تنظيم الإخوان يحشد فى مساجد ألمانيا ضد مصر
لا أحد ينكر الدور الكبير الذى تقوم به ألمانيا فى الاتحاد الأوروبى من توجيه السياسات الاقتصادية والخارجية من مواقف الاتحاد الأوروبى فى كثير من القضايا، رغم تبعية القرار الألمانى للقرار الأمريكى منذ 1945 حتى الآن وخصوصاً بعد زيارة أوباما الأخيرة لبرلين والتى لاقت احتفالاً وترحيباً غير مسبوق من قبل الألمان مقارنة ببقية الشخصيات السياسية الدولية مما يدل على كون العلاقات الألمانية الأمريكية بالفعل فى عصرها الذهبى.
ومن بعد ثورة 30 يونيو على الفاشية الدينية، فوجئنا كمصريين مقيمين فى ألمانيا بهجوم حاد على الثورة وإصرار وتعنت فى تسميتها انقلاباً عسكرياً، وخاض المصريون معارك كلامية حادة مع الألمان أنفسهم وليس فقط الصحفييين والساسة لإيضاح أن ما كان للجيش التحرك دون ضغط شعبى فى الشارع، ورغم علم الحكومة الألمانية جيداً ببشاعة وخطر حكم الإخوان فى مصر والذى صرحت به المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل بتاريخ 17 مارس 2013
بأن حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر والذى بدأ فقط منذ أقل من عام، قد ينهى حضارة من أعظم الحضارات فى العالم، والتى يمتد تاريخها إلى آلاف من السنين،وأضافت بقولها: إن حكم الإخوان يذكرنى بحكم النازى أدولف هتلر؟
وتصاعدت حدة الموقف بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة واتضح دور التنظيم الإخوانى التركى الذى تؤويه ألمانيا وتمكن فى التوغل فى المجتمع الألمانى تحت مسمى المراكز والروابط الإسلامية وبعض دور النشر والمنتجات الإسلامية من ملابس محجبات والأكل الحلال والنشاط الملحوظ فى نشر الدعوة ضمنياً وهى جميعها ذات تمويل كبير ولها استثمارات بأسماء أخرى ليس فقط فى ألمانيا ولكن أيضاً فى هولندا، خصوصاً بأسماء هولندية، ولا يخفى على أحد قدرة الإخوان على اختراق المجتمعات، خصوصاً فى بلد مثل ألمانيا مستغلين قيم الحرية الاقتصادية والدينية والسياسية للتغلغل على مدار سنوات، فضلاً عن الغطاء الأكاديمى الذى دعم الإسلام السياسى فى مراكز ومعاهد وجامعات ألمانيا ذات التاريخ الطويل فى الاستشراق والتى صورت الإخوان المسلمين على غير حقيقتهم وتجاهلت أو بررت العنف المغلف لتاريخها وتعمدت تلك المؤسسات العلمية ليس فى ألمانيا فحسب، لكن فى أوروبا الغربية وأمريكا على التركيز على الإسلام السياسى والمبالغة فى تجميله لا يجب الخوف منه، متهماً المسلمين بعد ثورة الربيع الربيع أنهم مَن يعانون من مرض «الإسلاموفوبيا» وأنهم كباحثين عقلانيين تخلصوا منه، وتجلت صور الدفاع عنه من مواقف حدثت أمامى ذات دلالة بعد دستور الإخوان فى ديسمبر عام 2012 والدفاع عن مضمونه.. واتهام التيار المدنى بالإسلاموفوبيا والهستيريا.. وكان ذلك من أستاذ الأدب العربى فى جامعة «منستر».. هذا الموقف ربما يعزوه البعض إلى أن كثيراً من أساتذة وباحثى الدراسات العربية والإسلامية قد سجنوا أنفسهم فى مراكز بحثية بعيدة عن ممارسات الإسلام السياسى على أرض الواقع والاكتفاء بترجمة وتعليق كتب راشد الغنوشى.. أو ربما هو العنت والتكبر الألمانى من الاعتراف بالخطأ فى تقدير خطورة الإسلام السياسى وتصويره لقادتهم ومجتمعهم، وبذلك يكون قد حظى الإسلام السياسى بدعم لوجيستى وأكاديمى فى ألمانيا مكنته من الحركة بجرأه وحرية.
تبلور بعد الحشد والتعبئة المعنوية ضد مصر وشعبها وجيشها، خصوصاً بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة فى معظم المساجد والزوايا والمراكز الإسلامية فى ألمانيا وخصوصاً التى يديرها أتراك، ويتمثل الحشد فى الدعوات إلى مظاهرات أمام قنصليات وسفارة مصر أو التجمع فى أكبر الميادين فى أى مدينة، حاملين صور المعزول محمد مرسى وصور الفريق عبدالفتاح السيسى كدكتاتور انقلابى قاتل للأطفال والنساء مزودين بالمادة الإعلامية من الجزيرة ومن مواقع الحكومة التركية وحزب أردوغان، (أسفل المقال نموذج للحشد والتظاهر يوم 16 أغسطس)، واللافت للنظر هو عدد المصريين الهزيل فى تلك المظاهرات مع حضور مكثف للجالية التركية والعرب الذين تم شحنهم من المساجد من اليمن والجزائر وسوريا مثلاً.
وعن نادر محمد، طالب الدكتوراة المصرى فى جامعة جوتنبرج العضو المستقيل من الحزب الديمقراطى المسيحى (الحزب الحاكم) أن هناك رضاءً تاماً من الحكومة الألمانية عن تحركات الإخوان فى ألمانيا، رغم العنف المتضمن لهذه الدعوات بصورة غير مباشرة وتركها للتحريض على الجيش المصرى والثورة فى المساجد ربما إيثاراً للسلامة وخوفاً من رد فعل الإخوان والأتراك فى ألمانيا مفضلة أن تنقل الصراع بعيدة عن أرضها، كما أكد لى من خبرته داخل الحزب الحاكم أن السبب الحقيقى من الغضب من ثورة 30 يونيو هو إضاعة الفرصة على جيوش غربية وأمريكية (ألمانيا منهم باعتبارها ثالث الدول تصنيعاً للسلاح) من إزالة حكم الإخوان بجيوشهم بحجة الحرب على الإرهاب وأمن إسرائيل.
والأخطر هو ما نقله لى أحد المصريين الذى فضل عدم ذكر اسمه عن تحركات محمومة لسفير الخارجية القطرى فى ألمانيا لشراء صفقة سلاح من ألمانيا من هامبورج تقدر بنصف مليار يورو بهدف تكوين جيش حر فى مصر على غرار الجيش السورى الحر وترجى من المصريين جميعهم نشر الخبر لوقف ما يحدث.
أسفل: عينة من خطابات الحشد التى توزع فى المساجد والمراكز الإسلامية:
«بسم الله الرحمن الرحيم، إلى أحرار العالم، سارع وبادر بالتحرك ومطالبة سلطات بلادك بالاحتجاج الفورى لدى سلطات الانقلاب العسكرى فى مصر، اخرج إلى ميادين بلادك واحتج لدى المؤسسات المصرية التمثيلية فى بلدك مع شروق شمس اليوم الرابع عشر من شهر أغسطس 2013، تدخل ثوة 25 يناير2011 مرحلة جديدة، تسقط معها الأقنعة الزائفة التى حاول القادة العسكريون تغطية أهدافهم من ورائها، وحاول بعض من أيدهم فى انقلابهم العسكرى يوم الثالث من يوليو 2013 مساندتهم فى القضاء على ثورة شعب ظل لمدة عقود تحت حكم العسكر، فاليوم يقود الجنرالات الانقلابيون حرباً لأول مرة فى حياتهم ليس لحماية أوطانهم، بل لقتل شعبهم.. فالتاريخ يسجل أن آخر حرب قام بها الجيش المصرى كانت فى السادس من أكتوبر 1973 ضد قوات المحتلين لأرضه، ولم يشارك واحد من هذه القيادات التى تتحكم فى قرار مصر الآن فى هذه الحرب، فقد التحقوا بالجيش بعدها، وأعدهم النظام الجائر لمثل هذا اليوم، وواصلت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لهم عسكرياً وثقافياً فى عملية غسيل مخ وتغيير للهوية والولاء ليكون لغير مصالح أوطانهم وشعوبهم، بل وعضدتها أنظمة محلية ودولية بالإعلام الكاذب والمال الحرام. ومع استمرار عمليات القتل وصمت الأنظمة العالمية عن ممارسات مجرمى الحرب فى مصر، فإن مسئولية ما سيحدث فى مصر كلها الآن من إراقة دماء وإثارة الفتنة الطائفية والعشائرية، أصبحت معلقة فى رقابهم الآن، طالما ظلوا على تأييدهم للانقلاب العسكرى ومواصلة دعمه عسكرياً ومادياً ومعنوياً، وبالرغم من كل هذه الجرائم والمآسى فإن ثورة الشعب المصرى ستظل تواجه رصاصات الخيانة والغدر بصدور شعبها العارية، وهى على يقين بعون الله وحده من أنها قد بدأت خطواتها فى طريق النصر، بشعب واحد متماسك لا مكان فيه للعملاء والانقلابيين، حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء إلى كل حر.. إلى كل نصير للحق والحرية والعدالة إلى كل محب لحق الشعوب فى حكم بنفسها بنفسها ندعوك للمشاركة بقوة فى الفعاليات نصرة للديمقراطية وانتصاراً للشرعية فى مصر واستنكاراً للهجمة الفاشية العسكرية على الحريات والمواطنين السلميين العزل دفاعاً عن حقهم فى الحرية والعيش بكرامة.
تعليقات
إرسال تعليق