المصدر ايجى نيوز - اخبار الفن
مشاهد الادمان والتدخين والعنف والألفاظ النابية فى دراما رمضان أثارت موجة من الجدل بين الجمهوروالنقاد حول مدى ملائمة هذا المضمون لأجواء شهر رمضان وحجم تأثيره السلبى خاصة على سلوكيات الأطفال والمراهقين والشباب ؟.. ولعل أبرزها مشهد دموع أم مصرية أمام ابنها بمسلسل الكيف ليعطيها “حبة ترامادول “مادفع صندوق مكافحة الإدمان للتحذير من تروّيجها لتعاطي المخدرات والتدخين حيث سجل المرصد الإعلامي للصندوق قرابة 348 مشهد تدخين وتعاطي مخدرات بمسلسلات رمضان في أول 5 أيام من الشهر.
وتوزعت المشاهد التي ظهرت فيها مقاطع التدخين وتعاطي المخدرات عبر 10 ساعات عرض تلفزيوني كالأتى : 272 مشهد تدخين بإجمالي 7 ساعات و 27 دقيقة، 76 مشهد تعاطي مخدرات وتناول كحول بإجمالي ساعتين و 35 دقيقة.
وتصدّر القائمة السوداء للمسلسلات كل من المسلسلين “الطبال” بنحو 25 مشهداً للتدخين و 10 مشاهد تعاطي مخدرات فقط خلال الحلقات الخمس الأولى و”الكيف” 19 مشهد تدخين و12 مشهد تعاطي مخدرات. كما وضع المرصد قائمة أخرى تضم الأعمال الدرامية الأقل إحتواء على مشاهد تعاطي مخدرات، و على رأسها مسلسل سقوط حر ورأس الغول والقيصر وهي ودافنشي ويوميات زوجة مفروسة وهبة رجل الغراب ونيلي وشريهان.
مليون جنيه..جائزة محاربة الادمان
الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت لموقع أخبار مصر إن مرصد وزارة التضامن الاجتماعى رصد خلال رمضان الماضى كما كبيرا من مشاهد تعاطى المخدرات بالمسلسلات مما دفع الوزارة الى تشكيل لجنة من الخبراء لتقييم الاعمال الدرامية هذا العام واختيار العمل الفائز الذى يحارب الادمان وفق عدة معايير منها كيفية تقديم المشاهد والحلول المطروحة للفوز بجائزة مالية قدرها مليون جنيه من صندوق مكافحة الادمان .وعن أفضلية توجيه الجائزة لحملة قومية ضد الادمان، قالت الناقدة الفنية إن الجائزة تمثل نوعا من تحفيز منتجى الدراما للقيام بدور اجتماعى فى قضايا شائكة أى أنها تأتى فى اطار حملة للتوعية من خلال الدراما الى تحطى بمشاهدة عالية وتأثير جماهيرى فى موسم رمضان .
وكانت الحكومة قد أعلنت عام 2015عن خطة متكاملة لمكافحة المخدرات، وخصصت لذلك نحو 250 مليون جنيه كميزانية إضافية من الخزانة العامة للدولة مع بداية العام المالي2015-2016.
وسبق أن أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي أنه بتحليل المواد الدرامية تبيّن أن مشاهد الإدمان والتدخين في المسلسلات الرمضانية عام 2014 وصلت إلى 102 ساعة أي ما يعادل 80% من الأعمال الدرامية، وأن 70% من الأبطال يدخنون ويتعاطون المخدرات رغم أن نسبة الإدمان في الواقع لا تتجاوز 24%،ما يضاعف من حجم الظاهرة، مشيرة إلى أن الوزارة دعمت إنتاج سبعة أفلام قصيرة للتوعية من مخاطر الإدمان تعرض على القنوات الفضائية.
واشارت ماجدة موريس الى نجاح مسلسل تحت السيطرة فى رمضان الماضى لكنه لم يحصل على جائزة مالية مؤكدة أهمية التشجيع لانتاج دراما نظيفة هادفة .
وعن امكانية تعميم الفكرة لمحاربة العنف والجريمة والالفاظ الخارجة ،قالت موريس إن هذا يتطلب اقتناع من القائمين على صناعة الدراما الى جانب تخصيص جوائز مماثلة من وزارات وصناديق مختلفة .
ولفتت الى أن الدراما الرمضانية هذا العام لديها الكثير من الإسقاطات التى ظهرت ببعض الأعمال الدرامية مثل الأزمات النفسية التى تتعرض لها الشخصيات بسبب ضغوط الحياة أو مواقف صعبة أو صدمات ، مثل “سقوط حر” للنجمة نيللى كريم، و”هى ودافنشى” للنجمة ليلى علوى، و”فوق مستوى الشبهات” للنجمة يسرا، و”الخانكة” للنجمة غادة عبد الرازق”، وسبق أن تخللت دراما السنوات الماضية حالات المرض النفسى بأشكال مختلفة، مثل مسلسل “حكاية حياة”، لكن هذا العام الكم أكبر فيما يشبه العدوى .
لا وصاية على الابداع
بينما وصف الناقد طارق الشناوى مراعاة عدم ترويج مشاهد العنف والادمان والجرائم فى الدراما بأسوأ شىء يمكن فرضه على الفن لأنه ضد قانون الدراما وان كانت هناك أعمال ستراعى ذلك طمعا فى السمعة الطيبة والحصول على جوائز مالية وأدبية .
وأوضح أن عدم ظهورهذه المشاهد فى الدراما الرمضانية لن يؤدى لاختفائها من الواقع ثم إن مسلسل مثل “تحت السيطرة” كان مليئا بمشاهد التعاطى ولكنه فى مجمله كان ضد الادمان وأثر ايجابيا فى الرأى العام وبالتالى ليس صحيحا ان يتم وضع مراصد لتقييم الاعمال من حيث كم المشاهد المرفوضة والمساحة الزمنية لعرضها دون النظر لكيفية تصويرها وفى أى سياق وبأى اثر وتقييم طبيعة وقوة تأثيرها .
ويرى أن الدراما ليس مطلوب منها أن تطرح حلولا للمشاكل لأن هذا ليس دورها وانما هى تنقل الحالة وتدق ناقوس الخطر فقط أما طرح الحلول فدور الباحثين والمفكرين والمسئولين ومن غير المقبول أن تتحول الى دروس وعظ مباشر وانما ترسخها بشكل غير مباشر .
وعن عدم تسليط الضوء على حالات المرض النفسى فاعتبرها انعكاسا لحالة الكثيرين فى السنوات الاخيرة بسبب القلق والاكتئاب موضحا امتداد مظاهر العنف والقتل في شاشات الاخبار اليومية فى صورة عدوى الى بعض مسلسلات رمضان وان كان حجم العنف والدم والبذاءة هذا الموسم أقل مقارنة بالسنوات السابقة ،قائلا “مثلا بدل الرقص فى مسلسل ونوس تظهر بشكل شرعى غير فاضح “.
التأثير أهم معايير التقييمفى حين قالت الفنانة تيسير فهمى انه يجب ان تتضمن معايير تقييم العمل الفائز بجائزة محاربة الادمان مدى تأثيره على سلوكيات المجتمع وقدر مساهمته فى حل المشكلة مثل فيلم أريد حلا أو العار وليست القضية فى انتاج دراما نظيفة وانما المهم توظيف مشاهد الدراما لنقل الواقع وتوضيح اثار الادمان السلبية وطرح حلول للمشاكل ،قائلة “ربما اكثف عرض مشاهد صادمة لتجسيد وقعها وخطرها للتنفير منها ”
أما عن إعادة انتاج افلام قديمة فى شكل مسلسلات ،فترى تيسير فهمى أنه ليس افلاسا وانما يهدف الى الاستفادة من ثراء النص الاصلى واعادة انتاجه بتفاصيل أكثر ورسالة أعمق مثل تحويل ثلاثية نجيب محفوظ الى مسلسل أو العار الى مسلسل الكيف .
بينما أكد الفنان محمد رمضان أنه من الظلم تحميل الفن مسئولية ترويج الظواهر السلبية في المجتمع، مثل التدخين والإدمان في حين أن الشارع المصري يعاني من تلك الظواهر، لأسباب لا علاقة لها بالفن،أى أنها تعكس الواقع الذي يؤكد انتشار التدخين والعنف لدى فئات المجتمع، سواء الطبقات الفقيرة أو الغنية أو حتى المثقفين، لذلك من المنطقي أن ينعكس ذلك على الشاشة، فالفن لا ينفصل عن المجتمع .
وأضاف أن تسليط المبدعين الضوء على هذه الظواهر السلبية أمر إيجابي، لأنه يساعد على حلّ هذه المشاكل بدلا من تجاهلها وتفاقمها .
ويرى السيناريست أحمد عاشور أن العملة الجيدة تطرد الرديئة وقد تكون هناك مشاهد للتدخبن أو الادمان لاستنكارها وتوضيح اضرارها من قلب الواقع وعموما لابد ان يتم توظيف مثل هذه المشاهد لخدمة المجتمع وحل مشاكله .
كما أطلق المصور سيد شعراوى مبادرة يوم نظيف لمنع التدخين وتم الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعى وعبر وسائل الاعلام لينضم اليها الكثيرون من الفنانين والجماهير.
استمالة المرهقينوأكد الدكتور تامر العمروسي، مدير إدارة الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية أن المشاهد الدرامية المحتوية على التدخين وتعاطى المخدرات تثير الغرائز السلبية للمراهق وتحفز فضوله لخوض التجربة دون التفكير فى الأضرار المصاحبة لذلك خاصة مع انخفاض سن الإدمان بين الأطفال إلى 10 سنوات وبالتالى يجب دراسة عواقب تقليد النجوم نفسيا وجسديا.
وحذر مدير إدارة الإدمان بالأمانة العامة للصحة النفسية، من أن النسبة التى رصدها صندوق مكافحة المخدرات لـ348 مشهد تدخين وتعاطي مخدرات في الخمسة أيام الأولى من رمضان بإجمالي 10 ساعات ليست قليلة .
ويرى العمروسي، أنه يجب عرض مشاهد للتوعية من المخدرات ومراحل العلاج خلال الحلقات بدلاً من مشاهدة 30 حلقة للتعاطى وانتظارعرض الحل فى اخر حلقة لأن المراهق سيتابع النجوم المفضلة لديه ويحاول تقمص شخصياتهم على مدى شهر كامل .
إحياء التراث والقدوة الايجابيةوعلى مستوى الجمهور ،انتقد فتحى سيد محاسب عرض نماذج القدوة السلبية فى الدراما مما يمثل خطورة على الأطفال والشباب الذين يقلدون الأبطال الذين يعجبون بهم، خصوصاً في رمضان، ، مع أنه أصلا شهر للروحانيات والأعمال الهادفة، وليس للعنف والادمان والرقص وتبادل الألفاظ النابية.
وطالب باعادة عرض المسلسلات الدينية والتاريخية وفوازير نيللى لاحياء القيم واحترام المشاهد وامتاعه بالابداع بدلا من “الهرتلة” والابتذال تفعيلا لأهمية الفن وتأثيره في تربية أجيال واعية وتقديم قدوة ايجابية للأجيال القادمة .
وأكدت مايسة السيد مدرسة انها تهرب من الفضائيات الى الانترنت ليس بسبب كم الاعلانات فقط وانما لأنها تتحرج من مشاهدة بعض الأعمال التى تتضمن عنفا واثارة وادمان مع أولادها المراهقين .
وترى أن المسلسلات حولت المرضى النفسيين الى مادة للسخرية ولم تسلط الضوء على حقيقة المرض واسبابه ولم تعط أملا فى العلاج ، ولم تظهر شخصية فى المسلسلات التى عرضت تشبه المريض النفسى الحقيقى ولم تعلمنا كيف نتعامل معهم بشكل صحى.
أما أحمد عبد الحميد طالب بتجارة عين شمس فقال ان الادمان موجود بين شباب الجامعة ويثير فضولنا على الشاشة ولكن التقليد يتوقف على التربية وقوة الارادة ويمكن للدراما أن تشجع الشباب من خلال مشاهد المتعة أو تحقق الردع عن طريق التخويف من اثاره المدمرة .
طفولة
تحديد سن المشاهدوفى السياق أشادت الدكتورة هالة أبو على الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة بقرار جهاز حماية المستهلك بوقف بث الإعلانات التليفزيونية التى تعرض على شاشات الفضائيات ، لانتهاك مضمونها للكرامة وعدم احترامها للذوق العام والعادات والتقاليد المجتمعية وخروجها عنالآداب العامة واستخدام الأطفال واستغلالهم بالمخالفة لحقوقهم .
وطالب المجلس القومي للطفولة والأمومة بضرورة تحديد سن المشاهد لبعض المسلسلات في بداية التتر،ووضع تحذير بضرورة عدم مشاهدة المسلسل للأطفال في المرحلة العمرية أقل من 12 سنة .
ونبهت الى أن معظم الأعمال الدرامية بدأت أحداثها بجرائم عنف وقتل وتعاطي مخدرات وخيانة ، حيث تضمن أحد المسلسلات مشهد لطفل يقوم بجريمة قتل دفاعاً عن شرف شقيقته ويهرب ، كما تضمنت ألفاظاً غير لائقة ومشاهد تتنافى مع قيم المجتمع وحقوق الإنسان ، ولوحظ احتواء المسلسلات والبرامج على مشاهد العنف وانتشار ألفاظ السباب مما يعد خطراً على تنشئة الطفل وبناء المجتمع .
وأضافت الدكتورة هالة أبو على أن خط نجدة الطفل 16000 تلقى بعض البلاغات ضد برنامج مقالب شهير يقوم على استخدام النار وأسلوب العنف بما قد يؤدي إلى ترسيخ العنف بين الأطفال المشاهدين وأقرانهم وتقليد ما يشاهدونه ، مشيرة إلى ضرورة وقف بث برامج مقالب أخرى تقدم العنف وتجسد نموذج محاكاة فكر داعش العنيف ، وبرامج يستخدم فيها النار والأسود والحيوانات والسباب والضرب الذى يعد خطراً جسيماً في تربية الأجيال ، لأن الأطفال هم الأكثر مشاهدة وتأثرا بالرسائل الإعلامية والقيم التى تتضمنها.
فى النهاية ..مراعاة القيم ومعالجة مشاكل المجتمع ليست قيدا على الابداع مادام القائمون عليه يعرفون كيف يوظفون أدواتهم فى نقل الواقع وتطويره دون ابتذال أو انتهاك لحق المشاهد أو افساد لأجواء روحانية خاصة برمضان .
تعليقات
إرسال تعليق