دروس من حكاية دياب وشيرين .. !
المصدر الاهرام . سمير الشحات . قضايا و آراء
ما المشكلة فى أن تتشاجر المطربة شيرين عبد الوهاب مع زميلها عمرو دياب؟ وما كل تلك الزيطة والزمبليطة التى لا لزوم لها والتى أشاعتها بيننا نحن جمهور المشاهدين وسائل الإعلام المرئية والمقروءة لأيام طويلة كأنما مشاكلنا كلها قد وجدت الحل ولم يبق إلا مشكلة دياب وشيرين؟
والأغرب أننا وجدنا زملاء لهذين المطربيْن الكبيرين يدخلون على الخط بنفسنة ملحوظة، فيشككون فى تاريخهما ويصطادون فى الماء العكر وينفثون غلهم وأحقادهم وإحباطاتهم، ولسان حالهم يقول: «نحن هنا»!
عمرو دياب مطرب بالغ التأثير فى جيله وله إسهامات فى فن الغناء غير منكورة طوال السنين منذ الثمانينيات، وشيرين مطربة رائعة نجحت ومازالت تنجح فى تقديم أغنيات جميلة دافئة مملوءة بالشجن منذ التسعينيات.. هل فى ذلك شك؟ تابعوا إن شئتم مدى التأثير الذى يتركه كلاهما على الجمهور المصرى والعربى كلما أقيمت لأى منهما الحفلات.
شيرين ودياب من أهم دعائم قوة مصر الناعمة التى طالما أبهرنا بها محيطنا العربى كله ومعهما كوكبة من الأدباء والمفكرين والمثقفين شهد لهم الجميع بالتميز والكفاءة العقلية، فهل من الحكمة أو الحصافة إهالة التراب على ما بقى لنا من قوة ناعمة لمجرد حصد مزيد من المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعى وفى التوك شو؟
ثم .. هل ما جرى من مشاغبات بين المطرب الأول والمطربة الأولى فى مصر الآن (حسبما يؤكد العديد من نقاد الفن) أمر جديد على الساحة الفنية؟ أبدًا .. فقد وجدنا مثيلًا لهذا من قبل بين العندليب عبد الحليم حافظ وزميله الكبير فنًا وخُلقًا فريد الأطرش فلم تنقلب الدنيا ولم تتوقف مسيرة عطاء كليهما، ولو أنك بحثت فستجد شبيهًا لذلك بين الكثير من الفنانين والفنانات، ممثلين ومخرجين ومؤلفين وملحنين ومطربين .. فما المشكلة؟
خطورة تلك الأزمة (التى لا هى أزمة ولا حاجة) أنها تقلل من شأن فنانينا ومبدعينا فى المجالات كافة، والأخطر أن ذلك قد يمتد ليطال كل رموزنا فى جميع المجالات، ما يشيع فى المجتمع حالة من الاستهزاء واستسهال التطاول وقلة القيمة وانتشار مناخ من عدم الاحترام، وساعتها سينسحب المحترمون فلا يبقى فى جعبتنا إلا التافهون.. أليسوا يقولون إن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة.. فهل نحن بتنا نستمرئ ونتلذذ بتحطيم الكبار فينا؟
علاوة على هذا، فإن هؤلاء الفنانين والمبدعين فى شتى المجالات من المفترض فيهم أنهم القدوة والنموذج للأجيال الجديدة، وسيؤدى هذا التحطيم المتواصل لما أنجزوه وينجزونه خلال مسيرتهم إلى فقدان الثقة فى أى نجاح، إذ سيقول أبناؤنا لأنفسهم: ها هم الكبار يلعبون ألعاب الصغار فلماذا نحترمهم أو نقتدى بهم إذن؟
العرب كانوا قديمًا إذا ظهر فيهم شاعر احتفوا به وبجّلوه ورفعوا اسمه بين بقية القبائل كونه يمثل قيمة مضافة إلى سمعة القبيلة ومجدها، فما بالنا نحن هذه الأيام نحطم مبدعينا هكذا؟ أليس ذلك يمثل خللًا عميقًا يجب تداركه فورًا كى لا يصير التدمير والتحطيم هما الأصل بينما التبجيل والاحترام هما الاستثناء؟
إشاعة الهُزء والسخرية من الرموز والنابعين منا ستصل إلى كل قطاعات الإنتاج فى مؤسساتنا، فتكون النتيجة تعطيل الإنتاج الحقيقى وبروز القادرين على السخرية وحدهم الذين سيخشى المنتجون الحقيقيون من لسعات ألسنتهم، ومن ثم يسعى الجميع إلى ممالأتهم والتقرب منهم ومحاولة كسب رضاهم على حساب الإنجاز والتفوق، أليسوا يقولون فى أمثالنا الشعبية «الغجرية ست جيرانها» ؟
انظر إن شئت إلى مدارسنا وجامعاتنا هذه الأيام.. ألست تلحظ مدى استصغار التلاميذ الصغار لمدرسيهم إلى الدرجة التى باتت فيها حوادث التطاول والاعتداء على المدرسين فقرة ثابتة فى برامج التوك شو الليلية وعلى صفحات الجرائد؟ فأين منا أيام كان فيها الطلاب يرددون على الدوام كلمات شوقى «كاد المعلم أن يكون رسولًا»؟
قد يقول قائل إن الفنانين والفنانات أنفسهم هم من يضعون أنفسهم فى هذا «المزنق» بأفعالهم وتصريحاتهم غير المسئولة، صحيح يحدث هذا أحيانًا.. لكن من قال إن الفنانين أنبياء؟ إنهم فنانون، وكما معروف فإن الفنون جنون، وكم رأينا فى العالم كله من لحظات جنون للفنانين والمبدعين.. ومع ذلك فإن هناك ما يسمونه فى الغرب بقدسية الحياة الخاصة.. فلماذا لا يلتزم إعلامنا بهذه القاعدة حتى لو أخطأ الفنان؟ هل من المهنية أو النزاهة أن يتدخل الإعلام فيجعل من الحبّة قبة؟ إن أحدًا لم يقل إن على الإعلام الدفاع عن السقطات وزلات الألسن، لكن عليه أيضًا ألا يلغوص فى الجروح أو أن يزيد النار اشتعالًا خطفًا للمشاهدين من القنوات والمواقع الأخري، ألا يقولون إن ثمة مسئولية مجتمعية يجب أن يلتزم بها الإعلام والإعلاميون.. فأين تلك المسئولية؟
وعلى الجانب الآخر ربما كان من المناسب هنا تذكير هؤلاء النجوم الكبار هم أيضًا بتوخى الحرص، سواء فى تصرفاتهم أو فى ثرثرات جلساتهم الخاصة، إذ إنه ليس غائبًا عن إدراكهم انتشار كاميرات الموبايل التى أصبحت فى كل يد وهى كاميرات تتصيد الساقطة واللاقطة حيث باتت تلك السقطات مصدرًا لحصول الكثيرين على المال، فعلى هؤلاء الفنانين أن يفطنوا إلى أن صورتهم العامة كمواطنين لا تنفصل عن صورتهم كفنانين مهما يكن عطاؤهم الفني.
على كل حال، لعل هذا الذى جرى أخيرا بين شيرين ودياب يكون جرس إنذار وضوءًا أحمر لتنبيه الجميع- نجومًا وإعلاميين ومجتمعًا- إلى خطورة الأمر، حيث لم تعد سمعة المصريين لا فى الداخل ولا الخارج تحتمل المزيد.. فليتنا نفيق قبل أن نفقد كل ما بأيدينا من كنوز ونجوم وكفاءات.
ما المشكلة فى أن تتشاجر المطربة شيرين عبد الوهاب مع زميلها عمرو دياب؟ وما كل تلك الزيطة والزمبليطة التى لا لزوم لها والتى أشاعتها بيننا نحن جمهور المشاهدين وسائل الإعلام المرئية والمقروءة لأيام طويلة كأنما مشاكلنا كلها قد وجدت الحل ولم يبق إلا مشكلة دياب وشيرين؟
والأغرب أننا وجدنا زملاء لهذين المطربيْن الكبيرين يدخلون على الخط بنفسنة ملحوظة، فيشككون فى تاريخهما ويصطادون فى الماء العكر وينفثون غلهم وأحقادهم وإحباطاتهم، ولسان حالهم يقول: «نحن هنا»!
عمرو دياب مطرب بالغ التأثير فى جيله وله إسهامات فى فن الغناء غير منكورة طوال السنين منذ الثمانينيات، وشيرين مطربة رائعة نجحت ومازالت تنجح فى تقديم أغنيات جميلة دافئة مملوءة بالشجن منذ التسعينيات.. هل فى ذلك شك؟ تابعوا إن شئتم مدى التأثير الذى يتركه كلاهما على الجمهور المصرى والعربى كلما أقيمت لأى منهما الحفلات.
شيرين ودياب من أهم دعائم قوة مصر الناعمة التى طالما أبهرنا بها محيطنا العربى كله ومعهما كوكبة من الأدباء والمفكرين والمثقفين شهد لهم الجميع بالتميز والكفاءة العقلية، فهل من الحكمة أو الحصافة إهالة التراب على ما بقى لنا من قوة ناعمة لمجرد حصد مزيد من المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعى وفى التوك شو؟
ثم .. هل ما جرى من مشاغبات بين المطرب الأول والمطربة الأولى فى مصر الآن (حسبما يؤكد العديد من نقاد الفن) أمر جديد على الساحة الفنية؟ أبدًا .. فقد وجدنا مثيلًا لهذا من قبل بين العندليب عبد الحليم حافظ وزميله الكبير فنًا وخُلقًا فريد الأطرش فلم تنقلب الدنيا ولم تتوقف مسيرة عطاء كليهما، ولو أنك بحثت فستجد شبيهًا لذلك بين الكثير من الفنانين والفنانات، ممثلين ومخرجين ومؤلفين وملحنين ومطربين .. فما المشكلة؟
خطورة تلك الأزمة (التى لا هى أزمة ولا حاجة) أنها تقلل من شأن فنانينا ومبدعينا فى المجالات كافة، والأخطر أن ذلك قد يمتد ليطال كل رموزنا فى جميع المجالات، ما يشيع فى المجتمع حالة من الاستهزاء واستسهال التطاول وقلة القيمة وانتشار مناخ من عدم الاحترام، وساعتها سينسحب المحترمون فلا يبقى فى جعبتنا إلا التافهون.. أليسوا يقولون إن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة.. فهل نحن بتنا نستمرئ ونتلذذ بتحطيم الكبار فينا؟
علاوة على هذا، فإن هؤلاء الفنانين والمبدعين فى شتى المجالات من المفترض فيهم أنهم القدوة والنموذج للأجيال الجديدة، وسيؤدى هذا التحطيم المتواصل لما أنجزوه وينجزونه خلال مسيرتهم إلى فقدان الثقة فى أى نجاح، إذ سيقول أبناؤنا لأنفسهم: ها هم الكبار يلعبون ألعاب الصغار فلماذا نحترمهم أو نقتدى بهم إذن؟
العرب كانوا قديمًا إذا ظهر فيهم شاعر احتفوا به وبجّلوه ورفعوا اسمه بين بقية القبائل كونه يمثل قيمة مضافة إلى سمعة القبيلة ومجدها، فما بالنا نحن هذه الأيام نحطم مبدعينا هكذا؟ أليس ذلك يمثل خللًا عميقًا يجب تداركه فورًا كى لا يصير التدمير والتحطيم هما الأصل بينما التبجيل والاحترام هما الاستثناء؟
إشاعة الهُزء والسخرية من الرموز والنابعين منا ستصل إلى كل قطاعات الإنتاج فى مؤسساتنا، فتكون النتيجة تعطيل الإنتاج الحقيقى وبروز القادرين على السخرية وحدهم الذين سيخشى المنتجون الحقيقيون من لسعات ألسنتهم، ومن ثم يسعى الجميع إلى ممالأتهم والتقرب منهم ومحاولة كسب رضاهم على حساب الإنجاز والتفوق، أليسوا يقولون فى أمثالنا الشعبية «الغجرية ست جيرانها» ؟
انظر إن شئت إلى مدارسنا وجامعاتنا هذه الأيام.. ألست تلحظ مدى استصغار التلاميذ الصغار لمدرسيهم إلى الدرجة التى باتت فيها حوادث التطاول والاعتداء على المدرسين فقرة ثابتة فى برامج التوك شو الليلية وعلى صفحات الجرائد؟ فأين منا أيام كان فيها الطلاب يرددون على الدوام كلمات شوقى «كاد المعلم أن يكون رسولًا»؟
قد يقول قائل إن الفنانين والفنانات أنفسهم هم من يضعون أنفسهم فى هذا «المزنق» بأفعالهم وتصريحاتهم غير المسئولة، صحيح يحدث هذا أحيانًا.. لكن من قال إن الفنانين أنبياء؟ إنهم فنانون، وكما معروف فإن الفنون جنون، وكم رأينا فى العالم كله من لحظات جنون للفنانين والمبدعين.. ومع ذلك فإن هناك ما يسمونه فى الغرب بقدسية الحياة الخاصة.. فلماذا لا يلتزم إعلامنا بهذه القاعدة حتى لو أخطأ الفنان؟ هل من المهنية أو النزاهة أن يتدخل الإعلام فيجعل من الحبّة قبة؟ إن أحدًا لم يقل إن على الإعلام الدفاع عن السقطات وزلات الألسن، لكن عليه أيضًا ألا يلغوص فى الجروح أو أن يزيد النار اشتعالًا خطفًا للمشاهدين من القنوات والمواقع الأخري، ألا يقولون إن ثمة مسئولية مجتمعية يجب أن يلتزم بها الإعلام والإعلاميون.. فأين تلك المسئولية؟
وعلى الجانب الآخر ربما كان من المناسب هنا تذكير هؤلاء النجوم الكبار هم أيضًا بتوخى الحرص، سواء فى تصرفاتهم أو فى ثرثرات جلساتهم الخاصة، إذ إنه ليس غائبًا عن إدراكهم انتشار كاميرات الموبايل التى أصبحت فى كل يد وهى كاميرات تتصيد الساقطة واللاقطة حيث باتت تلك السقطات مصدرًا لحصول الكثيرين على المال، فعلى هؤلاء الفنانين أن يفطنوا إلى أن صورتهم العامة كمواطنين لا تنفصل عن صورتهم كفنانين مهما يكن عطاؤهم الفني.
على كل حال، لعل هذا الذى جرى أخيرا بين شيرين ودياب يكون جرس إنذار وضوءًا أحمر لتنبيه الجميع- نجومًا وإعلاميين ومجتمعًا- إلى خطورة الأمر، حيث لم تعد سمعة المصريين لا فى الداخل ولا الخارج تحتمل المزيد.. فليتنا نفيق قبل أن نفقد كل ما بأيدينا من كنوز ونجوم وكفاءات.
تعليقات
إرسال تعليق