ليلة القدر
المصدر الاهرام - د شوقى علام - قضايا و أراء
مع العلماء
منَّ الله تعالى على الأمة المحمدية بليلة ساطعة النور، جليلة القدر، عظيمة الأجر، عظيمة الثواب، عامة البركة، شاملة الرحمة. إنها ليلة القدر، وليلة القدر اسم لليلة التي جعلها الله تعالى مبدأ الوحي بتنزل القرآن الكريم على قلب النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، و»القدر» الذي أضيفت إليه الليلة يفيد معاني سامية واقعة فيها كالقضاء والحكم والشرف والعظمة والفخامة والفضل، وأل في «القدر» تفيد التعريف بالجنس، ومن ثَمَّ صار هذا الاسم -ليلة القدر- بمنزلة العلَم لهذه الليلة المباركة.
ولقد حث الله تعالى عباده لمعرفة قدر هذه الليلة، مُشيرا إلى فضلها، ومنبها على عظيم شرفها، فقال في الذكر الحكيم: «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ .لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ .سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ» [القدر: 1- 5]، وتكرار لفظة « ليلة القدر « في هذه الآيات البينات تأكيد على شرف وقتها، وسمو مكانتها .
ويشير هذا البيان بمكانة هذه الليلة أيضا إلى الاحتفال به لتعظيم ما عظَّمه الله تعالى من الأوقات والأحداث والوقائع والأشخاص والأعمال الصالحة التي حصلت فيها أو ارتبطت بها، فهي تذكر المسلمين وتربط قلوبهم بأيام الله تعالى وما كان فيها من نعم، امتثالًا لقول الله تعالى لكليمه موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم: «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ» [إبراهيم: 5].
ويظهر فضل ليلة القدر في تضعيف ثواب الأعمال الصالحات واستجابة الدعوات وقبول التوبة ونشر الرحمة ووفرة البركة وسعة المغفرة على مدار زمانها؛ إذ فضل الزمان يكون بما يحصل فيه من تنزل الخير وشيوع الرحمة وعموم النفع من الله تعالى على عباده.
وعلى المسلم أن يتحرى هذه الليلة المباركة وأن يستدرك ما قد فات وألا يحرم نفسه من هذه الفضل العميم، وأن يتعرض لهذه النفحات الربانية والمنح الإلهية بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله تعالى وكثرة الذكر والتضرع إلى الله تعالى، ويكثر فيها من قوله: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، والسعيد من أخلص في الإقبال على الله تعالى بالاستكثار من الصلاة وتلاوة للقرآن والاستغفار والدعاء والذكر والصدقات وتخليص القلب من الشحناء والأحقاد وما يستتبعهما. فاللهم حققنا بذلك واجعلنا في شهرنا هذا من عتقائك من النار ومن المقبولين وأحفظ علينا بلادنا وسائر بلاد المسلمين .
تعليقات
إرسال تعليق