د. عمرو عبد السميع : حالة حوار أوكرانيا‏..‏ وقبضة الغرب

مايحدث هذه الأيام من تضاغط في أوكرانيا حول توقيع اتفاق شراكة مع أوروبا الغربية أسوة بشراكات تكررت مع ست جمهوريات سوفيتية سابقة‏,‏ حدث ينبغي أن نمنحه بعض الاهتمام, فهو بداية انفصام لوضعية تهندست ـ بدأب أوروبي منذ9002, وتجسيدا لانقسام المجتمع السياسي الأوكراني بين مؤيدي التوازن في العلاقات القارية والدولية لكييف والراغبين في الارتماء الكامل بين أحضان أوروبا وأمريكا, وهو مقدمة لفلفصة بعض الجمهوريات( السوفيتية) سابقا ـ مثل جورجيا ومولدافيا ـ من تلك الشراكة التي يزداد الحاح أوروبا عليها, وهو مرتبط أيضا بالايماءات الأوكرانية ذات المغزي لضرورة عقد حوار ثلاثي بين روسيا وأوروبا وأوكرانيا قبيل نهاية المهلة( الاضطرارية) التي طلبتها الأخيرة للتوقيع علي الشراكة وكأنها تؤكد عودة روسيا كرقم أساسي في معادلة أوكرانيا, هذا فيما تتصاعد مظاهرات القوي السياسية التي يرعاها الغرب ويدعمها في ميدان ميخائيلو فسكايا في كييف للمطالبة بتوقيع الشراكة, ويزداد في مواجهتها تشبث ما يقارب نصف المجتمع الأوكراني بعدم التوقيع.. ولكن الأكثر أهمية من كل السطور السابقة بالنسبة لنا يكمن في أمرين: أولهما أن أوكرانيا( وربما تلحق بها جورجيا) هما من بلدان الثورات الملونة في أوروبا الشرقية( زمن تسعينيات القرن الماضي) حين نشبت الوردية في جورجيا والبرتقالية في أوكرانيا, وكما قلت فإن هناك إنقساما في أوكرانيا ـ الآن ـ بعد انجراف كبير تجاه الغرب علي نحو دفعت إليه خطط وعمليات تآمر قادتها منظمات انشقاق سياسي ساندتها منظمات تابعة للملياردير المجري/ الأمريكي جورج سورس, وهو الرجل الذي دبر ـ كذلك ـ لأحداث الربيع العربي في الشرق الأوسط بكل ما اكتنفه من مؤامرات, وقد نبهت إلي خطورته بمقال في هذه الصحيفة بعنوان الشوارعيزم ومبدأ سورس ـ ابريل9002, فهي بدء تململ الدول السوفيتية( سابقا) من الكليشيه الذي لايمل الغرب ترديده قائلا:( إن شراكة السوفيت السابقين مع أوروبا هو إعلان بانتهاء السيادة الروسية المحدودة علي جزء من تلك القارة.. ونحن لو طبقنا ذلك الكليشيه علي منطقتنا سيكون من حقنا التساؤل: لماذا ينبغي أن يكون التغيير في أوطاننا أمريكيا أو غربيا؟؟ ولماذا تنزعج واشنطن حين نقرر التقارب مع موسكو وبكين ونردد نفس الكليشيه الأمريكي بصياغة أخري تقول إن زمن السيادة المحدودة من أمريكا والغرب علي مصر وبلدان المنطقة قد ولي هو الآخر؟

المصدر الاهرام