نجل المشير يكشف: لماذا المذكرات الآن؟
قد يتساءل الكثيرون لماذا الآن؟ لماذا أخرجت عائلة المشير أحمد إسماعيل أوراق ومذكرات المشير أحمد إسماعيل إلى النور، وأن تعهد بذلك إلى الأستاذ الفاضل مجدى الجلاد، وذلك بعد مرور 39 عاماً على رحيله، وأربعين عاماً على حرب أكتوبر المجيدة؟ والحقيقة أنه توجد عدة أسباب وليس سبباً واحداً، وليسمح لى القارئ أن أوضحها فى الآتى:
1- قيام ثورة 25 يناير المباركة أتاح الحرية والديمقراطية لنا جميعاً فأصبح الآن من حق كل مواطن ما دام معه المستندات أن يدلى بدلوه.
2- بالرجوع إلى أوراقه وصوره لتلبية طلبات الأخوة الإعلاميين الأفاضل وجدت مذكرات بخط يده والعديد من الأوراق المهمة والمستندات التى لها قيمة عالية فى تاريخ مصر.
3- مناسبات معينة تمت خلال الحكم الأخير وقبل 30 يونيو 2013 على مستوى الدولة أوضحت لى أن هناك من لا يعرف حقيقة الدور الذى قام به المشير أحمد إسماعيل فى حرب أكتوبر.
4- عرض بعض الأحاديث الإعلامية فى العام الماضى عن حرب أكتوبر لا يتوافق ما جاء ببعضها مع حقيقة ما لدينا من معلومات ووثائق؛ وبالتالى فتوضيح الأمور يعد أمانة تاريخية فى عنقنا ونكون مقصرين فى حق بلدنا لو لم ينقم بذلك.
وأود فى البداية أن أؤكد على أن حرب أكتوبر لها أبطال كثيرون، وكان المشير أحمد إسماعيل يعتبر كل من شارك فى الحرب مهما كان دوره هو أحد أبطال حرب أكتوبر.
أما بالنسبة لتولى الأستاذ مجدى الجلاد كتابة هذا الكتاب فذلك قد جاء بمبادرة مشكورة ومقدرة منه عن قناعة بدور المشير أحمد إسماعيل فى حرب أكتوبر المجيدة وترحيب كبير منى ومن جميع أفراد العائلة لمكانة الكاتب ووطنيته المعروفة.
وإذا انتقلنا إلى شخصية المشير أحمد إسماعيل فسنجد أنه رجل يتصف بالحزم والحسم وقوة الشخصية مع التواضع الشديد وإنكار الذات الزائد، وأما مؤهلاته الدراسية فهو الأول فى جميع الفرق التى حصل عليها.
بعد تخرجه فى الكلية الحربية من أول مدرسة الأسلحة الصغيرة مروراً بكلية أركان حرب إلى دراسته فى الخارج سواء فى بريطانيا أو روسيا إلى أكاديمية ناصر.
أما مؤهلاته الميدانية فقد اشترك فى جميع الحروب مع إسرائيل منذ إعلان دولة إسرائيل عام 1948، كما تدرج فى المناصب العسكرية من أصغرها كقائد فصيلة إلى أن أصبح وزيراً للحربية وقائداً عاماً للقوات المسلحة بعد أن رأس جهاز المخابرات العامة المصرية لمدة سنة ونصف السنة، وتولى قيادة الجبهة المصرية بالكامل وبدأ حرب الاستنزاف. وتتسم فترة تولى أحمد إسماعيل لقيادة القوات المسلحة بأنه لم يلعب سياسة مثل من سبقوه سواء كان الفريق أول محمد فوزى أو الفريق محمد صادق، بل استطاع أن يخرج الجيش من السياسة وأن يكون تركيزه الأساسى على شن حرب التحرير لتحرير الأراضى المصرية والعربية المقدسة، وكذلك من الإنجازات المهمة أنه تمكن من إقناع سوريا بالاشتراك معنا فى الحرب فى توقيت واحد بعد اجتماع منفرد وطويل مع الرئيس حافظ الأسد استثمر فيه ثقة الرئيس السورى فى قدراته ومعلوماته العسكرية منها: أنه من العلامات البارزة فى إيمانه المطلق بالجندى المصرى والسلاح بالرجل وليس الرجل بالسلاح، وهى كلماته المأثورة عندما تولى القيادة العامة للقوات المسلحة، وإحساسه بأننا ظُلمنا عام 1967 وبأن الجندى المصرى لم يأخذ فرصته فى القتال والرغبة فى استعادة كرامة الجيش المصرى والأخذ بالثأر، واقتناعه بأن الوقت فى غير صالح القوات المصرية.
وفى ظل لا حرب شاملة ولا حرب استنزاف لأن الحرب الشاملة تحتاج إلى الكثير من السلاح غير المتوافر لدينا ومن غير المضمون توافره فى المستقبل القريب وربما البعيد أيضاً وحرب الاستنزاف تؤدى إلى استنزاف العدو وكذلك استنزاف العدو لنا ولقد استخدمنا هذا الأسلوب فى مرحلة كنا نحتاج فيها لذلك لرفع الروح المعنوية وإرسال رسالة للعدو بأن سكوتنا على احتلاله لأراضينا المقدسة لن يستمر.
كان الحل من وجهة نظره فى ظل المعطيات الموجودة هو تحرير سيناء، على مراحل على أن تبدأ المرحلة الأولى بما لدينا من سلاح (الإمكانيات الحالية) وتتضمن عبور القناة وإقامة رؤوس كبارى وتدمير الساتر الترابى واقتحام خط بارليف وتكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة والاستيلاء على مواقعه الحصينة شرق القناة والتشبث بالأرض، وهذا ما حدث بالفعل. وكان همه الأول الاحتفاظ بالجيش المصرى دون أن ينكسر لاستكمال عملية التحرير على مراحل.
وأود أن أؤكد هنا على أن رؤيته فيما يتعلق بالنزاع المصرى الإسرائيلى كانت واضحة ومنذ البداية فقد كان على قناعة بالآتى:
1- أنه لا سلام بين مصر وإسرائيل بعد هزيمة 1967 بدون حرب جديدة أو أكثر، يغسل فيها الجندى المصرى عار هزيمة 1967 ويثبت أنه خير جنود الأرض.
2- أن الوقت فى غير صالح مصر وأن الانتظار لكى نصل بتسليحنا إلى مستوى يحقق لنا التفوق على إسرائيل غير وارد، فيجب أن نحارب بما لدينا من سلاح مع الاستفادة مما لدينا من عناصر قوة وبعناصر ضعف العدو وذلك عن دراسة وعلم.
3- فى ظل التفوق الإسرائيلى ومعطيات الموقف السياسى يجب أن يكون تحرير سيناء على مراحل.
ولقد كان والدى، وهو يعد الجيش المصرى لخوض حرب مصيرية مع إسرائيل، يعلم تماماً أنه إذا انتصرنا فى الحرب فلن يكون هو البطل الأول للانتصار وإذا انهزمنا فى الحرب فسوف يكون هو المسئول الأول عن الهزيمة، وكثيراً ما تناقشنا فى هذه الأمور قبل الحرب وكانت إجاباته فى كل مرة واحدة ولم تتغير ولو مرة واحدة وهى أنه يعرف ذلك جيداً ولا يهمه سوى استعادة الكرامة وتحرير الأرض وأننا لن ننهزم هذه المرة وأنه لا يرغب فى أى شىء إلا تحرير أرضنا المحتلة وأنه مستعد للتضحية بكل غالٍ ورخيص فى سبيل تحقيقه وأشرف له أن يُستشهد وهو يعمل على تحرير أرضنا الغالية من أن يموت فى منزله وأرضنا محتلة.
ويهمنى أن أعبر عن إعزازى وتقديرى للأستاذ مجدى الجلاد هذا الإعلامى الوطنى المرموق الذى أعطى الكثير من وقته وفكره لإخراج هذا الكتاب بشكله الحالى، كما يهمنى أن أشكر كل من اتصل بى وبالعائلة لتجميع المادة والمستندات وكل من أسهم سواء مساهمة كبيرة أو صغيرة فى إنجاز هذا العمل.
وقبل أن أختتم كلمتى لا يفوتنى أن أوجه التحية والتقدير للقوات المسلحة المصرية الباسلة وقياداتها كما أننى أحيى أرواح شهداء أكتوبر الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن نعيش مرفوعى الرأس ونسترد ثقتنا بأنفسنا وروح الرئيـس أنور السادات الشجاع الذى بدونه ما استطاع الجيش المصرى أن يخوض هذه الحرب الباسلة وأن أحيى مصابى أبطال حرب أكتوبر وأبطال حرب أكتوبر المجيدة الأحياء، أطال الله لنا فى أعمارهم، وأحمد الله على كل شىء وأرجو أن يكون هذا الكتاب إضافة فى إبراز دور هذا الرجل الذى ضحى بكل جهده وعصارة فكره وكل وقته فى سبيل وطننا الغالى مصر.
المصدر الوطن
تعليقات
إرسال تعليق