وثائق حرب 1967 تكشف رعب قادة إسرائيل

المصدر الوفد
مع اقتراب الذكرى الخمسين لحرب عام 1967، نشرت إدارة الأرشيفات الحكومية في إسرائيل دفعة جديدة من محاضر المناقشات السرية التي دارت بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية آنذاك.
وتظهر هذه الوثائق، التي رفعت عنها صفة السرية، عمق الصدمة التي أثارها الوضع الجديد الناشئ بعد الحرب، في نفوس المسؤولين الإسرائيليين، إذ كان منبع القلق الأساسي يتعلق بمصير السكان الفلسطينيين للأراضي المحتلة.
وتظهر الوثائق أن هذا السؤال طرح فور الانتصار الإسرائيلي في الحرب يوم 10 يونيو عام 1967، إذ قال رئيس الوزراء ليفي إشكول في ختام الاجتماع الحكومي: "علينا أن نقرر ماذا سنفعل مع المواطنين العرب في الأراضي المحتلة".
وتعكس المناقشات التي سجلتها تلك الوثائق قبل 50 سنة، المعادلة التي يواجهها السياسيون الإسرائيليون حتى يومنا هذا – إنهم يريدون أراضي خالية من السكان، ولا يريدون سكانا من العرب.
وفي 14 يونيو عقد مجلس الوزراء اجتماعا موسعا لبحث تهجير العرب من حارة اليهود في القدس الشرقية، إذ أصر مناحم بيجن (وزير بلا حقيبة) الذي أصبح لاحقا رئيسا للوزراء، على ضرورة التمسك بكل شبر من الأراضي المحتلة، مشددا على أن اليهود عادوا إلى المكان الذي كانوا يسكنون فيه قبل 4 آلاف سنة ولا يجوز أن يغادروه أبدا.
وقال وزير الدفاع موشيه ديان: "علينا أن نقرر ماذا سنفعل، وإذ سنفعل شيئا فيجب أن يكون ذلك الآن".
وفي 15 يونيو أجرت الحكومة مناقشة مهمة أخرى، ركزت على مصير الضفة الغربية، إذ انقسمت آراء الوزراء بين فكرة تحويل الضفة إلى منطقة حكم ذاتي من جهة وفكرة فرض الأحكام العرفية على المنطقة من جهة أخرى. وكان كلما حاول الوزراء التوصل إلى توافق، تزايدت نقاط الخلاف بينهم، خلافا لتطابق مواقفهم في ضرورة الحفاظ على القدس موحدة وتحت السلطة الإسرائيلية إلى الأبد.
ودعا وزير العمل إيغال آلون إلى ضم أراض واسعة من الضفة مع سكانها العرب إلى إسرائيل كمنطقة حكم ذاتي عربية. وتابع قائلا: "في هذه الحالة لن يحصلوا على حق التصويت. ولا يهمني إن أطلقوا على المنطقة ذات الحكم الذاتي اسم فلسطين، في حال كان ذلك ملائما بالنسبة لهم"؟
ورد إشكول قائلا إنه يقبل نهر الأردن كالحد، لكنه أصر على استحالة استقبال مليون أو 1.2 مليون من اللاجئين و"العرب الإضافيين" في إسرائيل، "لأننا إذا عملنا ذلك فسيكون ذلك النهاية. ولن يمكننا أن نتنافس معهم في وتائر النمو السكاني، وهم سيسألون بعد بضع سنوات، لماذا لا يملكون حق التصويت، فسنواجه مشاكل دولية مروعة".
بدوره أصر بيغن على ضرورة ألا تتراجع إسرائيل ولا عن شبر واحد من الأراضي، مشددا:"لقد حررنا جزءا من  أرض إسرائيل.. بما في ذلك قطاع غزة أيضا. إنها حقوقنا التاريخية. والآن السؤال هو ما الذي سيحصل مع العرب".
واعتبر أن إعلان قيام منطقة حكم ذاتي يمثل خطرا كبيرا، باعتبار أن ذلك سيمهد للمطالبة بإقامة دولة فلسطين.
واقترح بيغن خطوة بديلة: منح الفلسطينيين حق الإقامة لمدة 7 سنوات، ومن ثم تخييرهم بين البقاء كمواطنين موالين لإسرائيل أوالذهاب إلى دولة أخرى.
مدينة نابلس في عام 1918  

نطالب بحق الاستيطان في الخليل".
واعتبر أنه لا يجوز الانخراط في أي أنشطة استيطانية باستثناء القدس، قائلا إنه يريد دراسة إمكانية رسم خط جغرافي "ليكونوا هؤلاء في طرف، ونحن في الطرف الآخر".
وشدد قائلا: "لا أريد إعلان الحكم الذاتي لأن ضرورة منع مليون عربي من الانضمام إلى إسرائيل أمر لا يقل أهمية بالنسبة لي عن الضفة الغربية نفسها".
واقترح وزير الدفاع تحويل الضفة إلى منطقة مغلقة، لكي لا يمكن للفلسطينيين الدخول إلى إسرائيل، أو لليهود إلى أراضي الضفة.
بدوره قال وزير الصحة يسرائيل بارزيلاي: "أعتقد أننا سندخل في مشكلة كبيرة من هذه الأرض التي نطلق عليه الضفة الغربية.. ما نريده هو أراض بدون مقيمين.. إنهم ليسوا مواطنين على وجه التأكيد ومن الناحية العملية لن يصبحوا مواطنين مهما حصل".
وشدد إشكول ردا على هذه المداخلة: "هناك شيء وحيد واضح بالنسبة لي: لا أريد مزيدا من الأرض ولا أريد مزيدا من العرب. لأننا سنتحول في هذه الحالة إلى دولة الأقلية".
أما وزير السياحة موشيه كول، فأوضح ردا على اقتراحات بيغن، أن "هؤلاء العرب ولدوا في أرض إسرائيل ولا يمكنك أن تتعامل معهم كمهاجرين من دول أخرى.. المنطق سيؤدي إلى تحول أرض إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، إن ذهبنا في الطريق الذي تتحدث عنه، أنت في إسرائيل ستضطر لمعاملة العرب مثل أفضل قوميات العالم، ونحن لا نريد اضطهاد القوميات".
وعلق  وزير المالية بنحاس سابير: "يمكننا أن ننتصر في الحرب، لنجد أنفسنا بعد ذلك في معركة لا نهاية لها ستكون أسوأ من الحرب".
ووصف وزير الخارجية أبا إيبان تطبيق اقتراح بيجن بأنه "الجلوس فوق برميل بارود"، فيما قال وزير التعليم زلمان أران: "إنه من الوهم أن نفكر أننا سنحتفظ بالعرب في إسرائيل دون إعطائهم اي حقوق.. بتفكيري البسيط أقول إننا قد ندفع بإسرئيل  - لا سمح الله – إلى الهزيمة عبر الانتصار، لأن هذه الدولة لن تكون دولة إسرائيل بكل ما تعنيه هذه العبارة".

تعليقات

المشاركات الشائعة