من محمد عبده لـ"الشعراوي".. زمن الاختلاف حول "التماثيل"
المصدر الوطن . elwatannews.com . سلوى الزغبي
بين الإجازة والتحريم تشعبت دروب الفقهاء، قضايا عدة ومسائل كثير اختلفوا فيها ووقف الخلق بينهم يسير كل على هواه عملًا بمبدأ "اختلافهم رحمة"، ذلك الاختلاف المثار حاليًا ـ وهو ليس بجديد في طرحه ـ حول التماثيل ونحتها وتصويرها واقتناءها، تلك المسألة المثارة بين الإعلامي خالد منتصر والشيخ خالد الجندي، حيث هاجم الأخير "منتصر" لنشره صورة للتمثال، معتبرا أن "نشر التماثيل الإباحية يعد نشر للفاحشة في المجتمع".
4 مذاهب اتبعها الفقهاء في هذا المسلك، فمنهم من يُحرمها في المطلق، وآخرون يحرمون صنع التماثيل ذوات الروح من الحيوانات والأناس، ومنهم من يبيحها في المطلق، وآخرين يحرمون صنع التماثيل المجسمة واقتنائها والاتجار فيها، حسب ما أشارت الدراسة المنشورة في مجلة جامعة دمشق للدكتورة هند الخولي بقسم الفقه الإسلامي ومذاهبه في كلية الشريعة.
لكل مذهب تابعيه من الفقهاء، فقبل 113 عامًا، انتشر مقالًا ممهورًا باسم "سائح بصير"، والذي كان يكتب به الإمام محمد عبده آنذاك في مجلة "المنار"، ناقش تلك القضية على هامش زياريته لجزيرة صقلية بدأه بـ"لا تبخس أهل سيسليا (صقلية) حقهم فإنهم فهموا مسألة لا بأس بفهمها، وأظنهم عرفوا ذلك من إخوانهم أهل شمالي إيطاليا وبقية الأوربيين، وهي المحافظة على الآثار القديمة والجديدة، أما القديمة فتحفظ بذواتها، وأما الجديدة فتحفظ ولو بنموذج منها".
وتناول بشكل صريح المسألة الفقهية حيث قال: "ربما تعرض لك مسألة عند قراءة هذا الكلام، وهي: ما حكم هذه الصور فيالشريعة الإسلامية؛ إذا كان القصد منها ما ذكر من تصوير هيئات البشر في انفعالاتهم النفسية أو أوضاعهم الجثمانية، هل هذا حرام أو جائز أو مكروه أو مندوب، أو واجب؟ فأقول لك: إن الراسم قد رسم، والفائدة محققة لا نزاع فيها، ومعنى العبادة وتعظيم التمثال أو الصورة قد محي من الأذهان؛ فإما أن تفهم الحكم من نفسك بعد ظهور الواقعة، وإما أن ترفع سؤالاً إلى المفتي وهو يجيبك مشافهة؛ فإذا أوردت عليه حديث: إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون، أو ما في معناه مما ورد في الصحيح، فالذي يغلب على ظني أنه سيقول لك: إن الحديثجاء في أيام الوثنية، وكانت الصور تتخذ في ذلك العهد لسببين: الأول: اللهو، والثاني: التبرك بمثال من ترسم صورته من الصالحين، والأول مما يبغضه الدين، والثاني مما جاء الإسلام لمحوه. والمصور في الحالين شاغل عن الله، أو ممهد للإشراك به؛ فإذا زال هذان العارضان وقصدت الفائدة كان تصوير الأشخاص بمنزلة تصوير النبات والشجر في المصنوعات".
على الدرب نفسه كان رأي الشيخ محمد رشيد رضا، أحد رجال الإصلاح الإسلامي في عهد السلطان العثماني عبد الحميد، حيث أباح التصوير مطلقًا عندما لا يتخذ للتعظيم، حيث قال: "إن المحرم هو ما اتخذ بهيئة التعظيم، وهذا أقوى الأقوال عندي". وإلى ذلك أيضًا ذهب القرطبي.
وللتحريم فقهائه أيضًا، حيث قال الشيخ محمد متولي الشعراوي في معرض حديث عن الرقص والتماثيل والموسيقى ومواجهة من يقولون أن "التماثيل لون من الجمال التعبيري والنحت"، فيرد بأنه المراد أن يظل الفن جميلا، ولكن أشار إلى إمكانية أن يتجه الناس كالسابق لعبادتها وتسلبهم إلى القبح وقال الشاهد أن يظل الجمال جمالا بحيث لا يسلبك الجمال في لحظة إلى قبح في لحظات متعددة.
ذلك المنحى الذي أيّده أبوحيان الأندلسي وابن عباس، إلا أن القاسم بن محمد بن أبي بكر حرصم صناعة التماثيل المجسمة دون غير المجسمة والاتجار فيها واقتنائها.
تعليقات
إرسال تعليق