكا ستخشي اتخاذ أي إجراء بشأن المعونة لمصر لأنها تقول دائما أنها تدعم الديمقراطية، وعليها الآن إثبات ذلك بشكل عملي حتي لا تظهر كمحاربة للثورة وتشوه صورتها أمام العالم وتفقد حليفا مثل مصر في المنطقة العربية.
وأكد أن أمريكا تنظر للأمور بنظرة بعيدة المدي ولن تخسر مصر وتفقد الحليف مشيرا إلي أن الخسارة الوحيدة من هذه المعونة هي السماح بالتدخل في الشئون الداخلية لمصر.
وقال أن هناك بنودا في الموازنة العامة للدولة يمكن توفيرها للاستغناء عن المعونة مثل الإعلانات للتهاني والتعازي والاحتفالات وغير ذلك، وفي حالة ترشيد هذا البند يتم توفير ما يقارب 15 مليار جنيه مصري أو أن يتم عمل هذه الإعلانات علي حساب من يقوم بالإعلان عنها، وفي هذه الحالة لن يجرؤ مسئول كبير أو صغير علي أن يعمل إعلانا.
بالإضافة إلي بند السيارات التي تمتلكها الحكومة، وكذلك بنود الصيانة وأجور السائقين والأمن وخلافه والتي تكلف الدولة حوالي 13 مليار جنيه سنويا من الممكن ترشيد هذا البند ليصل إلي 4 مليارات جنيه فقط، وذلك عن طريق بيع جميع السيارات وقطع الغيار الموجودة بالمخازن والقيام بالتعاقد مع شركات خاصة للنقل لتوصيل المسئولين، وهذا يوفر حوالي 10 مليارات جنيه أخري ويحافظ علي عدم إهدار المال العام في استخدام السيارات وعدد السائقين والصيانة وقطع الغيار المركونة وغيرها.
بدائل مقترحة
وأكد د.حمدى عبد العظيم أن هناك العديد من البدائل الموضوعية التي تساعد في التخفيف من حدة هذه الخسائر منها:
استبدال المعونات والمساعدات الأمريكية بغيرها من الدولة العربية الغنية في إطار مقررات جامعة الدولة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي, ويكون خير العرب للعرب،وتنوع التجارة الخارجية والشروع في إبرام اتفاقيات جديدة مع دول شرق آسيا وأوروبا وتعتبر الشراكة الأوربية الجديدة نموذجا يمكن دعمه وتشجيع الاستثمارات العربية إلي مصر مع زيادة الحوافز لـــها وفي هذا حماية لأموال العرب والمسلمين وتحفيز المصريين بالخارج لاستثمار أموالهم في مصر، كذلك التصدي للفساد المالي بكل صوره وأشكاله وكذلك ضبط وترشيد الانفاق الحكومي وحصـره



المصدر ايجى نيوز


تعليقات

المشاركات الشائعة