هل نجحت السينما فى تجسيد شخصية جمال عبد الناصر ؟!


جمال سيمان فى مسلسل صديق العمر

المصدر الاهرام . أخبار الفن . ahram.org.eg


  • أحمد زكى جازف وحاول بجدية.. وخالد الصاوى وقع فى «مصيدته»
  • رياض الخولى نجح أكثر من مرة.. وجمال سليمان أسوأ من جسد الشخصية
وجهه يحمل تلك الملامح الحادة الواضحة.. قسماته تحاكى التماثيل المنحوتة.. عينان شديدتا الذكاء.. نبرة صوت مميزة.. جسد ممشوق طويل عريض الكتفين.. كاريزما تلهب الحواس والمشاعر.. رجل رغم الهدوء الظاهرى إلا أنه يحمل غضبا داخليا يطرح تساؤلات طوال الوقت ويبحث عن أجوبة.. تلك ملامح الزعيم جمال عبد الناصر الشكلية، وبعض ملامحه النفسية. وفى ظنى أن جزءًا كبيرًا من تلك التفاصيل الخاصة بشخصية ناصر الزعيم والمتفردة فى بعض جنباتها هى ما شكلت تحديا لكل النجوم الذين جسدوا دوره سواء فى السينما أو الدراما. منهم من نجح فى الإمساك بروح الشخصية، ومنهم من تمسك بشكل الملامح والأداء، لذلك لم يكن مؤثرا بشكل أو بآخر. وتجلى الزعيم فى عدد من الأعمال، منها الوثائقى إلى جانب سيرته الذاتية، أو ظهوره بشخصيته الحقيقية فى عدد من الأعمال السينمائية.

....................................................

البداية فى بورسعيد مع ثورة الضباط الأحرار وتغير شكل الحياة الاجتماعية والوعى الذى كان يملكه ناصر تجاه السينما والإعلام وأهميتهما، فقد وضح ذلك عندما تم التوجيه بإنتاج فيلم «بورسعيد»، للمخرج عز الدين ذو الفقار عام 1957، وغنت بطلة العمل هدى سلطان، لناصر أغنية «إحنا الشعب»، وفى أحد مشاهد الفيلم يردد أحد الخواجات الذين يعيشون فى المدينة: «عبد الناصر لازم يموت»، ليكون الرئيس السابق حاضرا رغم غيابه.. وبعد ذلك كان العديد من صناع الأعمال السينمائية يظهرون الصورة الرسمية لناصر فى خلفيات بعض المشاهد للتأكيد على وجود الزعيم وتسجيل لسنوات حكمه، حيث تغيرت الصورة من صورة «اليوزباشى» جمال عبدالناصر ببذلته العسكرية إلى صورة الرئيس بالزى المدنى.

وأحيانا كان يتم صنع لقطات تعتمد على مونتاج خطب عبد الناصر السياسية ومزجها بمشاهد درامية بمشاهد مؤثرة، كما فى المشهد الختامى لفيلم «عمالقة البحار» عام 1961.

كما وضع يوسف شاهين ما يوحى بأن هناك ما يجمع بين الزعيم «ناصر»، والبطل التاريخى «الناصر صلاح الدين»، وكان المخرج العالمى يفسر خشيته من تقديم شخصية الأول فى عمل فنى بعدم عثوره على فنان يملك القبول الكافى أو الكاريزما التى تمتع بها أحمد زكى من التحدى إلى الإبداع.

البداية كانت مع النجم أحمد زكى، والذى كان يملك طموحا واسعا، ومشروعا محدد الملامح عن ضرورة عمل مشروع فنى عن أهم زعماء مصر، وتحدى زكى عددا كبيرا ممن راهنوا على فشله، بحجة أنه لا يملك نفس جسد جمال عبدالناصر الفارع، وكاريزماته التى ألهمت الجماهير من المحيط إلى الخليج، ولأنه كان عبد الناصر وهو أحمد زكى تلك العبقرية الفنية التى يصعب تعويضها عمل زكى بجدية شديدة، ودرس شخصية ناصر إلى درجة التشريح، وتحول حلم تقديم شخصيته لواقع عام 1996 بمبادرة من أحمد زكى، وساعده على تحقيق حلمه الكاتب محفوظ عبد الرحمن، والمخرج محمد فاضل، وبدا أحمد زكى فى فيلم ناصر 56 والذى كان من إنتاج قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى عام 1996 كأنه بعث روح عبد الناصر من جديد بدءا من نظره العين ونبرة الصوت وطريقة المشى.

واعتبر النقاد الفيلم وقتها مجازفة من صناع الفيلم بطرحه وسط موجة من الكوميديا الشبابية، التى كانت مسيطرة على صناعة السينما وتحقق أعلى الإيرادات وجاء الفيلم باللونين الأبيض والأسود، وقدم زكى الشخصية بتقمص شديد، أشاد به النقاد والجمهور وحصل صناع الفيلم على تكريم من الدولة.

وكشف الراحل أحمد زكى عن أسباب رغبته فى تجسيد عبد الناصر ورؤيته إياه خلال لقاء تليفزيونى له آنذاك، وقال: «أنا ابن ثورة 23 يوليو، وفى غمرة أحاسيسى بالمشاعر السياسية، والثورة عبَّرت عنى، ولذلك كان يجب أن أعبِّر عنها وعن زعيمها، أصبحت فى حيرة من أمرى حين بدأت التجهيز لتصوير الفيلم، كان أمامى 3 أشهر فقط لتجسيده وتقديم كيفية تأميمه قناة السويس، وبنائه السد العالى، استفتيت آراء كثيرين ومستشارين، ووجدت القضية كبيرة، وقصة التأميم والخطاب السياسى الرهيب الذى لايزال يدرس، وعرض مشكلة بلده فى التنمية عالمياً وأسباب قراره، وتعاطف الكثيرين معه».

وتابع زكى فى لقائه التليفزيوني: «وقعت فى أزمة مفادها أن كل من رأى عبدالناصر أو سمع عنه أو أحبه عايز يشوف الفيلم، وأرادوا أن تكون خطبه بصوته هو فى الفيلم وسماعه؛ لأن هناك أسْراً فى صوته، وأنا تعبان وعايز أوريهم الشكل الخارجى فى هذا الإحساس عامل إزاى، هذا الخوف والقوة والضعف فى آن واحد، وحدة نظراته، شكله وهيبته وخوفه فى عينيه، والتغيرات الجسدية التى مرَّ بها، فقد نقص وزنه مثلاً فى عام 1958، فقالوا إننى لم أستطع تجسيده، هنا سألتهم (إزاى هعمل هتلر من غير ما أنزّل القُصَّة؟)، المواصفات الخارجية والشكل الخارجى ليست قضيتى، مهمتى أن أوصل قضيته، لكن مع عبدالناصر وهو شخصية مألوفة ومعروفة، خاصة أنفه الطويل، رفضت أن أقلده فى شكله، فالتقليد يثير السخرية، وأريد أن أصل لعبدالناصر بروحه، بالتشخيص وليس التقليد».

زكى «قفل الشخصية» وأداها بطريقة تصعب على أى ممثل يأتى من بعده تجسيد الدور وبات الإقدام على تقديم شخصية عبد الناصر يشكل تحديين، تحدى الشخصية نفسها وصعوبتها والطريقة التى جسدها بها أحمد زكى.

وكان التحدى الثانى من نصيب الفنان خالد الصاوى -الذى كان لا يزال فى مقتبل مشواره الفنى. - كانت عام 1999 وحمل الفيلم السينمائى الذى أنتجه وأخرجه المخرج السورى «أنور القوادرى» اسم «جمال عبد الناصر»، وقدم الصاوى شخصية عبد الناصر منذ ولادته إلى مماته وظهر بشكل يشبه عبد الناصر بدرجة كبيرة، ولكنه لم يستطع أن يفلت من مصيدة أحمد زكى والمقارنات التى عقدت بينهما لم تكن لمصلحته رغم المجهود الذى بذله إضافة إلى الدعاية السيئة التى أثرت بالسلب على إيرادات الفيلم الذى لم تحقق أى نجاح يذكر وربما لم يسمع عنه الكثير.

وجسد الفنان رياض الخولى دور الراحل جمال عبد الناصر عددا من المرات أهمها بمسلسل «أم كلثوم»، حيث نجح للغاية فى تجسيد الشخصية بفضل الجهد الواضح للمخرجة إنعام محمد على - مثل كل شخصيات المسلسل التاريخية - وقدم جزءا يخص علاقة الزعيم بكوكب الشرق، مما دفع المخرجين إلى إسناد الدور إليه فى مسلسل «رد قلبى» الذى يتناول ثورة يوليو، ومسلسل «فارس الرومانسية» الذى يتناول قصة حياة الأديب يوسف السباعى وقدم الخولى شخصية عبد الناصر إنسانيا.. واجتهد إلى حد كبير ولكن طوال الوقت كانت المقارنة تصب لصالح العبقرى أحمد زكى.

ومن النجوم الذين قدموا دور عبد الناصر الفنان نبيل الحلفاوى عام 2002 فى مسلسل أوراق مصرية، أما الفنان مجدى كامل والذى قدم سيرة ذاتية عن الزعيم الراحل فى مسلسل «حكاية شعب»، عام 2006 وفشل مجدى كامل فى نقل شخصية الزعيم صاحب الكاريزما التى لا تتكرر بسبب افتقاده الشخصى للكاريزما كممثل من الأساس، وبقى المسلسل يسير على نهج أعمال السير الذاتية فى تقديس البطل وشيطنة كل خصومه، وكل ما ركز عليه مجدى كامل هو نظرة ناصر وسيجارته.

وبعد كل هذه التجارب جسد الفنان السورى جمال عبد الناصر شخصية الراحل جمال عبد الناصر فى مسلسل «الصديقان» رمضان 2014 والعمل كان يتناول العلاقة الإنسانية والشائكة بين ناصر وحكيم فى رمضان 2014، وظهر سليمان فى شكله قريب من عبد الناصر إلا أن طريقة الحديث لم تقنع الجمهور بقدرته على الوصول إلى شخصية عبد الناصر بشكل كامل.. وللأسف اعتبره العديد من النقاد من أسوأ من جسدوا الشخصية.

كل تلك التجارب كانت فى رأس ومخيلة الممثل والنجم الأردنى ياسر المصرى والذ يعد هو آخر النجوم الذين جسدوا دور الزعيم جمال عبد الناصر بالجزء الثانى من مسلسل الجماعة 2 وكان ياسر يدرك أن هناك شعرة ما بين تقليد الشخصية أو الإمساك بروحها، وازداد التحدى بالنسبة له لأنه يعرف أن العبقرى أحمد زكى هو صاحب التجربة الاكثر نجاحا وتوفيقا، ولذلك حاول اللعب على روح الشخصية مثلما فعل أحمد زكى ودرس شخصية ناصر بكل تفاصيلها.. واختار أن يعمل على انفعالاتها الداخلية على التناقضات التى عانت منها الشخصية فى بداية تشكيل وعيها.




اقرأ أيضاً
======

عذرا جمال عبد الناصر!



في ذكرى وفاته.. هذا ماقدمه عبد الناصر للإسلام



تعليقات

المشاركات الشائعة