المصدر صوت الأمة . soutalomma.com . د . محمد حسن يكتب
لم يكن اختيار الدكتوره ايناس عبد الدايم لتولي حقيبة الثقافة لكي تكون أول سيدة تصبح وزيرة للثقافة، ولكن لأنها تمتلك رؤية لما يجب أن تكون عليه وزارة الثقافة في ظل ما نعانيه من تفشٍ للأمية الثقافية والجهل بقيمة الفنون وأهميتها في مواجهة قوى التطرف والإرهاب. وقد شهد العام الماضي تجسيداً حياً لهذه الرؤية بالواقع العملي لا بالأقوال، فنجد رئيسة دار الأوبرا المصرية تقوم بعمل وزارة مكتملة داخل هذا الصرح الفني الكبير، فنجدها تولي اهتماماً خاصاً بمركز تنمية المواهب بالأوبرا الذي يسعى أولياء الأمور إلى ضم أطفالهم إليه بل والشباب وأصحاب المواهب من كبار السن يلتحقون به لتنمية مواهبهم في شتى مناحي الفنون المتعددة. ونجدها تهتم بالدراما الغنائية والموسيقى العالمية ومركز الرقص المسرحي الحديث، أما عن مهرجان وملتقى الموسيقى العربية فلم يشهد المهرجان نجاح منذ بدايته مثل العام الماضي حيث تحولت الأوبرا إلى محفل علمي للندوات والأبحاث الموسيقية والفنية والتراثية القيمة بجانب كرنفال الفنون الذي حشدت له أكبر عدد من كبار نجوم العالم العربي الذين وقفوا على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا للمرة الأولى. وتجلت الرؤية الثقافية والفكرية في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء الذي سميته من قبل (عيد البسطاء) وهذا المسمى عبرت عنه كثيرا المواطنة المصرية ايناس عبد الدايم وهي مبتهجة وينشرح صدرها حينما ترى يومياً مئات الأسر المصرية البسيطة رجالاً ونساءاَ كهولاً وأطفالاً يصعدون إلى القلعة لكي ينعموا بالاستمتاع بمطربيهم المفضلين من كبار النجوم والنجمات، في جو ساحر ليس له نظير وكانت الدكتوره ايناس تصطحب بنفسها الصحقيين والمفكرين لتطلعهم على الفرحة في عيون الجماهير الغفيرة المستمتعة بهذا المهرجان وكانت تخبرهم بأنها تحلم بأن ينتقل هذا المهرجان ومختلف أنشطة الأوبرا إلى جميع محافظات مصر بل لتعرض في القرى والكفور. وهاهي الفرصة قد أتت لها لكي تحقق هذا الحلم بعد أن أصبحت مسئولة عن جميع مؤسسات الوزارة ولكنها لكي تحقق هذا الحلم ستخوض معارك كبيرة من أجل تحريك المياه الراكده في أغلب مؤسسات الوزارة التي أصابها الجمود والتي تحكم بالشلالية وأهل الثقة لا أهل الخبرة. وأعلم أن الأمر يحتاج إلى ميزانيات ضخمة بل وتعديل لائحة تنقل العروض للمحافظات وهي ما يسمى (مكافئة الانتاج) لكي يستطيع الفنان أن يسافر ويؤدي دوره في المحافظات فعلى سبيل المثال الفنان القدير حينما يعرض مسرحية تابعة لقطاع الانتاج الثقافي في الاسكندرية أو أي محافظة تكون مكافئته التي تشمل مصاريف الاقامة (سكن والاعاشة والطعام) مائة جنية فقط في حين أن بند السكن وحده لا يقل عن ثلاثمائة جنيه في اليوم الواحد فكيف يوافق الفنان مهما كانت وطنيته على أن يتسول من أجل تقديم فنه خارج القاهرة، ولكني على ثقة بأن الوزيرة الفنانة التي تتسم بالقوة والحسم والارادة ستتغلب فوراً على هذه المشكلة وستضعها في أولوياتها. وأنها قادرة على تنقل العروض القائمة بالفعل حتى يأتي تعزيز من وزارة المالية بل وبدون تعزيز بحسن التخطيط وتوفير العروض الفاشلة وتنقل العروض الناجحة، أعلم أن من أهم أسباب الإطاحة بالوزير السابق هي تصريحه بأن قصور الثقافة لن تؤدي دورها إلا بتوفير أربعة مليارات جنيه. وهذا قول حق ولكن هناك أفكار متعددة وتجارب علمنا إياها أساتذتنا الأجلاء من كبار رجال الثقافة الحقيقيين ومنهم العمالقة سعد الدين وهبه، سميحة أيوب، عبد الرحمن الشافعي، وعلي أبو شادي، ومنها فكرة الشافعي في انشاء مراكز ثقافية في كل قرية ومديرية ثقافة بعيداً عن الادارة الرسمية وهي جمعيات رواد الثقافة فكانت جمعية رواد الثقافة بالجيزة بقيادة عبد الرحمن الشافعي مستقلة عن وزارة الثقافة ولكنها برعاية مدير المديرية وتمول ذاتياً من اشتراكات جمهور الانشطة الثقافية في المديرية وكان الشافعي يحضر كبار المثقفين ليعطون دورات شبيهة بدورات مركز تنمية المواهب بالآوبرا بالمجان فدرست من خلالها على يد الدكتور عبد الحميد يونس، الدكتورة نعمات أحمد فؤاد، الدكتورة نهاد صليحة، الدكتورة نجاة علي أستاذة الإلقاء والعديد من الفنانين الكبار. كما أن تجربة المسرح المتنقل ومسرح الجرن والعربة الشعبية التي تتضمن عربة متنقلة بمسارح متنقلة تعرض الأنشطة في الساحات والغيطان وجوارها العربة القديمة التي كانت تبعث بها الهيئة المصرية العامة للكتاب ودار المعارف لكي يستعير المواطنين الكتب كل هذه الأفكار وغيرها الكثيرة تحتاج إلى نظرة من الوزيرة المتحمسة القادرة على هزيمة داعش لخلق أجيال مستنيرة في كل قرية وكل نجع.
تعليقات
إرسال تعليق