الوفد : خفض أسعار الفائدة خلال النصف الثانى من 2017


المصدر بوابة الوفد - اخبار الاقتصاد - كتب - صلاح الدين عبدالله


لماذا يجب أن تنخفض سعر الفائدة فى النصف الثانى من العام؟ سؤال تم طرحه فى الأوساط الاقتصادية خلال الأسابيع الماضية.. وأجابت إدارة بحوث شركة مباشر المالية على ذلك فى مذكرة بحثية.قالت المذكرة البحثية التى أعدتها إسراء أحمد المحلل الاقتصادى بالشركة إن الاقتصاد شهد خلال العام الماضى أحداثاً متسارعة، إذ حاول البنك المركزى إدارة أزمة النقد الأجنبى وكبح جماح التضخم دون الإضرار بالنشاط الاقتصادى، وخلال محاولاته قرر البنك المركزى رفع سعر الفائدة على مرات متتالية وصلت لـ550 نقطة أساس أو 5.5٪، كانت النسبة الأكبر منها فى 3 نوفمبر متزامنة مع قرار تعويم العملة المحلية.وأضافت المذكرة أن الاقتصاد اختتم عام 2016 بارتفاع أسعار الفائدة إلى 14.75٪ للإيداع، و15.75٪ للإقراض (ليلة واحدة)، وسعر العملية الرئيسية للبنك عند 15.25٪. وقد جاء رفع سعر الفائدة كإجراء مكمل لتعويم العملة بهدف احتواء معدلات التضخم المرتفعة التى تبعت إجراء التعويم، تلك المعدلات التى جاوزت 19٪ و23٪ لشهرى نوفمبر وديسمبر على التوالى.وتوقعت المذكرة البحثية أن هذه السياسة النقدية الانكماشية سوف يتم التراجع عنها فى النصف الثانى من العام بخفض أسعار الفائدة بسبب 3 أسباب رئيسية، أولها ارتفاع عبء الفوائد على الموازنة العامة للدولة، حيث إنه خلال الفترة من السنة المالية 2011/2012 إلى السنة المالية الأخيرة 2015/2016، شكلت مدفوعات الفوائد أكثر من ربع مصروفات الدولة، بمتوسط تجاوز 26٪ من إجمالى المصروفات، حتى أنه أصبح الباب ذا الإنفاق الأكبر فى موازنة عام 2015/2016، متجاوزاً بابى الأجور والدعم، وهو عبء لا يمكن لموازنة الدولة تحمله فى ظل الحاجة المتزايدة للسيطرة على عجز الموازنة.وربما تظهر المشكلة بشكل أوضح إذا تمت الإشارة إلى حقيقة أن العجز الكلى للموازنة فى العام المالى الأخير وصل إلى 12.3٪ من إجمالى الناتج المحلى، بينما العجز الأولى، وهو العجز الذى يتم احتسابه باستثناء مدفوعات الفوائد يشكل 3.5٪ فقط من الناتج عن نفس العام. فارتفاع أسعار الفائدة هو ارتفاع لتكلفة الاقتراض الحكومى، وهو ما يصب بشكل مباشر فى عجز الموازنة.ويتمثل السبب الثانى لخفض سعر الفائدة التخوف من المزاحمة للقطاع الخاص فى الحصول على الائتمان، حيث إنه خلال السنوات الماضية، لم تتجاوز نسبة القروض إلى الودائع مستوى الـ40-45٪، وهى نسبة منخفضة بالنظر إلى احتجاج الاقتصاد لتشغيل السيولة المتوفرة فى مشروعات إنتاجية وتنموية لحفز النمو والتشغيل. وفى السياق نفسه، فإن سياسة نقدية انكماشية فى المرحلة الراهنة للاقتصاد المصرى من شأنها التأثير سلباً على معدلات النمو، من خلال رفع تكلفة  الائتمان أمام القطاع الخاص.وأشارت المذكرة إلى أن قطاع الأعمال الخاص يحصل على حوالى خُمس الائتمان الذى يمنحه الجهاز المصرفى فى مصر، وهى نسبة لا تتفق وأى طموح للتشغيل والنمو. ففى 2016، بلغت تلك النسبة حوالى 20٪، فى إطار انخفاضها المستمر خلال السنوات الأخيرة (من 27.5٪ فى 2012 إلى 20٪ فى 2016). وهو مؤشر خطر ويعبر بشكل واضح عن «أثر المزاحمة» الذى يشكله الاقتراض الحكومى للقطاع الخاص، فمع ارتفاع أسعار الفائدة، تتجه البنوك إلى الإقراض منعدم المخاطر فى ظل ارتفاع مخاطر تمويل أنشطة القطاع الخاص، ومن ثم تحصل أدوات  الخزانة على نصيب الأسد فى المحفظة الاستثمارية للجهاز المصرفى.أما السبب الثالث فيتمثل فى منحنى العائد المنعكس، والذى يحمل رسالة عن توقعات التضخم فى المستقبل، حيث إنه عادة ما تمنح أدوات الخزانة طويلة الأجل عائداً أكثر ارتفاعاً من نظيرتها قصيرة الأجل، وذلك لتعويض المستثمر عن مخاطر التضخم على الأجل الطويل وأثره على العائد الحقيقى على استثماره. وقد أظهرت أدوات الخزانة المصرية هذه العلاقة النمطية حتى حدوث الموجة التضخمية فى نوفمبر 2016، أو -بشكل أكثر دقة- تزايد التوقعات بارتفاع التضخم لفترات مقبلة، بينما بملاحظة العوائد على أذون وسندات الخزانة والتى تم طرحها بعد قرار التعويم، نجد أن ارتفاع عوائد أذون الخزانة لآجال 91 و182 يوماً عن الأدوات طويلة الأجل يشى بتوقعات انحصار التخضم فى الأجل القصير، يمتد لشهور فحسب حتى تستنفذ الموجة التضخمية قوتها التى بدأت فى نوفمبر كما أشرنا.وقالت المذكرة إن المشهد الاقتصادى الحالى لا يحتمل استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة، فالتضخم وإن ارتفعت معدلاته وهو أمر متوقع فى ظل الإصلاحات الهيكلية ورفع الدعم عن المحروقات وإعادة تسعير العديد من المنتجات ومنها الأدوية، فهو مدفوع بشكل أساسى بالتكلفة وليس بارتفاع الطلب على السلع والخدمات أو ارتفاع الدخول المتاحة للإنفاق، وبالتالى تبقى قدرة أسعار الفائدة المرتفعة على تحجيم هذا النوع من التضخم محدودة، ولابد من ضرورة انخفاض أسعار الفائدة خلال النصف الثانى من العام الجارى، حيث تكون الإصلاحات وآليات السوق أتت نتائجها.







اقرأ أيضاً :
======










تعليقات

المشاركات الشائعة