هيكل: القمة الاقتصادية أكدت عودة مصر لأمتها واحتضان العرب لها

تحدث الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل فى الحلقة الأولى من حديثه مع الإعلامية لميس الحديدى بعنوان « الخطر والأمل» ضمن برنامج «مصر أين؟ ومصر إلى أين؟» الذى أذيع على قناة «سى بى سي» الفضائية الليلة الماضية، عن الكثير من الملفات الجارية على الساحة العربية، وتطرق إلى الاحداث المتسارعة فى مصر بداية من المؤتمر الاقتصادى ومروراً بمؤتمر القمة العربية ونهاية بوثيقة سد النهضة التى وقعت منذ أيام، وذلك لاستشراف المستقبل ومحاولة تقديم إجابات مختلفة تخامر وتدور فى أذهان الجميع.

وفيما يلى أهم ما ورد بالحوار:
 نرحب بك والناس تنتظر تحليلاتك العميقة
أنا كنت أنتوى التغيب لفترة طويلة.
اليست هذه فترة طويلة؟
لا كنت أنتوى أن تكون أطول من الآن بكثير، فى كثير من الأحيان تشعرين بغربة عن الساحة بحكم السن وأشياء كثيرة جداً، لكن الأحدث المتلاحقة تدعو أى إنسان لديه بقية من أى همة أن يتحدث ويشارك فى الشأن العام حتى ولو من بعيد، ولقد ذكرتى أهم أربعة أشياء حدثت فى الأسبوعين الماضيين مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى ثم لقاء السودان ويليه إثيوبيا ثم مؤتمر القمة العربية، والرئيس عبدالفتاح السيسى ذكر شيئا مهما جداً فى أثناء إلقائه كلمته فى المؤتمر الاقتصادى عندما قال «مصر تستيقظ»وهذه الكلمة لها دلالة ولابد أن تكون لها نتائج لأن من يستيقظ عليه أن يحدد اتجاهاته، فلو استيقظ الناس وهم أنصاف نيام وساروا فى طريق ما ربما سيخطئون، لكن دعوة اليقظة تستدعى تحديد الطرق فوراً. كانت هناك أرقام كثيرة جداً قيلت وكثير من المشروعات عرضت، لكن أكثر شيء يهمنى أن مصر عادت لأمتها وفتحت أذرعتها لأمتها والأمة احتضنتها مجدداً، وهذا عودة بالتاريخ إلى مساره الصحيح، والشيء الثانى أن الاداء العام المصرى فقد أثبتنا أننا قادرين إذا استدعينا الهمة ولسنا عاجزين، وهى إشارة للمستقبل فى منتهى الأهمية، والشيء الثالث أعتقد أنه مهم جداً وهو بروز المرأة المصرية، فقد رأيت مثلاً الدكتورة نجلاء الأهوانى وزيرة التعاون الدولى وأنا لا أعرفها شخصياً، لكنى رأيت صورة مختلفة للمرأة المصرية ليست المتبرجة وليست المحجبة فهى المرأة المصرية الطبيعية التى خرجت لتؤدى دورها، وأخيرا رأيت تأثير المؤتمر على الناس بشكل ما دون قراءة أرقام، حيث شعروا بأن شيء ما يهم فى البلد بعد فترة طويلة رغم أن فيها أشياء كثيرة جداً متعبة وثقيلة، وأعتقد أن مصر تحاول أن تهم وهو شيء بديع جداً.
اتفاق سد النهضة
هل تعتقد أن هناك تأثير لهذا الاتفاق على علاقة مصر مع الدول الغربية؟
هذا صحيح، لقد صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن زيارة الرئيس السيسى إلى ألمانيا ستكون بعد الانتخابات البرلمانية، ولكن تغيير الرأى يعنى أنهم رأوا فى مصر من عناصر الثبات أوالاستقرار أو على الاقل النهوض، مما جعلهم يقولون إنه ليست هناك مشكلة، ومصر ظهرت أنها أكبر جداً من أن يغفلها العالم أو ينساها، حتى وإن أساء أصحابها، العالم ذكرنا وأقبل علينا عندما بدأنا نهم، وقال نحن نرى أن مصر موجودة شريطة أن يثبت اصحابها قدرة وجودها فإذا لم نكن قادرين على إثبات وجودنا لن يأتى أحد لمنحنا بطاقات جدارة، والشيء الثانى يتعلق بالخرطوم وإثيوبيا وأنا أمامى نص المباديء وأعتقد أن هذا موضوع مهم جداً وأهم من أن يتصوره أحد، وموضوع إثيوبيا موضوع خطير ومعقد وأتمنى أن يطل الناس على وثائق المياه الخاصة بمياه النيل وهذا الموضوع وقطع المياه بالتحديد بدأ منذ ٨٠٠ سنة وهذا ليس جديداً، فالحروب الصليبية انتهت فى القرن الثالث عشر وبدأت الرحلات الاستكشافية الجغرافية، وكان هدفها الرئيسى مثلاً طرق التجارة العالمية عندما كلف ملك البرتغال فاسكو داجما لاكتشاف طريق جديد للتجارة ذهبوا للهند وهناك شيء مهم جداً فهناك وثيقة سمح لى بالاطلاع عليها دون أخذ صورة منها وعودة لفاسكو عندما بدأ رحلته لاكتشاف مياه النيل تلقى معلومات من طرفين الأول من ملك البرتغال أن يكتشف طريق رأس الرجاء الصالح حول إفريقيا، لكنه تلقى تعليمات من البابا ألكسندر السادس فى ذات الوقت، وذهب لاخذ بركاته وقتها والبابا قال له لدينا معلومات من الرهبان المتسللين من القارة الافريقية أن هناك شرق فى إفريقيا أن هناك ملكا مسيحيا ومملكة مسيحية حاول أن تجد طريقاً له وبقدر ما يمكن حيث أن المياه تأتى لمصر من إثيوبيا وهذا هو المصدر الأساسى الذى تعيش عليه مصر والتى انتصرت على الصليبين بقيادة صلاح الدين، ولذا سميت هذه الحملة باسم «الحملة الصليبية الأخيرة».
وأكمل البابا تعليماته ستذهب وتجد ملكا مسيحيا لا نعرف عنه شيء واسمه يوحنا، وأطلب منه أن يجد طريقة لتحويل مياه النيل فبدلاً من الذهاب لمصر عن طريق الشام مثل الحملات السابقة ومثل حملة لويس التاسع وفشلنا قد نستطيع أن نقضى على مصر نهائياً لأنها العقبة الرئيسية فى المنطقة، وجاء فاسكو للهند وفى طريقه دمر كل القرى والموانئ المسلمة التى وجدها فى شرق إفريقيا، وبعثة الحبشة قابلت هذا الملك المسيحى وقال لا أجد وسيلة.
وأنا شخصياً أتمنى أن يقرأ الجميع هذه الوثيقة عندما جاء الإيطاليون واحتلوا إثيوبيا ثم قامت الحرب العالمية الأولى قام المارشال جردسيانى بدراسة قطع المياه ولهذه الأسباب عقدت إنجلترا الاتفاق على حصص مياه النيل نيابة عن مصر عام ١٩٢٩، ولكن المارشال جردسيانى وبأوامر من موسيلينى ذهب إلى الحبشة مع مجموعة من الضباط لدراسة ماذا يمكن أن يفعلوا لقطع المياه عن مصر، وتم تكليف بعثة هندسية من الخبراء لإعداد دراسة حول إمكانية نسف أجزاء من بحيرة «تانا» حتى تذهب المياه للمحيط ولا تأتى لمصر، حتى الملك فاروق حيث كان يسعى للإمبراطور هيلا سلاسى الذى كان يعتقد أنهم ينتمون للعالم المسيحى ومن حسن الحظ أن الكنيسة المصرية كانت موجودة فأصبحوا مسيحيين أرثوذكس. وعندما جاء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورغم أنه كان معاديا رئيسيا للرجعية هناك شخص واحد فقط لم يقترب منه وهو هيلا سلاسي، فقد أدرك أنه مهما كان رأيه فيه فإن هذا الامبراطور لا يمكن الاقتراب منه، نحن أمام تاريخ معقد جداً وأنا رأيتك وأنتى تنظرى إلى نصوص الاتفاقية وتقولين إن هناك اشياء كثيرة غير واضحة ومقلقة؟
ضعى فى ذهنك التعقيدات التاريخية وهى أبعد مما تتصورين، إننا أوكلنا المنطقة فى وقت من الأوقات لأجهزة أمن وهذا لم يكن له داع، ونحن نقول دائماً إن السياسة تتم على مسرح السياسة وهى الجارية الآن، ومرات ننظر إلى ما يجرى على الساحة دون النظر للخلفية والتاريخ والكواليس ولوفعلنا هذا فى قضية مياه النيل سوف نكتشف أن مصر كانت بحاجة إلى الإمساك بنقطة بداية حتى لو كانت واهية، نحن أسأنا التصرف فى المفاوضات وأخذناها كمسألة وظيفية وهذا اتضح جلياً فى اجتماع كنشاسا وقدمنا تنازلات ليس لها لزوم ثم أهملنا الموضوع ثم أصبح موضوع مياه النيل ثانوى وأخذنا نبعده عن الذاكرة ثم عاد التنبه عندما أيقنا أن سد النهضة ظهر وأخذ يبنى بالفعل والمشروعات المتصلة به بدأت مبكراً، واصبح لدينا أمر واقع، نحن أمام موقف منتهى التعقيد والحيوية وقد افلت من بين يدينا بالكامل إذا كنا نتصور أننا بصدد الحديث عن التزام قاطع وجازم وحازم فنحن نتكلم هنا بمنتهى الوهم.
لكن إذا كانت السياسة تقوم على فكرة التعاون وحسن النوايا فقط فهذا مقلق؟
اختلف فى مسألة حسن النوايا وقد يكون مطلوبا، لكن فى النهاية أى صراع مرهون بحقائقه لا يمكن إدارة أى قضية أو مشكلة دون الإلمام بحقائقها وتوصيفها، وأنا لست متحمساً للعواطف ولو تحدثنا بلغة المصالح والامكانيات المتاحة أمامنا من إمكانيات قوة ووقائع على الأرض، وفى قضية مياه النيل فى كل هذا كله يهمنى مدة التخزين فى سد النهضة.
وهذا غير مذكور؟
مذكور، لقد تركنا التعقيدات التاريخية وتعقيدات سياسية مستجدة فى العصر الحديث وموقف نشأ وتبينا خطورته وفى غيابك الكامل تخلقت حقائق على الارض، ويجب أن يوضع فى أذهاننا أن هذا الصراع لايمكن فيه استخدام القوة لكن بالإمكان عبر السياسة أن نفعل أشياء كثيرة جداً، ومن ضمن أسباب مجيء إثيوبيا لمؤتمر شرم الشيخ أنها أيقنت ووجدت أن مصر لست وحدك.
وهذه نقطة مهمة فعلا؟
هناك مسألة مهمة جداً، الإثيوبيون أخذوا موقف عناد مطلق ولو وضعنا فى اذهاننا خلفية أخر حرب صليبية، وأن هناك أخطاء مورست والاثيوبيون وغيرهم بدأوا يتصرفون وأن مصر تركت إفريقيا والصين تساعد، فالقارة ليست محتاجة لمصر مثل من قبل، وايضاً أحوال التردى لدينا وبالتالى كانت تتعامل معنا كمحاولة كسب الوقت دون اهتمام، لكن عندما ظهر أن ثمة أمرا ما يحدث فى مصر والتفاف العالم العربى حولها بصرف النظر عن المليارات كان ضمن العناصر التى جعلت رئيس وزراء أثيوبيا أو غيره يدرك أن مصر فى وضع مختلف ولايمكن معاملتها بكسب الوقت أو عدم الاهتمام.
ما دلالة قول رئيس وزراء إثيوبيا هايلـى مريام ديسالين إنه إما أن نسبح معاً أو نغرق معاً التى كررت عدة مرات؟
هذا جيد وأنا سعيد بها، لكنه قرر أن يسبح مع مصر حينما وجدها تسبح مقارنة بذى قبل.
كنا نغرق فى حقيقة الأمر؟
بالفعل، كنا فى حالة غرق وتجمدنا على مدار ٣٠ عاماً، وعندما تفككت الأمور وذاب التجمد تحرك كل شيء مرة واحدة ودخلت مصر فى مرحلة من الضياع لا نعرف فيها شيئاً هناك أمال كبيرة وحقائق تعوق تقدها.
بغض النظر عن اتفاق المبادئ، تحرك الرئيس السيسى بزيارة السودان ثم أديس ابابا وخطابه أمام البرلمان الإثيوبى ودعوتهم لافتتاح قناة السويس الجديدة، أعتقد هذا تحرك مختلف؟
هذه سياسة هو يتحرك فيها لم يكن يستطيع أن يتحرك فيها إلا بما عبر عنه من أن مصر تستيقظ وأن حقائق وموازين القوة بدأت تتحرك فى صالحك وأكثر مايقلقنى اننا أمام لحظة يجب الامساك بها بعدما أتى إلى مصر وهى خطوة جارية.
ماذا عن إرهاب «داعش» والحوثيين «؟
إن داعش تحارب ما بقى من النظام السوري، والعراق يحاول والولايات المتحدة أيضاً، والأتراك فى موقف غريب جداً، والإيرانيون مستفزون بشدة، وهناك معركة وسلاح مستعمل ولكن حتى الآن لايبدو مجدياً فعندما قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما إن الحرب على داعش سوف تستمر ثلاث سنوات قلنا جميعنا «ما هذا الكلام؟»، لأننا قسنا بمقاييس الماضي، لكن لو استخدمنا مقاييس الحاضر فنحن أمام شيء مختلف قد يطول مدته وأمده، ورغم هذا فالسلاح آخر شيء، فهناك أسلحة كثيرة فى الساحة لكننا نحتاج إلى مواجهة بتصورات مختلفة.
لكن نحتاج أيضاً إلى حل عسكرى فى ليبيا مثلا؟
لالالا.. أنا موافق أن القوة لابد أن تدخل فى مرحلة من المراحل لكن عندما سألت كصحفى عادى عن المعلومات قيل لى إن الموضوع عبارة عن قوة تتدخل وقت اللزوم، وهو فى حقيقة الأمر حاصل الآن، نحن أمام صراع من نوع جديد على المستقبل وإمكانياته وينبغى أن نديره بأسلحته وأول أنواع الاسلحة ان نفهم فكيف نحارب ما لا نفهميه؟، طوال الفترة الماضية وحتى الآن لم نتصور ماذا أمامنا، كل الدول والمجتمعات فى ظل الظروف الفاصلة فى التاريخ وهى مشابهة لما نشهده الآن لجأت إلى وقف الفعل وقالت علينا أن نفكر أو نتصور وعلينا أن نعود للتاريخ لأنه الخلفية للأحداث السياسية الآن.
هل ما حدث هو إدراك العرب أن مصر تحتاج للعودة لدورها وقوتها؟
هذا صحيح ممكن تقوى وتعود مصر لدورها والسيسى يقول إنها تستيقظ وتتحرك لكن لاى الطرق ؟!.. مصر مقبلة على ساحة مدمرة وهى البلد التى كانت منعزلة تخرج الآن لتقوم بدورها وتتحمل مسئولياتها ولن أقول ريادة أو شيئا من هذا القبيل، وعليها أن تختار من أين تبدأ بتصور قوة عسكرية مشتركة، أعتقد أنها قد تكون ضرورية لكن ليست هى شكل ما هو قادم أو يكفى لما هو قادم، فنحن نحتاج تصورا أوسع بكثير لما هو قادم لايدخل فيها فقط القوة العسكرية بل الاقتصاد والثقافة وغيرها، وعندما نقول إن مصر تستيقظ وتتقدم عليها فرز الأولويات وهذا شيء مهم جداً وفى منتهى الصعوبة فى ظل ضباب الحرب والثورة والفوضى.
من وجهة نظرك ماهى أولويات الفرز؟
قامت مصر بشيء مهم جداً فى خطوتين مهمتين، أولهما أن العودة فى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى كانت بديعة وتدل على أنه على الأقل أن الاتجاه العام يدل أن هناك تلمس للطريق لما هو قادم بشكل ما الفترة الماضية، هلكنا أنفسنا الفترة الماضية وارهقنا الرئيس السيسى ونحن نتساءل هل هو ناصر 2؟ أم هو السادات 2؟ هل هو مبارك 2؟ ليس كل هؤلاء هو رئيس قادم بعد ثورة بعد مرجعية رئيسية هى ثورة يناير والهدف المطلوب ليس الايدولوجيات القديمة، إن بعض الايدولوجيات تتحدث عن السوق المفتوحة وأنا قلق منها لانى لازلت اشعر ان مدرسة شيكاغو فى الاقتصاد لازالت تسيطر علينا، الخطوة الثانية بعد المؤتمر الاقتصادى ظهر أن مصر بشكل ما فى الاتجاه الصحيح لكن ليس الطريق المحدد وهناك فرق بين الاتجاه الصحيح والطريق.
العراق
جاء القادة العرب لشرم الشيخ وكل منهم محمل بملفات كثيرة فالعراق مثلاً الذى كسر جيشه منذ فترة طويلة وداعش محملة بالارهاب ولا يحاربها بمفرده بل بالولايات المتحدة وايران وهو وضع غريب جداً؟
المشكلة فى العراق أن الموجودين فى بغداد أو غيرها يحاربون شيئا يمسهم وايران موجودة فى الساحة بما يمسها ونحن موجودون بما يمسنا كعالم عربى وسوريا موجودة بما يمسها والولايات المتحدة موجودة، لكن المشكلة أن كل الاطراف فى نفس المعركة لكن كل طرف بقصد مختلف. المعارك لا تكسب بهذه الطريقة، على الاقل من الجانب العربى هناك اختلاف كبير أننا أصبحنا نتولى مسئولية كبيرة فى العالم العربى ونحن نتحدث عن داعش فالخليج أهم منطقة فى العالم العربى الآن. الشمال كله به داعش والجنوب كله به حوثيين والمنطقة الشرقية فى السعودية كلها شيعة وأنا ضد انقسام العالم العربى إلى سنة وشيعة لكن اعتقد أنها من اكبر الجرائم فى التاريخ الاسلامى«الفتنة الكبرى» ونحن أعدنا بعثه بدون داعي، المهم أن الخليج كله محاصر الآن وليبيا ومصر والمنطقة مطوقة الملك عبدالله فى يوم من الايام قال اخشى من الهلال الشيعى فهو لم يعد هلال.
أصبح دائرة ؟
أصبح دائرة حصار حول القلب، وأنا رافض قصة الشيعة، أن السياسات التى أتبعناها هزمت كل أهدافنا للأسف، فحاربنا ايران وجعلناها اقوى دولة فى المنطقة واصبحت نووية ليس لدى مشكلة فى ذلك على الاقل من زاوية ألا تحتكر إسرائيل السلاح النووى فى المنطقة، حاربنا الحوثيين على منطقة صعده فأعطيناهم اليمن بأكمله، ونحن فى يوم من الأيام فى مصر أخطأنا فأعطينا البلد كلها لجماعة الاخوان المسلمين، وغيبة التصورات جعلت كل جهودنا خدمت هزيمة كل أهدافنا وهى قضية مزعجة، وأنتى تقولين أن العراق وهو يحارب داعش لكن ارجوكى تعرفى ما هى داعش ما أمامك أننا فى البداية صنعنا داعش من خلال التنظيم المؤسس وهو الاخوان المسلمين ثم تفرعت وتشعبت منه التيارات المختلفة.
لكن ألا يتطلب المقاومة مع هذا الفريق الإرهابى جيوش ومعركة عسكرية؟
أريد أن اقول لكى شيئاً عندما نقول جيوش نحن نتحدث عن جبهة، وعندما نتحدث عن قوة عربية كم سيكون قوامها واين سنضعهم فى العراق واليمن وسوريا وليبيا ؟ أين ؟ ماهى الجبهة ؟، المشكلة أننا لأول مرة نحارب حرباً بلا جبهة وبلا عدو غير معروف حتى الآن.
القضية الفلسطينية
هل أصبحت القضية أكثر تعقيداً بعد فوز رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو بالانتخابات الأخيرة؟
هو قال صراحة ما كان ظاهرا ومعلنا فى اتفاقية اوسلو «لا دولة فلسطينية»، الأمريكان يعلمون أن تصريحاته تعكس الحقيقة بالنسبة لاسرائيل لكن عندما قال هذا الكلام ذهبوا إليه وأرسلوا له كل من تتخيلى حتى رئيس الجمهوريين فى الكونجرس وهو من دعاه حتى يقولون له هذاالتوقيت خاطيء فأنت تحرج اصدقائنا فى المنطقة قم بالتغطية وقم بما تريد لكن ليس هناك داعى لهذه الفجاجة فأولاً ستحرج اصدقائنا فى المنطقة وسوف ترغمون عباس على حل السلطة وأذا فعل ذلك فسوف يعرض قضية شعب فلسطين وهوتحت الاحتلال فى زمن لم يعد فيه الاحتلال مقبولاً أنتم ستجدون أنفسكم فى مواجهة أنتفاضة ثالثة وستصرفون الانظار عن المعركة الحقيقية التى «ماصدقنا « أن تكون فى سوريا وسنة شيعة والارهاب.
لم تعد القضية الفلسطينية هى الأولى للعالم العربى رغم أنها الحاكمة وعدد اللاجئين الفلسطنيين لا يقارن بعدد لاجئين أكثر من دول عربية الأن؟
ببساطة شديدة وللأسف الشديد أحزن لأن العالم العربى لديه قتلى وليس أبطالا ولا شهداء فى الوقت الحالي. فى كل حروب فلسطين وإسرائيل لدينا ٢٥٠ ألف شهيد فى كل الحروب، بينما فى الفوضى الاخيرة لدينا مابين ١٢- ١٥ مليون قتيل ولدينا مشردين لانستطيع معرفة عددهم أنتى أمام وضع يحتاج لتصورات.
القضيتان اليمنية والليبية هما قضيتان حالتان الآن فمثلا الحوثيون وهناك مخاطرعلى باب المندب؟
هذا يلغى قناة السويس ودبي، أريد أن اقول أذا ضاع هذا الموقع ستتأثر دبي. نحن لدينا تجربة فى اليمن لم يدرسها أحد لدينا أن تجربتنا التى « ماصدقنا « تخلصنا منها فطوينا ملفاتها دون دراسة.
لدينا عقدة ؟
لدينا عقدة أنا كنت فى البداية ضد حرب اليمن ووقتها دخلت فى نقاشات حادة مع السادات وكان وقتها فى مجلس الشعب لكن كنت أخاف من الوضع فى اليمن وأنا ذهبت هناك سنة ٤٨ ورأيت مافيها وأتذكر جداً أن رئيس وزراء اليمن فى ذلك الوقت جاء لاجئا أنت أمام بلد بديع حضارة هائلة لكن الظروف تركته وهى ظروف كثيرة جداً وتحول التجارة كان مهما.
وصول الحوثيين إلى باب المندب يعنى وصول إيران لهناك؟
سوف نواجه مشاكل فى باب المندب، لكن اريد أن اقول شيئاً أن الحرب ليست هى ما نقفز إليه والقوات المشتركة ليست هى مانقفز اليه من اللحظة الاولى علينا ان ندرس أولاً لكن انتى تحتاجين لمعرفة ألى اى مدى تريد السعودية الى اى مدى قادرة ومستعدة للتكاليف فقد تكون هناك رغبة لانك أمام اليمن هو بركان نائم فى جنوب شبه الجزيرة العربية واذا أنفجر سيجرف كل المنطقة لم يكن السعوديون يخشون من شيء ما لكن اليمن هو الهاجس الموجود عدد سكانها لانعرفه والسعوديون يعرفون أن ثمة مبالغ كثيرة يجب أن تصرف فى اليمن هناك ولاءات وقبائل كثيرة جداً وأحزاب سياسية وقوى جديدة وهناك أدب وفكر وثقافة اليمن معقدة فهى موجودة منذ هذه اللحظة وحتى عصر ماقبل التاريخ البشر موجودون فى التنوع والسؤال كيف تعالجى هذاهل بالقوة ؟ افترض أنهم عند باب المندب وهناك جزيرة فى هذه المنطقة بها مطار اسرائيلى هذه المنطقة اسرائيل شعروا أننا موجودين فى حرب أكتوبر ارسلنا مدمرتين وقفوا عند مضيق باب المندب والسويس أذا لم يكن بوسعنا السيطرة عليها فباب المندب سيكون بديلا وهم ذهبوا هناك ووجدوا من يساعدهم ولن أدخل فى تفاصيل لكن اسرائيل لها قاعدةكبيرة هناك فى الجنوب.
هل أمريكا تحاول إنفاذ اتفاق مع إيران حول تمددها فى المنطقة وبالتالى تغض الطرف عن اشياء أخرى؟
لالا العلاقات الدولية ليست كذلك فهى ليست عبارة عن صفقات فقط هى عبارة عن حركة موازين قوى الدول تتحرك بطموحاتها وأراداتها وكل ماتريده وتقديرات ومعرفة قوى توازن حولها وبالتالى هى ليست صفقة فقط وأنا حزين جداً للطريقة التى وصلنا بها مع إيران « والله لم يكن لها لزوم « قابلت الخومينى فى باريس وسمعته وتحدث نصف ساعة مع الشيخ محمود شلتوت وألتقيت بالمذاهب الاسلامية وهو معجب جداً بمشروع الشيخ شلتوت ونحن اضعنا ايران لغير اسباب لصالح الامريكان للاسف الشديد وقبلنا من الشاه وكان شيعى ولم يغير عقيدته وكانت علاقتنا جيدة معه نحن فى تاريخنا كنا نقول أن الاسلام حتى يجب ماقبله وكنا نؤرخ بالتاريخ الهجرى شاه ايران لم يفعل ذلك وكنا نعتبره صديقا بعد الثورة كان هناك اشياء كثيرة جداً لكن مع الاسف الشديد الامريكان أدركواأن هناك توازنات قوى وأننا خائفين من الثورة الاسلامية فى ايران وبالتالى أختفى الصراع العربى الاسرائيلى عن الضوء وصعد الصراع السنى والشيعى ألى الامام ثم ماذا ؟.
سوريا والاسد

هل ممكن أن تلعب مصر دوراً فى الازمة السورية؟
يمكن أن تلعب دوراً فى كل شيء، وأنا قلت أن لهذا تكلفة، وعندما قال السيسى عليه أن يتصرف ويعبر عن الحضارين والغائبين.
ليبيا
ما رأيك بشأن ليبيا والإرهاب واصرار الغرب على الحوار السياسى وإدماج هذه التيارات فيما يسمى «العملية السياسية الشاملة»؟
أريد أن اقول شيء من الاخطاء وتحدثت فيها فى السابق لا نريد معركة ضد الارهاب تختلط بالاسلام، فالاسلام السياسى قضية معقدة وأكثر شيء نخطأ فيها وأنا فاهم موقف الجزائر المختلفة معنا فأنتى مضطرة مراعاة أوضاع ليبيا نفسها فهناك أسلام من المفيد التحدث معه لكنه يجب أن يكون موجوداَ ضمن ماهو أكثر من قرار فى تصور، نحن لدينا حلول ونحاول أن نحل والجزائر تحاول ايضاً بالاضافة الأى وضع مصر والروابط القومية والعربية وضع ليبيا معقد فهى عبارة عن فضاء يبحث عن تاريخ عبارة عن 3000 ميل على ساحل البحر المتوسط وقد تعرض لظروف غريبة جداً لكن أنتى أمام فضاء يبحث عن تاريخ وقوة هناك فضاء كبير عليكى أن تتصورى كيف تعالجى مشكلة ليبيا فهناك مسألتين حماية حدودنا وهذه مسألة تخصك من جهة ويمكن هنا أن يكون لما يسمى بالقوات العربية المشتركة دور أخر.
هل أنت موافق على العملية العسكرية المصرية فى ليبيا؟
الضربة التى قامت بها مصر كنت أتمنى أن تحدث بطريقة أخرى عبر أخطار مجلس الامن ايضاً.
ربما لو كنا أخطرنا مجلس الامن لما كان سيوافق؟
لا كان علينا الاخطار ثم نتصرف كما نشاء لانريد اذنه.. فى السياسة الدولية يمكن التصرف دون أن تفاجئى ولاتستأذنى أخطرى أثناء التصرف ومرات أخطرنا بأشياء قبل حدوثها بدقائق عند أستخدام القوة العسكرية خارج حدودك فهى تحتاج لترتيبات دولية.
أمريكا تقوم بذلك واسرائيل أيضاً؟
أمريكا تقوم بذلك لقدرتها، واسرائيل لأن موازين قوتها تستلزم أن تستأذن أمريكا والبلد الوحيد الذى يتصرف كيف يشاء دون أخطار كانت هى الولايات المتحدة وكان هذا مستمراً حتى وقت قريب قبل أن تختلف الصورة.
إذا تكرر الامر لاقدر الله فى ظل استمرار وجود الارهاب هناك ؟
جيد تريدى عملا عسكريا بالجيش المصرى لحماية حدود مصرية قومى بذلك، لكن علينا أن نفهم أن هناك إجراءات لهذا وألا سأجد نفسى مخطئا فى الحساب وأنا لآاقول أستأذنى لكن اقول أخطرى وتصرفى قبل أن تفعلى لااقول أستأئذنى ولا يجب أن تفاجئى تصرفى الدول لاتقف مثل الخشب.
لماذا يرفض الغرب والولايات المتحدة وقطر والجزائر رفع الحظر عن الجيش الليبي؟
طبعاً لانه هذه المعركة علينا أن ندرسها، إننا نتصور أن المعركة فقط الارهاب فهناك بلد فى ليبيا وهى مصراتة لاتخضع لقاعدة ولم تخضع من قبل وأنتى أمام بلد له طبيعته قبائلية وشماله مختلف عن جنوبه وبلد مساحته هائلة وحجم سكانه قليل وليبيا مرتان حجم مصر وربع او عشر عدد السكان.
لكن خطورتها على الغرب المصرى مريعة؟
وأريد أن اقول أن هناك خطورة أيضا على أوروبا وهذا الساحل 3000 ميل على البحر الابيض المتوسط فى مواجهة ايطاليا وفرنسا.
لكن هناك ازدواجية فى المعايير فالتحالف يقصف الارهاب فى العراق وسوريا فى حربه ضد داعش لكن بمعايير مختلفة فى ليبيا ؟
لأنه يدرك أن السلاح ليس هو الحل فى ليبيا.
لماذا حل فى العراق وداعش؟
أنتى تدخلتى فى ليبيا.
فى ضربة واحدة ؟
أريد أن اقول أن كل هذه الحيرة التى نعيشها والتى تسألى فيها وانا محتار فيها مبعثها أننا أمام موقف جديد لم نتصوره أنتى أمام مستجد ولاأعرف كيف اقوله ولذلك كل الملفات القديمة سيتم أزاحتها جانباً اذا افتحى صفحات جديدة أنتى أمام أوضاع مختلفة وعليكى أما الرجوع لترتيب العالم بعد الحرب أو غيرها وعليكى أن تفكرى وتتصورى وأن تقدرى من جديد احوال عالمك.
وماذا عن البؤر الملتهبة هل سنتركها هكذا؟
مصر بين شيئين وهما إما تدخل شيء ويكون هناك مشكلة أو تفكر قبل الاقتراب، المعركة فى العالم العربى كله، لا يمكن القول إننى ليس بوسعى الانتظار وأن أقوم بقفزة فى الظلام، أحد يقول انزل فى عدن وارسل قوات فين كل هذه الامور تحتاج لتدبر أن مواردك محدودة وقدراتك على قدها وأتحدث عن الجميع واسف أنى اقول هذا فنحن نحتاج لتوظيف لهذه القوة بأكبر قدر من الفوائد بأقل حجم من الاضرار ضاع منى موارد الدنيا فى الفترة السابقة لايمكن ان يكون لدى ترف لخسارة المزيد.
وقد لانملك ترفاً أن نترك اليمن يسطير عليها الحوثيين ؟
أنا لم اقل نترك أنا وأوافقكك ولكن علينا ألا نتقدم دون بصيرة وتقفزين بل برؤية وتدبر القفز فى موقع محدد فى هذه اللحظة كارثى لانكى لاتعرفى أين تقفزين.
هل ترأس مصر للقمة العربية لمدة عام قادم هو مفتاح لعودتها لدورها؟
هى القفل والمفتاح معا، لكن أريد أن اقول نعم فى مقدورها وقد ثبت هذا فى شرم الشيخ العالم العربى يطلبها ويريد إنجاحها وهى تستيقظ وتهم وعلى طريق تحديد هدف لها وعلى وشك تحديد طريق لها أذا لم تكن مبصرة نريدها تتقدم واثقة مبصرة وعارفة بموقع خطاها لا أملك ترفا أن أخطيء كثيراً صحيح هناك خطأ ممكن مع كل فعل أنسانى لكن ليس بصورة كبيرة أذا لم ينجح المؤتمر القادم وبعده بشهرين أوثلاثة فى ترتيب لرؤية جديدة ومستقبل مختلف أخشى أن تكون أخر قمة لانه اذا لم يحدث ذلك فسوف يفقد المواطن العربى الامل.

المصدر الأهرام


تعليقات

المشاركات الشائعة