محمد هنيدى: مفيش حاجة اسمها "سينما نظيفة ومش نظيفة"



هنيدى ليس مجرد فنان عادى، ولكنه نجم قاد تحولا فى صناعة السينما المصرية فى منتصف التسعينيات، بعد فيلمه «إسماعيلية رايح جاى» الذى كسر التوقعات ومن بعده توالت أعماله ومنها «صعيدى فى الجامعة الأمريكية»، و«فول الصين العظيم»، و«همام فى أمستردام» وغيرها.ليصبح واحدا من صناع البسمة فى العصر الحديث. هنيدى يتحدث فى ندوة "اليوم السابع" هنيدى حافظ على نجاحه منذ ظهوره وحتى الآن، فهو دائما يتصدر شباك التذاكر وهو ما حدث فى فيلمه الأخير «يوم مالوش لازمة»، وفى حواره مع «اليوم السابع» يتحدث عن الضحكة والابتسامة اللتين غابتا عن المصريين رغم أنهم صناعها، ويكشف عن أهم كوميديان تعلم منه «خفة الدم» والأفلام التى تضحكه هو شخصيا ومن ينافسه. رئيس التحرير خالد صلاح وهنيدى فى الندوة «لو بطلنا نحلم نموت» وكذلك «لو بطلنا نضحك».. لماذا اختفت الفرحة والبسمة من الوجوه؟ - أعتقد أن الظروف السياسية الصعبة التى مرت بها البلاد كانت سببا فى اختفاء البسمة من الوجوه والشفاه، حيث كان المجتمع يستيقظ على مذابح تارة وانفجارات تارة أخرى، لذا فكرت فى تقديم فيلمى «يوم مالوش لازمة» محاولا من خلاله إسعاد الجمهور وإعادة الفرحة وخلق روح المحبة والتفاؤل من جديد فى قلوبهم، وما أسعدنى حقا هو أن الفيلم حقق الهدف المرجو منه، حيث كثيرا ما كنت أذهب لدور العرض لمعرفة رد فعل الجمهور، وكنت أجد أن الجميع مبسوط ومتجاوب مع الفيلم. هناك بعض الكوميدينات يغيرّون من البناء الدرامى للأحداث أمام الكاميرا ويضيفون حسهم الفكاهى على مشهد بعينه ويرفعون شعار الارتجال.. هل أنت منهم؟ - دائما أصور المشهد بعد دراسته جيدا، لدرجة أننى أجتمع بالمؤلف قبل بدء التصوير حتى يوضح لى كل تفاصيله، كما أحب أن يكون مكتوبا أمامى، ولكن إذا وجدت ضرورة لارتجال بعض الكلمات أو التعبيرات لا أتردد فى تنفيذها طالما أنه فى صالح الدور الذى أقدمه، وتعلمت ذلك من المسرح. بصفتك ممثلا كوميديا.. هل تجد صعوبة فى الحصول على سيناريو دمه خفيف؟ - بالطبع، وفى البداية كنت أفاضل بين العديد من السيناريوهات الكوميدية لأنتقى منها الجيد، لكن الآن أصبحت لا أتلقى سوى مجرد أفكار غير مرتبة ولا مكتوبة، كما أننى أعمل على الفكرة بنفسى وألجأ أحيانا لورش العمل لكتابتها لأنها ملتقى للأفكار الجيدة، وأصعب فترة هى البحث عن الفكرة المناسبة للعمل والتى تتفق مع ذوق الجمهور. فكرت فى عمل فيلم سينمائى بعيدا الكوميديا؟ - بالطبع أفكر فى ذلك، لكن تنفيذه مرتبط بهدوء الأوضاع ولما «الدنيا تبقى وردى». ما أحب أفلامك إليك؟ - الأهم بالنسبة لى هو حب الناس لأعمالى لأن جائزة أى كوميديان هى حب الناس. من أكثر الكوميدينات الذين تعلمت منهم؟ وما الفيلم الذى يضحك محمد هنيدى؟ - تذوقت طعم الكوميديا فى بداياتى من النجم الراحل نجيب الريحانى، وأقّدر الزعيم عادل إمام لأنه أستاذنا، ومن الأفلام التى أميل لمشاهدتها فيلم «اللى بالى بالك» لمحمد سعد، وهذا الفيلم «بيوقعنى من الضحك». يتردد أن معظم نجوم الكوميديا يعانون من عزلة نفسية فى الواقع عكس ما يظهرون به أمام الجمهور؟ - بالنسبة لى لم أتعرض لهذا والحمد لله، لأنى أميل بطبعى للمرح والضحك والفكاهة، ولكن هذا لا يمنعنى من اتخاذ مواقف حازمة إذا تطلب الأمر ذلك. أكرم القصاص رئيس التحرير التنفيذى يتوسط الناقدة السينمائية علا الشافعى والنجم محمد هنيدى هل أنت مع مصطلح السينما النظيفة؟ - لا، ولا يوجد شىء اسمه سينما نظيفة وسينما غير نظيفة، ولا أعلم من أين خرج هذا المصطلح ولكن هناك نظرة لكل فنان فيما يقدمه، والكوميديان بالتحديد يراعى دائما أن عمله يدخل البيوت ويجب أن ينال إعجاب الصغير والكبير. لماذا نشعر دائما بحنين لمشاهدة أفلام الأبيض والأسود؟ - لأن الحياة فى ذلك الوقت كان فيها الكثير من الطمأنينة، والظروف كانت أفضل بكثير مما نعيش فيه الآن. ما الشىء الذى يمنع الفنان من الشعور بالغرور بعد تحقيقه نجاحا كبيرا؟ - أقسم أنى لم أشعر بالغرور مطلقا طوال حياتى، حتى فى اللحظات التى كنت فيها متصدرا للمشهد وأفلامى تحقق أعلى الإيرادات للحظة كان المشهد يبدو لى مربكا ولكننى كنت أدرك أن الله أكرمنى بهذا النجاح، لذلك كان يجب علىّ أن أكون على قدر المسؤولية، ولو «استسلمت لفكرة الغرور كنت رحت فى داهية». علا الشافعى تسأل وهنيدى يجيب فى حضور أكرم القصاص علاقة الفنان الكوميدى بالنقاد يشوبها دائما الكثير من التوتر.. لماذا؟ - أعتقد أن سبب هذه الأزمة هو عدم تقدير النقاد لفن الكوميديا بشكل عام فى مصر، خصوصا وأن بعضهم يتناسى أن الكوميديا من أرقى الفنون وأصعبها، وأن الذين يعيشون فى التاريخ هم نجوم الكوميديا، وللأمانة تم إنتاج عدد من الأفلام الكوميدية السيئة التى ساهمت فى زيادة تلك الأزمة، وتعرضت بعد فيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» لحملة هجوم شرسة من النقاد الذين أكدوا وقتها أننا ظاهرة وستختفى عاجلا أو آجلا، وغيرها من الكلمات السلبية، ولكننا استمررنا بفضل الله وقدمنا أعمالا جيدة للجمهور، ولكن لا أخفى أننى أتعلم من النقد أحيانا فبعضهم يشير لى على منطقة مضيئة، وأرى أن جائزة نجم الكوميديا الحقيقية ليست الإشادات ولكن حب الجمهور. يؤكد المهتمون بصناعة السينما أن فيلم «إسماعيلية رايح جاى» غير اتجاه السينما.. من وجهك نظرك لماذا أحدث كل هذا التغيير؟ - لحظة نزول فيلم «إسماعيلية رايح جاى» كانت صناعة السينما فيها 5 أفلام تقريبا، وكان هناك جيل كامل لا يسمع عنهم أحد سواء من ممثلين أو كتاب أو مخرجين، وكانت الفضائيات أقل بكثير من الآن والفرص أصعب، وكل ما كنا نحتاج إليه هو وضع الثقة فينا كشباب، وجاء هذا الفيلم ليثبت أن هذه الجيل شاطر وموهوب، كما احتوى على نوع جديد من الضحك، ولا أخفى اندهاشى عندما سمعت كلمات أغنية «كماننا» ووقتها قولت: «يعنى إيه كمنانا»؟! ولكن هذه الأغانى عبرت عن أحلام جيل كامل لا يريد شيئا سوى أن «يتزوج ويشترى موبايل» وهذه الأحلام سبب نجاح الفيلم، والمفارقة أننى فى نفس التوقيت كان يعرض لى فيلم البطل للنجم أحمد زكى والمطرب مصطفى قمر، وكنت أعتقد أن هذا الفيلم سيكون الانطلاق بالنسبة لى ولكن المفاجأة كانت فى فيلم «إسماعيلية رايح جاى». هنيدى فى ندوة "اليوم السابع" كيف تستطيع تقديم أعمال كوميدية تواكب أذواق الجمهور التى تختلف من وقت لآخر؟ - فى الحقيقة لست بمعزل عن الناس، ولا أنقطع أبدا عن الشارع، وأتابع كل ما يجرى وأيضا أعرف المصطلحات الجديدة التى يستخدمها الشباب، ودائما أقوم بزيارة أصدقائى فى المناطق الشعبية مثل إمبابة وغيرها. هناك خط رفيع بين الكوميديا والاستظراف.. كيف يفصل هنيدى بينهما؟ - أشعر بهذا عند قراءتى للسيناريو، فإذا ضحكت أتفاءل، وأيضا أول رد فعل من قبل العمال فى «لوكيشن التصوير» إذا ضحكوا أمامى أستمر فى العمل أما إذا دخلت وأديت المشهد ووجدت «صمت القبور» لا أكمل. هنيدى يتكلم كيف تحضر لشخصية «الست» قبل أن تقدمها؟ - شخصية «الست» تستهوى أى كوميديان فى التاريخ، وشعرت بالتحدى عندما قدمت شخصية فتاة الليل فى فيلم «جاءنا البيان التالى» لأنى كنت أريد تقديم مشهد غير مبتذل، وشخصية خالتى «نوسة» كنت قدمتها قبل فيلم «يا أنا يا خالتى» فى مسرحية «ألابندا». من أكثر الممثلات اللاتى أحببت التعاون معهن؟ - أحببت التعاون مع كل الممثلات اللاتى شاركونى أعمالى لأنهن فنانات متميزات منهن غادة عادل ومنى زكى ودنيا سمير غانم وغيرهن. محمد هنيدى يرد على أسئلة "اليوم السابع" ما أصعب شخصية قدمتها؟ - شعرت بالرعب من تقديم شخصية «رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة» لأنها كانت المرة الأولى التى أتحدث فيها باللهجة «الفلاحى»، وواصلت التحضير لهذه الشخصية على مدار عامين ونصف حتى تخرج بالشكل الذى أحبه الجمهور. ما تقييمك لتجربة أشرف عبدالباقى فى «تياترو مصر»؟ - تجربة جميلة، وأشرف «شاور لنا إن الناس عايزة مسرح»، وأعتقد أن أكثر ما ينجح فى الفترة التى تعقب الثورات هى الأعمال المسرحية والأفلام الكوميدية. فى فترة من الفترات قدمت مسرح قطاع خاص وكان هناك جمهور كبير يدعمك، ولكنك وقفت نشاطك قبل الثورة؟ هل تفكر فى العودة ثانية؟ - قبل الثورة قلت «نريح شوية سنتين أو ثلاثة لكن العملية طولت»، وأعتبر اليوم الذى أعود فيه للوقوف على خشبة المسرح أسعد يوم فى حياتى، ولدى مشروع مسرحى جاهز للمؤلف يوسف معاطى لتقديمه ولكنى أنتظر استقرار الأمور لتنفيذه، وأتمنى وجود الكثير من الفرق المسرحية «لأننا عايزين مصر تنور تانى». محمد هنيدى يعرض حاليا فيلمك «يوم ملوش لازمة» بالسينمات فى ظل ظروف سياسية صعبة.. هل تعتبر طرحه فى هذا التوقيت مجازفة؟ - صراحة فكرت فى الظروف السياسية قبل عرض الفيلم، ولكنى فى الوقت نفسه راهنت على الجمهور الذى يحتاج إلى الكثير من الكوميديا، وعندما فكرت من البداية فى تنفيذ العمل اخترت قصة خفيفة كوميدية، لتخرج الجمهور من الحالة التى عليها. رغم تصدر فيلمك إيرادات موسم منتصف العام السينمائى فإنه لم يحقق الأرقام المرجوة منه مقارنة بأعمالك السابقة؟ - من الظلم مقارنة إيرادات فيلم يعرض فى ظل ظرف سياسى صعب، وفيلم آخر ولد فى ظروف طبيعية، و«يوم مالوش لازمة» شهد ظروفا خاصة، حيث كانت القنابل تلقى على دور العرض ويضطر مديرو السينمات لإخراج الجمهور من القاعات، لكن رواد السينما لم يستسلموا ويذهبوا فى اليوم التالى إلى السينما لمشاهدة الفيلم. هنيدى كيف جاء اختيار روبى وريهام حجاج للمشاركة فى العمل؟ وما المقصود من مشهد الزمالك؟ - المخرج أحمد الجندى رشح روبى للدور وبدا علينا الدهشة فى البداية ولكنه أقنعنا أنها الأنسب لتجسيد شخصية البنت المجنونة، واعتمدنا فى اختيار ريهام حجاج وباقى فريق العمل على الموهبة فى الأساس، وعمر طاهر هو من وضع مشهد الزمالك والحمد لله جمهور الزمالك استقبل المشهد جيدا، ومشهد وقوعى وأنا فى طريقى للساونا كان مكتوبا بهذا الشكل، وقمت بإعادته 4 مرات حتى يخرج بالشكل اللائق. صف لنا أجواء الكواليس وكيفية التعاون مع المخرج أحمد الجندى؟ - أحببت فكرة الفيلم الذى تدور أحداثه فى يوم واحد، وعشنا فى الـ«لوكيشن» أوقات الفرح والمرح والبهجة، وقبلت العمل مع المخرج أحمد الجندى بعدما سمعت عنه وشاهدت أحد أعماله مع أحمد مكى ووجدت أنه مخرج واعد ومحترف ويحب الكوميديا، والجندى سيشكل مرحلة مهمة فى تاريخ السينما، «لأنه مش أى مخرج يقدر يعمل كوميديا»، وسعدت بأحمد قبل العمل معه وأذكر أننى اتصلت بوالده الفنان القدير محمود الجندى وهنأته على موهبته. هنيدى يضحك من ينافس محمد هنيدى؟ - أنافس كل من يقدم موضوعا جيدا للجمهور. هل ترى أن عدم وجود مؤسسات ترعى النجوم كما يحدث بالخارج دليل على عدم فهم المنتجين المصريين لمفهوم السينما؟ - استمرار صناعة السينما يعنى وجود منتجين يفهمون جيدا أهمية السينما، وأتمنى وجود هذه المؤسسات بمصر، ولكننا لا نستطيع أن نغفل سنوات الثورة والظروف السياسية التى مرت بها البلد فى الفترة الماضية. لماذا لم تشارك فى الاجتماعات التى عقدتها مستشارة الرئيس فايزة أبوالنجا مع الفنانين والسينمائيين؟ - أرى أن الحكومة لديها أولويات أهم من صناعة السينما حاليا. لكن الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد أن السينما هى صناعة أمن قومى كتصنيع الأسلحة الثقيلة ويجب أن تحدث بها نهضة حقيقية؟ - أرى أن السينما والمسرح يحتاجان إلى مناخ اجتماعى معين، وبمجرد توافر هذا المناخ مع زيادة اشتياق الناس للفن بكل أشكاله، ستحدث نهضة حقيقية فى الفن. 




المصدر اليوم السابع

تعليقات

المشاركات الشائعة