61 عامًا من دون ألقاب.. ذهب اللقب وبقيت آثاره

بالرشاوى والمحسوبية، تصارع الأعيان على منزلة الكرام، فمنذ عقود منصرمة، كان الفساد، هو سمتها الأساسية، كان صاحب الألقاب يعتلي منزلة عالية بين قومه، وكان صاحب "اللقب" يمر عبر بوابته للسطو على حقوق الغير، واستباحة كل خيرات البلاد، متسلحًا بلقبه.
ومع تفشي الظلم للدرجة التي لم يعد لدى أحد مقدرة أن يتحمله، بزغ فجر ثورة يوليو منتصف القرن الماضي، التي كان أحد أهدافها هو تحقيق العدالة الاجتماعية، ومساواة المصريين ببعضهم البعض، وكان من مظاهر تحقيق هذا الأمر، إلغاء كل الألقاب التي اتخذت وسيلة لاستيلاء الأغنياء على حقوق الفقراء.
في مثل هذا اليوم، وقبل 61 عامًا، صدر قرار بإلغاء جميع الألقاب الرسمية والمدنية، ليستقبل الشعب المصري، ذلك الخبر بحفاوة المنتصر على التجبر، آملين في حق مشروع في المساواة، متطلعين إلى شغل المناصب الحكومية، وعدم الاكتفاء بهم، كعمال ومأجورين.
ولم تقتصر ثورة تحطيم الألقاب، على الألقاب المدنية فقط، بل طالت رتبًا خاصة بضباط الجيش والشرطة، مثل رتبة اليوزباشي، والصاغ والبكباشي والأميرالاي، واستبدالها بأسماء أخرى، كملازم، ونقيب، ومقدم، وعقيد، وعميد.
لكن انتهاء الظلم، بانتهاء الألقاب لم يتم، وبقي الظلم منتشرًا في المجتمع، لكن هذه المرة من دون ألقاب، لتقوم ثورة أخرى عليه، لكن يبدو أنه سيظل يبارحنا فترة أكبر.
مع بزوغ القرن التاسع عشر، وبعد نجاح محمد على باشا في ضمان استقلال مصر عن الدولة العثمانية، حصل خلفاؤه على حق منح كبار رجال الدولة الألقاب التي كان يُنعم بها السلطان العثماني على المخلصين المقربين إلى مملكته، ليستعينوا بتلك الألقاب في فرض سيادتهم، وانتشال رغد العيش، حتى وإن كانوا لا يستحقوه.
الشهادة الجامعية أوحتى الثانوية، كانت كفيلة بأن يحمل الحاصل عليها لقب "أفندي"، أما عن "بيك" فكان يحصل عليها كبار أفراد الطبقة الوسطى من كبار الموظفين في الدولة، ومن يصل إلي لقب "باشا"، فكان من أفراد النخبة الاجتماعية والسياسية في الدولة، وعادة لم تنطبق تلك الشروط على حاملي الثلاث ألقاب الرئيسية، أو المنتشرة في ذلك العصر.


"صاحب الدولة" و"صاحب المعالي" و"صاحب العصمة"، ألقاب آخرى حصل عليها بعض كبار السياسيين، وأصحاب الصوت الجهوري ذي الكلمات المسموعة، والآراء المبجلة، وكان كل لقب من هذه الألقاب يرتب لصاحبه نفوذًا وسلطة داخل أجهزة الدولة المختلفة إلى جانب ما يتمتع به من نفوذ وسلطة.


المصدر الوطن


تعليقات

المشاركات الشائعة