الحقيقة المرة فى واقعة خنق طفلين فى فراشيهما
المصدر الأهرام . ahram.org.eg . أخبار الحوادث
الجريمة التى أفزعت سوهاج
فى غرفتهما فى منزل الأسرة كان الطفلان حمدى ذو السنوات الست وشقيقه حسن الذى يصغره بعامين، يغطان فى نوم هادئ، لا يقلقهما شيء سوى ما قد يبعث به النوم من كوابيس، لكن كابوسا على أرض الواقع كان يتربص بهما هو أشد قسوة عليهما من أى كابوس يقلق وداعة نومهما، ففى الظلام امتدت يد لتكتم أنفاسهما واحدا تلو الآخر ثم تحكم لف إيشارب حريمى حول رقبة كل واحد منهما لتنتزع روحيهما بلا رحمة وتتركهما جثتين خمدت فيهما أنفاس الحياة وانسحبت اليد الاثمة لتختفى فى الظلام وتترك الحسرة والرعب فى قلوب عائلة السائق حسن محمود حسن ذلك الرجل البسيط فى هيئته ومعيشته.
ومالبث أن انتشر الخبر ليلف مدينة المنشاة كلها ناشرا سحابة قاتمة شلت العقول وألجمت الألسن وأرعبت القلوب.
حتى فى عالم الافتراس ولدى أعتى الحيوانات شراسة، لا نجد قتلا بتلك الصورة الشنعاء، فقد كان مشهد جثتى الطفلين من البشاعة بدرجة تقتلع لها القلوب، فحدقات عيونهما جامدة متسعة فى وجهيهما من فرط فزعهما من مشهد القاتل وآثار الخنق على العنقين واضحة تؤكد أن القاتل ارتكب جريمته فى حالة ثبات مكنته من إتمامها فى وقت وجيز ودون مقاومة، فنعومة جلد الطفولة لم تتحمل آثار الخنق فظهرت الكدمات والسحجات مع تكسر العظام الرخوة تحت هذا الجلد، كما أن هناك آثارا لأظافر واضحة فى جروح صغيرة وخدوش على جوانب كلا الوجهين.
وتوالت الأسئلة الحائرة: ماذا فعل حسن السائق الطيب الذى لم يبلغ الخامسة والثلاثين من العمر، حتى يعاقب بقتل ولديه؟!.. كيف يبلغ الانتقام بكائن آدمى يحمل قلبا فى صدره أن يقتل طفلين بريئين؟!.. ماذا جنى القاتل من جريمته غير إنزال الحسرة بالعائلة التى لا يحمل أحد لها ضغينة فى منطقة يسودها السلام والوئام بين أهلها؟! وماذا ابتغى القاتل من وراء جريمته؟! خاصة أنه لم تحدث سرقة لأى من متعلقات الأسرة أو أى من محتويات المنزل!
وتحسر الكل على وقع ما حدث لقلب «منال» المكلومة بأشنع ما يفزع قلب أم ويتساءلون فى حزن: ترى كيف ستواجه الأم «منال» ذات الثلاثين سنة الحياة بعدما وقع لولديها؟!.
لكن السؤال الأكثر أهمية، والتى ارتقبت القلوب والأسماع إجابته كى تهدأ قليلا كان هو: ترى من يكون القاتل؟!
مهمة الإجابة عن هذا السؤال أسندها اللواء عمر عبد العال مساعد وزير الداخلية ومدير أمن سوهاج، إلى اللواء خالد الشاذلى مدير المباحث مع فريق البحث بإشراف اللواء اشرف توفيق مساعد مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع الامن العام لكشف غموض الجريمة وراح يتابع خطواته لحظة بلحظة، فقد أسفرت المعاينة عن سلامة جميع منافذ المنزل ولم يعثر على أى أثر يمكن أن يبعث الريبة فى قلوب الضباط الباحثين عن حل للغز الجريمة، لكن الأثر الوحيد للريبة تمثل فى واقع حالة الأم نفسها التى اعتقد الضباط أنها كانت متأثرة بتلك الفاجعة التى وقعت لولديها، لكنها بدا أن عدم اتزانها وكأنما يوارى شيئا يكمن خلفه ولم تكن وحدها التى تحرص على إخفاء معالم عدم الاتزان تلك، فلم يتحدث أحد عن سابقة شكوى من الأم من حالة اكتئاب تكررت فيما ما يشبه الشعور بالاختناق تنتابها وازدادت الحالة بعد وفاة شقيق لها أخيرا وفشلت كل محاولات علاجها من هذا المرض الذى أصابها، حتى رسخ يقين عابث ممن حولها بأنها تشكو من مس شيطانى أو أن جنيا قد تلبسها.
لكنها فى أثناء التحقيق كانت تتقافز منها دموع ساخنة وتغيب فى نوبة بكاء مرير بدا كقشرة واهية تخبئ ندما يتفجر من أعماقها ويتبدى فى العينين الزائغتين، فمع استعادة أحداث الجريمة، انفجرت لتحكى تفاصيل ما جنت يداها على ولديها، فلم يكن الإيشارب الذى تم به الخنق سوى إيشارب تلك السيدة التى كانت قبل يوم الجريمة تنتسب إلى الأمومة ولم تكن آثار الأظافر التى أحدثت السحجات والجروح على الوجهين البريئين إلا أظافرها!.
كيف ولماذا؟!
لا إجابة سوي، أنها تدعى أنها تعرضت لقوة ضغط هائلة جاءت من داخلها ووجهتها كالمجنونة إلى الطفلين النائمين لتقتلهما خنقا فى لحظات وكأنما تريد أن تتخلص من حمل ثقيل جثم على صدرها، ثم أطلقت الصراخ ساعة أن خنقتهما بيديها مدعية أنها وجدتهما على تلك الحالة وأن مجهولا تسلل ليقتلهما. وجاء الخبر المرتقب بفك طلاسم جريمة قتل الطفلين حمدى وحسن بما حول الرعب الذى أصاب القلوب من جرائها إلى فزع حقيقى مما حدث، فليت الفاعل كان لصا أو منتقما أو ليت الأمر ظل مجهولا، فالحقيقة التى تجلت باعتراف القاتلة امام فريق البحث الذي امر به اللواء جمال عبدالبارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، كانت أشد مرارة من أى وهم يمكن أن يظن الناس أنه سبب الجريمة!. أهل المنشاة وكل من كانت له صلة بأهل الطفلين أصابهم الذهول مما حدث، بل إن القائمين على التحقيق من ضباط مباحث سوهاج، ودوا لو أن غير الأم يكون قد فعلها، لكن كل الأدلة والقرائن مع تقرير الطب الشرعي، كان تؤيد اعترافات امرأة قاتلة كانت ليوم قريب تحمل لقب الأم!
تعليقات
إرسال تعليق