الفنادق «ذبحت» المصريين فى العيد.. الأسعار نار والجودة معدومة.. والحساب غائب
المصدر الاهرام . اخبار السياحة و السفر
ahram.org.eg
عودة الأخوة «كارامازوف» للسياحة المصرية
ahram.org.eg
عودة الأخوة «كارامازوف» للسياحة المصرية
الساحل الشمالى بين غياب رجال السياحة.. والتسويق المفقود.. حالة مصر وتركيا بالأردن نموذجا
للأديب الروسى الكبير «دوستويفسكي» أحد عمالقة الرواية الروسية والعالمية قصة شهيرة باسم «الأخوة كارامازوف» كتبها فى القرن التاسع عشر وتحديدا فى 1880 وتم إنتاجها سينمائيا أكثر من مرة ثم دراميا. وفى مصر تحديدا فى عام 1974 قدمها المخرج الراحل الكبير حسام الدين مصطفى فى فيلم شهير تحت اسم «الأخوة الأعداء»
لعب بطولته عمالقة السينما يحيى شاهين ونور الشريف «رحمهما الله» وحسين فهمى ونادية لطفى وسمير صبرى ومحيى إسماعيل «أطال الله فى أعمارهم» وكان السيناريو والحوار الرائع للمرحوم الدكتور رفيق الصبان.
كان ملخص هذه القصة يحكى عن أب ثرى غير منضبط ينجب 4 أبناء لكنه لا يحبهم ولا يحبونه وتسود بينهم الكراهية إلى أن تنتهى القصة بأن يقتل أحد الأبناء ذلك الأب ويشنق ابن آخر نفسه وتأمر المحكمة بإعدام الابن الثاني.. ولعل بعضا منا مازال يتذكر العبارة الشهيرة التى جاءت على لسان أحد الابناء الذى كان مريضا بالصرع «محيى إسماعيل» والذى شنق نفسه فى نهاية فيلم الاخوة الأعداء وهو يقول ما معناه.. إذا لم يكن الله موجودا أمامك فى كل شيء وإذا لم يكن الحساب «القانون» موجودا.. فكل شيء مباح من أصغر الجرائم حتى أكبر الجرائم «القتل».
وتلك هى الرسالة الأساسية التى أراد «دوستويفسكي» توصيلها للناس فى روايته الشهيرة.. فإذا لم تكن تخاف من أن يحاسبك أحد فأنت تفعل ما تريد وتلك مصيبة كبري.. لأن الخوف من الله بداية ثم من القانون وحساب المجتمع بشكل عام هو الذى يضمن لك وللناس العيش فى خير وسلام.
شيء من هذا الذى خلص إليه «دوستويفسكي» تذكرته هذا الأسبوع فى عيد الأضحى المبارك وأنا أتابع أحوال السياحة المصرية والفنادق المصرية خاصة.. فكل شيء مباح.. أسعار نار.. لا حدود لها.. الغرفة المزدوجة فى الفنادق الـ5 نجون تبدأ من 2000 و3000 ثم 5 آلاف وحتى 7 و8 آلاف جنيه فى الليلة الواحدة.. وأنا هنا لا اتحدث عن سعر الجناح الذى يصل إلى 15 ألف جنيه فى الليلة.. أى والله.. من قرر هذه الأسعار ومن أباح لنفسه »ذبح« المصريين فى عيد الأضحي.. أين الرقابة.. وإذا كانت هذه الأسعار مفروضة على المصريين.. هل الخدمة المقدمة تساوى هذا المبلغ؟!
من يحاسب هؤلاء ويوافقهم على هذه الأسعار؟ ولا أحد يقول انه الدولار وأن الأسعار فى العالم كذا وكذا.. لماذا هذه الأسعار على المصريين فقط استغلالا لحاجتهم فى قضاء الاجازة.. لماذا تؤجر الغرفة فى الغردقة وشرم الشيخ للأجانب بـ10 دولارات و15 دولارا فقط؟ بالطبع أنا أفهم من سيرد ويقول هذه أسعار سياحة للمجموعات ولفترات طويلة.. وهذا عرض وطلب ومن سيرد ويقول انه ليست كل فنادق مصر تباع للمصريين بهذه الأسعار وأن البعض يبالغ لأنه لا يرغب فى المصريين لما يحدوثنه من اضرار بالفندق.
أفهم كل ذلك.. لكن هل الخدمة تساوى المبلغ المدفوع وهل جودة الخدمة موجودة.. أنا أجزم أنها غير موجودة إلا بفنادق على أصابع اليد الواحدة.. وتلك مصيبة كبرى لأنه لا أحدا يحاسب أحدا.. ولا أحد من الجهات الرقابة أو التفتيش فى وزارة السياحة يراقب أحد ولا يراجع مستوى الخدمة ويترك كل شيء لصاحب الفندق.. وكله «يدلع نفسه».
وطالما أنه ليس هناك قانون أو حساب كما قال دوستويفسكى فكل شيء مباح.. افعل ما شئت فالحساب غائب والرقابة منعدمة!!
من هنا تبدو قضية بناء فنادق فى الساحل أو فى بعض المواقع القريبة من القاهرة غاية فى الأهمية طالما أن السياحة الداخلية مطلوبة للمصريين بهذا الشكل.. ومن هنا تبدو أهمية مدينة العلمين الجديدة وفتح الساحل الشمالى أمام بناء الفنادق فقط وليس الإسكان العقارى السياحي.. ولذلك ادعو الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان لبحث أسباب غياب رجال السياحة عن مشروعات التنمية بالساحل الشمالي.
لكن الأخطر فى قطاع السياحة هو انتقال عدم الخوف من الحساب من السياحة الداخلية إلى الخارجية.. فالمنافسة غير المشروعة هى الأساس فى تسويق السياحة المصرية.. وأصبح ضرب الأسعار عنوانا لكل المصريين المتنافسين لجذب السياحة من الخارج حتى يكاد الرجل يقتل أخاه فى سبيل تخفيض دولار أو اثنين أو حتى 5 دولارات على سعر الغرفة مقابل أن يقتل فندق أخيه.. مع أنه فى الحقيقة يقتل ويدمر السياحة المصرية.. فضلا عن غياب الجودة فى الخدمات وضعفها مقارنة بحالة دولة قريبة ومنافسة لنا مثل تركيا.
لماذا.. لأنه ليس هناك حساب فلا أحد يخاف وترتكب الجرائم باسم السياحة والتسويق من أصغرها إلى أكبرها تماما مثلما قال دوستويفسكى فى روايته الأخوة »كارامازوف«.
بالفعل غياب القانون والحساب كارثة.. ليس فى السياحة فقط.. وانظروا عما سمعناه وقرأناه وشاهدناه فى القاهرة من مطعم يعلن عن ساندويتش هامبورج بـ1500 جنيه ومحل ملابس يعلن عن قميص بـ12 ألف جنيه لأنه بيدفى بالشتاء وبيبرد فى الصيف.. إنه فى الحقيقة عدم الخوف من القانون ومن الحساب.. هو نفس السبب الذى جعل وجبة عادية فى الساحل الشمالى للشخص الواحد بـ800 جنيه وألف جنيه وفاتورة غداء لثلاثة أشخاص بـ4 آلاف جنيه.. وللعلم بدون مشروبات كحولية حتى لا يتخيل أحد أننا نبالغ.
انه عدم الخوف من القانون وعدم وجود رقابة.. لذلك نقول أطلب ما شئت من »فلوس« لكن هل الخدمة تساوى القيمة!! هنا دور الرقابة والحساب الغائب. لن أطيل فى هذه العجائب.. عجائب أم الدنيا.. أو البدع التى لا مثيل لها فى العالم على الأقل فى صناعة السياحة!!
لن تنصلح أحوال السياحة إلا بالتسويق الجيد.. ونحن لا نعترف بذلك للأسف الشديد.. التسويق فن وعلم له أصول وقواعد وتجارب عالمية ناجحة سبقتنا إليها دول عديدة. لكن نحن لا نعرف من التسويق إلا تشكيل اللجان.. لجنة هنا ولجنة هناك للتسويق وللأسف معظم أعضاء هذه اللجان لا علاقة لهم بالتسويق أو الترويج أو صناعة الدعاية والإعلام.. ونحن فى حيرة من أمرنا والشاطر يأخذ من فلوس الدولة أقصد الوزارة وهيئة التنشيط بحجة التسويق.. هناك شركة دولية متعاقدون معها.. فاشلة أو ناجحة ليست هذه قضيتى اليوم.. لكن كيف ستعمل الشركة مع كل هذه اللجان وهذا «الوهم» من الخبراء؟! على من تضحكون؟ لجنة لكل مدينة.. أين الرؤية أو الاستراتيجية العامة لتسويق مصر ومقاصدها؟، ما هى الأسواق التى يجب أن تتحرك فيها.. هل نعيش دائما على رد الفعل؟.
لن أطيل فى هذه النقطة.. فالحديث فيها ذو شجون.. ولكن ما دفعنى إلى ذلك رسالة تلقيتها من صديق يعمل بالسياحة والفنادق منذ 40 عاما اسمه سامح عبدالوهاب كان مديرا لفنادق شيراتون بالقاهرة والآن مديرا عاما لفندق مريديان عمان بالأردن.. جاء فى هذا العيد فى إجازة للساحل الشمالي.. اقرأوا ماذا قال عن التسويق وعن الساحل الشمالى وعن مقارنة لحالة الوجود التركى والمصرى سياحيا فى الأردن.. وعن الأسعار وعن الخدمات.. نحن لا نتجنى على أحد.. نحن مرآة للمجتمع ولقطاع السياحة ننقل الحقيقة التى قد تغضب البعض.. ولكنها فى النهاية لصالح مصر:
الأخ الأستاذ/........ مما لا شك فيه أن الله حبا مصر بكل المقومات السياحية التى تجعلها فى مصاف الدول المستقطبة للسياحة عالميا إن لم تكن فى مقدماتها، ولكن ماذا فعلنا ليس فقط كدولة بل كشركات سياحة وأصحاب فنادق خاصة وشركات إدارة عالمية تدير الفنادق فى ربوع مصر من شرقها إلى غربها وشمالها إلى جنوبها حتى نسوق بطريقة صحيحة لمنتجنا السياحي. هنا أتكلم عن التسويق بمعناه الصحيح وهو دراسة حاجة السائح، ومن واقع ما رأيت وسمعت خلال فترة عملى ببلد شقيق هو الأردن ذلك البلد الذى يعشق مواطنوه مصر وكل ما هو مصرى والذى يعد من الدول المصدرة للسياحة فى أوقات متنوعة من العام ويتمتع أهلنا فى الأردن بقوة انفاق عالية خاصة وأن الدينار الأردنى أقوى من الدولار.. ولذا من الممكن جدا أن تكون مصر هى قبلة السائح الأردنى وخاصة بعد تعويم الدولار وانخفاض سعر الجنيه المصرى أمامه بشكل كبير، أيضا قصر المسافة بين عمان ومختلف المدن المصرية والذى جعل زمن الطيران لا يتجاوز الساعة ونصف الساعة.
كل هذه المقومات كانت من الممكن أن تمكنا من الحصول على نصيب الأسد من حجم السياحة من هذا السوق المصدر للسياحة والذى تنافسنا به عدة دول أولها تركيا بمنتجعاتها السياحية الصيفية بكل من انطاليا وبودروم ومرمريز وفتحية والتى تسير رحلات طيران عارض (شارتر) من عمان إلى كل هذه المدن وبشكل يومى وتكون كاملة العدد ويتم الترويج لها من خلال جميع القنوات الإعلامية يوميا على شاشات التليفزيون وموجات الإذاعة بالراديو وإعلانات عن برامج سياحية بالصحف.
وانضم إلى تركيا هذا العام جورجيا لتنافس ولو بدرجة أقل ولكنها استقطبت أيضا كما لا يستهان به من السياح الأردنيين كل هذا وأتحدث عن منتجعات صيفية حيث الشواطئ والجو المنعش الذى ينشده أى مصطاف فماذا فعلنا نحن كفنادق وشركات سياحة مصرية؟.. للأسف نقوم بالتسويق لشرم الشيخ والذى يعد كمنتجع شتوى تتعدى فيه درجة الحرارة بالصيف الـ40 درجة مئوية وطبعا لجذب السائح محدود الدخل أو ذى القدرة الانفاقية المنخفضة نقوم ببيع الرحلة بسعر يقل عما تباع به الأسواق الأخرى بل بأسعار متدنية تصل إلى النصف، وبالطبع يقابل السعر المتدنى خدمة متدنية من حيث التنوع والجودة تجعل من السائح ناقما حتى على ما دفعه من سعر متدن عندما يقارن بما يجده فى البلدان الأخرى وما يجده بمصر.
وهنا لا أتساءل أنا فقط بل يسألنى أصدقائى الأردنيون أين الساحل الشمالى من هذا وخاصة أن البعض قام بزيارته بناء على نصيحة أصدقاء مصريين وليس بسبب الترويج له؟، لقد اعجبوا أشد الاعجاب بشواطئنا الرملية الساحرة التى يندر وجود مثيل لها بالعالم ومياه البحر التركوازية الصافية.. ولكن للأسف فوجئوا بالأسعار المرتفعة فى كل شيء مقارنة بنوعية الخدمة التى يحصلون عليها أو بمعنى أصح القيمة فى مقابل المبلغ المدفوع وخاصة إذا ما قورنت بما يحصلون عليه من خدمات فى المنتجعات التركية بالذات والتى تدار بنظام السعر الشامل لكل شيء من وجبات إلى مشروبات بأنواعها وأيضا وجبات خفيفة بين الوجبات فالكل يجمع على جودة البوفيهات المقدمة هناك سواء افطارا أو غداء أو عشاء وعند الذهاب للشاطئ يفاجأوا بمن يقوم بخدمة المشروبات الباردة والساخنة بل والآيس كريم على البحر وبدون أن يطلبوه بالإضافة إلى اهتمام تلك المنتجعات بتوفير أنشطة للأطفال من ألعاب وملاه ورعاية خاصة.
أما فى مصر، فإدارات الفنادق اهتمامها الأول بفرض قوانينها التى تعد كلمة غير مسموح أول كلماتها وتقديم نوعية رديئة من المأكولات والمشروبات مع العمل على رفع الأسعار بشكل لا يتناسب مع جودة أو تنوع الخدمة المقدمة حتى أن الشيشة وصل سعرها إلى 150 جنيها وهذا أضعف الأمثلة، وبالطبع امتد هذا ليشمل المطاعم والكافيهات الخاصة حتى أصبحت تكلفة العشاء أو الغداء المتواضع وهنا أعنى المتواضع تصل ما بين 800 - 1000 جنيه للشخص، وبالطبع هذا قصر نظر إذا كنا نتكلم عن سياح زاروا بلادا أخرى ومعيار المقارنة قائم وواضح لديهم.وهنا أتساءل ونحن نتحدث عن تنمية الساحل الشمالى ماذا قمنا بعمله فى هذا الشأن، إن مطار برج العرب أصبح يستقبل رحلات الطيران من مختلف بلدان العالم، وهذه خطوة إيجابية، ولكن هل قمنا بدراسة الأسواق الواعدة التى يجذبها الساحل الشمالى وقبل أن نقوم بهذا هل فعلا جعلنا من الساحل الشمالى منطقة جذب؟، إن السائح لا ينشد فقط الرمال والشواطئ ومياه البحر، بل ما يصاحب هذا من أنشطة وجودة خدمات وأسعار منافسة.. لماذا لا يقوم أصحاب ومديرو الفنادق وشركات السياحة المختلفة بزيارة لتلك البلدان المنافسة ويجربون على الطبيعة ماذا يقدم لهم من خدمات ويقارنوا وإذا كان الأتراك قادرون فلماذا لا نقدر نحن؟، وأيضا لماذا لا نكثف وجودنا بمثل هذه الأسواق التى فى متناول يدنا؟ لماذا نسوق لشرم الشيخ فى الصيف ولا نركز على الساحل الشمالى مع توفير خدمات أفضل؟
لماذا استطاع الآخرون ولم نستطع نحن.. إذن فهناك شيء غلط!
سامح عبدالوهاب
مدير عام فندق مريديان عمان ـ الأردن
> وأهلا دائما بكل الآراء..
كان ملخص هذه القصة يحكى عن أب ثرى غير منضبط ينجب 4 أبناء لكنه لا يحبهم ولا يحبونه وتسود بينهم الكراهية إلى أن تنتهى القصة بأن يقتل أحد الأبناء ذلك الأب ويشنق ابن آخر نفسه وتأمر المحكمة بإعدام الابن الثاني.. ولعل بعضا منا مازال يتذكر العبارة الشهيرة التى جاءت على لسان أحد الابناء الذى كان مريضا بالصرع «محيى إسماعيل» والذى شنق نفسه فى نهاية فيلم الاخوة الأعداء وهو يقول ما معناه.. إذا لم يكن الله موجودا أمامك فى كل شيء وإذا لم يكن الحساب «القانون» موجودا.. فكل شيء مباح من أصغر الجرائم حتى أكبر الجرائم «القتل».
وتلك هى الرسالة الأساسية التى أراد «دوستويفسكي» توصيلها للناس فى روايته الشهيرة.. فإذا لم تكن تخاف من أن يحاسبك أحد فأنت تفعل ما تريد وتلك مصيبة كبري.. لأن الخوف من الله بداية ثم من القانون وحساب المجتمع بشكل عام هو الذى يضمن لك وللناس العيش فى خير وسلام.
شيء من هذا الذى خلص إليه «دوستويفسكي» تذكرته هذا الأسبوع فى عيد الأضحى المبارك وأنا أتابع أحوال السياحة المصرية والفنادق المصرية خاصة.. فكل شيء مباح.. أسعار نار.. لا حدود لها.. الغرفة المزدوجة فى الفنادق الـ5 نجون تبدأ من 2000 و3000 ثم 5 آلاف وحتى 7 و8 آلاف جنيه فى الليلة الواحدة.. وأنا هنا لا اتحدث عن سعر الجناح الذى يصل إلى 15 ألف جنيه فى الليلة.. أى والله.. من قرر هذه الأسعار ومن أباح لنفسه »ذبح« المصريين فى عيد الأضحي.. أين الرقابة.. وإذا كانت هذه الأسعار مفروضة على المصريين.. هل الخدمة المقدمة تساوى هذا المبلغ؟!
من يحاسب هؤلاء ويوافقهم على هذه الأسعار؟ ولا أحد يقول انه الدولار وأن الأسعار فى العالم كذا وكذا.. لماذا هذه الأسعار على المصريين فقط استغلالا لحاجتهم فى قضاء الاجازة.. لماذا تؤجر الغرفة فى الغردقة وشرم الشيخ للأجانب بـ10 دولارات و15 دولارا فقط؟ بالطبع أنا أفهم من سيرد ويقول هذه أسعار سياحة للمجموعات ولفترات طويلة.. وهذا عرض وطلب ومن سيرد ويقول انه ليست كل فنادق مصر تباع للمصريين بهذه الأسعار وأن البعض يبالغ لأنه لا يرغب فى المصريين لما يحدوثنه من اضرار بالفندق.
أفهم كل ذلك.. لكن هل الخدمة تساوى المبلغ المدفوع وهل جودة الخدمة موجودة.. أنا أجزم أنها غير موجودة إلا بفنادق على أصابع اليد الواحدة.. وتلك مصيبة كبرى لأنه لا أحدا يحاسب أحدا.. ولا أحد من الجهات الرقابة أو التفتيش فى وزارة السياحة يراقب أحد ولا يراجع مستوى الخدمة ويترك كل شيء لصاحب الفندق.. وكله «يدلع نفسه».
وطالما أنه ليس هناك قانون أو حساب كما قال دوستويفسكى فكل شيء مباح.. افعل ما شئت فالحساب غائب والرقابة منعدمة!!
من هنا تبدو قضية بناء فنادق فى الساحل أو فى بعض المواقع القريبة من القاهرة غاية فى الأهمية طالما أن السياحة الداخلية مطلوبة للمصريين بهذا الشكل.. ومن هنا تبدو أهمية مدينة العلمين الجديدة وفتح الساحل الشمالى أمام بناء الفنادق فقط وليس الإسكان العقارى السياحي.. ولذلك ادعو الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان لبحث أسباب غياب رجال السياحة عن مشروعات التنمية بالساحل الشمالي.
لكن الأخطر فى قطاع السياحة هو انتقال عدم الخوف من الحساب من السياحة الداخلية إلى الخارجية.. فالمنافسة غير المشروعة هى الأساس فى تسويق السياحة المصرية.. وأصبح ضرب الأسعار عنوانا لكل المصريين المتنافسين لجذب السياحة من الخارج حتى يكاد الرجل يقتل أخاه فى سبيل تخفيض دولار أو اثنين أو حتى 5 دولارات على سعر الغرفة مقابل أن يقتل فندق أخيه.. مع أنه فى الحقيقة يقتل ويدمر السياحة المصرية.. فضلا عن غياب الجودة فى الخدمات وضعفها مقارنة بحالة دولة قريبة ومنافسة لنا مثل تركيا.
لماذا.. لأنه ليس هناك حساب فلا أحد يخاف وترتكب الجرائم باسم السياحة والتسويق من أصغرها إلى أكبرها تماما مثلما قال دوستويفسكى فى روايته الأخوة »كارامازوف«.
بالفعل غياب القانون والحساب كارثة.. ليس فى السياحة فقط.. وانظروا عما سمعناه وقرأناه وشاهدناه فى القاهرة من مطعم يعلن عن ساندويتش هامبورج بـ1500 جنيه ومحل ملابس يعلن عن قميص بـ12 ألف جنيه لأنه بيدفى بالشتاء وبيبرد فى الصيف.. إنه فى الحقيقة عدم الخوف من القانون ومن الحساب.. هو نفس السبب الذى جعل وجبة عادية فى الساحل الشمالى للشخص الواحد بـ800 جنيه وألف جنيه وفاتورة غداء لثلاثة أشخاص بـ4 آلاف جنيه.. وللعلم بدون مشروبات كحولية حتى لا يتخيل أحد أننا نبالغ.
انه عدم الخوف من القانون وعدم وجود رقابة.. لذلك نقول أطلب ما شئت من »فلوس« لكن هل الخدمة تساوى القيمة!! هنا دور الرقابة والحساب الغائب. لن أطيل فى هذه العجائب.. عجائب أم الدنيا.. أو البدع التى لا مثيل لها فى العالم على الأقل فى صناعة السياحة!!
لن تنصلح أحوال السياحة إلا بالتسويق الجيد.. ونحن لا نعترف بذلك للأسف الشديد.. التسويق فن وعلم له أصول وقواعد وتجارب عالمية ناجحة سبقتنا إليها دول عديدة. لكن نحن لا نعرف من التسويق إلا تشكيل اللجان.. لجنة هنا ولجنة هناك للتسويق وللأسف معظم أعضاء هذه اللجان لا علاقة لهم بالتسويق أو الترويج أو صناعة الدعاية والإعلام.. ونحن فى حيرة من أمرنا والشاطر يأخذ من فلوس الدولة أقصد الوزارة وهيئة التنشيط بحجة التسويق.. هناك شركة دولية متعاقدون معها.. فاشلة أو ناجحة ليست هذه قضيتى اليوم.. لكن كيف ستعمل الشركة مع كل هذه اللجان وهذا «الوهم» من الخبراء؟! على من تضحكون؟ لجنة لكل مدينة.. أين الرؤية أو الاستراتيجية العامة لتسويق مصر ومقاصدها؟، ما هى الأسواق التى يجب أن تتحرك فيها.. هل نعيش دائما على رد الفعل؟.
لن أطيل فى هذه النقطة.. فالحديث فيها ذو شجون.. ولكن ما دفعنى إلى ذلك رسالة تلقيتها من صديق يعمل بالسياحة والفنادق منذ 40 عاما اسمه سامح عبدالوهاب كان مديرا لفنادق شيراتون بالقاهرة والآن مديرا عاما لفندق مريديان عمان بالأردن.. جاء فى هذا العيد فى إجازة للساحل الشمالي.. اقرأوا ماذا قال عن التسويق وعن الساحل الشمالى وعن مقارنة لحالة الوجود التركى والمصرى سياحيا فى الأردن.. وعن الأسعار وعن الخدمات.. نحن لا نتجنى على أحد.. نحن مرآة للمجتمع ولقطاع السياحة ننقل الحقيقة التى قد تغضب البعض.. ولكنها فى النهاية لصالح مصر:
الأخ الأستاذ/........ مما لا شك فيه أن الله حبا مصر بكل المقومات السياحية التى تجعلها فى مصاف الدول المستقطبة للسياحة عالميا إن لم تكن فى مقدماتها، ولكن ماذا فعلنا ليس فقط كدولة بل كشركات سياحة وأصحاب فنادق خاصة وشركات إدارة عالمية تدير الفنادق فى ربوع مصر من شرقها إلى غربها وشمالها إلى جنوبها حتى نسوق بطريقة صحيحة لمنتجنا السياحي. هنا أتكلم عن التسويق بمعناه الصحيح وهو دراسة حاجة السائح، ومن واقع ما رأيت وسمعت خلال فترة عملى ببلد شقيق هو الأردن ذلك البلد الذى يعشق مواطنوه مصر وكل ما هو مصرى والذى يعد من الدول المصدرة للسياحة فى أوقات متنوعة من العام ويتمتع أهلنا فى الأردن بقوة انفاق عالية خاصة وأن الدينار الأردنى أقوى من الدولار.. ولذا من الممكن جدا أن تكون مصر هى قبلة السائح الأردنى وخاصة بعد تعويم الدولار وانخفاض سعر الجنيه المصرى أمامه بشكل كبير، أيضا قصر المسافة بين عمان ومختلف المدن المصرية والذى جعل زمن الطيران لا يتجاوز الساعة ونصف الساعة.
كل هذه المقومات كانت من الممكن أن تمكنا من الحصول على نصيب الأسد من حجم السياحة من هذا السوق المصدر للسياحة والذى تنافسنا به عدة دول أولها تركيا بمنتجعاتها السياحية الصيفية بكل من انطاليا وبودروم ومرمريز وفتحية والتى تسير رحلات طيران عارض (شارتر) من عمان إلى كل هذه المدن وبشكل يومى وتكون كاملة العدد ويتم الترويج لها من خلال جميع القنوات الإعلامية يوميا على شاشات التليفزيون وموجات الإذاعة بالراديو وإعلانات عن برامج سياحية بالصحف.
وانضم إلى تركيا هذا العام جورجيا لتنافس ولو بدرجة أقل ولكنها استقطبت أيضا كما لا يستهان به من السياح الأردنيين كل هذا وأتحدث عن منتجعات صيفية حيث الشواطئ والجو المنعش الذى ينشده أى مصطاف فماذا فعلنا نحن كفنادق وشركات سياحة مصرية؟.. للأسف نقوم بالتسويق لشرم الشيخ والذى يعد كمنتجع شتوى تتعدى فيه درجة الحرارة بالصيف الـ40 درجة مئوية وطبعا لجذب السائح محدود الدخل أو ذى القدرة الانفاقية المنخفضة نقوم ببيع الرحلة بسعر يقل عما تباع به الأسواق الأخرى بل بأسعار متدنية تصل إلى النصف، وبالطبع يقابل السعر المتدنى خدمة متدنية من حيث التنوع والجودة تجعل من السائح ناقما حتى على ما دفعه من سعر متدن عندما يقارن بما يجده فى البلدان الأخرى وما يجده بمصر.
وهنا لا أتساءل أنا فقط بل يسألنى أصدقائى الأردنيون أين الساحل الشمالى من هذا وخاصة أن البعض قام بزيارته بناء على نصيحة أصدقاء مصريين وليس بسبب الترويج له؟، لقد اعجبوا أشد الاعجاب بشواطئنا الرملية الساحرة التى يندر وجود مثيل لها بالعالم ومياه البحر التركوازية الصافية.. ولكن للأسف فوجئوا بالأسعار المرتفعة فى كل شيء مقارنة بنوعية الخدمة التى يحصلون عليها أو بمعنى أصح القيمة فى مقابل المبلغ المدفوع وخاصة إذا ما قورنت بما يحصلون عليه من خدمات فى المنتجعات التركية بالذات والتى تدار بنظام السعر الشامل لكل شيء من وجبات إلى مشروبات بأنواعها وأيضا وجبات خفيفة بين الوجبات فالكل يجمع على جودة البوفيهات المقدمة هناك سواء افطارا أو غداء أو عشاء وعند الذهاب للشاطئ يفاجأوا بمن يقوم بخدمة المشروبات الباردة والساخنة بل والآيس كريم على البحر وبدون أن يطلبوه بالإضافة إلى اهتمام تلك المنتجعات بتوفير أنشطة للأطفال من ألعاب وملاه ورعاية خاصة.
أما فى مصر، فإدارات الفنادق اهتمامها الأول بفرض قوانينها التى تعد كلمة غير مسموح أول كلماتها وتقديم نوعية رديئة من المأكولات والمشروبات مع العمل على رفع الأسعار بشكل لا يتناسب مع جودة أو تنوع الخدمة المقدمة حتى أن الشيشة وصل سعرها إلى 150 جنيها وهذا أضعف الأمثلة، وبالطبع امتد هذا ليشمل المطاعم والكافيهات الخاصة حتى أصبحت تكلفة العشاء أو الغداء المتواضع وهنا أعنى المتواضع تصل ما بين 800 - 1000 جنيه للشخص، وبالطبع هذا قصر نظر إذا كنا نتكلم عن سياح زاروا بلادا أخرى ومعيار المقارنة قائم وواضح لديهم.وهنا أتساءل ونحن نتحدث عن تنمية الساحل الشمالى ماذا قمنا بعمله فى هذا الشأن، إن مطار برج العرب أصبح يستقبل رحلات الطيران من مختلف بلدان العالم، وهذه خطوة إيجابية، ولكن هل قمنا بدراسة الأسواق الواعدة التى يجذبها الساحل الشمالى وقبل أن نقوم بهذا هل فعلا جعلنا من الساحل الشمالى منطقة جذب؟، إن السائح لا ينشد فقط الرمال والشواطئ ومياه البحر، بل ما يصاحب هذا من أنشطة وجودة خدمات وأسعار منافسة.. لماذا لا يقوم أصحاب ومديرو الفنادق وشركات السياحة المختلفة بزيارة لتلك البلدان المنافسة ويجربون على الطبيعة ماذا يقدم لهم من خدمات ويقارنوا وإذا كان الأتراك قادرون فلماذا لا نقدر نحن؟، وأيضا لماذا لا نكثف وجودنا بمثل هذه الأسواق التى فى متناول يدنا؟ لماذا نسوق لشرم الشيخ فى الصيف ولا نركز على الساحل الشمالى مع توفير خدمات أفضل؟
لماذا استطاع الآخرون ولم نستطع نحن.. إذن فهناك شيء غلط!
سامح عبدالوهاب
مدير عام فندق مريديان عمان ـ الأردن
> وأهلا دائما بكل الآراء..
melnaggar@ ahram.org.eg
تعليقات
إرسال تعليق