رقيب أردوغان يطفئ شعلة للفن السابع "إسطنبول السينمائى" .. فى ظلال الاستبداد


الاهرام - اخبار الفن - اسطنبول - تركيا - السينما التركية - الفن السابع

كان واضحا أن ثمة غيوما اطلت على مهرجان إسطنبول السينمائى هذا العام ، صحيح دخلت إحدى قاعات المركز الثقافى الفرنسى الكائن بشارع استقلال الشهير بميدان تقسيم ، ضمن دور العرض التى استضافت أفلام الدورة الرابعة والثلاثين للمهرجان .
لكن فى المقابل حجبت أكثر من شاشة لدواعى ضغط النفقات ، ولم يكن تفسير الأمر عسيرا ، فرغم الجهود التى يبذلها القائمون على «وقف الفنون» الذى يشرف على الحدث الفنى الأهم فى عموم الأناضول ، بإبتكار آليات وطرائق لإضافة موارد للفاعليات التى تمتد لأسبوعين وفى نفس الوقت تتجنب المساس بقدر الإمكان بقيمة تذاكر المشاهدة حتى لا يحد من إقبال عشاق الفن السابع وهم للإنصاف كثر ويزدادون عاما بعد آخر ، إلا أن تهاوى «الليرة» العملة الوطنية أمام الدولار لاشك أنه أضاف أعباءا جمة لم تكن متوقعة .


لكن يبدو أن هذا لم يكن سوى جانب واحد فقط أخفى جوانب اخرى شديدة التعقيد، فالمهيمنون على السلطة ، التى يحكمها حزب العدالة والتنمية منفردا منذ ثلاثة عشرة سنة، بدت نظرتهم لكل أشكال الفن والفكر، يشوبها غموض رغم إدعائهم  باحترامهم للإبداع والمبدعين كافة ، غير أن هذا لا يعدو كونه شكلا فقط أمام الكاميرات ، بيد أن الجوهر شديد الإنغلاق والسلطوية ، يتربص وبإصرار لكل من لهم رؤية مغايرة ، من بين هؤلاء نورى بلجى جيلان فرغم أن الأخير حصد لبلاده أربع جوائز من مهرجان كان ، آخرها  السعفة الكبرى لفيلمه «الشتاء النائم» العام الماضى إضافة إلى منافسته على جائزة أحسن أوسكار لعمل أجنبى ، إلا أنه نادرا ما يطل على شاشات  الفضائيات الرئيسية ، لأنه ببساطة مغضوب عليه عقابا له لانتقاداته المستمرة ووصفه للنظام بالديكتاتوري.
واردوغان نفسه دائما ما تفضحه آراؤه حينما يتصدى لاشكال التعبير والتى لا يطيقها طالما لا تمدحه وتغدق بالثناء عليه وبطبيعة الحال انتقل هذا الفيروس المعادى إلى بصاصينه واعلامه مرئى ومقروء الذين باتوا على قناعة أن مجمل النقاشات الفكرية بما فيها التى تحدث خلال ليالى المهرجان ما هى إلا تحريض على الدولة ورموزها  وتحريضات ضدهم ، وهذا قد لا يكون صحيحا، فالاحاديث التى تدور عقب العروض غالبا ما تنصب على مضمون الشرائط المشاركة ويصادف أنها قد تتصدى إلى قضايا الفساد وغياب  الديمقراطية، وهو ما يتم تأويله من قبل مداحى النظام الاردوغانى على أنه إنتقادات لاهل الحكم ، فتبا لهم إذن ولابد من وقفه حاسمة.
وهكذا اتخذ القرار فقط كان انتظار القشة التى من خلالها سيكون الانقضاض على المهرجان ، وفى سابقة شاذة ومع مستهل الاسبوع الثانى من أيامه، دخل الرقيب بمقصه ومنع فيلم »الشمال» لمخرجيه تشايان ديميريل وآرطغرول مافى أوغلو ، بحجة أنه لم يحصل على ترخيص، وكان هذا كفيلا بإحداث زلزال أفقد الإحتفالية رونقها ، خاصة وان الحجب جاء قبل ساعات ثلاث من التنويه بعرضه وهو ما أربك جدول الافلام ، إضافة إلى ذلك أن الفيلم كان واحدا من ثلاثة أعمال ستعرض خارج المسابقة الدولية ، وهو ما جعل عزيزة تان مديرة المهرجان أن تصف الحاصل بالتعسف وبالتوازى اعلن الاتحاد الدولى للنقاد  السينمائيين  إلغاء مشاركته فى لجنة التحكيم وانتهى المهرجان دون حفل ختامي.
وكان يفترض أن يكون إهتمام ميديا الخارج منصبا على الافكار والمضامين التى حملتها الشرائط السينمائية  إلا أن وقائع التدخل الحكومى الفج بات هو العنوان الرئيسى لها ، وإستشرافا للغد طرحت علامات إستفهام حول مستقبل المهرجان وهل يمكن أن يستمر فى ظل استبداد العدالة والتنمية؟




المصدر الاهرام


تعليقات

المشاركات الشائعة