الثروة العقارية فى مهب الريح
المصدر الاهرام . تحقيقات
أرواح وممتلكات ملايين من المواطنين باتت مهددة بالفناء والضياع .. والسبب غياب الصيانة في عمارات الاسكان وعدم وضوح الضوابط المحددة لتنفيذ الصيانة الدورية .
أرواح وممتلكات ملايين من المواطنين باتت مهددة بالفناء والضياع .. والسبب غياب الصيانة في عمارات الاسكان وعدم وضوح الضوابط المحددة لتنفيذ الصيانة الدورية .
وبلغة الأرقام فان الوحدات التي تنفذ بند الصيانة بشكل أو بآخر هي «الوحدات الجديدة» التي يبلغ عددها نحو 3 ملايين وحدة سكنية يتركز معظمها في المدن الجديدة ، وتلك الوحدات تمثل نحو 15% فقط من الثروة العقارية ، مما يعني أن لدينا قرابة 18 مليون وحدة سكنية - تمثل 85 % من الوحدات الموجودة - تقدر قيمتها بنحو 750 مليار جنيه لا تتم صيانتها ومهددة بالانهيار في أي وقت.
خطورة التأخير في حل مشكلة الصيانة نرصدها في السطور المقبلة .
المشكلة تتضح ملامحها من خلال معاناة البسطاء الذين باع كثير منهم كل ما يملك أو وضع تحويشة عمره ، أو دفع مستحقات معاشه .. ليحقق حلمه «المشروع» في امتلاك وحدة سكنية أو شراء عيادة لابنه خريج كلية الطب ، أو محل تجاري يوفر فرصة عمل لأولاده بدلا من الوقوف طويلا في طابور البطالة .. لكن فجأة تنهار أحلامه ويفقد كل ما دفعه من أموال لأن العقار الذي اشترى به وحدة مطلوب إخلاؤه قبل أن تنهار أساساته وجدرانه ، و مأساة عمارات الاسكندرية والباجور وأخيرا سوهاج ليست ببعيدة
«بند شكلي»
التحذير من غياب الصيانة واعتبارها «مجرد شكليات» أو بند غير ملزم للسكان والشاغلين والملاك، يطلقه الدكتور حسين محمد علام الرئيس السابق لجهاز التفتيش علي اعمال البناء بوزارة الاسكان واستاذ ترميم المنشآت الخرسانية بالمركز القومي لبحوث الاسكان مؤكدا أن الصيانة في قانون البناء رقم 106 لسنة 1960 والذي كان ساريا حتي 2008 كانت عبارة عن «بند شكلي» فظهرت مشاكل، وفي بعض الاحيان كان القانون يكلف ما سماه «الجهة الادارية» بالقيام بأعمال الصيانة، وتلك الجهات ليس لديها امكانات القيام بهذه الأعمال، كما ان القانون لم يحدد من الذي يتحمل تكاليف الصيانة سواء كان المالك أو المستأجر, واستمر هذا الوضع حتي عام 2008 حتي توصل المشرع الى حل ، فأصدر القانون رقم 119 «قانون البناء الموحد» الذي اهتم ببند الصيانة وجعلها في يد اتحادات الشاغلين ، ولكن للأسف دون آليات ملزمة ، فأصبحت تتم بالاتفاق ، والذي لا يتم الا نادرا ، وفي اللحظات الأخيرة لانقاذ ما يمكن انقاذه ، أو بعد فوات الأوان ، الأمر الذي جعل اتحاد الشاغلين مغلول اليدين ، وهو ما يؤدي في النهاية الى أن الصيانة لا تتم بشكل جاد وفعلي ، اللهم الا في الوحدات الجديدة والتي يبلغ عددها نحو 3 ملايين وحدة سكنية خاصة في المدن الجديدة ، حيث يقوم المالك بتحصيل مبلغ من مشتري الوحدة السكنية اثناء عملية البيع وايداعه في أحد البنوك تحت بند «وديعة الصيانة» للعقار أو لـ»الكمبوند» وتلك الوحدات لا تمثل الا جزءا بسيطا - نحو 15% من الثروة العقارية .
«المشكلة الأزلية»
وأضاف أن المشكلة الأزلية التي تواجه من يقوم بأعمال الصيانة من السكان أو الشاغلين هي : من يتحمل تكلفة الصيانة في المباني القديمة؟ المالك أم المستأجر ، وللأسف الإجابة لم يحددها هذا القانون ، ونتج عن ذلك وضع مخيف يستلزم ادخال تعديل تشريعي يضع حلا جذريا ، وليكن بشكل تدريجي بايجاد اشكال مختلفة لصياغة العقود ، وتعديل العلاقة بين المالك والمستأجر، ويتم هذا التحرير بشكل جزئي يبدأ - على سبيل المثال - بالوحدات المؤجرة المغلقة ، وذلك بالاتفاق بين المالك والمستأجر على صيانتها واعادة تأجيرها بأسعار مرتفعة وتكون الحصيلة مناصفة فيما بينهما .
وأكد الرئيس السابق لجهاز التفتيش على اعمال البناء أنه يجب عند صياغة القوانين بالشكل الصحيح الاعتماد على الواقع والاحصاءات الفعلية من الاجهزة الرسمية كالجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء بحيث يتم وضع تلك القوانين لمعالجة مشاكل الغالبية العظمي للمواطنين , ويمكن في تشريعات البناء في اللائحة التنفيذية مراعاة كل اقليم وكل نوعية من الاسكان علي حدة سواء اسكانا محدود الدخل أو اسكان متوسطا وراقيا, وأن خطورة التأخير في حل مشكلة الصيانة تهدد أرواح الملايين من السكان وثروات بمليارات الجنيهات في مهب الريح ، كما ان غياب الصيانة يمثل عامل طرد للاستثمار الاجنبي والعربي لانه لن يثق في الاستثمار العقاري ويفضل الايجار على التمليك، الامر الذي يتعين معه اجتماع الوزارات المعنية - من اسكان وتنمية محلية وصناعة وغيرها - للاتفاق علي منظومة محددة للصيانة تراعي خصوصية كل قطاع على حدة .
«بلا صاحب»
ويوضح الدكتور رأفت شميس أستاذ العمارة بمركز بحوث الاسكان أنه عندما تم وضع القوانين الحاكمة للعلاقة بين المالك والمستأجر لم تكن قيمة الايجار تكفي لتنفيذ بند الصيانة وبدأ العمل بنظام «خلو الرجل»، والمالك ايضا لم يكن يهتم ببند الصيانة فقد يكون من مصلحته أن ينهار العقار.. واستمر هذا الوضع حتي صدر قانون عام 2008 في بابه الثالث الفصل الأول الذي ينظم ما عرف بـ»اتحادات الشاغلين» ولأن المالك لا يعنيه بند الصيانة فان الساكن هو المعني بالأمر، والذي يقوم بتشكيل اتحاد الشاغلين هو الجمعية العمومية للشاغلين والتي تحدد الرسوم والاعمال المطلوبة بناء على تقارير المكاتب الاستشارية الهندسية التي يتم الاستعانة بها وتحول السكان الي مسئولين فعليين عن الحفاظ على الثروة العقارية بعد أن كان المالك هو المسئول ، وهو في الأساس غير مهتم , ولكن الكارثة أن هذا القانون لا ينفذ لأنه اعتمد في عمليات الصيانة بشكل أساسي علي الجهات الادارية والتي لا تستطيع ان تلزم المواطنين باجراء عمليات الصيانة باستثناء «الكمبوند» في المدن الجديدة، والتي تتبع ادارتها - في الغالب - القطاع الخاص حيث تقوم بانشاء شركات متخصصة في ادارة وصيانة وحراسة تلك المساكن , وتنص عقودها مع المشترين على التزامهم بسداد قيمة الصيانة المتوقعة وايداعها البنوك واستخدامها مباشرة فور الحاجة اليها ، ولتعميم هذه الفكرة فإن الامر يتطلب من الجهات الادارية المعنية تطبيق القانون والزام اتحادات الشاغلين بالقيام باعمال الصيانة وضمان مشاركة المستفيدين بكل ما تحتاجه الصيانة من أموال وايداعات بنكية ، لأن ذلك هدفه الحفاظ علي الارواح والثروة العقارية ، أسوة بما يحدث في الدول المجاورة والمتقدمة فهناك نظام صارم قائم علي ان الجهات الادارية هناك تقوم بتشكيل لجان متخصصة تتولى تقييم أعمال الصيانة المطلوبة وتقدير تكلفتها وتلزم السكان باجراء اعمال الصيانة في وقت محدد وتطبق غرامات شديدة على غير الملتزمين .
خطورة التأخير في حل مشكلة الصيانة نرصدها في السطور المقبلة .
المشكلة تتضح ملامحها من خلال معاناة البسطاء الذين باع كثير منهم كل ما يملك أو وضع تحويشة عمره ، أو دفع مستحقات معاشه .. ليحقق حلمه «المشروع» في امتلاك وحدة سكنية أو شراء عيادة لابنه خريج كلية الطب ، أو محل تجاري يوفر فرصة عمل لأولاده بدلا من الوقوف طويلا في طابور البطالة .. لكن فجأة تنهار أحلامه ويفقد كل ما دفعه من أموال لأن العقار الذي اشترى به وحدة مطلوب إخلاؤه قبل أن تنهار أساساته وجدرانه ، و مأساة عمارات الاسكندرية والباجور وأخيرا سوهاج ليست ببعيدة
«بند شكلي»
التحذير من غياب الصيانة واعتبارها «مجرد شكليات» أو بند غير ملزم للسكان والشاغلين والملاك، يطلقه الدكتور حسين محمد علام الرئيس السابق لجهاز التفتيش علي اعمال البناء بوزارة الاسكان واستاذ ترميم المنشآت الخرسانية بالمركز القومي لبحوث الاسكان مؤكدا أن الصيانة في قانون البناء رقم 106 لسنة 1960 والذي كان ساريا حتي 2008 كانت عبارة عن «بند شكلي» فظهرت مشاكل، وفي بعض الاحيان كان القانون يكلف ما سماه «الجهة الادارية» بالقيام بأعمال الصيانة، وتلك الجهات ليس لديها امكانات القيام بهذه الأعمال، كما ان القانون لم يحدد من الذي يتحمل تكاليف الصيانة سواء كان المالك أو المستأجر, واستمر هذا الوضع حتي عام 2008 حتي توصل المشرع الى حل ، فأصدر القانون رقم 119 «قانون البناء الموحد» الذي اهتم ببند الصيانة وجعلها في يد اتحادات الشاغلين ، ولكن للأسف دون آليات ملزمة ، فأصبحت تتم بالاتفاق ، والذي لا يتم الا نادرا ، وفي اللحظات الأخيرة لانقاذ ما يمكن انقاذه ، أو بعد فوات الأوان ، الأمر الذي جعل اتحاد الشاغلين مغلول اليدين ، وهو ما يؤدي في النهاية الى أن الصيانة لا تتم بشكل جاد وفعلي ، اللهم الا في الوحدات الجديدة والتي يبلغ عددها نحو 3 ملايين وحدة سكنية خاصة في المدن الجديدة ، حيث يقوم المالك بتحصيل مبلغ من مشتري الوحدة السكنية اثناء عملية البيع وايداعه في أحد البنوك تحت بند «وديعة الصيانة» للعقار أو لـ»الكمبوند» وتلك الوحدات لا تمثل الا جزءا بسيطا - نحو 15% من الثروة العقارية .
«المشكلة الأزلية»
وأضاف أن المشكلة الأزلية التي تواجه من يقوم بأعمال الصيانة من السكان أو الشاغلين هي : من يتحمل تكلفة الصيانة في المباني القديمة؟ المالك أم المستأجر ، وللأسف الإجابة لم يحددها هذا القانون ، ونتج عن ذلك وضع مخيف يستلزم ادخال تعديل تشريعي يضع حلا جذريا ، وليكن بشكل تدريجي بايجاد اشكال مختلفة لصياغة العقود ، وتعديل العلاقة بين المالك والمستأجر، ويتم هذا التحرير بشكل جزئي يبدأ - على سبيل المثال - بالوحدات المؤجرة المغلقة ، وذلك بالاتفاق بين المالك والمستأجر على صيانتها واعادة تأجيرها بأسعار مرتفعة وتكون الحصيلة مناصفة فيما بينهما .
وأكد الرئيس السابق لجهاز التفتيش على اعمال البناء أنه يجب عند صياغة القوانين بالشكل الصحيح الاعتماد على الواقع والاحصاءات الفعلية من الاجهزة الرسمية كالجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء بحيث يتم وضع تلك القوانين لمعالجة مشاكل الغالبية العظمي للمواطنين , ويمكن في تشريعات البناء في اللائحة التنفيذية مراعاة كل اقليم وكل نوعية من الاسكان علي حدة سواء اسكانا محدود الدخل أو اسكان متوسطا وراقيا, وأن خطورة التأخير في حل مشكلة الصيانة تهدد أرواح الملايين من السكان وثروات بمليارات الجنيهات في مهب الريح ، كما ان غياب الصيانة يمثل عامل طرد للاستثمار الاجنبي والعربي لانه لن يثق في الاستثمار العقاري ويفضل الايجار على التمليك، الامر الذي يتعين معه اجتماع الوزارات المعنية - من اسكان وتنمية محلية وصناعة وغيرها - للاتفاق علي منظومة محددة للصيانة تراعي خصوصية كل قطاع على حدة .
«بلا صاحب»
ويوضح الدكتور رأفت شميس أستاذ العمارة بمركز بحوث الاسكان أنه عندما تم وضع القوانين الحاكمة للعلاقة بين المالك والمستأجر لم تكن قيمة الايجار تكفي لتنفيذ بند الصيانة وبدأ العمل بنظام «خلو الرجل»، والمالك ايضا لم يكن يهتم ببند الصيانة فقد يكون من مصلحته أن ينهار العقار.. واستمر هذا الوضع حتي صدر قانون عام 2008 في بابه الثالث الفصل الأول الذي ينظم ما عرف بـ»اتحادات الشاغلين» ولأن المالك لا يعنيه بند الصيانة فان الساكن هو المعني بالأمر، والذي يقوم بتشكيل اتحاد الشاغلين هو الجمعية العمومية للشاغلين والتي تحدد الرسوم والاعمال المطلوبة بناء على تقارير المكاتب الاستشارية الهندسية التي يتم الاستعانة بها وتحول السكان الي مسئولين فعليين عن الحفاظ على الثروة العقارية بعد أن كان المالك هو المسئول ، وهو في الأساس غير مهتم , ولكن الكارثة أن هذا القانون لا ينفذ لأنه اعتمد في عمليات الصيانة بشكل أساسي علي الجهات الادارية والتي لا تستطيع ان تلزم المواطنين باجراء عمليات الصيانة باستثناء «الكمبوند» في المدن الجديدة، والتي تتبع ادارتها - في الغالب - القطاع الخاص حيث تقوم بانشاء شركات متخصصة في ادارة وصيانة وحراسة تلك المساكن , وتنص عقودها مع المشترين على التزامهم بسداد قيمة الصيانة المتوقعة وايداعها البنوك واستخدامها مباشرة فور الحاجة اليها ، ولتعميم هذه الفكرة فإن الامر يتطلب من الجهات الادارية المعنية تطبيق القانون والزام اتحادات الشاغلين بالقيام باعمال الصيانة وضمان مشاركة المستفيدين بكل ما تحتاجه الصيانة من أموال وايداعات بنكية ، لأن ذلك هدفه الحفاظ علي الارواح والثروة العقارية ، أسوة بما يحدث في الدول المجاورة والمتقدمة فهناك نظام صارم قائم علي ان الجهات الادارية هناك تقوم بتشكيل لجان متخصصة تتولى تقييم أعمال الصيانة المطلوبة وتقدير تكلفتها وتلزم السكان باجراء اعمال الصيانة في وقت محدد وتطبق غرامات شديدة على غير الملتزمين .
تعليقات
إرسال تعليق